|
|
|
|
نبض المداد
الهمز واللمز
أحمد بن محمد الجردان
الهمز واللمز ليستا من الصفات المحمودة بل من الصفات المذمومة في الكتاب والسنة، وتكثران بين الزملاء في الدراسة والعمل والأقارب والجيران والأقران والأضداد المتنافسين ونحو ذلك!!، وقد قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ****** (الهماز بالقول واللماز بالفعل يعني يزدري الناس وينتقص بهم وقد تقدم بيان ذلك في قوله تعالى: {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ****** قال ابن عباس همزة لمزة طعان معياب. وقال الربيع بن أنس الهمزة يهمزه في وجهه واللمزة من خلفه. وقال قتادة الهمزة واللمزة لسانه وعينه ويأكل لحوم الناس ويطعن عليهم. وقال مجاهد الهمزة باليد والعين واللمزة باللسان وهكذا قال ابن زيد وقال مالك عن زيد بن أسلم همزة لحوم الناس ثم قال بعضهم المراد بذلك الأخنس بن شريق وقيل غيره وقال مجاهد هي عامة)أ.هـ. كما قال بعض أهل اللغة الهمز هو التعييب في السر أما اللمز فهو التعييب في العلن.
والهمازون والهمازات واللمازون واللمازات الأحياء منهم والأموات سلوكهم -لا كثرهم الله- واحد غير أن وسائلهم تتغير بتغير الزمن فهم يتطورون في الوسائل مع ثباتهم على هذين الخلقين الذميمين!!
وصور الهمز واللمز كثيرة لكن أذكر منها على سبيل المثال همز الناس ولمزهم في أنسابهم أو في مهنهم أو في تحصيلهم المادي أو العلمي والتعالي من خلال ذلك عليهم، وما علم ذلك الهماز واللماز أنه لم ينل نسبه بجهده ولا بجهد أبيه ولا جده، ولكن الله وحده هو الذي منَّ عليه بهذا النسب وجعله فلان ابن فلان من آل فلان من القبيلة العربية الفلانية، ولو شاء الله لضاع نسبه كما ضاع نسب غيره، ولجعله أقل وأذل ممن يزدري، بل ربما لا يدري عن مستقبل الأيام فربما تصير به الحال إلى أن يكون خادما عند من كان يزدري!!، وما علم أيضا ذلك الهماز واللماز وهو يهمز فلان ويلمزه في تحصيله العلمي أو المادي أنه لم ينل علمه وماله إلا بفضل الله الذي وفقه إلى ذلك، فليس التحصيل العلمي ورقي المستوى المادي نتيجة لذكاء الأذكياء وفطنة الفطناء إنما هو فضل الله جل وعلا وعطاؤه وتوفيقه، ثم وإن كان ذلك الهماز واللماز قد نال الآن من العلم والمال والمركز الوظيفي ما نال، فالله قادر على أن يسلبه عقله فيكون مجنونا يتلاعب به الصبيان في الأسواق لا يعلم من بعد علم شيئا، أو أن يرفع الله عنه عافيته فيحرك فيه ما كان ساكنا ويسكن فيه ما كان متحركا، وأن يبدل الله حاله فيصير من صاحب مركز وظيفي مرموق إلى موظف لا يؤبه به!!.
ومن صور الهمز واللمز همز الناس ولمزهم في صورهم التي خلقهم الله عليها، وتجد هذا النوع من الهمز واللمز يكثر في النساء!!، فمن النساء من تلمز وتهمز فلانة بقصر القامة ودمامة الوجه وسواد البشرة.. إلخ، وتقرن ذلك بطوله وجمالها وبياضها، وكأنها هي التي خلقت نفسها بتلك الصورة الجميلة!!، وفي المقابل كأن تلك القصيرة والدميمة هي التي خلقت نفسها!!، وما علمت تلك الهمازة اللمازة أن الله هو الذي خلق الخلق وله حكمة في أن جعل هذه جميلة وتلك دميمة!!، وأن الله قادر على أن يذهب طولها الفارع وزهرة شبابها فتكون حبيسة كرسي متحرك وفراش كئيب لا تبرحه حيث تقضي حاجاتها وهي عليه!!، كما أنه جل وعلا قادر على أن يذهب جمالها حتى تبلغ درجة من القبح تجعلها تتوارى من القوم من بشاعة وجهها وسوء مطلعها!!، هذه صور من صور الهمز واللمز وهي كثيرة لا يمكن حصرها غير أنني استعرضت ما استعرضت منها مع ذكر موعظة عابرة مع كل صورة وهي من باب المثال لا الحصر!!
ثمة وسائل للهمازين واللمازين جدت في أيامنا ومنها رسائل الجوال (النصية والبلوتوث) فثمة رسائل لا تخلوا من الهمز واللمز وكذلك مواقع الإنترنت إضافة إلى الأعمال الفنية التي يؤديها رؤوس الهمازين واللمازين من الممثلين والممثلات، مع استمرار استخدامهم للوسائل التقليدية للهمز واللمز كالغمز بالعين أو الإشارة باليد أو تحريك اللسان أو حركات الجسد أو إصدار الأصوات ونحو ذلك!!، ولا شك أنه كلما جد زمن جدت معه وسائله التي تستغل في الخير وفي الشر!!
في ختام مقالي هذا ثمة همسة أهمسها في أذن كل واحد منا أن يخرج نفسه من سلك الهمازين واللمازين وأن يتبرأ منهم ومنهن وأن يحذر من ذلك السلوك المشين والخلق الذميم وأن ينكره، فهو منكر ولا شك، والمنكر كما نعرف جميعا إذا لم ينكره المصلحون صاروا فيه شركاء، وخصوصا إذا ما جالسوا أصحابه وهم يمارسونه، هذا ما تيسر والله المستعان!!
ajardan@Maktoob.com
الرابط
http://www.al-jazirah.com/96963/is12.htm |
|
|
|
|