حكم بني الحارث في فلسطين بيت المقدس - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. الأقســــام الـتـاريـخـيـــة .::: > :: القسم الـتاريخــي الــعام ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-12-2012, 08:40 AM   #1
 
إحصائية العضو







الحارثي501 غير متصل

الحارثي501 is on a distinguished road


افتراضي حكم بني الحارث في فلسطين بيت المقدس

القوى المحلية في فلسطيـــن
قيس ويمن

إن جذور الحزبية تكمن فيما توارثته قبائل العرب من أصل ثنائي مجسد في أشخاص.. فعرب الشمال "قيس" وعرب الجنوب "يمن" يردون أصلهم إلى جدين أوليين مختلفين – الأولون إلى "عدنان" والأخيرون إلى "قحطان". "1"
بيد أن التنظيم النسبي لهذا الأصل المصنوع جرى من باب استرجاع الماضي، بعد أن انقسمت القبائل العربية التي ازداد عددها إلى حزبين على أساس "رموز مشتركة نصف مفقودة وجديدة".
وفي ظل هذا التقسيم الممعن في بعده عن الواقع إلى عرب شمال وعرب جنوب، جرت خصومات طويلة ومدمرة للذات في القرنين الأولين من التاريخ العربي الإسلامي، ثم فقدت هذه العصبية الحزبية أهميتها السياسية العسكرية المباشرة "ولم يعد هناك إلا مكانان" كما يقول "كاسكل"، ( ظل فيها التناقض بين قيس ويمن قائماً بحدته الكاملة, وبتشبّت لا يصدّق حتى مشارف العصر الحاضر.. هما لبنان وفلسطين). "2"
وقد كان لظهور القوى المحلية في فلسطين وتحديها للسلطات الحاكمة عبر تاريخها الطويل عدة عوامل.. وفي طليعة هذه العوامل العامل الجغرافي .. إذ أدى تنوع طبوغرافية فلسطين ووجود الأودية والجبال والسهول والأنهار جنباً إلى جنب في مساحات صغيرة، إلى قيام تجمعات بشرية في كل منطقة, حافظت على خصوصيتها عبر الزمن بالرغم من أنها ارتبطت بعضها ببعض, وبخاصة في النواحي الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
ومن العوامل الأخرى وقوع فلسطين بمحاذاة البوادي التي كانت ممراً للقبائل المتجهة من الجزيرة العربية إلى بادية الشام، مما جعلها تتأثر بهجرات هذه القبائل إما مباشرة أو عن طريق القبائل الصغرى على أطراف البادية التي توغلت في فلسطين , وأقامت فيها هرباً من القبائل الكبرى المسيطرة على الطرق الرئيسة في بادية الشام.
وإطلالة فلسطين على البحر المتوسط واحتكاكها بالموانئ المجاورة سواء تلك التي في بلاد الشام أم في مصر, وكذلك البلدان الأوروبية والأمريكية فيما بعد.. زاد من انفتاحها على الغرب وشجع الجاليات الأجنبية على الإقامة فيها، وبخاصة في الموانئ والمدن الرئيسة.
وقد تبدت عوامل الانفتاح والاندماج هذه كأوضح ما يكون في المنطقتين الساحلية والشمالية من فلسطين اللتين خضعتا لمراكز السلطة في الشمال والغرب، فأصبحتا في القرن التاسع عشر هادئتين سياسياً بالمقارنة مع ما كانتا عليه في القرن الثامن عشر، وكذلك في القرنين السابقين للقرن الثامن عشر حين برزت فيها زعامات محلية.
وشهدت الفترة بين نهاية حكم الجزار (1804م) والاحتلال المصري لبلاد الشام (1831م) نهاية تسلط أكبر أسرة في منطقة الناصرة ومرج ابن عامر وحيفا وعكا، وهي أسرة آل ماضي التي لعبت دوراً هاماً في القرن الثامن عشر، كما توصل أحد أفرادها "مسعود ماضي" إلى حكم غزة قبل احتلال المصريين لها، ولكن إبراهيم باشا قضى على نفوذها ولم تستطع استرداده بعد ذلك.
وبخضوع المنطقة الشمالية من فلسطين للقوى الحاكمة في دمشق وعكا.. انتقل ثقل الأحداث والتحديات المحلية إلى الجزء الأوسط والجنوبي, وبخاصة مناطق نابلس والقدس والخليل نظراً لموقعها الجغرافي المنيع – وبُعدها عن مراكز السلطة في الشمال وعلى الساحل.. وتحدّت القوى المحلية في هذه المناطق السلطات الحاكمة أيّاً كان نوعها.
وتتألف هذه القوى المحلية من زعماء القرى وزعماء القبائل البدوية الذين برزوا في المناطق الجبلية, وإلى الجنوب منها منطقة غزة.. وكذلك إلى الشرق منها باتجاه الضفة الغربية لنهر الأردن, امتداداً للقوى البدوية في الضفة الشرقية.. وأمكن للعثمانيين في فترة التنظيمات أن يسيطروا على معظم هذه القوى, ويشركوها في الإدارة المحلية في محاولة ناجحة لضمان سيطرتهم عليها.
وتكمن أهمية ذلك في إنه يمكن أن نلاحظ نمطاً سلوكياً استقلالياً في هذه المناطق بتحدي السلطات الحاكمة التي تحاول إخضاعه لها، وتتبدى في هذا السلوك تقاليد راسخة ومستمرة من الماضي، تتجلى في شخصية محلية أو وطنية ترفض الخضوع لأية سلطة إلا برضاها, ومن خلال ترابط مصلحة الطرفين.
وقد عُرف زعماء القوى المحلية سواء منهم المقيمون في القرى أو في مناطق البادية بالمشايخ.. وتعاملوا مع السلطة في مراكز المدن بالخضوع لها وتأدية الضرائب حيناً وبالثورة والامتناع عن دفعها حيناً أخر كما حدث مع التعامرة، ويتوقف ذلك على طبيعة هذه السلطة وقوتها، وعلى قوة المشايخ أنفسهم وخلافاتهم بعضهم مع بعض من فترة إلى أخرى.. وإذا ما صممت الدولة على إخضاعهم، هجروا قراهم ومناطق تجمّعهم ريثما تنتهي حملة الدولة ضدهم.
وفي القتال فيما بينهم أو مع السلطة لعبت النساء دوراً هاماً في تشجيع المقاتلين والعناية بجرحاهم وكشف مواقع الأعداء، وتمتعن بإحترام الفريقين المتقاتلين .. وإذا ما خرجت النساء مع المقاتلين فمعنى ذلك أن الأمر جدي والحرب واقعة لا محالة.
وقُسّمت القرى إلى حمائل (جمع حميلة وحمولة) أو أسر، وتتوقف سلطة الحمولة على أعداد أفرادها، ويختار شيخ القرية عادة من أقوى هذه الحمائل، ويتعصب أفراد هذه الحمائل بعضهم لبعض في السراء والضراء، ويتحملون أية مسؤولية أو غرامة أو عقاب يتعرض له أحد أفراد الحمولة، وحين يعترف أفراد القرية بشيخ لهم يحاول هذا جهده ولو بالرشوة أحياناً أن تعترف به السلطة.
وانتظم مشايخ القرى واتباعهم في الغالب في واحدة من طائفتين، اليمنية ورأيتها بيضاء والقيسية ورايتها حمراء، وهذا من بقايا التقاليد البدوية التي تنسب القيسية إلى بني عدنان واليمنية إلى بني قحطان.. وشاع ذلك حيث استقرت القبائل البدوية مثلاً في جبل لبنان وفي قرى غوطة دمشق وبعض أحياء مدينة دمشق خارج السور.
وليس هناك من اعتبار للدين أو المذهب الواحد في عداد الطائفتين المتخاصمتين هاتين.. وكان زعماء اليمنية في فلسطين في القرن التاسع عشر من أسرة أبو غوش المتمركزين في قرية العنب "قرية أبو غوش" في لواء القدس، وتحكّموا في الطريق الرئيس بين القدس ويافا وابن شاور زعيم تحالف للقبائل اليمنية. أما زعماء القيسية فكانوا من أفراد أسرة العزة في تلال الخليل، وأسرة ابن سمحان في تل الصافي, وأسرة درويش في قرية المالحة.
وعلى مستوى المدن فقد تمثلت زعامة القيسية في القدس في أسرة الخالدي، بينما تمثلت زعامة اليمنية في أسرة الحسيني وحلفائهم من التعامرة.
وفي بعض المناطق ينتسب معظم سكانها إلى طائفة القيسية أو اليمنية, مثال ذلك منطقة الخليل حيث الأغلبية قيسية، وكذلك بيت جالا وعين كارم, في حين أن أكثرية سكان بيت لحم وصوبا يمنية بقيادة ابن شاور زعيم تحالف القبائل اليمنية ، ومع ذلك يوجد في عدد من القرى أتباع لكل من الطائفتين.. ويروى عن قتال جرى في قرية البيرة بين القيسية واليمنية كيف أن كل فريق حاول أن يسيء إلى علم الآخر، واشتركت النساء في ذلك.
وقد اشتهرت في مناطق فلسطين وبخاصة جبال الخليل والقدس ونابلس, في الثلثين الأوليين من القرن التاسع عشر عدة أسر كانت لها الزعامة في مناطقها، واضطرت السلطات الحاكمة إلى أن تتعامل معها وتحكم البلاد من خلالها.
وقد اعترف إبراهيم باشا ببسالة هذه القوى المحلية التي قاتلته, واستمر تسلطها بعد عودة العثمانيين, إلى أن عين على القدس مصطفى باشا ثريا في العام 1857م، فتمكن من القضاء على نفوذ عدد كبير من هذه الأسر في الفترة بين عامي 1858م – 1861م.
واستمر العثمانيون من بعد ذلك في محاولة إخضاع الزعماء المحليين لسلطتهم، وقد سيطر في كل مقاطعة من مقاطعات جبل الخليل الأربع منذ أيام المصريين في الأماكن والقرى التابعة لكل منها كل من الأسر التالية.. وكانوا جميعاً من القيسيين:
1-مقاطعة اللحام – نسبة إلى بيت اللحام حيث فرضوا نفوذهم على الأماكن الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة الخليل – وكانت تضم 15 قرية.
2-مقاطعة بيت عيسى عمرو – وتعرف بالقيسية الفوقا.. وكان يتزعمها الشيخ عبد الرحمن عيسى ومركزه الرئيسي قرية دوراً، وكانت تخضع له معظم القرى الواقعة حولها، وعددها (15) قرية أيضاً.
3-مقاطعة بيت العزة – وتعرف مع مقاطعة بيت العملة بالقيسية التحتا، وجميع قراها واقعة إلى الغرب من مدينة الخليل، وكانت تضم عشر قوى.
4-مقاطعة بيت العملة.. واشتهر من هذه الأسرة عبد النبي العملة، وكانت تضم سبع قرى، وهذه المقاطعة تعتبر أصغر من المقاطعات السابقة.
وإلى جانب منطقة الخليل وجبالها اشتهرت منطقة القدس وجبالها بالقوى المحلية فيها، وقد برز فيها بنو حسن، واشتهر من زعمائهم الشيخ علي محمد والشيخ محمد درويش، وكان مركزهم الرئيس قرية الولجة، وقد سيطروا على حوالي عشر قرى، منها المالحة وعين كارم وبيت جالا والخضر وصوبا.
وبرز في هذه المنطقة كذلك بنو مالك.. وكانت منطقة نفوذهم إلى الشمال الغربي من منطقة بني حسن، وأبرز بيوتهم بيت أبو غوش الذين أشتهر منهم الحاج مصطفى أبو غوش، ومركزه الرئيس قرية العنب، وقد سيطرت هذه الأسرة على حوالي عشرين قرية منها بيت عنان ولفتا ويالو وبيت لقيا وخربتا وبيت عور الفوقا وبيت عور التحتا.
وإلى الشرق من القدس في منطقة الوادية اشتهر بيت عريقات، وأبرز زعمائهم الشيخ محمد عريقات، ومركزهم الرئيس قرية أبو ديس – وقد سيطروا على ثمان قرى منها الطور وسلوان وبيت ساحور وعلى مركز بدوي هو سواحرة الواد.
وفي جبل القدس الذي يضم مدينة القدس اشتهرت أربعة بيوت في أربع مناطق هي: بيت عبد اللطيف سمحان الكسواني ومركزهم قرية بيت إكسا, وبيت أحمد علي ومركزهم قرية دير دبوان , وبيت حسن عبد الله ومركزهم قرية بيت عنبا , وبيت عمر الشماع ومركزهم قرية البيرة.
وقسمت منطقة بني الحارث إلى الشمال من القدس إلى قسمين: بنو حارث الشمالية، وبنو حارث الجنوبية.
وإلى جانب منطقة بني حارث الشمالية تقع منطقة بني مرة، وكان زعيم هؤلاء حتى الحكم المصري الشيخ أحمد أبو عبد الله من قرية المزرعة الشرقية، وإلى الشرق من بني مرة تقع منطقة سليم، وأبرز زعمائها الشيخ ديكه من قرية كفر مالك، والشيخ عبد الحق من قرية دير جرير، ومن القرى الخاضعة لها طيبة ورمان.
وإلى الشمال من بني حارث الشمالية سيطر بنو زيد، وكان مشايخ هذه المنطقة في الأصل من آل البرغوثي، ومركزهم الرئيس قرية دير غسانة اما بنو حارث الجنوبية فكانت عشائر عرب التعامرة القيادة فيها لإبن شاور الحارثي التعمري.
أما منطقة نابلس وجبالها فظهرت فيها المناطق والأقسام والزعامات التالية:
1-منطقة جماعين – جنوبي نابلس، وتقسم إلى قسمين أحدهماتحت سلطة بيت قاسم الأحمد ومقرهم قرية دير إستيا.. والقسم الأخر تحت سلطة بيت الريان ومقرهم قرية مجدل.
2-منطقة بني صعب: إلى الشمال من جماعين، ويحكمها بيت الجيوسي، وزعيمهم الشيخ يوسف واكد يوسف من قرية كفر صور.
3-منطقة وادي الشعير: شمال نابلس، وقد سيطر فيها بيت الحفة وبيت سيف.
4-منطقة الشعراوية الغربية: شمالي وادي الشعير، وتزعم فيها بيت جرار وبيت عبد الهادي.
5-منطقة الشعراوية الشرقية: يحكمها كذلك بيت جرار وآل عبد الهادي، واشتملت على ثماني وخمسين قرية.
6- مشاريق نابلس – الأسرة الحاكمة فيها بيت دويكات ومقرها الرئيس قرية بيتا.
7- مشاريق دار الحاج محمد – الأسرة الحاكمة فيها دار الشيخ ناصر منصور ومركزها قرية جالود.
8- مدينة نابلس – الأسرة المتزعمة فيها آل طوقان، واشتهر كذلك فيها آل النمر.

وبالرغم من انقسام منطقة نابلس وجبالها سياسياً إلى الأقسام الثمانية، فإنها في أوقات النزاع بين أسرها كانت تُستقطب من حول الحزبين الرئيسيين القيسية واليمنية، وزعماء القيسية من بين هذه الأسر هم الشيخ موسى بك طوقان والشيخ محمد الجرار والشيخ الحاج محمد والشيخ صادق الريان.
أما زعماء اليمنية فهم ابن شاور الحارثي والشيخ حسين بك عبد الهادي وقاسم الأحمد والشيخ نمر آغا ودار الجيوسي .
وإلى جانب هؤلاء الزعماء من مشايخ القرى في المناطق الجبلية الوسطى فقد برز البدو كقوة محلية في فلسطين، وقد ذكر في العام 1877م أن قبيلة بني صخر تحتل المنطقة بين بيسان وطبريا، وإن جمالها ترعى في مرج ابن عامر.
والمنطقة الرئيسة في فلسطين التي وجد فيها البدو بأعداد كبيرة وسلطة قوية، هي تلك الممتدة في جنوب فلسطين بين غزة وبئر السبع والنقب بمحاذاة سيناء، واشتهر فيها من القبائل العزازمة والتياهة والترابين والسواركة والقديرات والجبارات.
وعلى نطاق أضيق مما في منطقة غزة، برز البدو في منطقة شرق القدس، ومن أبرز القبائل فيها قبيلة التعامرة التي امتدت منطقة نفوذها بين بيت لحم والبحر الميت وفرضت سيطرتها على على تلك المناطق وكانو من ابرز عشائر بني حارث في تلك المنطقة بقيادة ابن شاور الحارثي التعمري.
كما ظهر في منطقة شرق القدس بدو الرشيد وابن عبيد والصويرة والحطيمات، وعلى غرار الفلاحين ومشايخهم، انقسم البدو وأمراؤهم إلى قيسية ويمنية.. وكان شيخ قيسية بدو جنوبي فلسطين الأمير حسن الوحيدي الملقب بالدائمي، وقد تبعته من القبائل القيسية: الجبارات والقلازين والسواركة والعمارين.
وبالمقابل كان شيخ اليمنية من البدو الأمير عايش الوحيدي، وتبعه من القبائل اليمنية التياهة والترابين والحويطات.
وفي الربع الأول من القرن العشرين، انتقلت زعامة القيسية واليمنية إلى أسر أخرى مثل حمدان ابن شاور..
أما مشايخ القيسية فهم من بني صخر، وتشمل زعامتهم الشرارت في شرقي البلقاء، وبني عطية في جنوب الكرك، وبني حميدة بين الكرك والبلقاء وكان للتعامرة دماء وثارات مع بني عطية المحسوبين على القيسيين.
وقد ظهرت زعامة بدوية واحدة ذات صفة عسكرية ولفترة مؤقتة في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر في منطقة الجليل الأدنى، وكانت تلك زعامة عقيل من قبيلة الهنادي المصري الأصل، ولم تشهد تلك المنطقة منذ وفاة عقيل آغا عام 1870م أية زعامة محلية بدوية أو فلاحية خاصة بعد أن نجحت الحكومة العثمانية في نفس العام في فرض هيمنتها على معظم مناطق فلسطين."3"
ولم تحاول الحكومة العثمانية أن تستأصل العصبية القبائلية، بل كانت تشجعها في بعض الأحايين، ولعلها وجدتها الوسيلة الناجعة لإضعاف القبائل البدوية.. وبذلك يتسنى لها القبض على زمام الأمور في البلاد نهائياً، فنجم عن هذه السياسة اصطدام العدوان وبني صخر بمعركة حامية الوطيس في عام 1881م سقط فيها عدد غير قليل من القتلى.. لكن هذه السياسة وإن أفادت الحكومة فقد أضرت البلاد ضرراً فادحاً، فخرّبت الطرق وأصبح من المتعذرالنقل عليها، وانحطت التجارة والزراعة معاً، لأن الفلاح أخذ يقتصر في زراعته على احتياجاته فقط دون النظر إلى غيره من البلدان الأخرى.
وما أن حل عام 1882م حتى تمكنت الحكومة في السلطة من تحصيل الضرائب من القبائل البدوية الضاربة في الجنوب إلى تخوم الكرك."4"
ومن حيث الصراع بين الحزبين الكبيرين "قيس ويمن" في قرى ومدن فلسطين فقد وقف العثمانيون موقف اللامبالي أيضاً من صراعات هذين الحزبين.. وأيدوا هذا الفريق أو ذاك حسب مصلحتهم التي كان أولويتها جمع الضرائب, وتحقيق الأمن عن طريق ضرب فريق بأخر لإضعافهما.
ومع ذلك فإن الدولة العثمانية في فترة التنظيمات, استعادت سيطرتها وأخضعت هذه القرى والأسر إلى درجة كبيرة، وأدخلتها ضمن إدارتها."5"




********



زعمــــاء جبـــل القـــدس

لمحـــــة تاريخيـــــــة
في جبل القدس أُعتبر آل الخالدي قيسيين وأُعتبر آل الحسيني يمنيين، وذلك للاستفادة من الإنحيازات الحزبية كما أسلفنا.
وفي المنطقة الجبلية حول القدس، كان الأمر يتعلق بتعزيز المراكز المحلية الضيقة لا "بحكومة" الجبل أو مدينته المركزية، ولذلك كان من الضروري أن يعول بازدياد على ثنائية قيس ويمن لتقام الأحلاف ويُعبأ الفلاحون."6 "
لقد لعب التحزب بين قيس ويمن في جبل القدس دوراً أقوى من الدور الذي لعبه في جبل نابلس، وكان زعماء اليمنية هم عائلة "أبو غوش" بنو مالك, الذي شمل نفوذهم أيضاً مناطق بني حماد والوادية بما فيها بيت لحم وجزءاً من بني حسن، وكذلك ذلك الجزء من منطقة جبل القدس الذي كان سكانه من اليمنيين.
وكانت القيادة في شمال الجبل المحيط بالقدس "آل سمحان" بنو حارث, والبراغثة "بنو زيد" وكذلك قسم من سكان رام الله والبيرة.
وفي الجنوب كانت القيادة لإبن شاور الحارثي التعمري في قضاء بيت لحم والمناطق المحيطة بها على القبائل البدوية.
وكان شيخ أبو غوش هو المعمر أحمد عبد الرحمن.. بيد أن القائد السياسي العسكري كان ابن أخيه مصطفى, وهو "شخص ذو خضوع طاغ".
وفي صيف 1853م وخريفها زادت الصراعات "بمشاركة البدو" وكان مثار النزاع الرئيسي هو قرية عين كارم بسبب السيطرة على الفرانسيسكان القائم هناك."7 "
وكان زعماء بني مالك "آل أبو غوش"، وكرسيهم قرية العنب.. وأصلهم من الشركس، ويقال أنهم جاءوا إلى البلاد مع السلطان سليم ونزلوا غربي القدس.
وبعد أن بسطوا سلطتهم على قرية العنب على طريق يافا – القدس أصبحوا في وضع جيد يتيح لهم أن يفرضوا أتاوة "خاوه" مقابل حماية الحجاج الذين كانوا يصعدون إلى القدس.. كما كان المسافرون الأوربيون والأثرياء يعطونهم الهدايا, في حين كانت أديرة القدس تحصل على حق المرور الحر للحجاج الأقل يساراً بدفع الأموال لهم بانتظام.
وتبعاً لما يقوله البرغوثي "في كتاب دروزه" شمل نفوذهم أيضاً مناطق بني حسن وجبل القدس والوادية التي كان شيوخهم تابعين لهم.
وتتميز قرية العنب ببيوتها الحجرية المنيعة وبقايا كنيسة صليبية مصونة صوناً جيداً استعلمت كاسطبل، ويبدو أنه كان الأسطبل الخاص لخيول أبو غوش.. لكن ما يشد العين هو البرج مقر العائلة، "قصر حقيقي كأنه حصن دفاعي".
وإذ أصبح في هذه الأثناء جد من أجداد عائلة أبو غوش.. تولى قيادة اليمنيين زمن أبو نبوت حاكم يافا (1807- 1818م) ولياً من الأولياء عند السكان المحليين.. غدا آل أبو غوش وكرسيهم منذ الستينات من الأماكن الجديرة بالزيارة عند الحجاج والمسافرين الأوربيين والأمريكيين، فعلى الطريق إلى القدس كان المسافرون يجعلون الأدلاء يقصون عليهم تاريخ أعمالهم المرعبة، ثم يستمعون بعدئذ إلى الترانيم وهي تدوي في كنيسة الصليبيين التي تملكها فرنسا بقرية العنب.
وكانت تُردّد في روايات الرحالة على الدوام، وفي المكان ذاته الإشارة التي لا بد منها إلى آل أبو غوش.
ولما لم تعد العين تقع على هذه الأشكال الجسورة، فقد كانوا يصفون على الأقل "المساكن الحجرية الكئيبة لعائلة أبو غوش المرعبة"، ثم ينتهي بهم المطاف إلى أقوال مثل "لم أرَ في حياتي دوراً فيها سيماء الشر مثل بيوتهم الكالحة". "8"
وطبقاً لما يقوله "ماكالستر وماسترمان" كان يتبع منطقة بني مالك زهاء عشرين قرية .. أما الـ swp فذكر فيها 22موقعاً.
ومنطقة القدس ضمت 21 موقعاً، وكانت تنقسم إلى أربعة أقضية، وكان شيوخها "حسب المصدر الذي أورده ماكالستر وماسترمان" هم عبد اللطيف سمحان الكسواني في بيت أكسا, وأحمد علي في دير دبوان, وعبد الله حسن في بيتونيا, وعمر الشماع في البيرة."9"
وفي الموسوعة الفلسطينية – المجلد الثاني ص 934 يذكر ان لبني مالك عام 1871م ثلاث وعشرين قرية في بيت المقدس و 1075 أسرة. "10"
أما البرغوثي فيذكر من ناحية أخرى عائلات الشيوخ التالية :
آل الخطيب في بيت إكسا, وآل الحشاش في دير دبوان, وآل عبد الله الحسن وآل البيتوني في بيتونيا, وآل القرعان وآل الطويل في البيرة.
وكان شيوخ منطقة الوادية هم آل عريقات في أبو ديس، وأصلهم من البدو ويقال أصولهم من التعامرة ، وقد جاءوا من الجانب الآخر للأردن مثل التعامرة. "11"
وفي القرن التاسع عشر تفاقم الخطب وتنازع الحزبان "قيس ويمن" فما كان أحد يجرؤ على المرور ببلاد الآخر معلناً شعار قومه، فكان إذا خطب اليمنية عروساً قيسية لا يذهبون إلى جلبها إلا بفاردة, "جمع كبير مسلح".. ولا يجوز لهم أن يرفعوا أعلاماً بيضاء أو يُلبسون العروس حلة بيضاء "شعار اليمنيين" حتى لو أنهم أخذوا عروساً يمنية من بلاد يمنية، فلا يسمح لهم أن تجتاز البلاد القيسية وهي لابسة البياض.. وان امتنع أصحاب العرس عن ذلك تُعلن الحرب ويستطير الشر.. وكذلك القيسيين فإنهم كانوا مجبرين على اتباع هذا العرف."12"
وفي أواسط القرن التاسع عشر تفاقمت الأزمة بين الحزبين، مما أدى للنزاع المسلح بينهم، فوقعت بينهم معركة الوسطية, "قرية قضاء رام الله" عام 1250هـ - 1846م، ودار صراع مسلح طويل بينهم "قيس ويمن" كانت نتائجه أن التحقت القبائل اليمنية إلى مكان حمايتهم في جبل القدس.. حيث كان آل أبو غوش " بني مالك" الذين كانوا يبسطون سيطرتهم على تلك المنطقة، والتحق القيسيون بجبل الخليل، ومنهم من رحل إلى شمال رام الله، وتفرقت الحمائل والأسر في تلك الفترة، وتبعثروا في القرى الفلسطينية، كما رحلت عائلات كثيرة منهم إلى شرق الأردن."13"
وقد أقامت القبائل اليمنية تحت سلطة أبو غوش وحمايتهم.. فإذا اختلف اثنان منهم كانا يتقاضيان عند الشيخ (العدليه)، ويقبلون حكمه لا محاله.. ومن خالف عادات البلاد، أو أخل بتقاليدهم كان يُسجن في سجنهم.
وكان الشيخ يجني الضرائب ويقدم المقطوع عليه للوالي ويأخذ الزيادة.. والشيخ يحكم مقاطعته كما يحكم الأمير إيالته.. وكثيراً ما كانوا يستبدون بالفلاحين، مما أدى إلى انتشار الفوضى واختلال الأمن في كثير من الأوقات."14"
وفي نهاية القرن التاسع عشر بدت الحزبية وإلى حد كبير جزءاً من التراث الشعبي "الفولكلور" وقد هان شأنها بحيث غدت عادات وأعرافاً متوارثة "لا معنى لها" من جهة وظيفية، تشبه تلك التي يتمسك بها المرء بدافع من الوعي بالتقاليد.. ربما لأنها كانت تُشرك الألعاب والألوان في نشاطات الحياة اليومية الرتيبة، ومفهوم "اللون" هنا ينبغي أن يفهم بمعناه الحرفي.
فالأحمر كان شعار "قيس", والأبيض كان شعار "يمن".. ففي الحروب وفي مواكب الأعراس والملابس، الخ.. كانت تُحمل الأعلام بألوانها الملائمة، وعلى سبيل المثال كانت العمامة القيسية "الأصيلة" مقلمة باللونين الأحمر الغامق والأصفر، والعمامة اليمنية باللونين الأبيض والوردي.
وقد تناهت إلينا اختلافات محلية متنوعة في عادات العرس بين اليمنيين والقيسيين (أو بالعكس) فإذا تزوجت مثلاً (قيسية من يمني من قرية أخرى) فإنها كانت تُلف في قريتها بثوب ظاهرة أحمر، وتُساق على جمل.. وحالما تدخل حدود بلدها المقبل، كان العريس الذي ينتظرها هناك يترك لأهله أن يقوموا بخلع الثوب باستعمال القوة ظاهرياً، ثم يقلبه على الوجه الآخر حتى يبدو اللون الأبيض الذي بداخله، "أو كان يعطيها ثوباً أبيض".
وإذا حل يمني ضيفاً على قيسي، وقُدمت له "الهيطلية" مثلاً "وهي أكلة شعبية اشتهرت في فلسطين"، فإن القيسي كان يصب العسل أو الدبس عليها لكي يغطي اللون الأبيض اليمني.
ولم يعد الأمر مجرد "فولكلور" عندما كانت النساء اليمنيات يعمدن في خصومة، فكانت تثور ثائرة الحزبين، ومن الأمثلة على ذلك.. كأن تقوم بعض النساء اليمنيات بضرب ديك أحمر على مرأى من النساء القيسيات, فيعمدن الأخيرات بإمساك ديك أبيض ويضربنه بدورهن رمزاً للتحقير والإهانة المتبادلة."15"
ملاحظة كان الحزب اليمني ينقسم الى قسمين قسم من الفلاحين الذين يعملون في الزراعة ومنها العائلات السابق ذكره وقسم من البدو وكانت عشائر عرب التعامرة وحلفائهم من القبائل العربية بقيادة حمدان بن شاور الحارثي

المراجـــع
1-البرغوثي وطوطح – عدنان وقحطان – ص 263 – 268 .
2-الكزاندر شولش – تحولات جذرية في فلسطين 1856 – 1882م – ص 227.
دراسات حول التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي – نقله عن الألمانية د. كامل جميل العسلي 1988م .
3-الموسوعة الفلسطينية – م2 – القسم الثاني – عبد الكريم رافق – ص 895 – 904 .
4-فردريك ج بيك – تاريخ شرق الأردن وقبائله – ترجمة بهاء الدين طوقان – ص 182 .
5-الموسوعة الفلسطينية – المجلد الثاني – القسم الثاني – ص 901 .
6-تحولات جذرية في فلسطين في القرن التاسع عشر – ص 232
7-تحولات جذرية في فلسطين في القرن التاسع عشر – ص 568
8-تحولات جذرية في فلسطين في القرن التاسع عشر – ص 272
9-ماكالستر وماسترمان .
10-الموسوعة الفلسطينية – مصدر سابق – ص 934 .
11-تحولات جذرية في فلسطين في القرن التاسع عشر – ص 224 .
12-عمر الصالح البرغوثي وخليل طوافح – القدس 1923م – تاريخ فلسطين – ص 266 – 268 .
13-الموسوعة الفلسطينية – المجلد الثاني – معركة الوسطية بين قيس ويمن – ص 861 .
14-عمر الصالح البرغوثي وخليل طوافح – القدس 1923م – تاريخ فلسطين – ص 237 .
15-تحولات جذرية في فلسطين 1856 – 1882م في القرن التاسع عشر – 228 – 229 .

</B></I>

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 15-12-2012, 02:02 PM   #2
 
إحصائية العضو







راشد المسعري غير متصل

راشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud ofراشد المسعري has much to be proud of


افتراضي رد: حكم بني الحارث في فلسطين بيت المقدس

هلا اخي الحارثي

كلام كثير وجميل ويستحق المتابعة عن تاريخ بني الحارث في فلسطين

وبعض العوائل التي ذكرت اسمها معروف في فلسطين والأردن

وننتظر جديدك

تقبل ودي وتقديري ،،،

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 24-02-2013, 09:32 AM   #3
 
إحصائية العضو







نآصر البدراني غير متصل

نآصر البدراني is on a distinguished road


افتراضي رد: حكم بني الحارث في فلسطين بيت المقدس




ما شاء الله


والله ونعم بك وبربعك بني الحارث


لاهنت يالحارثي على هذا الكم الزاخر من المعلومات التاريخيه


موّثقه بالمراجع ، لاتعبت طال عمرك



تقبل مروري المتواضع ..

 

 

 

 

 

 

التوقيع




استغفر الله لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات


المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات


    

رد مع اقتباس
قديم 04-03-2013, 07:48 AM   #4
 
إحصائية العضو








ابو زابن المسعري غير متصل

ابو زابن المسعري will become famous soon enoughابو زابن المسعري will become famous soon enough


افتراضي رد: حكم بني الحارث في فلسطين بيت المقدس

لاهنت وبيض الله وجهك على هذه المعلومات القيمه

 

 

 

 

 

 

التوقيع

لاصار حظك ردي والوقت ماياوي= مناطح الروس خيرا من مصافحها
وإن لم تكن ذيب في راس الجبل عاوي= اصبحت طمعة لعاويها ونابحها

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب فصول من تاريخ قبيلة بني الحارث جمره العرب الحارثي501 :: القسم الـتاريخــي الــعام :: 1 14-12-2012 01:51 PM
...نسب قبيله جمره العرب بني الحارث... الحارثي501 :: القسم الـتاريخــي الــعام :: 4 24-06-2011 12:24 PM
أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها الدردور :: القسم الإسلامـــي :: 7 22-12-2010 10:58 AM
أسماء الشهداء من غامد في حرب فلسطين عام 1948م مبارك الغامدي :: القسم الـتاريخــي الــعام :: 9 26-08-2010 03:26 AM

 


الساعة الآن 12:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---