حياه امرأة ...طويله جداً بس ممتعة - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. أقسام ( دغــش الــبـطــي) الأدبـيـة .::: > :: قسم القـــصص والروايـــات ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-11-2005, 04:17 PM   #1
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي حياه امرأة ...طويله جداً بس ممتعة

القصة عبارة عن 11مقطع


-1-



غــزيــّــل


الـزمان / قبل ثلاثين عاما ً من الآن .

المكان / إحدى القرى القريبة من مدينة صغيرة من مدن المملكة .

-----------------

طفلة في الحادية العشرة من عمرها .. يرسلها أبواها لإنجاز بعض

الأعمال . كحلب الشاة . أو إعداد الشاي أو القهوة . فـتـنسى ما بدأته

من عمل قبل أن تـتـمه .. وتـذهـب إلى الصغيرات تـجمع معهن بعض

عيدان الحطب .. يقمن بلفــّـهـا في بعض الخرق القديمة ويصنعن بذلك

عرائسهن .

هذا ما تذكره عن طفولتها .

وتذكر أيضا ذلك اليوم الذي تجمعت فيه قريباتها . وبعض

نساء الحي . وألبـسـتـها والدتها ثوبا جديدا لا تدري من جلبه لها .

لا تـنسى مباركاتهن .. وترديدهن بأنه رجل صالح .. وأن حظها

الجيد هو الذي جعله ينـتـقي طفلتنا .

هو يوم عرسي إذا ً .. نــعــم .. لقد صرت كبيرة . كل صديقاتي اللواتي

ألعب معهن أصغر مني .. أما اللواتي في سني . فيتزوجن .


هكذا قالت لنفسها ..


رقصت النسوة .. وتناولن الطعام .. ثم انصرفن واحدة تلو الأخرى

وطفلتنا مـتـململة في جلستها .. تريد أن تعود إلى عرائسها وتلهوا ببعض

أشياء تـجمعها مع صديقاتها .

إلى أن جاء والدها ورجل في الثلاثين من عمره .

يرتدي ثوبا نـظيفا ً .. ورائحة عطر ( أبو طير ) تملأ المكان لقدومه .

طلب والدها منها أن تـقـف .. فـفـعلت ..

نـظر إليها الرجل .. ثم هز رأسـه ..

هل كان يتوعدها .. لا .. بالتأكيد كان يهز رأسه استحسانا ً .

وضع الوالدها يده خلف ظهر صـغـيرتـنا ودفعها برفق من مكانها

إلى جوار الرجل .. وكانا يتحدثان لا تدري عن ماذا ..

كل ما تدريه هو أنها لا تريد مفارقة منزلها .. وإخوتها الصغار

ووالديها .. وصديقاتها اللواتي تلعب معهن .

تصافح والدها والرجل الذي إلى جواره وهي واقفه ثم قبـّـل

الرجلان بعضهما قبلات في الهواء على الطريقة الرجالية .

التي تقـترب فيها القبلات من الأنف لكنها لا تقع عليه ..

ونظر ذو الثوب الأبيض النظيف وعطر أبو طير إلى الصغيره وقال

ــ هيا .. هيا ..

فـتـشـبثت بذراع والدها .. ثم التصقت به .. لكنه سحب ذراعه من بين

كفيها الصفيرين ووضعه خلف ظهرها وظل يدفعها مرافقا الرجل

إلى خارج المنزل .

فاجأها وجود مالا يقل عن عشرة رجال آخرين في الخارج .

لا تدري من هم ولا من أين أتـوا ..

اتجه الرجال إلى بغالهم وجمالهم يركبونها .. واتجه والدها

الذي كان يمسك بها وزوجها الذي إلى جواره إلى سيارة

لونها أحمر ..

ظلت واقفه أمامها إلى أن فتح الرجل الباب الخلفي . وقال لها

ــ أدخلي هنا .

صعدت صغيرتنا السيارة في المقعد الخلفي .. وكانت هذه هي المرة

الأولى التي تركب فيها تلك الطفلة السيارات .

التفتت إلى المقعد المجاور . فرأت عليه ( سـحارة ) وهي عبارة

عن صندوق خشبي صغير لا تعرف ماذا بداخله ..

ركب زوجها وانطلق بعد أن لوح لوالدها وللرجال الذين بدأت دوابهم

في التحرك .. وودعهم بكلمات كثيرة .

كان الصمت والغبار هو كل ما يحيط بها أثناء الطريق الترابي .

وبعض أسئلة تدور برأسها ..

وبدأت تـتـذكر ..

(كنت أسمع طلق النار . وأرى والدي والرجال يذبحون الخراف .

لكني لم أكن أعلم أنه عرسي .. شاهدت والدتي تجمع فناجيل

الشاي والقهوة وبعض الأواني من الجيران .. فعرفت أن عندنا

ضيوف .. لكن لم أكن أعرف أنهم جاءوا ليأخذوني .

إلى أين سيذهب بي هذا الرجل .

تــُــرى ما اســــمـــه ... ؟؟ !! )


انـتـبهت فـجأة على صوت الرجل وهو يـسـألها ..

ــ تريدين ماء .. تـشعرين بعطش ؟

أخافها صوتـه .. فظلت صامتـة .. فـتـناول ( زمزميـة ) من المعدن

ملبســة بغطاء من الخيش .. وفتحها وشرب ما يقارب نصفها ثم أ

غلقها واستمر في قيادة سيارته في صمت وليس في الطريق إلا الرمال ..

إلى أن وصلا قرية أخرى .. ثم توقف بسيارته عند باب بيت ٍ كبير .

.....

يـتـبـع



 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 10-11-2005, 04:20 PM   #2
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي

-2-



نزل الرجل من سيارتـه .. واتجه إلى باب البيت . لكنه التفت إلى

الطفلة ثم قال :

ــ تعالي .. انزلي .

نظرت إليه من النافذة وهي لاتدري كيف ستـخرج والباب مقفل .

وبعد لحظات ربما أدرك خلالها أنها لا تعرف كيف تفتح باب السيارة

اتجه إليها وفتح لها فرأى الصندوق الذي إلى جوارها ..

ـــ هذا لك ِ .. خذيه معك إلى الداخل .

ســحبت الصغيرة الصندوق من يده الحديدية المثبته عليه . وبالكاد

استطاعت أن تتوازن عندما حملته .. لقد كانت ذراعاها أصغر

من أن تلتف بشكل جيد حول الصندوق وتمسك به .

دخل الرجل . ودخلت خلفه ففاجأها وجود عدد من النساء والأطفال

هرولت احداهن إليها مرحبة .. وأمسكت بالصندوق وساعدتها

لتدخل إحدى الحجرات ..

سلم الجميع عليـهما ..ثم ناداها باســمها الرجل الذي لم تعرف اسمه

إلى الآن وعندما قال لها ــ يانــورة .. تــــعالي .

اتجهت إليه وهي تـتـساءل .. ( ترى هل نسي والدي أن يخبرني باسم

هذا الشخص ؟ ونسيت أمي أيضا ً ؟ أمي .... أمي .. كانت تبكي

قبل أن تخرج من الحجرة خلف النساء تودعهن ..

ترى هل كانت تبكي لفراقي .. أمي كانت تعرف أن هذا الرجل

سيأخذني ..

انـتـبهـت عندما دخلت خلف زوجها إلى حجرة فيها رجل تجاوز

السبعين من عمره .. نـظرت إلى زوجها فأشار إليها بتقبيل رأسه

وقال لها .. هذا والدي .. عمك أبو عبد الرحمن .

( عرفت الآن اسم زوجي .. اسمه عبد الرحمن )

لم تكن تجيب ذلك المسن عندما يسألها عن حالها وأحوال أهلها .

كان زوجها من يتولى الرد والإجابة على والده ..

تـناول الجميع الطعام في حجرة كبير المنزل .

ثم نادى الرجل زوجتـه الطفلة وودع والده ونساء المنزل .

وأمرها بحمل الصندوق من جديد إلى السيارة .. وفتح لها

الباب الخلفي أيضا ً ..

انطلقت السيارة إلى منزل ٍ آخر ..

دخلاه وقد حل الظلام ..

أشــعـل الفوانيس في المنزل .. وأدخل نورة إلى حجرة صغيرة .

وهي تـتـهادى بصندوقها الثقيل . وتضعه بقرب الباب .

رأت على ضوء الفانوس الموضوع على رف ٍ صغير

في الحائط , فراشين متجاورين على الأرض . ثم رأت زوجها يخلع ثوبه

وشماغـة وطاقيته ويعلقـها خلف باب الحجرة حيث يوجد عدد من

المسامير لتعليق الثياب ..

خرج من الحجرة دون أن يكلمها .. وبقيت واقفة لا تدري لماذا خرج

ولا إلى أين يذهب .

جلست على طرف الفراش .. لا تدري ماذا تـنــتـظر . ولا أين ستنام ..

وأين سينام هذا الرجل .

لم يغب طويلا ً زوجها .. لقد ذهب ليتوضأ .. فقد دخل وقت صلاة العشاء ..

عاد للحجرة .. فوجد الطفلة تـغـط في نوم عميق وقد ظل جسدها على

الأرض المفروشـة بالحـنـبـل .. ورأسها على الفراش .

صلى العشاء . وبعد الصلاة . اسـتـيقظت الطفلة لأن جاثوما ً ربض على

صدرها في الحلم .. وآلاما ً رهـيـبـة تـمـزق أسفل بطنها .

بكت كثيرا ً من الألم .. ومن الوحشـة .. ومن خوفها مما حصل ..

ولماذا حصل .. لم يكن حلماً .. كان هذا الرجل هو من جعلها تتألم .

لماذا يؤلمها هكذا .. ماذا فعلت به ليؤذيها ؟ شعرت بغدره لها

بجانب ما تشعر به من ألم .. شعرت بذلها .. وبعجزها عن الانتقام

لما فعله بها .

وضعت يدها مكان الألم .. فشعرت بأن هناك بلل كثير .. لكنها لا تراه

فقد اطفأ الرجل الفانوس عندما نامت .

انزوت في ركن الغرفة وتركته على الفراش ممدا ً يرتفع شخيره

وينخفض .. وجلست مكومة على ذاتها تبكي وترتجف خوفا وقهرا ً

إلى أن نامت جالسة في مكانها .

....

يـتـبـع .

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 10-11-2005, 04:23 PM   #3
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي

ــ3ــ


استـيـقـظت طفلتنا عندما ملأ نور الصباح الحجرة . وجدت نفسها

وحدها في الحجرة .. انتبهت إلى أنها ليست بين أخوتها الصغار

في بيت والديها . بكت فور استيقاظها .. لا تدري هل أبكاها شوقها

إليهم .. أم وحشتها من هذا المكان .. أم ألمها وخوفها مما جرى البارحة .

أم أن البكاء بسبب كل هذه الأمور مجتمعـة .


رأت الصندوق عند باب الحجرة .. قامت بتثاقل .. فتحتـه ..

وجدت به ثلاثـة ثياب نسائية مما كان يسمى ( المقطع ) وثلاثـة

سراويل ( خط البلدة ) وشيلة واحدة .. وبعض الحلي من الفضة .

أغلقت باب الغرفـة ولبست سروالا وثوبا جديدين .. وزاد فزعها

عندما نظرت إلى الثياب التي كانت عليها فرأتها تمتلىء بالدماء .

عندها أدركت أن البلل الذي شعرت به في الظلام البارحة كان دمها .

أما عن وجود بلل آخر غير الدم .. فهي أصغر من أن تكتشف

شيء كهذا ..

أغلقت الصندوق خرجت من الغرفة تستطلع المكان .. لكنها سمعت

صوت خطوات فأسرعت إلى ركنها تنكمش فيه .

دخل الرجل بيته يحمل بعض طعام جلبه من بيت أهله .


ـــ ما هذا يانورة ؟ ثيابك القذرة مرمية على الأرض .

خذيها واغسليها ..

قفزت الصغيرة إلى ثوبها وسروالها المرميين على أرض الحجرة

وحملتهما وقبل أن تخرج قال ..

ــ هل اغـتـسلت ِ أنت ؟ لم تـصلي الصبح .. أليس كذلك ؟ ولا العشاء البارحة.

اذهبي واغتسلي وصلي فروضك ثم اغسلي ثيابك وتعالي لتأكلي .

خرجت الطفلة لا تدري أين ستغـتـسل ولا كيف ستغسل ثيابها .

فهي لم تر َ من البيت سوى هذه الحجرة .


***



كان الوقت عصرا ً عندما كانت في الحوش الترابي وسط المنزل

تفكر في طريقة للهرب .. ليس إلى مكان ..

لكن يجب أن لا يحل الظلام مجددا ً وهي هنا . فخوفها يتضاعف

كلما اقتربت الشمس من وقت الغروب .

طرق أحدهم الباب ونادى بصوت عال ٍ

ــ يا إبراهيم ..

خرج زوجها من الحجرة وأشار إليها أن تدخل . وفتح الباب لصاحبه


ظلت نورة تسترق السمع إلى حديث الرجلين حين دخلا المجلس

المفروش بـزولية صغيرة وحول جدرانه مساند حمراء من التي تم حشوها

بالنجارة

ــ كيف حالك يا إبراهيم .. وكيف حال عروسك وأهلها .


تساءلت الطفلة .. هل اسم زوجي إبراهيم .. كنت أحسبه عبد الرحمن.



لم يسـؤها الأمر . لا فرق بين الأسماء .. المهم هو كيف تعود إلى

إخوتها الصغار ووالديها ..

تـناولت شرشفا ً صغيرا ً كان في الغرفـة .. ثـنـتـه عدة مرات

إلى أن تمكنت من حمله بين ذراعيها كما تحمل النسوة أطفالهن .

تلعب به بدلا ً من دميتها الخشبية .

أخرجت الشيلة من الصندوق ولفتها حول الشرشف لكي يكتمل

منظر الطفل اللعبة ..

وبعد أن تعبت من اللعب .. وضـعـتـه في ركنها وتمددت إلى جواره

احتـضنـتـه وصارت تحدثـه إلى أن نامت .


بقي الرجلان في المجلس إلى أن حان موعد صلاة المغرب ..

ثم خرجا لأداء الصلاة .. ولم يعد إبراهيم إلا بعد أن أدى صلاة العشاء

أيضا ً ..

صرخت الطفلة هذه المرة بـصوت عال ٍ عندما استـيـقـظت وهذا الرجل

يجثم فوقها .. لا تدري لماذا تـتـسارع أنفاسـه وحركته . وظنت

أن صراخها هو ما جعله يتوقف ثم ينقلب عنها ويتجه إلى فراشـه .

ظلت تبكي طوال الليل .. فألمها هذه المرة لا يحتمل .. لأن جرح

البارحة لم يشف بعد .. فكيف إذا تجدد .

إنكسار هذا الذي تشعر به .. أم خوف .. أم كره للرجل والمكان

والأهل الذين سلموها له دون سبب تعرفـه .

ــ لماذا لم أتزوج رجلا ً طيبا ً .. كزوج حليمة .. لم تخبرني حليمة

أن زوجها سيء .. لم تقل أنه شرير .. ربما هو شرير كزوجي

لكن حليمة لم تـخبرني .. عندما أعود قريتنا سأسألها .

وظلت في انكسارها وألمها حتى الصباح ..



***


جاءت والدة إبراهيم وأختـه ذات نهار .. يعلمانها كيف تطبخ طعامه

وكيف تغسل ثيابـه .. وكيف تنظف بيته ..

لم تـتـساءل لماذا .. ولم تـطلب ثمنا ً لهذا كله ..

بل أتقنت كل ما تعلمتـه .. وظلت فكرة الهروب تراودها بين

وقت وآخر .

لـقـد تحولت إلى جاريـة ٍ في النهار .. ومومس ٍ في الليل ..

تـعيش مع رجل ٍ لم تـتعرف على اسمه إلا من خلال مناداة الآخرين له .

ولم تـسـتـشـعر معـه أمانا ً ومحبـة .. بل خوفا ً وذل .

تـخدمـه في النهار .. وتـتـمدد تـحـتـه في الليل .. ولا تدري

من قبض الثمن ..


كان إبراهيم في عمله ذلك الصباح عندما فاجأها دم يخرج منها .

لم تكن قد سمعت عن البلوغ .. ولا تدري لماذا عاود الدم الخروج

مع أن زوجها غير موجود الآن ..

ورافق حيرتها وجود آلام في بطنها جعلتها تأوي للفراش إذ أنها

لا تستطيع الوقوف .

علمتها إحدى جاراتها كيف تـتـصرف . بعد مرور يوم كامل من الألم

والخوف والذهول .. وأخبرتها أنها بهذا دخلت عالم النساء . ولم تعد طفلة

ظلت نورة تشعر بالتمزق في داخلها .. والألم في جسدها .

واكتفى ابراهيم بتركها وشأنها لأنه لا يجوز أن يعاشرها في

مثل هذه الأيام مع أنها بأمس الحاجـة إلى من يحتوي كل ما بداخلها

من مشاعر سلبية .

يـتـبـع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:37 AM   #4
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي

ــ 4 ــ


فاتحت نورة زوجها في رغبتها بمرافقة ابنة جيرانهم إلى المدرسة

التي تم افتتاحها في قريتهم ..

تردد إبراهيم عدة أيام .. ولما اطمأن إلى أن رجال القريـة سمحوا

لبناتهم بالدراسـة وافق .. وبدأت نورة تــتـعلم حروف الهجاء

والحساب .. والسور القصيرة من القرآن الكريم ..


***


واســتـمر حالها مع ذلك الرجل .. يجثم فوقها كل مساء

سواء وجدها نائمة أو مستيقظة .. الأمر سيـّـان ..

ولا تـنجو منه إلا في حال شعر بأنه متعب من عمله .. أو كانت

هي في ظروفها الشهرية التي لا يستطيع معها اقترابا ً .

لم تـعد نورة تـتـألم .. أو تـهـتـم .. لقد اعتادت الإهانـة حتى باتت

لا تراها .. هل البدايات فقط هي الصعبـة ؟ ثم يعتاد المرأ على

أي شيء ..


***


مرت سنة ونـصـف قـبل أن تـضع نورة طفـلها الأول ..

كان المولود أنـثـى .. وللحق .. لم يغضب أحد .

اختارت نورة لطفلتها اسم منى .. فـقـد تابعت مسلسلا في الإذاعة

وكان اسم البطلة فيه منى .

ولم تكن نورة ذات درايـة بطريقة العناية بالمواليد .. لكن والدة

إبراهيم .. وأخواتـه .. وبعض جاراتها كن معينات لها حتى صارت

طفلتنا قادرة على العنايـة بطفلتها ..

على أن تلك العناية كان فيها الكثير من الأخطاء .. لكنها على كل حال

أفـضل مما كانت عليه من جهل كامل


ولم تـكن منى قد تجاوزت شهرها الخامس عندما اكتشفت

نورة أنها حامل للمرة الثانية ..

بكت كثيرا ً .. وتمنت أن يسقط هذا الجنين .. فالعناية

بالطفلة والزوج والبيت والمدرسـة ترهقها جدا ً .. ولا تريد مزيدا

من التعب ..

لكن حملها استمر .. وصار عندها طفلين .. منى ومبارك ..

هكذا سماه أبوه إبراهيم .. على اسم والده ..



***


مرت الأيام ونورة غارقـة في ما لديها من مسؤوليات ..

لا تجد وقتا للراحة .. فإذا سكت طفل بكى آخر .. وإذا

سكت الاثنان أتى الزوج .. وإذا سكت الجميع قامت إلى

إعداد الطعام .. وتنظيف المنزل .. وغسل ملابسها وملابس زوجها

وملابس الصغيرين ..

لذا فإن إتمام الدراسـة كان مستحيلا ً .. لكنها حفظت

بعض السور .. وصارت قادرة على تهجي الكلمات .


***


كبر الصغيران .. منى الآن في الرابعة من عمرها .

ومبارك في الثالثة .. وأمـهما في الرابـعـة عشرة ...


تـنـظر إلى المرآة فـتـرى أن فيها فتاة أخرى غير التي

غادرت قريتهم .. لم تعد طفلة .. هاهو صدرها قد تكو ّر ..

وصارت أطول قليلا ً .. وأكثر ارتواء ً ..


شــعرت بالخجل من نـفـسها عندما طبعـت قبلة على مرآتـها الصغيرة

وشــعرت أنها تريد أن تقـبـّـل ذاتها من جديد .. فـفـعلت ..

ثم انصرفت إلى أعمال منزلها التي لا تـنـتـهي ..

في المساء نام زوجها مبكرا ً كعادته .. ونام الطفلين .

فحملت مذياعها وخرجت إلى فناء الدار .. تـستمع إلى مسلسلاتها ..

والأخبار وبعض البرامج المتنوعـة .. في ضوء القمر ..

كانت تحب مذياعها كحبها لطفليها . إنه نافذتها على الدنيا كلها .

ولم تمر إلا دقائق قليلة عندما سقطت حصاة صغيرة على الأرض

بجوارها تماما ً .

كادت تصرخ .. رفعت رأسها .. فرأت شبحا فوق سطح الدار ..

ودون أن تشعر خرجت من صدرها شــهـقـة قويـة .


يـتـبـع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:39 AM   #5
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي


ــ 5ــ


قـفزت نورة من مكانها تاركة ًمذياعها المفتوح ودخلت

حجرة النوم حيث زوجها وصغيراها .

اندست في الفراش والتصقت بصدر إبراهيم وهي ترتجف .. وفي ذهنها

ألف سؤال عن ذلك الشبح .. هل كان من الأنس أو الجان .

هل يريد أن يسرق مالا , أم يريد إغتصابها . هل سيؤذي

طفليها . وكلما زادت هواجسها زاد التصاقها بزوجها الذي

شعر بانزعاج أثناء نومه .. فانقلب على جنبه الآخر وتركها خلف ظهره .

... فاجأها تـصرفـه هذا .. وكأنها لأول مرة تـتـعرف على طباعه ..

أو كأنها لأول مرة تشعر بحاجتها إلى رجل .. وليس أمامها غير هذا النصف

آدمي والنصف حيوان ..

بــكت من فورها عندما انقلب .. ولم تجد تفسيرا لبكائها ..

هل هو الخوف من الذي كان فوق سطح دارها .. أم الألم من إهمال

زوجها لمشاعرها التي بدأت تـنـضج كمراهقة .. وتـشعر بحاجتها

إلى الدفء ولو من ذات الشخص الذي بدأ الحياة معها كما يرغب

لا كما يرغبان .. وكان سكون الليل معينا لها على

تذكر كل تفاصيل الحياة .. وجفاف العلاقة بينهما .. تبكي ولا تستطيع

تفسيرا لدموعها .. لكنها تدرك أنها لا تحبـه .. ولا تشعر معه إلا بالأسى .





***


في الصباح فكرت أن تـخبر إبراهيم بما شاهدت فوق سطح

الدار وهي في فنائه .. لكنها ترددت . فربما يغضب منها .

أو يعاقبها .. لذا فـضـلت الصمت .. ومع أن الخوف يملؤها

تابعت أعمالها المنزلية .. والاستماع إلى برامج الصباح الإذاعية

وظلت تـنـتـظر المساء .. لترى هل سيتكرر ما حدث ..

وبحذر وخوف .. خرجت بعد أن نام الجميع .. لكنها هذه المرة

تحاول أن تكون أكثر شجاعة .. فالفضول يدفعها لمعرفة الأمر ..


نظرت .. والقمر يضيء السماء الصافية .. لقد كان هو ذاته ..

ابن جيرانهم الذي رأته في الطريق

عندما ذهبت لجارتها ذات صباح .. إنه الآن فوق .. يدخن ولايريد

أن يكتشفه أحد .. شاب صغير .. يكبرها بعامين أو ثلاثـة .. عاد إلى القرية

بمجرد انتهاء الدراسة . فقد كان في المدينة لأن قريتهم ليس بها

مدرسة ثانوية ..

.. لقد عرفت سبب وجوده فوق السطح

لكن لماذا سطح بيتها هي .. لم َ لم يبق على الأسطح الأخرى

المتجاورة .. عادت إلى الداخل بسرعة .. ففاجأها بقوله :

ــ اسمعي ...



لم تـتـوقف .. دخلت الحجرة .. ولكن .. لم تلتصق هذه المرة بأحد .

وظلت تنظر إلى إبراهيم باشمئزاز وشيء بداخلها يقاوم رغبة تقول

لها اذهبي واسمعي ماذا كان يريد ذلك الشاب .



***


سارت أيامها متشابهة .. لا جديد فيها سوى أن أهل القرية اشتروا

( مولد للكهرباء ) ومددوا الأسلاك في القرية بحيث يكون في كل

بيت إضاءة .. وهذا المولد يعمل من صلاة المغرب إلى العاشرة

كل ليلة .. .. وكل ليلة .. بعد العاشرة يصعد الشاب الصغير إلى السطح ..

وتخرج نورة إلى الفناء .. يتسامران لساعة أو اثنتين .. ثم ينصرف .

وتعود هي الى الداخل ..

قد غـيرها الحديث معه .. صارت تستقبل نهارها بشيء من الرضا ..

إنها الآن تـسـتـيقظ كل صباح مبتسمة ..

وقبل أن تـنـتـهي الإجازة بأيام قرر جارها أن يودعها .. فـقـفـز إلى فنائها

من السطح مستعينا ً ببعض الأخشاب المثبته على الحائط .. ومستغلاً

عدم ارتفاع الجدار ككل البيوت الشعبية القديمة .. رافضا الانصات لها

وهي تقول هامسة ً ــ لا يا علي .. لا أرجوك .. لا تقفز ..

......



استمر الأمر ثلاث سنوات .. يأتي علي كلما سنحت له فرصة إلى القرية

التي كان يريد الخروج منها إلى المدينة بأي ثمن ..

ولم يكن في لقاءاتهما المستمرة سوى الحديث رغما ً عن الشيطان

الحاضر في كل مرة .. إلى أن ودعها ذات مساء لأنه سيسافر

إلى بلاد بعيدة ليلتحق بالجامعة .



دخلت الكهرباء للقرية بشكل رسمي .. واستغى الناس عن

مولد الكهرباء الصغير ....

اتسعت المدينة المجاورة حتى كادت تبتلع قريتهم وتصبح حيا من أحيائها ..

أثناء هذه السنوات الثلاث أنجبت نورة طفلتين .. اسمتهما وردة

وأميرة ..

ودخلت منى ومبارك المدرسـة .. على أن منى تساعد والدتها أحيانا ً

في أعمال المنزل بعد أن تنتهي من واجباتها ..


كان يوما مختلفا ً حين دخل التلفزيون قريتهم لأول مرة .

وتداول الناس الآراء فيمن يشاهده .. ولكن .. غالبية الذين حـر ّموه

سارعوا إلى شرائه بعد وقت قصير ..

ومن بينهم إبراهيم .. الذي هاج وماج . وأعتبر أن كل من يسمح

لنسائه بمشاهدة التلفزيون ليس سوى ( ديوث ) عاد وتنازل بصمت

وفاجأ أسرته بالتلفزيون الأبيض والأسود ..

استغنت نورة بالتلفزون عن الراديو .. لكن .. لا شيء يملأ الفراغ

الذي تركه علي ّ ..


يـتـبـع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:41 AM   #6
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي

ــ 6 ــ


انـتـقلت نورة وأسرتها من بيتهم الشعبي المتواضع إلى بيت ٍ جديد

بناه زوجها . فـتـضاعف عليها عبء الأعمال المنزلية .. وسارت أيامها

ولياليها دون لحظة ســعيدة يمكن أن تعيشها . ولا مكان لترفية

أو تسلية



وذات مساء عاد إبراهيم من صلاة العشاء حاملا ً فأسـه .. متجها ً

إلى التلفزيون يحطمه أمام ذهول زوجته وأطفاله . فعل هذا

تنفيذا لكلام إمام مسجد القرية الذي طالبهم بأن لا تأخذهم في

الله لومة لائم .. وأن يخرجوا المنكرات من بيوتهم قبل أن يأتي

يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون .

تألم كل من في البيت لتحطيم التلفزيون الصغير ماعدا مبارك الذي

استمع إلى الخطبة مع والده .. وصار يتعلم الحلال من الحرام وفق

ما يسمعه من إئمة المساجد . ومن والده الذي يذكره دوما ً بأنه

يعتمد عليه بعد الله في ضبط المنزل إذا غاب .. فهو الرجل الوحيد

بين ناقصات العقل والدين . ولذا فإنه ما إن بلغ الرابعة عشرة حتى صار

يؤذي أخواتـه كثيرا ً .. ويتطاول على والدتـه بما شاء من ألفاظ .


***


لم تـتـردد مـنى التي صارت الآن في السادسة عشرة في الموافقـة

على أول خاطب تقدم لها .. فرارا ً من مبارك الذي ضربها حتى ترك آثارا ً

على جسدها بـســبب وجود بعض الصور لبعض المطربين ولاعبي الكرة

ووجود بعض أشرطة الأغاني التي حذرها كثيرا من سماعها لحرمتها .

ومع أنها تـخبيئ الأشرطة كلما أحضرتها من صديقاتها في المدرسة

إلا أنه يستطيع أن يكتشف أمرها أحيانا ً لأنه لا يترك مكانا ً لا يفتشه

بحثا عن أي دليل ٍ يثبت له ظـنـونـه بأن أخواته يلزمهن مزيد من الشدة

فهن إن لم يضبطهن فـســدن .. وهذا حسب قول الخطيب داء في كل

بنات حواء .



بدأت منى تـســتـعد ليوم عرسها .. وهنا تدخلت والدتها تتوسل إبراهيم

أن يصحب ابنـتـه لتشتري لها ثوب الزفاف والكثير من المتطلبات

من المدينة .. وافق الأب وأحضرت منى كل ما يلزمها من الاسواق ..

وقبل الزفاف بأيام .. انـتـشر بين الناس عدم جواز لبس الفستان الأبيض

للعروس .. وذلك لأن فيه تشبه بالكافرات .. وتشبه بالرجال أيضا ً ..

فاستـفـتى مبارك ووالده إمام المسجد .. لذا قام الإمام وخطب في

الناس بعد الصلاة ولم يخرج الرجال من مسجدهم إلا بعد أن تعاهدوا

على أن لا تلبس بناتهم الثياب البيضاء .. وأن من تخالف ابنته

معاهدتهم تلك يغرم عشرة آلاف ريال . تذهب لصندوق القرية .




عاد إبراهيم وابنه إلى المنزل . واتجه مبارك إلى ثياب أخته العروس

يمزق ثوب زفافها ويلعن الغرب والمتشبهات به . حاولت منعه فضربها

استـنجدت بوالدها فزجرها بقوة .. وردد من الكلمات ما يفيد بأنهن

سبب كل ذنب يقع فيه وسبب كل كارثة تحدث في هذه الأرض .

استسلمت منى للحزن , واحـتـضـنـتـها والدتها التي لا تستطيع شيئا

مع ابراهيم وابنه .. وكان الليل ساترا لدمعهما المنهمر .


يـتـبـع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:42 AM   #7
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي

ــ 7 ــ


خرجت منى من بيت والديها بعد ليلة عرس فوق سـطح منزلهم

ارتدت فيها فـسـتـانا ً أزرق .. اضـطرت إلى استعارتـه من إحدى

بنات عمها عبد الرحمن .. أما نساء القرية .. فلم يكن لديهن حديث

ليلة العرس سوى في ألوان ثياب الزفاف . وشكرهن لله بأن

عرفن الحق من الباطل أخيرا ً قبل أن يقعن في الحرام ويـُـلبـِـسـن

بناتهن ثيابا ً بيضاء ..

وبعد انتهاء العرس , وخروج منى .. بقيت نورة وبـنـتـاها ( وردة وأميرة )

يبكين حتى الصباح .. حزنا ً على فراق منى . مع أنها تسكن على بعد

نصف ساعة من منزلهم .. إذ أن المدينة المجاورة تمتد حتى تصل

أطراف قريتهم .

وفي الصباح . قامت البنتان وأمهما إلى تنظيف المنزل بعد أن تسبب

وجود الكثير من النساء والأطفال في اتساخه .

..و تـساءلت الصغيرة وردة .

ــ أمي أحقا ً سيغضب الله لو أن أختى ارتدت ثوبا ً أبيض ؟

احتارت نورة كثيرا ً .. فهي تخاف غضب الله .. وفي ذات

الوقت لم يتقبل عقلها تحريم الثوب وفقا ً للونـه .

وهنا سارعت أميرة لإجابة أختها ..

ــ طبعا ً حرام .. ألم تـتـعلمي في المدرسة قول الرسول ( لعن الله

المتشبهات من النساء بالرجال )

واستمر حوار البنتين .. لكن دليل تحريم الفستان الأبيض صار عند

نورة .. لذا استراحت إلى الفتوى .. واطمأن قلبها إلى أن ابنتها

منى لم تفعل حراما ً .

وعادت وردة لطرح الأسئلة .

ــ أمي .. متى تزوجون مبارك وتخرجونـه من البيت .. أنا لا أحبـه ..

هاجمت أميرة أختها بسرعـة وقالت ..

ــ لا تـحبين أخاك .. هل لأنه يريد أن يكون بيتنا كبيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم . خاليا ً من المحرمات .. متماشيا ً مع ما أمر الله

تـكرهينـه .. نـفـسك أمارة بالسوء ويجب أن تقاوميها ..



انـتـبهت نورة إلى كلام ابنتها أميرة وكيف أنها تميل إلى الموافقة

على ما يصنعه والدها وأخوها . واحتارت أكثر . هل الحق ما يقوله

مبارك ووالده فعلا ً . وكل ما عداه باطل . رددت في أعماقها ..

( ليتني تابعت دراستي .. ربما أكون تعلمت ما يجعلني أعرف أين

الصواب )

أما أميرة فلم تكن شـخصيتها من النوع الذي يستطيع مواجهة الأمور

لذا فخير طريق لها هو أن تـتـوهم الاقتناع بأن ظلمها هو العدل .

لـتـنـجـو من تساؤلات العقل .. وقسوة الرفض والمقاومـة ..

وهذا بخلاف ما كانت عليه وردة .. التي ترفض بحذر .. ما يقوله

أمام القريـة .. وتكتفي بالصمت .



***


كانت أميرة ووردة في الصف الأول الثانوي عندما كانتا لا تجدان

مكانا ً ولا تسلية سوى النظر من النافذة للمارة في الطريق .

تجلسان لساعات .. تتحدثان عن هذا وذاك ممن يسيرون بسياراتهم

أو على الأقدام ..

وكانت والدتهما تـنـضـم أحيانا ً إليهما تنظر وتـتـحدث .. إلى أن يأتي

إبراهيم أو ابنه من الخارج .. فتسرع النسوة إلى الابتعاد عن النافذة ..

وتهرول كل واحدة إلى عمل يجب أن تقوم به ..

كحمل الأغراض التي يحـضرانها من السوق . أو تناول ( الشماغ ) أو

الثوب إذا خلعـه وتعليقه في الشماعة .. أو إحضار الماء إن طلبه أحدهما

أو الطعام إن كان موعد الوجبة قد حان .

ويبقى الحال هكذا .. توتر .. وصمت .. إلى أن يخرجان أو ينامان ..

فتعود النسوة إلى النافذة .. يـنـظرن بحذر .. لكي لا يراهن من بالخارج

فـيـشي بـهن عند إبراهيم أو ابنه

وكم من الدموع ذرفنها لشعورهن بالضجر .. ولحاجتهن إلى التغيير ..


ــ هيا نزور أختي منى ..

أجابت الأم ــ اذهبي واطلبي من مبارك أن يوصلنا إليها .

فأجابت وردة ــ لتذهب أميرة فهي تحبـه .. أنا لا أريد أن أطلب منه شيء.

قالت اميرة ــ عندي اقتراح ..نزور عمتى .. بيتها قريب . ولايحتاج

سيارة .. وبهذا لا نطلب مبارك شيئا ً ..

رددت وردة كالعادة ــ كل ما نفعله إن خرجنا من بيتنا هو أن ندخل

بيتا آخر .. من بيت إلى بيت .. ألسنا من البشر .. ألا يمكن

أن نتنزه .. أن نذهب للأسواق ... أن نمشي في شوارع

المدينة .. لن أذهب لعمتي .. سأبقى هنا



يـتـبـع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:44 AM   #8
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي

ــ 8 ــ


دخل الهاتف كل بيت ٍ في القرية . ودخل غرفة مبارك تحديدا ً .

ولم يسمح بوجوده في مكان آخر من المنزل . لكن .. لا حاجة إليه.

فقد اكتفين بالمذياع الصغير . يلتففن حوله من الثانية ظهرا ً بعد العودة

من المدرسة وإلى الحادية عشرة مساء . حتى أداء الواجبات لا يتم إلا

بمرافقة صوت مذيع أو مذيعة . على أن الصوت ينخفض جدا ً إن

كان لمطرب أو مطربة .


***


لم يكن يوما عاديا عندما نقل إبراهيم زوجته إلى مستوصف القرية

بعد أن سقطت عن السلم أثناء تـنـظف إحدى ثريات المجلس في منزلها .


.. قام طبيب المستوصف بتحويلها إلى مستشفى المدينة . إذ أن نورة

ذات الاثـنــيـن والثلاثين عاما ً تعاني من هشاشة في العظام . ومن

السكر . وارتطامها بالأرض أحدث لها كسورا ً عديدة .



***


إضافة إلى الحزن الذي يسببه بقاء الأم في المستشفى لأسابيع

في قلب البنتين . فإنه يعني أن تـظـل وردة وأميرة

في المنزل مع مبارك ووالدهما دون أن يجدن من كلمات والدتهن

ما يعينهن على احتمال قسوة الأوامر .. وحـِدة نبرات صوت أحد الرجلين .


تـتـسلى وردة أحيانا ً بقراءة الشعر أو كتابته .. وصار لديها

دفترها الخاص .. تـنـظـم فيه بعض قصائدها . تـخـبـئـه تحت وسادتها

ولا تـنـسى أن تأخذه معها إذا زارت أمها في المستشفى .

تضعه بين الملابس التي تحضرها لوالدتها . وتحضر أيضا ً بعض المجلات

القديمة التي تطالب صديقاتها بأن يحضرنها لها بدلاً من أن يرمينها

إذا فرغن من قراءتها .

جلست البنتان على طرف السرير الأبيض . يتحدثن مع الأم المنكسرة

بعد أن خرج مبارك لأن القسم خاص بالنساء . وبقي في الممر ينتظر

أميرة ووردة .

ــ أمي أحضرت لك ثوبا نظيفا ً . ومجلتين .


فـسألتهن الأم الطيبـة .

ــ كيف تسير الأمور في المنزل . هل يضايقكما مبارك .

ــ لا تقلقي يا أمي نحن بخير . كوني أنت ِ بخير .


. تناولت نورة المجلات وأخذت تقلب فيها .

كل العناوين غريبة .. تـتحدث عن الصيف . الشمس .. الشواطيء .

الناس . الطعام . الأزياء . الموضة . السفر . الفنادق .

وفي نهاية المجلة إعلان عن منتج كتب عليه . (ستشعر معنا بالسعادة )

ولمع السؤال في ذهن وردة .

ــ أمي .. ما أســعد يوم في حـيــاتـك ؟


نـــظـرت نورة إلى ابنـتـيـهـا بـحيرة .. ولم تجد إجابـة


يـتـبـع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:45 AM   #9
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي


ــ 9 ــ


خرجت البنتان من المستشفى والسؤال يدور في رأس نورة كإعصار

ــ ما أسعد يوم في حياتي . ربما يكون ذلك اليوم الذي كنت ألعب فيه

بعرائسي الخشبية في قريتنا القديمة .

ظلت نورة تبكي على سريرها الأبيض .. وتحبس دموعها كلما جاءها

زوار من أهلها أو أهل زوجها . أو بعض الجيران

وتعاود البكاء إذا انصرف الناس .


***


اتفقت البنتان على أن تقوم إحداهما بإعداد الطعام

وتتولى الأخرى تنظيف المنزل وغسل الصحون . وتتبادلان

الأدور في اليوم التالي . . ولم يكن الطعام سوى الكبسة

على الغداء . والخبز وبعض ( النواشف ) على العشاء .


***


ومن النافذة التي اعتادت الفتاتان الجلوس فيها رأت أميرة

أحدهم ينظر بحذر إليها ... تراجعت بسرعة .. وركضت إلى أختها

تخبرها . فاقبلت وردة لترى . ثم سارعت الفتاتان إلى إغلاق النافذة

النصف مفتوحة ..

ـــ أميرة كيف أمكنه أن يراك ِ ؟ ماذا لو أخبر مبارك ؟

ــ لن يخبره .. ألم تلاحظي كيف كان هو ذاته مرتبك ولا يريد أن

يراه أحد .

ــ لم انتبه .. افتحي النافـذة .. لكن بهدوء .. ربما يكون قد ذهب .



وفتحت أميرة النافذة . فابتسم الشاب من جديد . وخفض رأسه

لكي لا يلمحه أحد .


***


لم تعتد أميرة على ابتسامات الرجال . فحتى التلفزيون سبق

أن حطمه والدها . أما من يزورهم من أخوال وأعمام . فإنهم

يتجهمون في وجوه الصغيرات . يلقون التحية ويتبعها التعليمات

دائما ً عن كيف تكون الفتاة مهذبة وصالحة ثم ينصرفون .

وعلى الفتاتين أثناء وجودهم إعداد القهوة والشاي و الطعام .


***


كل ما خطر في بال أميرة هو أن هذا الشاب هو من سيتزوجها .

وراحت تبني قصورا ً في الهواء . وتحدث أختها أحيانا ً عن كل

ما تحلم به .

وشيئا فشـيئا صار موعد فتح النافذة معروفا ً عند الطرفين .

وقبل أن تـغلقها . تلوح بيدها بعد ان تتأكد أن لا أحد يراها سواه .


***


خرجت نورة من المستشفى تحمل كيسا ً من الأدوية .. وقائمة بالتعليمات

التي تحدد لها نوع الطعام المسموح والممنوع . وطرق العناية بعظامها

الهشة لكي لا تنكسر . وكان في التعليمات ما يفيد بأن التعرض

لأشعة الشمس كل صباح وقبل الغروب ضرورة لكل إنسان .

وأن رياضة المشي لمسافات تبني العظام .

ابتسمت نورة بشيء من حزن وسخرية . فهي لا تذكر أنها تعرضت

للشمس أو مشت في أي مكان منذ أن تزوجت إبراهيم .

إنها فقط في بيته لتخدمه . والاستسلام لرغباته في المساء

قالت بألم لابنتيها أثناء قراءتهما للتعليمات المطبوعـة

ــ أي صباح وأي غروب هذا الذي يمكن أن أتعرض فيه

للشمس ياابنتي

أجابت وردة بألم .

ــ صدقت ِ يا أمي . الشمس هنا كان يجب أن يكتبوا عليها
للرجال فـقـط .

ــ لــســت شاعرة وحسب با ابنتي . بل وداهية . أرجو أن لا يسمعك

أبوك أو أخوك .

ــ وماذا قلت يا أمي .. إني فقط أقر ّ بالواقع .. الشمس للرجال فقط .

قالت الأم مبتسمة :
ــ مارأيـك يا أميرة في كلام أختـك الداهية .


لم تـكن أميرة مـنـصـتـة لحديثهما . إنها في عالمها الخاص الذي

تتخيله دائما ً .. وتأمل أن يتحقق . إنها بخيالها مع حـســن .


***


لم يكن من الصعب أن يخبرها برقم هاتفه بالإشارة وحركة الشفتين

لكن الصعب هو أن تصل إلى الهاتف الذي في غرفة مبارك .

لذا اكتفت بالرسائل . تلقيها من النافذة ويلتقطها حسن .

ولا يكون الرد إلا في اليوم التالي حيث تجد الرسالة تحت حجر عند

الباب . تلتقطها قبل ذهابها للمدرسة .


يـتـبـع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:47 AM   #10
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي


ــ 10ــ


تـمددت نورة والبنتان على فرشهن في حجرة الأم

المريضة . واستسلمت كل واحدة منـهن لحلم يـقـظـة

خــاص بــهــا ..


كانت أميرة تـحلم بأنها في أحضان حـســن .. يـقـبــّـلها ..

يقدم لها هـديـة .. يـهمس في أذنيها .. تــضـحـك .. يضحك معها .

يمشيان في السوق .. يركبان السيارة معا ً .. يدخلان بيتهما .

يأخذها في نزهـة إلى البحر .

كيف هو البحر . رأيت صورته في كتاب الجغرافيا . ما شكل

الخط الذي ينـتـهي عنده البحر وتبدأ اليابسة ..

إذا وقفت ُ عند ذلك الخط الفاصل . هل سأرى السمك في الماء .

ســأسبح في البحر .. سأمسك بسمكة .. سأعيدها للماء لكي

لا تموت .. سأبقى في الشمس .. ستغمر عظامي شمس الأصيل

لن يحرمني أحد من أشعتها .. سأتمدد بجوار حــســن .. ســ..ــ..ــ


نامت أميرة بعد أحلام كثيرة ترجو أن تحققها ...


***


كانت وردة إلى جوار أخـتـها تعيش حلما آخر .. إنها في البيت

بـيـنـما يأتـيـهم خبر أن والدها وأخاها ماتا في حادث سيارة .

لقد كانا عائدين من عند عمها عبد الرحمن .. مبارك يقود السيارة

تأتي شاحنة كبيرة .. تصـدم سيارتهما .. يتمزقان داخلها

يعجز الناس عن إنقاذهما .. يتم نـقـلهما للمـسـتـشفى وقد فارقا

الحياة .. إنها تهرول في ممرات المستشفى الطويلة

حيث كانت ترقد أمها . تركض خلف الطبيب .. ترجوه

أن يـنـقـذ حياتهما .. لكن الطبيب يؤكد لها أنهما ماتا

وأن لا فائدة من أي محاولة للإنقاذ ..

تـبـكي وردة على وسادتها بعد أن أنهت حلمها ..

ولا ندري هل تبكي لأن حلمها مجرد حلم .. ولايمكنها تحقيقة

أم أن ضميرها يؤنبها لأنها تـحلم بموتهما لـتـتـمكن هي من العيش.



نامت وردة وهي تـخـتـنق بعبرتها .. وتخفي صوت بكائها

يساعدها على إخفائه صوت مذياعهن الذي لم يتوقف .


***


أما نورة فكان حلمها مع زوجها ..

إنها تـصرخ بصوت عال ٍ في وجه إبراهيم ..

مرددة أقسى الكلمات .. وكان مطأطئ الرأس ..

صامتا ً .. خائفا ً .. يجلس القرفصاء ويحمي وجـهـه بيديه

خوفا ً من أن تضربـه .. وهي واقفة أمامه وتقول

ــ أيها القذر .. انا أكرهك .. كيف تعيش مع امرأة

تكرهك .. أنت حيوان .. سافل .. حقير .. أنت فقط تـهـتـم بـبـطنك

ألا تلاحظ أنك تـهتم بشهوتي بطنك .. أسفله وأعلاه .. أيها الحقير

هل قلت لي يوما ً أنك تحبني .. إخرس يا كلب .. لا تقلها الآن ..

فات الأوان .. ماذا تـظن .. أني سأحبك لو قلتها لي .. لا .. لن أفعل .

طلقني .. طلقني يا حقير وسأتزوج رجلا ً طيبا ً .. رجلا ً يخاف علي ّ

وعلى صحتي . سـأقتـلك وأتزوج .. أنت لا تستحق أن تعيش

سأقتـلك يا حقير .. لقد أهـنـتـنـي كثيرا ً .. وأهملتني كثيرا ً ..

منذ عشرين ســنـة وأنا أعيش معـك عيشة العبيد .. لا كرامة لي

ولا اهتمام بي .. ألم يخطر ببالك أني إنسانة .. وكيف يخطر ببال

حقير مثلك .. أنت لا تستحق الحياة .. يجب أن تموت أيها السافل .



ثـــــم أطــلـقــت الرصاص على رأســه .. ومات أمامها ..

الدماء تملأ المكان ... وإبراهيم ملقى على الأرض .. لا يتحرك .


بعد موتـه بكت حتى ابتلت وسادتها دون أن تسمع البنتان لها صوت



نامت النســوة وظل المذياع ينشر مختلف الأخبار والبرامج .


يــتـبــع

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 11-11-2005, 11:48 AM   #11
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي

الأخيرة


ــ 11 ــ


تمر الأيام تلو الأيام وحالة نـورة الصحية تـتـدهور . وعظامها

تزداد وهنا ً على وهن . إلى ان صارت تقضي جل نهارها على

الفراش.. وتقوم البنتان على خدمتها وخدمة أبيهما وأخيهما مبارك.


وبعد سنتين أنهت أميرة وودرة المرحلة الثانوية . ودخلتا

كلية التربية . يصلانها بالأوتوبيس المخصص لبنات تلك القرية

التي أصبحت مدينة صغيرة .

تـقدم حـســن وخطب أميرتـه التي يحبها منذ سنوات .

.. وظلت تـتـبادل معه الرسائل .. وتحادثه بالهاتف بعد أن سمح مبارك

بوجود سماعات أخرى غير التي في حجرته بسبب مرض أمه

وحاجتها للاتصال به في عمله أحيانا ً .. ليأخذها للطبيب .

أما وردة .. فقد زاد كرهها للرجال .. وصارت خواطرها كلها

وأبيات الشعر التي تنظمها عن صديقتها الغالية (عهد) والتي

تـعرفت عليها في الكلية ..


***


ذات مساء ..نادى إبراهيم ابنـتـيـه إلى حجرة أمهما ..

جاءتا مسرعتين

.. جلستا بجوار والدتهما صامتـتـين تـنـتـظران ما سيقول .

نـظر الرجل إلى زوجـتـه ثم قال ..

ــ نورة تعرفين شرع الله . ولا يخفاك أن من حقي أن أتزوج

على كل حال . فمابالك وأنت الآن مريـضـة . .... أنا لن أظلمك

ســتـبـقين في بـيـتـك مـعـززة مكرمة . والثانية ستكون في بيتٍ

آخر . وطلباتك وطلبات البنتين تأتيكم كما هو معتاد ولن ينقصكن شيء

أنا رجل أخاف الله .. ولن أقـصر في حقـك أو حق بناتي . لكن لن أقصر

في حق نفسي أيضا ً . أنا يا نورة صريح وواضح ..

وأتيت لأخبركن بنفسي .


وبعد أن انهى ابراهيم كلامه .. ظل الصمت يلف المكان . فالتقط مفاتيح

سيارتـه ووقف دون أن يقول شيئا .. ثم أدار ظهره وخرج .


صرخت وردة ...

ـــ معززة مكرمـة .. أتفهمين ماذا يقصد يا أمي ؟ يقصد تأكلين

وتشربين .. يقصدنا كلنا .. يحق لنا ان نأكل ونشرب .. ياله من طيب

أليس كذلك يا أمي .. أليس كذلك .. كريم والدنا .. نحن نأكل ونشرب

في منزله ..



ظلت الأم صامتـة .. تـنـظر إلى اللا شيء .

ــ أمي .. لماذا لم تردي عليه .. لماذا تركتـِـه يخرج مرتاح الضمير .


ظلت نورة على صمتها .. فقد عرفت أن من كان ضميره مرتاحا ً لأكثر

من أربع وعشرين سنة .. لن يـبـصر فجأة ما يجعل ضميره يؤنبه .

إنها تعرف زوجها تماما ً .. لايرى الآخرين .. لايرى إلا ما يريد .

ويمكنه أن يـجـد عند إمام المسجد من الأدلة الشرعية ما يؤيد تـصرفاتـه

مهما بدت لزوجته وبناته قاسية .


***


لم يبق في المنزل بعد الأب وزواج مبارك .. ثم زواج أميرة ...سوى

وردة وأمها المريضـة . تـتـابع وردة دروسها .. وتقرأ الروايات والشعر

أما نـورة فـلا تفعل شيء سوى أداء الصلاة إذا حانت .


طرق إبراهيم الباب ذات مغرب . فتحت وردة وإذا بوالدها

يحمل كرتونا ً كبيرا ً .. سار بـه إلى حجرة نورة .


ــ نورة .. أشــتـريت لك تلفزيون ملون .. يقول الشيخ تجوز مشاهدته
تعالي ياوردة .. أخرجي التلفزيون من الكرتون وقومي بتشغيله ..
تريدون شيء آخر .. ؟ سأذهب لصلاة المغرب ..


خرج إبراهيم من البيت ..

نـظرت نورة إلى ابنتها وقالت بسخرية وألم .

ــ الآن ... الآن يـسمح لي بمتابعة التلفزيون ..

لم تـنـتبه وردة إلى دموع والدتها فقد كانت مشغولة بوضع التلفزيون

على الطاولة ..

ومع أن دموع نورة توقفت إلا أن ألمها لم يتوقف . لقد مرت

أربع وعشرون سنة مع إبراهيم . شعرت أنه اعتصر فيها

عافيتها . وبعد أن أيقن أنها لا تصلح لشيء الآن بحث

عن امرأة أخرى .

أربع وعشرون سنة يحرمها مما يريد أن يحرمها منه .. ويسمح

بما يريد أن يسمح .. وقتما يريد .. إنها الآن عجوز في الخامسة

والثلاثين .. لاشيء في حياتها سوى الصمت .


ـــ أمي .. مابك .. ؟؟ تـبـكين يا أمي !!! مابك !!

ــ لاشيء ..

ــ أعرف أنك تبكين لأن والدي أحضر التلفزيون وخرج .. ماذا كنت

تـنــتـظرين يا أمي .. أن يصبح فجأة ذا قلب حنون ؟ ثم هو تعود

على أن يكون هكذا .. بلا قلب .. وأنت ِ .. أنت من سمح له بالتمادي .


ــ وماذا كان علي ّ أن أفعل يا ابنتي ..

ــ كان عليك أن لا تــتـزوجيــه .. لماذا وافقت ِ أصلا ً على الزواج به .


لم تـجب نورة على سؤال ابنتها .. تذكرت انها لم توافق

بعد على الزواج به .. وانخرطت في بكاء ٍ مرير .. تـــــمـــت

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
قديم 20-12-2005, 02:23 PM   #13
 
إحصائية العضو








عبدالله آل بريك غير متصل

عبدالله آل بريك is on a distinguished road


افتراضي

مشكوووووووووووووووووووووور أخوي الف الف الف الف شكر على هذه القصه الممتعه لكن لم تكملها لماذا

مع اني قعدت يومين أدخل المنتدى و اطلع وما ادخل الا على القصه الا انها ممتعه وشكراً

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 23-12-2005, 01:26 AM   #14
 
إحصائية العضو







فارس الكلمه غير متصل

فارس الكلمه is on a distinguished road


افتراضي

لاهنت اخوي الغالي مليون على القصه الذي بغاية الروعه


ولكن احس ان القصه ماخلصت




تقبل مروري ولك مني خالص التقدير والاحترام



اخوك/قهيدان

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 27-03-2009, 11:15 PM   #15
 
إحصائية العضو







محمد النتيفي غير متصل

محمد النتيفي is on a distinguished road


افتراضي رد: حياه امرأة ...طويله جداً بس ممتعة

الله المستعان
ما احلة ذلك الزمان الجميل




قبل اربع سنوات..

 

 

 

 

 

 

التوقيع

الـدواسـر طبعهم طبع السيادة
بالكرم والجود ونفوسٍٍ أعفافــي
مشيهم بالأرض تلقى به ركاده
ولا انتخى فيهم خوي الله يكافــي
يشبهون الطير في لحظة هداده
للـحبـارى لا اعتلاها مايشافــي





محبــكم


محمـد النتيفـي

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
๑ஜ๑" [التفكير قبل النوم خطير جداً ] "๑ஜ๑ عادلة :: قسم الأسـره والمـجتمـع :: 8 31-07-2010 12:59 PM

 


الساعة الآن 05:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---