موقف علماء الكويت من التبرك بالقبور - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. الأقســــام الـعـــامـــــــة .::: > :: القسم الإسلامـــي ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-11-2009, 02:04 PM   #1
 
إحصائية العضو







علي العبدالهادي غير متصل

وسام الدواسر الفضي: للأعضاء المميزين والنشيطين - السبب: المميزين والنشيطين
: 1

علي العبدالهادي has a spectacular aura aboutعلي العبدالهادي has a spectacular aura aboutعلي العبدالهادي has a spectacular aura about


افتراضي موقف علماء الكويت من التبرك بالقبور

[center]موقف علماء الكويت من التبرك بالقبور

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فهذه كلمات غراء لعلماء الكويت الأفاضل في حماية جناب التوحيد والتحذير من الشرك ووسائله ، والتي بينوا فيها حكم الله في زيارة القبور والتبرك بها وطلب النفع من أصحابها وشد الرحل إليها .
والتي تبين لنا بجلاء موقف علماء أهل السُّنة في هذا البلد منذ نشأته إلى يومنا هذا من مثل هذه الخرافات التي يروج لها بعض ضعاف العقول والدين .
ولنبتدأ بقول الشيخ العلاَّمة عبد الجليل الطبطبائي (ت: 1270ﻫ- 1853م) وهو من قدماء علماء الكويت وغني عن التعريف يقول رحمه الله وهو يتكلَّم عن البدع والضلالات : «ومِنهُ : مَا عَمَّ به الابتلاء ، مِن تزيين الشيطان للعامَّةِ تخليق حائطٍ أو عمودٍ ، وتعظيم عين أو حجر أو شجرٍ ؛ لرَجَاءِ شفاءٍ أو قضاءِ حاجةٍ ، وقبائحهم في هذه ظاهرةٌ غَنِيَّة عن الإيضاح والبيان» . [ «القول الحسن فيما يُستقبح وعمَّا يُسن» تأليفه (45) ] .
وهذا ظاهر في إنكار التبرك بالقبور إيا كان صاحبها ...
ويقول الشيخ عبد العزيز الرشيد مؤرخ الكويت (ت: 1356ﻫ- 1938م) في خُطبةٍ له في عيد الأضحى لعام (1351ﻫ) [ 1933م] بعد التحذير من الشرك بسائر أنواعه قال : «إخواني : نقُّوا دينكم من البدع والخرافات ، والأضاليل والخزعبلات ، وطَهِّرُوهُ مِن الشِّرك بسائر أنواعهِ ، والتجئوا إلى ربِّكم في مُلِمَّاتِكُم ، وادْعُوهُ في سِرِّكُمْ وعلانيتكم .
أيها الإخوان : ما هذا الضَّلال الذي ضربَ الدِّينَ في سُويدائِهِ شلَّت من التوحيد يمينهُ ، وارتفع من الشِّركِ رَأسُهُ ، يُسْتَغاثُ بأمواتٍ لا يَمْلِكُونَ لأنفُسِهم نفعاً ولا ضراً ، ويُرْجَى منهم ما لا ينبغي أن يُرْجَى إلاَّ مِن فاطِر الأرض والسماء ، وقِبابٌ على القبور تُشاد ، ونُذورٌ إلى أربابها تُساق ، مُحَادَّةٌ لله في دينهِ ، ومخالفةٌ لرسوله في هَدْيِهِ.
حالةٌ تُفَتِّتُ الأكباد ، وتُذيب القلوب ، لو أبْصَرَنَا خاتم الرُّسل عليها لأنكَرَ أن يكونَ أمثَالُنا مِن أُمَّتهِ ، أو مَن يَسْتَحِقُّونَ شفاعته والأمرُ يومئذٍ لله» . [ مجلة «التوحيد» العدد الثالث ، محرم (1352ﻫ) (1933م) ص (3) ]
وها هو يُنكِرُ على بعض المنتسبين للإسلام ما يفعلُونَهُ عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم مِن بعض العبادات فيقول -في معرض رَدِّه على مَن زَعَمَ أنَّ هذا هو فعل المسلمين جميعاً ليعيبهم به - : «نحنُ لا نُنكِرُ أنه توجد شراذم ممن ينتمون إلى الإسلام يأتون بأعمال أمام النبي صلى الله عليه وسلم وبعض صلحاء أمته تشبه ما يُصرفُ لله مِن أنواعِ العبادات ، ولكن شِرعةُ الإنصاف لا تُسِيغُ اتِّخاذ مثل هذا حجة على الإسلام وأهله» .
وقال الشيخ الرشيد في ذِكرِهِ لِفُتْيَا لبعض أهل العلم : «وقد أعجبني مِن هذا الجواب بنَوْعٍ خاصٍّ نَعْيُ الأستاذ على جَهَلةِ الناس تشييدهم البناء على القبور ، وتعظيمهم لأربابها تعظيماً خرجوا به عن جادَّةِ الحقِّ ، وقَرَبُوا مِن حِمَى الشِّرك الذي جاءَ الدِّينُ الإسلامي بقطعهِ وقَطْعِ كُلِّ وسيلةٍ تَجُرُّ إليهِ» . [ «مجلة الكويت» (2/297) ]
ثمَّ ذكر هذه الفتوى التي سماها بـ«الجواب النَّفيس» فكان منها - بعدَ أنْ تكلَّم على عبادة قوم نوحٍ للأصنام- : «ويوجَدُ كثيرٌ مِثل هذا عندَ جَمٍّ غفير مِن عوامِ المُسلِمين في تعظيم قبور الصَّالحين ، وتقبيل تُرْبَتِها تعظيماً لمن فيها ! وإن كانت زيارةُ القبور سنة للعبرة والاتِّعاظ ، ولكن تجاوزَ جهلة المسلمين حَدَّ المَشْروع وارتكبوا المحذور ، بل نَجِدُ كثيراً مِن المسلمين يُقَدِّمونَ زيارة قبور الصالحين –مع تحمّل المشاق وكثرةِ الإنفاق- على الحج الذي هو أحد أركان الإسلام !! ولهذا المحذور المذكور حرَّمَ الشَّرعُ الإسلامي البناء على قبور الصالحين ، واتِّخاذ الصُّور والتماثيل ، ولعن فاعلها» [ المصدر السابق (2/298)] .
وذكر الشيخ عبد العزيز الرشيد في مجلَّة «التوحيد» في مقال بعنوان «حكم بناء القبب على القبور وزخرفتها والذبح والنذر لأربابها» الأدلة على حرمة هذه الأفعال ثم قال : «وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في «الزواجر» في الكبيرة (93-98) : «أنَّ اتخاذ القبور مساجد ، وإيقاد السرج عليها ، واتخاذها أوثاناً ، والطواف بها، واستلامها ، والصلاة إليها كلها من كبائر المعاصي» . وبعدَ أن أوردَ بعضَ الأحاديث الصحيحة في ذلك ذكر كلام الفقهاء الشافعية والحنابلة ، ومنه أنها مِن أسباب الشرك وآخره قولهم : «وتَجِبُ المُبَادَرةُ لهَدْمِها ، وهدم القباب التي على القبور إذْ هي أضـر من مسجد الضِّرار ؛ لأنها أُسِّسَت على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه نهى عن ذلك ، وأمرَ صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرَّفة ، وتجِبُ إزالة كل قنديل أو سراج على قبر ولا يصِحُّ وقفه» اﻫ (ص 133 من الجزء الأول طبع المطبعة الوهبية بمصر 1292) اﻫ نقلاً من حاشية «الهدية السّنية» .
ثم قال الرشيد : أمَّا السَّعيُ وَرَاء صرفِ وُجوهِ الناس إلى الأموات للذَّبحِ لهم ، والنَّذر لقبورهم ، والاستغاثةِ بهم فمِمَّا لا يخفى خطره على مَن عرفَ الحِكمَةِ مِن إرسالِ الرُّسل إلى الخلائق جمعاء . فقد اتَّفقت كلمتهم -صلى الله عليهم وسلم- على وُجوب إخلاص العبادة بسائر أنواعها ذبحاً ، ونذراً ، ودُعاءً ، واستِغاثَةً له تعالى دون أحدٍ مِن خلقهِ أياً كانَ .
وقال أبو شامة -وهو مِن أئِمَّةِ الشافعية- في كتابه «الباعث على إنكار البدع والحوادث» [ ص 101] : «ومِن هذا ما قد عمَّ به الابتلاءُ من تزيين الشَّيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد ومواضع مخصوصة في كُلِّ بلدٍ يحكي لهم حاكٍ أنَّهُ رأى في مَنَامِهِ بها أحداً ممن شهر بالصَّلاح والولاية ، فيُحافظُونَ عليه مع تضييعهم فرائضَ الله تعالى وسُنَنَهُ ، ويظُنُّونَ أنهم مُتَقَرِّبُونَ بذلك ، ثُمَّ يتجاوزون ذلك إلى أن يعظم وَقعُ تلكَ الأماكن في قلوبهم ، فَيُعَظِّمُونها ، ويَرْجون الشِّفاء لِمَرْضاهم ، وقضاء حوائِجِهِم بالنَّذر لهم ، وهي مِنْ بين عُيُونٍ وشَجَر وحائِطٍ وحَجَر» اﻫ.
قال الإمام الرافعي في «شرح المنهاج» : «وأمَّا النَّذرُ للمِشَاهِدِ التي على قبر ولـيٍّ أو شيخ أو على اسـمِ مَنْ حَلَّها من الأولياء ، أو تردَّدَ في تلكَ البُقعة أو المشهد أو الزاوية ، أو تعظيم من دُفِنَ بها أو نُسِبَت على اسمه فهذا النَّذرُ باطلٌ غير مُنْعَقِدٍ ، فإنَّ معتقدهم أن لهذه الأماكن خصوصيات ، ويرون أنها مما يُدفع به البلاء ، ويستجلب به النَّعماء ، ويُستشفى بالنَّذر لها من الأدواء حتى إنهم لينذرون لبعض الأحجار لـمَّـا قيل لهم إنهُ استندَ إليها عبدٌ صالحٌ ، وينذرون لبعض القبور السرج والشمع والزيت ويقولون : القبر الفلاني والمكان الفلاني يقبل النذر !! يعنون بذلك أنهُ يحصُلُ بهِ الغَرَضُ المأمول مِن شفاءِ مريضٍ ، أو قُدومِ غائبٍ ، وسلامةِ مالٍ وغير ذلك مِن أنواع نذر المُجازاة . فهذا النَّذر على هذا الوجه باطل لا شكَّ فيه ، بل نذر الزِّيت والشمع ونحوهما للقبور باطِلٌ مُطْلَقاً ، ومِن ذلك نذرُ الشّموع الكثيرة العظيمة وغيرها لقبر إبراهيم الخليل -عليه السلام- ولقبر غيره من الأنبياء والأولياء فإنَّ الناذِر لا يقصد بذلك إلاَّ الإيقاد على القبر تَبَرُّكاً وتعظيماً ظاناً أنَّ ذلكَ قربة فهذا مما لا ريبَ في بطلانه ، والإيقاد المذكور مُحَرَّمٌ سواءٌ انتفَعَ به مُنْتَفِعٌ أم لا» اﻫ .
ويقول الشيخ يوسف بن عيسى القناعي بعد أن عرض كلاماً للإمام الشوكاني اليمني (ت: 1250ﻫ) يُنكِرُ فيه البناءَ على القِبَابِ والقُبُور وتجصيصها والغلو فيها وفي أصحابها إلى أن عُبِدَت مِن دُونِ الله فيقولُ القناعي : «وشاهَدتُ بِنَفْسـي في العِراق ما قالَهُ الشَّوكاني مِن اعتقادِ الجَهَلَةِ بأهل القُبُورِ مِن جَلْبِ المنافع ودفع الضَّررِ وشدِّ الرِّحال إليها ، واستغاثَتِهِم بها لقَضَاءِ الحوائِجِ وتَفْرِيج الكُرَب ، وأهلُ العَمَائِمِ ينظُرُونَ إليهم ولا يُفهِّمُونهم عن هذه المناكر التي يَأْبَاهَا دِينُ التَّوحِيدِ . والسَّبَبُ في ذلك : أنهم لو قالوا لهم إنَّ النَّفعَ والضر بيد الله وليسَ لِصاحبِ القبر حَلٌّ ولا عَقْدٌ لترك السواد الأعظم الزيارات لهؤلاء الرمم ، وانقطع عن أهل العمائم ما يُدِرُّ عليهم الزُّوَّار من الدنانير ، فإِنَّا لله وإنا إليه راجعون على هذه المصائب التي بُليَ بها المسلمون وكلها من علماء السُّوء» [«الملتقطات . حِكَمٌ وفقه وأدب وطرائف» تأليفه (358)] .
فانظر إلى قوله : «وشاهدت بنفسي في العراق ...» مما يدل على أنَّ بلادنا كانت -ولا تزال- مُطَهَّرةً مِن هذا الشَّرك ، وبعيدةً كُلَّ البعدِ عن هذه الخرافات ، فكيف يأتي الآن من يدعو الناس للتبرك بالقبور والتمسح بها وطلب النفع منها ، ويعد شد الرحل لها من أعظم الأجور عند الله !
ويقول الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السَّند رحمه الله (ت: 1397ﻫ-1977م): «اعْلَمْ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن زيارةِ القبورِ في أوَّلِ الإسلام نهياً عاماً يَشمَلُ الرِّجالَ والنِّساء ، ولعل نهيهُ عن ذلك لِقُرْبِ عَهْدِهِم بالشِّرك والافتتان بالقبور وأصحابها فقد كان العرب في الجاهلية يتعلَّقون بالأحجار والأشجار وقبور الأنبياء والصالحين ولا يُؤْمَن أن يكون فيهم بقيَّةٌ من تِلكَ العادةِ إلى أن يثبت الإيمان والتوحيد في قلوبهم ، ولذلك طلبَ بعضُ حديثي العهد بالجاهلية والوثنية من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم شجرةً يتبركون بها ، ويُعلِّقون عليها أسلحتهم للبركة ؛ طلبوا ذلك لأنَّهم رأوا المشركين يفعلون ذلك ظناً منهم أنهُ جائز ، ويُقرِّبُهم إلى الله ، فالتبسَ عليهم الحق بالباطل ؛ لقربِ عهدهم بالجاهلية ووثنيتها .
والرسولُ صلى الله عليه وسلم حريصٌ على قطعِ دابِرِ الشِّرك واقتِلاعه من النُّفوس وسدِّ ذرائعهِ المُوصِلةِ إليه ، وكان نهيهُ صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور في أوَّلِ الأمر خوفاً عليهم مِن الفتنة وإبعاداً لهم عن الشِّرك وذرائعه ، فلمَّا استقرَّ الإسلام وتمكَّن التوحيد من نفوسهم وأَمِنَ عليهم أَذِنَ بزيارتها للرِّجال خاصة ، مُبيِّناً صلى الله عليه وسلم فوائدها والحكمة في شرعيتها ، بقوله : «كنتُ نهيتكم عن زِيارةِ القبورِ فزوروا القبور ، فإنها تُزَهِّدُ في الدنيا وتُذَكِّرُ الآخرة» ، فزيارة القبور شُرعت للتذكير بالموت وبالآخرة والتزهيد في الدنيا والدُّعاء للأموات بالمغفرة والترحم عليهم ... ولكن لكثرةِ الجهل ، والإعراض عمَّا جاءَ به المصطفى صلى الله عليه وسلم ضلَّ البعضُ مِن الناس فجعلوا لزيارة القبور استغاثة بالصالحين ، وتوسلاً بهم !! ولم يُمَيِّزوا بين ما شرعه لأمَّتهِ وبين ما نهى عنه» [ «ذِكرَى : ديوان خطب منبرية» ص (158-159) باختصار وتصرف يسيرين ] .
ويقول الشيخ عبد الله السند (ت: 1397ﻫ) أيضاً في «منسك مختصر» : «أمَّا الدُّعاء عندَ قبرِ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خاصَّة فبدعةٌ ، إذْ لـم يَرِدْ حرفٌ واحِدٌ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّهُ رغَّبَ الناس فيه ، ولم يثبت أنَّ أحداً مِن الصَّحابة -رضي الله عنهم- كان يتحرَّى الدُّعاءَ عندَ القبر خاصَّة ، بل كانوا يُسَلِّمون ثمَّ ينصرفون ، فلو كان الدُّعاءُ عند القبر الشريف مِن المُسْتَحَبِّ لَسَبَقَنَا إليه أولئكَ الكرام البررة من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم مِن الأئمة الكرام -رضي الله عنه- الذين مهما اجتَهَدَ الإنسان وشمَّرَ في الطاعةِ لن يأتيَ بأفضلَ مما أَتَوْا بهِ ، ولن يعلم أكثر مما علِموا ، لقد كان الصَّحابة الذين هُمْ أَدْرَى بتعظيم الرَّسول صلى الله عليه وسلم مِن غيرهم يَقِفُونَ أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالِ حياته وبعدَ مماته ولـم يثبت أنَّ أحداً منهم وضعَ يَدَيْهِ على صدرهِ تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهم يَعْلَمُونَ أنَّ فِعلَ ذلك يُنَافي التوحيد الذي هداهم الله إليهِ على يَدَيْ هذا الرَّسُولِ الكريم ، فَمِنْ أينَ أخذَ هؤلاء العامة هذا العمل الشَّنيع ؟ فهل هم أعلم بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة الذي جادُوا بأرواحهم وأموالهم في سبيل نصرته صلى الله عليه وسلم كلاَّ وألفُ كلاَّ ، ولكنه الجهل يفعل هذا وأقبح من هذا .
أمَّا زيارةٌ مقابر المدينة وغيرها فعلى وجهين : زيارةٌ شرعية وزيارة بدعيَّة .
فالزيارة الشرعيَّة : هي المقصود بها السلام عل الميِّت ، والدُّعاء له والاعتبار فقط ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُ أصحابَهُ إذا زارُوا القبور أن يقولوا : «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين ...» إلخ ، فينبغي للزائر إذا زار أهل البقيع ومَن بهِ من الصحابة أو غيرهم أو زار مقبرة شهداء أحد أو غيرها من مقابر المسلمين هذه هي الزيارة الشرعية التي علمنا إياها محمد صلى الله عليه وسلم.
أمَّا الزيارة البدعية المحرمة فهي : أن يكون مقصود الزائر طلب حوائجه من الميت أو يقصد الصلاة أو الدعاء عند قبره أو يقصد التمسّح بما على القبور من حَجَر أو خشب أو نحوه فهذا كله بدعة وضلالٌ فليتنبه المسلم ، ولا يعمل إلاَّ بما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم » . ثم قال تحت هذه العنوان :
«ضعف الأحاديث الواردة في زيارة قبر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم »
أمَّا ما رُوي مِن أحاديثٍ تُرَغِّبُ في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم مثل : «مَن زارَ قبري وجبت له شفاعتي» ، ومثل : «مَن حجَّ ولَـمْ يَزُرني فقد جفاني» ، ومثل حديث : «مَن زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي» ، و«من زارني بعد مماتي حلَّت له شفاعتي» !! ونحو ذلك من الأحاديث فهي كلها ضعيفة بل بعضها موضوع ولا يوجد لها ذِكرٌ في شيء مِن كتب السُّنة التي يُعتمد عليها ، ولا نَقَلَهَا إمام مِن أَئِمَّةِ المسلمين كالأئمة الأربعة ونحوهم ، فيجب على المسلم أن لا يعْتَمِد على أمثال هذه الأحاديث بل يُصلّي ويُسَلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم حيثما كان ، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تَتَّخِذُوا قبري عيداً ، ولا تتَّخِذُوا بيوتكم قبوراً ، وصَلُّوا عليَّ حيثما كنتم ، فإنَّ صلاتكم تبلغني» [ «منسك مختصر في أحكام الحج والعمرة» للشيخ عبد الله السند ، وكلامه هذا في أواخر الرسالة لأنها غير مرقَّمة ] .
وقال الشيخ السند رحمه الله - بعدَ بيانه لرغبة كثير من الناس زيارة المسجد النبوي بعد أو قبل أداء فريضة الحج : «فزيارَةُ المسجدِ النَّبَوي للصلاةِ فيه مُسْتَحَبَّةٌ ، فالقصدُ مِن الزِّيارَةِ وشدِّ الرِّحال إلى المدينةِ هو المسجد النبوي ، أمَّا القبر الشريف فلا يجوز قصده بسَفَرٍ ولا شد الرحال إليه ؟ لأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهانا عن ذلك ، كما نهانا أن نتَّخذ قبره عيداً نَعْتَادُ زيارَتَهُ في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ ، قال - صلى الله عليه وسلم - : «لا تُشَدُّ الرِّحال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد ...» . وقد جاء عن علي بن الحسين -صلى الله عليه وسلم- أنه رَأَى رجُلاً يجيءُ إلى فُرجةٍ كانت عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدخل فيها فيدعو فنهاه ، وقال : «ألاَ أُحَدِّثُكُم حديثاً عن أبي عن جدِّي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : «لا تَتَّخِذُوا قبري عيداً ، ولا بيوتكم قبوراً ، وصَلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم» . فالرَّسُول نهانا بهذا الحديث أن نجعل قبره عيداً نعتاده في وقتٍ مُعَيَّن ، وقد خصَّ الله نبيَّهُ مِن دون الناس بأنَّ صلاة المُصَلِّي عليه وسلامه يبلغه ولو لم يكن المسلِّمُ عندَ قبرهِ أو في المدينة ، فالزِّيارة إذاً ليست واجبة ، وليست مِن لوازم الحج كما يظنُّهُ البعض من الناس، وقد شاعَ وذاع بين العوام مِن الناس أحاديث في زيارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى ظنوها أحاديث صحيحة ، فهم لذلك يتكبَّدون المشاق في الزيارة ، ويظنون أنَّ زيارة المدينة مِن تَمَام الحَجِّ ، فمنَ الأحاديث الشَّائِعَةِ المَكْذُوبَةِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «مَن زَارَني بعدَ مَوْتـي ...» ، و«من زار قبري ...» ، و«من حجَّ ولم يزرني .. » وأمثالها لم تصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولـم تثبت ، وأهل العلم عدُّوها مِن الموضوعات المُخْتَلَقَة» [ «ذكرى -ديوان خطب منبرية دينية عصرية- » (145-146) باختصار يسير ] .
ولَـمَّا وُجِّهَ للعلامة الفقيه محمد بن سليمان الجراح (ت: 1417ﻫ) - سؤال حول أثر «الخضر» المزعوم بأنه في جزيرة «فيلكا» أجاب بإجابةٍ ذَكَرَ فيها وفاة الخضر وأنه لا وجودَ لقبره ولا لشيء مِن آثاره ثم قال –رحمه الله- : «وكلُّ ما نُسِبَ إليهِ من الآثار المنتشرة في بلاد المسلمين هنا وهناك ، فكلها إفكٌ وبهتان من خرافات أهل الدجل والشعوذة ، اختلقوها بوحيٍ مِنْ وَلِيِّهم الشيطان ، لِيُضِلَّ الناس بها عن عبادة ربهم الخالصة .
وطرق الشيطان كثيرة في إضلال بني آدم ، وأعزُّ شيء عليه صرفهم عن التوحيد الخالص ، وجعلهم يتعلَّقون بغير الله ، ليقطع عنهم عون الله ومدده ، فيكونوا مِن الخاسرين .
وعلى كل حال ، فإنه ولو قُدِّر وجود الخضر ، وتحدد مكان أثره في هذه الجزيرة أو غيرها ، فليس لشيء من آثاره ولا آثار غيره من قبور الأنبياء والصالحين خواص مُؤَثِّرة ، فهي لا تنفع ولا تضر ، ولا تُغْنِي مِن الله شيئاً ، قال تعالى : ﴿ قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً ﴾ [الإسراء: 56] .
فتعظيم تلكَ المزارات بما ذُكِرَ في السؤال ، والاستغاثة بها والابتهال محضُ العَبَثِ والسَّفَهِ ، مع كونه عَينُ ما نَهَى الله عنه بالآيات البيِّنات ، وقبَّحَتْهُ جميع الرسالات .
فالله وحدهُ هو الخالق الرازق ، المُعْطِي المانع ، فلا مانع لِمَا أعطى ، ولا مُعْطِي لِـمَا منع ، وهو الذي يُجيبُ المضطرَّ إذا دعاه ، ويكشف السُّوء ، قال تعالى : ﴿ وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ﴾ [يونس: 107] .
وهو المعبودُ المسؤول الذي يُخافُ ويُرْجَى ، ويُسأل ويُستغاثُ به ويُعبَد ، قال تعالى : ﴿فاعبد الله مخلصاً له الدين * ألا لله الدين الخالص ﴾ [الزمر:2-3] .
والعبادةُ لا تكون عبادةً إلاَّ إذا كانت مأخوذة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقصوداً بها وجه الله تعالى ، وهي أنواع وأصنافٌ ، ولا يتم الإيمان إلاَّ بتوحيدها كُلِّها لله سبحانه : بأن لا يشرك شيئاً ما معه لا في محبته ، ولا في خوفه ولا في رجائه ، ولا في التوكل عليه ، ولا في العمل له ، ولا في النذر له ، ولا في الخضوع له ، ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب ، فإن كلَّ ذلك يَسْتَحِقُّهُ فاطر الأرض والسماوات وحدهُ ، فهو الإله المُسْتَحِقُّ للعبادة الذي لا يستحقها إلاَّ هو ، وهي كمال الحب والذل والإجلال والتوكل والدعاء بما لا يقدر عليه إلا هو تعالى كَشِفاء المريض ، وردِّ الغائب ، ومنحِ الأولاد ، ونحو ذلك ...
وقد بيَّنت السُّنةُ أنَّ «الدُّعاء هو العبادة» ، أي : ركنها المهم الأعظم .
وبذلك يتَّضِحُ أنَّ مَن قَصَدَ بُقعةً مَنْسُوبةً لِمَخلوقٍ لأَجْلِ الطَّلب مِنهُ ، كالأثر المنسوب للخضر ، وكالقبر والمقام ، أو لأجل الاستِغَاثَةِ به ، أو الذَّبح ، أو النذر له لجلبِ نَفْعٍ أو دَفْع ضر ونحو ذلك مِن العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله تعالى ، فهو مِن الحَمْقى الذينَ لا يعقِلونَ ، وفعله محرَّمٌ وشركٌ إثمُهُ كَبيرٌ ، منافٍ لِمَا صدعَ به الإسلام من تحرير الأنفس لله تعالى ، وتخليصها لعبادته وحده ، وإفرادهُ بالتَّوحيد الذي مِن أَجْلِهِ أُرْسِلَت الرُّسل، وأُنزِلت الكتب مِن عندِ الله تعالى .
وكذا مَن اعتقدَ بزيارته للقبور أنَّ الدُّعاء عندَ قبرِ أحدهم أفضل من الدُّعاء في المساجد أو البيوت ، أو أنَّ الإقسام بهم على الله وسؤاله بهم أمرٌ مشروع يقتضي إجابة الدُّعاء ، فزيارته بدعةٌ وشِركٌ مَنْهيٌّ عنها ، ليست مِن سُنَّةِ النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ولا أجازها أحدٌ مِن سلفِ الأمَّة وأئمتها ، وإنما هي مِن أعمال المُشْرِكين.
فيجِبُ منعُ السُّفهاء من هذه الزِّيارةِ الشِّركِيَّة ، وإرشادهم إلى أنَّ الزيارة الشرعيَّة المأمور بها لقبور الأنبياء وسائر المؤمنين هي التي يقصُدُ بها الزائر -من غير شدِّ الرِّحال- الإحسان إلى مَن يزورهم بالسَّلام عليهم ، والدُّعاء لهم ، كما يقصد الصلاة على أحدهم إذا مات ، وكذلك يقصد بها الاعتبار ، وتذكّر الآخرة بمن مات من أهلهِ وجِيرانهِ وخِلاَّنه .
فزيارته بعدَ موته مِن جنسِ الصلاةِ عليه ، فالسُّنة أن يُسَلِّمَ على الميِّت ، ويدعو له سواءٌ كان نبياً أو غير نبي .
وأَمَّا هذه القِباب التي أُسِّست على معصية الرسول ، والمزارات والأضرحة التي افتَتَنَ بها السُّفهاءُ فيجِبُ هَدْمُها وإزالةُ أَثَرِهَا طاعةً لله ورسوله وإرغاماً للشيطان .
فإِنَّ أوَّل ما كادَ به الشيطان عُبَّادَ الأصنام أنه أتاهم مِن وجهة تعظيم القبور والعُكُوفِ عليها ، وتصاوير أهلها ليتذَكَّروهم بها كما قصَّ الله سبحانه قصصهم في سورة نوح ، فإنَّ الأصنام التي كانت تعبدها العرب من بعد نوحٍ : ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، هم أسماء رجالٍ صالحين من قومِ نوح ، فلَمَّا هَلَكُوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يُصَوِّروا تلكَ الأصنام على صُـورهم ، ويسموها بأسمائِهِم ، وينصبوها إلى مجالسهم ومعابدهم فَفَعَلُوا ، فلم تُعبَد حتى تطاوَلَ الزَّمنُ عليهم وهلكَ أولئِكَ ، ونُسِخَ العلمُ واندرسَ فَعُبِدَت ...
ولهذا لـم يكن أحدٌ مِن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُعظم بالذَّبح والنذر ،أو بالعبادة شيئاً مِن آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- المعروفة المشهورة ، كغار حراء الذي كان يتعبَّدُ فيه ، وغار ثور الذي اختفى فيه هو وصاحبه أبو بكر عن المشركين مع عِلمِهم أنه -عليه الصلاة والسلام- أفضل مِن الخضر ، ومِن جميع الرُّسل ، ولا كانوا عند الحاجة يقصدون القبور يدعون عِندها ، ويتمسَّحون بها فضلاً أن يسألوا أصحابها قضاء الحاجات وإبراء العاهات.
فَـمَا مِنهُم مَن استغاثَ عند قبرٍ أو دعاهُ ، أو استَشْفَى به ، أو استنْصَرَ به ، ولا أحدٌ مِن الصحابةِ استغاثَ بالنبي - صلى الله عليه وسلم- بعدَ موتهِ ولا بغيره من الأنبياء ، ولا كانوا يقصدون الدُّعاءَ عندَ قبور الأنبياء ، ولا الصلاة عليها .
وكذلك لم يفعل ذلك أحدٌ من سلفِ الأمَّة وأئمتها الذي هم خير القرون التي نصَّ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله : «خيركم قرني ، ثُمَّ الذينَ يَلُونهم ، ثم الذينَ يلونهم»، بل كانوا يَنْهَوْنَ حتى عن الوقوف عندَ القبر للدُّعاء؛ لأنهم رضي الله عنهم كانوا أعلم وأجل قدراً مِن أن يكيدهم الشيطان.
ولكن الشيطان كادَ خلوفاً كثيرة من بعدهم ، فأوقعهم في أنواعٍ مِن الشِّرك لسكوت كثيرٍ مِن العُلماء عن كلمة الحق ، وتوانيهم عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» . [ جزيرة فيلكا وخرافة الخضر للحصين (73-88) و«ترجمة الجراح» للمنيس (260-269) باختصار] .

كتبه
دغش بن شبيب العجمي
نشر المقال في صحيفة الوطن الكويتية 22/6/2009
[/center

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 10-11-2009, 02:29 PM   #2
 
إحصائية العضو







domokh غير متصل

domokh will become famous soon enoughdomokh will become famous soon enough


افتراضي رد: موقف علماء الكويت من التبرك بالقبور

بارك الله فيك ونفع بك ......... مشكور اخي الكريم حفظك الله ............دمت بود

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 01:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---