سألته : هل تحب الله ؟
قال : نعم ، بالتأكيد .
الله أيضاً يحبني لأنه وسع علي رزقي - مثلاً - وذلك بسبب إخلاصي ، وصدقي في التقرب إليه .
- لماذا لا تدخل الإسلام إذن ، لكي تقترب منه بطريقة صحيحة ؟
- أنا - في قلبي - أؤمن بتعاليم الإله المقدسة وأطبقها في حياتي العملية ، وهذا بحد ذاته كافي .
ثم استدرك موضحاً : هناك في هذا العالم رب واحد كلنا نؤوب إليه في المبدأ والمعاد . الفرق بين أهل الأديان في الاسم ، أنتم تسمونه (الله) ، والانجليز يسمونه (قاد) ، ونحن بلغتنا نسميه (بقوان) .
- ذهلتُ قليلاً ، ثم قلت له : نحن لدينا رسول من هذا الرب جاء ليبلغنا تعاليمه الصحيحة ويطبقها أمامنا ، هذا الرسول اسمه (محمد) .
فقال متهكماً مع شيء من الجدية : ونحن أيضاً لدينا شخص عظيم طبق تعاليم الإله الصحيحة ، وها نحن إلى اليوم نتبع هداه ، اسم هذا الشخص ( بوذا) .
- هذا الرب يريد من البشر أن يتقربوا إليه بطريقة واحدة ، لا بطرائق متعددة .
- فأجاب بنبرة غضب : آسف يا أخي ، هذا تفكير أمريكي لا نريده أن يشيع في العالم .
أمريكا تريد أن تفرض فكرها وهيمنتها وسياستها وحتى كتابها المقدس على شعوب العالم لتجعل لهم طريقة واحدة وهي الطريقة الغربية ، ونحن لا نرحب بهذا التفكير .
ولهذا السبب أنا أرفض الإسلام كدين لي ، لأنه لا يرحب بالأديان الأخرى ، ولا يعترف بدورها وفاعليتها في إيصال قلوب وأرواح العالم إلى حضرة الرب .
ثم صمت طويلاً بتأمل ، وقال : الرب كمدينة الرياض - مثلاً - تقع في الوسط ، وفي جميع المدن هناك طرق تؤدي إليها ، وجميع هذه الطرق صحيحة وتوصل إلى الرياض فعلاً .
فقلت له : بعدنا عن الله لا يساوي بعد الرياض عن المدن الأخرى ، بعدنا عن الله بعد روحي ملكوتي ، كلنا نريد أن نصل إليه في النقطة التي يتمركز فيها ، وبين كل نقطة ونقطة هناك خط مستقيم واحد ، الله يريدنا أن نسلك هذا الطريق المستقيم إليه ، لا الطرق الملتوية .
عندها بُهت قليلاً ، أو بالأحرى لم يفهم هذا المعنى العميق .
ثم واصلت حديثي : أنت – مثلاً – كيف عرفت الله ؟ وعن أي طريق حاولت الوصول إليه ؟ عن طريق بوذا ؟
- نعم ، صحيح .
-لنفرض أن الرب أرسل (بوذا) هل توقف عن بعث الرسل ؟ أم استمر ؟ إنه استمر فبعث إبراهيم وموسى وعيسى .. وأخيراً بعث إلينا (محمد) ، كل نبي يصلح ما فسد من التعاليم التي أوصى بها النبي السابق . وقد توقف إرسال الرسل عند (محمد) ، فيجب علينا أن نتبع آخرهم لأن لديه أكمل الحقائق .
- إذا كان استمرار إرسال الأنبياء أمر عقلي ، فلماذا انقطع الإرسال عندما وصل إلى (محمد) بالذات ، فإذا ساغ الوقوف عند (محمد) بلا تبرير ، ساغ أيضاً الوقوف عند (بوذا) وليس لك حق أن تطالب بالتبرير .
- بوذا ربما حرفت شريعته مما أدى إلى إرسال نبي آخر يصلح ما فسد في شريعته ، أما (محمد) فقد وعده الله أن لا يطرأ تحريف على شريعته فهي باقية إلى نهاية العالم ، لذلك ساغ الوقوف عندها .
عند هذه اللحظة .. فجأة طأطأت برأسي وكأن وحياً ما قذف في أذني قوله تعالى : " إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ، وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم " .
رفعت رأسي ، قلت له : من واقع خوفي عليك أنصحك : قل : "لا إله إلا الله ، محمد رسول الله" تنجُ ، وعلى مسؤوليتي .
احمرّ وجهه والتفت التفاتة كاملة وقابلني بقفاه ، بمثابة رفض تام لكل ما أدعوه إليه .
**
ملاحظة : هذا النقاش حقيقي حدث على أرض الواقع ، لكن جرى عليه بعض التشذيب والترتيب ، لأنك عندما تتحاور مع شخص لا يتقن العربية تحدثاً ، ويدخل اللغة الانجليزية في الحوار أحياناً ، لا بد أن تعتري لغته ركاكة وضعف ، مما جعلني أصيغ الحوار صياغة فصيحة توافق الذوق العام . لكن الأفكار صحيحة جميعها لا توجد بها أية زيادة .
منقول ـــــــــــــــــــــــــاخوكمـ ابنـ عقصـ الجعيديـ ــــــــــــ |