السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الأعزاء إن الأمن ضرورة لكل مجتمع من مجتمعات البشرية ولا سيما مجتمع المسلمين ، لأن به تتم المصالح وتستقيم وبفقده تضيع الحقوق وتضيع المصالح ويحصل القلق والخوف ، تحصل الفوضى ويتسلط الظلمة على الناس يحصل السلب والنهب تسفك الدماء تنتهك الأعراض إلى غير ذلك من مظاهر فقد الأمن للمجتمع فلا يأمن الإنسان على نفسه وهو في بيته ولا يأمن على أهله لا يأمن على ماله لا يأمن وهو في الشارع ولا يأمن وهو في المسجد ولا يأمن في أي مكان إذا زالت نعمة الأمن عن المجتمع ، وهناك من يحاولون إزاحة الأمن عن المجتمعات لأجل أن تكون الدنيا فوضى لا سيما في بلاد المسلمين الأمن يتحقق بأمور ، الأمر الأول : بتوحيد الله تعالى وعبادته وطاعته والعمل الصالح ، وكذلك يتحقق الأمن باجتماع الكلمة وطاعة ولي الأمر ، ولا تستقيم الولاية والجماعة إلا بطاعة ولاة الأمور أما الخروج عليهم ومحاولة خلع ولايتهم ومحاولة إفساد الأمر فإن هذا هو الهلاك العظيم وإن زين وزخرف أنه طلب للحرية وأنه طلب لتحقيق المصالح والإصلاح وكل هذا كذب ودجل ، المصلحة والأمن إنما هو باجتماع الكلمة وطاعة ولي الأمر ولو كان عنده تقصير ، أما إذا خلعت الولاية وعمت الفوضى فمن الذي يضبط الأمور بعد ذلك ، من الذي يضبط الأمور بدون ولي الأمر بدون ولاية قائمة ، ولذلك لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم سجوه يعني غطوه بالغطاء ثم ذهبوا إلى سقيفة بني ساعده يختارون لهم قائدًا ووليًا لأمرهم قدموا هذا على تجهيز الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بايعوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، قامت الولاية بعد الرسول والخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم عند ذلك توجهوا يجهزون الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قبره عليه الصلاة والسلام لعلمهم أنها لا تمضي ساعة بدون ولي أمر ، لئلا ينفرط الأمر ويصعب العلاج بعد ذلك ، بولاية الأمر تقام الحدود والتعزيرات ، وتحكم الشريعة ، وأقصد ولاية الأمر في المسلمين ، وتحكم الشريعة ويردع الظلمة وتؤمن السبل والأسفار تقوم التجارات وطلب المكاسب كل هذا نتيجة لتحقق قيام الأمر والسمع والطاعة لولي أمر المسلمين ، أما إذا خرجوا عليه وخلعوه من أجل أنه حصل عنده خطأ أو تقصير فإن الفوضى والضرر يحصل أكثر مما لو صبروا عليه ، أكثر مما لو صبروا على ولايته ، تعم الفوضى ينتشر الخوف يعم القلق ولهذا لما دعا الخليل إبراهيم عليه السلام لأهل مكة قال : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) ، فقدم طلب الأمن على طلب الرزق لأن الأمن ضرورة ولا يتلذذ الناس بالرزق مع وجود الخوف بل لا يحصل الرزق مع وجود الخوف وهذا ما يريده الأعداء الذين يحاولون زعزعة اجتماع المسلمين يريدون تفكيك تجمعات المسلمين على ولاة أمورهم يريدون هذا لا يريدون النصيحة للمسلمين باسم تحقق مصالح وإصلاح وإزالة ظلم وما أشبه ذلك كل هذا من الكذب والدجل فإنه إذا انفلتت الولاية فإنه تعم الفوضى وينتشر الفساد وتعدم المصالح التي يقولون إنها ستتحقق ويعم الفساد ولا يحصل الإصلاح ، فلهذا لا بد من ولاية تجمع كلمة المسلمين ولو كان عندها قصور أو تقصير فيصبر على ذلك لأن في الصبر على ذلك دفعًا لما هو أشد ، ولا يعرف طائفة قامت على ولي أمرها إلا كان حالها بعد زواله أسوأ من حالها مع وجوده أخواني في الله الآن الولاة الذين أزيلوا والرؤساء الذين أزيلوا ماذا كانت حالة بلادهم من بعدهم لا تزال في خوف وقلق وفوضى وسفك دماء وأنتم تعلمون ذلك تسمعون به إن أعداءنا يريدون أن يفككوا تجمعات المسلمين أن لا تقوم لهم دولة ولا ولاية يريدونهم متفرقين متشتتين هذا ما يريدونه فلا ننخدعوا أخواني الأفاضل بكلامهم ودعاياتهم وتحريضهم فأعداء الإسلام يحاولون إزالته بشتى الوسائل إما بإزالة تجمع المسلمين واجتماع كلمتهم وإما بتفريقهم إلى أحزاب وجماعات باسم الدين كل جماعة تعادي الأخرى ، (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ، يجب أن يكون موقف المسلم من هذه الفتن موقف الإصلاح موقف الدعاء للمسلمين ، بيان ما في هذه المظاهرات وهذه الفوضى من المفاسد العظيمة التي لا تحمد عقباها . والله يوفق الجميع لكل خير ويحفظ ولاة أمرنا وشعبنا الغالي من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن . وبالله التوفيق