مسلمو تايلاند 'فطاني'
المسلمون المنسيون :
مفكرة الإسلام : إن الحمد لله ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد ..إن الناظر لأوضاع المسملين في منطقة جنوب شرق آسيا في المجموعة المسماه بالآسيان 'تايلاند – سنغافورة – ماليزيا – الفلبين ..' يجد أن محاربة الإسلام بتلك البلاد عدا المسلمة منها 'ماليزيا – إندونيسيا' يأخذ نفس الشكل والأسلوب والخطة فطمس الهوية وضياع اللغة ونشر الفاحشة وترسيخ الجهل والفقر وإثارة العصبيات والمواجهة المسلحة هي نفس المتبع من بلد لآخر ووسط كل هذه الخطوات الشريرة الموجهة ضد المسلمين هناك تجد أن المسلمين في باقي أرجاء العالم في غفلة عما يجرى لإخوانهم في العقيدة الذين يواجهون وحدهم كل أعداء الإسلام بالداخل والخارج وحتى نكون قد أدنيا بعض ما علينا تجاه إخواننا هناك فنحن في هذا المقام نعرف من لا يعرف ونقيم الحجة على من يجهل لعل بعض من يعرف يقوم بأعظم دور تجاه هؤلاء المنسيين من المسلمين .أين تقع فطاني :أولاً مساحة تايلاند تبلغ 520 ألف كيلو متر مربع ويبلغ تعداد سكانها حوالي خمسة وأربعين مليوناً يدين أكثرهم بالبوذية الهندية وتبلغ نسبة المسلمين حوالي 18% من السكان يرجع أصلهم إلى منطقة فطاني .وفطاني هي المنطقة الواقعة بين ماليزيا وتايلاند ويرجع أصل سكانها للمجموعة الملايوية ويتكلمون اللغة الملايوية ويكتبونها حتى الآن بأحرف عربية , ووصل الإسلام إلى فطاني عن طريق التجارة في القرن الخامس الهجري وأخذ في التنامي حتى صارت المنطقة كلها إسلامية وتحت حكم المسلمين في القرن الثامن الهجري وصارت فطاني مملكة إسلامية خالصة ومستقلة .عندما احتل البرتغاليون الصليبيون تايلاند أوعزوا إلى قادة تايلاند بحتمية احتلال فطاني للقضاء على سلطنة الإسلام بها ولابتلاع خيراتها فقام التايلاندون باحتلال فطاني سنة 917هـ ولكنهم ما لبثوا أن خرجوا منها بعد قليل تحت ضغط المقاومة الإسلامية .ولكن الصليبية العالمية لم تكن لتهدأ ويرتاح لها بال طالما للإسلام دولة بتلك البقاع السحرية من العالم فدخل الإنجليز أعدى أعداء الإسلام حلبة الصراع ودعموا التايلانديين البوذيين للهجوم على فطاني وقمع الثورات وتهجير المسلمين من البلد حتى أعلنت تايلاند ضم فطاني رسمياً لها سنة 1320هـ بعد سلسلة طويلة من الثورات والمقاومة الباسلة من المسلمين وكان هذا الضم إيذاناً بعهد جديد في الصراع بين المسلمين وأعدائهم .كفاح مسلمي فطاني :إن رحلة كفاح مسلمي فطاني أروع وأقوى من أن نصورها هنا فهذا الشعب الباسل واجه عدواً كافراً وواجه أيضاً جهلاً منكراً من مسلمي العالم ومع ذلك ما زال صامداً قوياً معتزاً بإسلامه وعقيدته , وتبدأ رحلة الكفاح الهائلة منذ أن أعلنت تايلاند ضم فطاني لها واعتبرتها مديرية تايلاندية في سنة 1320هـ , وتسلسل الرحلة كان كالآتي :- ثورة الأمير عبد القادر : وهو آخر ملوك فطاني المسلمين والذي تقدم بقيادة الثورة سنة 1321هـ بعد سنة واحدة فقط من الضم وتعرض للاعتقال واندلعت الثورة بفطاني على إثر ذلك ولكن التايلانديين قمعوها بمنتهى الوحشية بمساعدة قوية من الإنجليز الكفرة .- الانقلاب العسكري : حدث بتايلاند انقلاب عسكري سنة 1351هـ أطاح بالملكية ولم يكن لهذا الانقلاب أن ينجح دون مساعدة أهل فطاني الذين استغلوا الفرصة وقدموا عريضة بمطالبهم من الحكومة الجديدة والتي ما جاءت إلا بمساعدة المسلمين وتلخصت هذه المطالب فيما يلي :أ- تعيين حاكم واحد على المديريات الأربعة 'فطاني / جالا / ساتول / بنغارا' عن طريق أهل البلاد ويكون مسلماً .ب- أن يدين 80% من موظفي الحكومة بفطاني بالإسلام .ت- أن تكون اللغة الملايوية هي لغة التعليم بالمدارس واللغة الرسمية لأهل فطاني .ث- تطبيق الشريعة الإسلامية .ج- تكوين مجلس أعلى إسلامي لتسيير شئون المسلمين .والواقع المرير أن الانقلاب العسكري لم يكن أحسن حالاً من سابقه بل قد جر وبالاً كبيراً على المسلمين بفطاني لأن هذا الانقلاب أحيى فكرة العصبية السيامية القديمة التي ولابد أن تصطدم مع المسلمين بفطاني والذين يرجعون لأصول ملايوية , وعندما اعتلى الفريق أول 'سنقرام' السلطة في تايلاند سنة 1357هـ قرر ابتلاع الشعب الفطاني ومحو الهوية الإسلامية والملايوية فأصدر عدة قرارات منها حتمية تغيير الأسماء المسلمة إلى تايلاندية والإجبار على التزي بزي التايلانديين واستعمال اللغة التايلاندية وتحريم استعمال اللغة الملايوية ذات الحروف العربية وأغلقت أبواب المدارس والجامعات أمام الفطانيين وكذلك المناصب الحكومية والجيش والشرطة وأغلقت الجوامع والمساجد وحرم التبليغ والتبشير بالدين الإسلامي .- حركة الحاج محمد سولونج : وهو أحد العلماء المسلمين بفطاني والذي عمل على تكثيف جهود المسلمين سنة 1367هـ ورفع عريضة مطالب للحكومة البوذية بتايلاند يطالب فيها بنفس المطالب السالف ذكرها مع إضافة بند عدم إخراج محصولات وموارد فطاني خارجها واستهلاكها محلياً وقام الحاج محمد برفع عريضة الدعوى في نفس السنة إلى الأمم المتحدة ولأول مرة تثار قضية فطاني في المحافل الدولية , وبسبب ذلك قبض على الحاج محمد سولونج ورفاقه وحكم عليهم بثلاث سنوات ولكنهم ما لبثوا أن اغتيلوا سراً في 14ذي الحجة 1373هـ.أساليب محاربة المسلمين :تعتبر تايلاند في حكم الدولة المحتلة المستعمرة لأرض فطاني التي كانت بلداً مسلماً لفترة طويلة لذلك فإن أساليب تايلاند في محاربة المسلمين لا تختلف كثيراً عن أساليب الاستعمار الصليبي في أفريقيا وآسيا والدول المسلمة ومن تلك الأساليب :1- الهجرة : تعتبر أرض فطاني من أخصب الأراضي لذلك عملت تايلاند على إقامة معسكرات لاستقبال وتوطين المهاجرين والتايلانديين وتستولي على أخصب البقاع وتمدهم بالمرافق اللازمة وهذه الهجرة تؤدي إلى آثار خطيرة منها :- إضعاف نسبة المسلمين في هذا البلد ورفع نسبة البوذيين .- اتخاذ هؤلاء المهاجرين الجدد كأداة لنشر الثقافة والعادات البوذية واستخدامهم أيضاً كجواسيس وعيون لنقل أخبار المقاومة الفطانية وعند حدوث الصدامات يستخدمونهم كجنود ومقاتلين .- تحقيق السيطرة الاقتصادية على الموارد والأراضي الزراعية وبالتالي إفقار الشعب الفطاني فلا يستطيع المقاومة والكفاح المسلح ويكون جل همه تدبير موارد الرزق اليومية .2- التعليم : كانت المدارس والمعاهد في فطاني تدرس باللغة الملايوية فقامت تايلاند بفرض التعليم باللغة السيامية وأحضروا مدرسين تايلانديين وجعلوا المناهج فيها تخدم مصالحهم وقامت بإغلاق الكتاتيب التي تعلم القرآن والقراءة والكتابة , وعلى الطلاب الذين يريدون الانتساب إلى مدارس الحكومة أن يغير اسمه العربي أو الملايوي إلى اسم سيامي بوذي , واشترطت على هؤلاء الخريجين من المدارس الفطانية أن يجيدوا القراءة والكتابة بالتايلاندية وإلا فلا قيمة لشهاداتهم أبداً , وعمدت تايلاند إلى إهمال التربية الدينية وتعيين مدرسين موالين لها يجهلون الإسلام في مناصب التعليم الإسلامي لينشأ عن ذلك كله أجيال بعيدة كل البعد عن الدين والهوية الإسلامية .3- إثارة الخلافات : بالعمل على بث الفرقة والخصومات بين العلماء وإثارة الفتن بين أتباع المذاهب الفقهية وإثارة الخلافات بين المدن والمناطق والسكان .4- نشر الفواحش : تعتبر تايلاند رائدة سياحة الفواحش على مستوى العالم بأسره يأتيها الفساق من كل حدب وصوب ابتغاء الشهوة والمحرمات وهي بالتالي تعمل على نشر المفاسد بين المسلمين بإقامة بيوت الدعارة المرخصة والملاهي الليلية وتعليم الرقص في المدارس .5- التعمية : بقطع كل أخبار مسلمي فطاني عن العالم الخارجي ومنع دخول المسلمين من خارج فطاني إليها ورفع هذا الحظر قليلاً مؤخراً وخاصة الصحفيين .6- اليهود : استقدمت الحكومة التايلاندية عدداً من المدرسين اليهود من فلسطين وذلك لبث كراهية العرب في النفوس ومن ثم كراهية المسلمين عامة ثم تقوم تايلاند بنشر الدعاية المسمومة أن أهل فطاني يفضلون المدرسين اليهود على غيرهم في التعليم والثقافة فتعرض الحكومات المسلمة عن تقديم أي مساعدات لأهل فطاني .7- التحريف : لكتاب الله عز وجل وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء ترجمتها إلى اللغة التايلاندية فيضلوا المسلمين ويصدون من يريد الدخول في الإسلام من البوذيين .8- الدعايات الكاذبة : لم تكتف تايلاند بالعمل على الصعيد الداخلي فقط بل أخذت تعمل على بث الدعايات الكاذبة على الصعيد الخارجي باتهام المسلمين بفطاني بتهم مختلفة منها :- تهمة الشيوعية بعد أن تعمدت تايلاند جعل الشيوعيين الصينيين يفرون إلى أرض فطاني ليكون ذلك الفرار ذريعة للطعن على أهل فطاني واتهامهم بالشيوعية وهي تهمة تنفر كل مسلم .- تهمة التخابر لصالح إندونيسيا لأن أصل الفطانيين والإندونيسيين واحد وهو الأصل الملايوي مما يجعل العالم الخارجي ينظر بعين الشك لمحاولات الفطانيين الاستقلال .9- التضليل الإعلامي : بذر الرماد في العيون فلقد اتصلت حكومة تايلاند برابطة العالم الإسلامي وطلبت فتح فرع لها بالعاصمة بانكوك للتغطية على الأعمال الإجرامية التي تقوم بها ضد المسلمين .10- إفساد العقيدة الإسلامية : بالسماح للدعاية القاديانية التي هي أصلاً صنيعة الإنجليز وهي فرقة خارجة عن الإسلام بالعمل داخل فطاني لإفساد عقائد المسلمين وإيقاع الفرقة والإقتتال بينهم .وأخيراً : فإن المسلمين هناك مازالوا يعانون الأمرين من ضغط الأعداء وغفلة الأصدقاء ومواردهم قليلة وضعيفة والسلاح عندهم شحيح لا يحصلون عليه إلا غنيمة في القتال هذا غير الفقر والجهل المطبق عند الكثير منهم ولكن هناك بارقة أمل أشرقت على البلد متمثلة في الصحوة الإسلامية هناك بعد دخول بعض المراكز الإسلامية التي تمولها بعض دول الخليج أمثال السعودية والكويت والإمارات , وأثمرت هذه المراكز ثمرات طيبة ولكنها لا تكفي وحدها لإنقاذ المستضعفين من المسلمين هناك وما زال على المسلمين واجب كبير تجاه إخوانهم هناك .