يالله لا تبلانا اللهم انا نسالك العافية
لم أكن أرغب في الكتابة مرة اخرى عن سوق الاسهم لولا انني سمعت حادثة مزعجة تحمل في طياتها الكثير وتشعل مؤشر الخطر حول كارثة كبرى قد تحدث في اي لحظة ان لم تبادر الجهات المعنية الى ضبط سوق الاسهم.. وتخيلوا معي ما حدث ونقله لي زميل موثوق:
حصل موظف في احدى الشركات الكبرى على حقوق نهاية الخدمة التي قاربت المليون ريال واقترض من البنك مثلها ودخل الى سوق الاسهم (شاهرا) المليونين دون ادنى خبرة او علم وشرع يضارب او بالاحرى (يقامر) يربح ويخسر ويعيد الكرة... ولانه يتخبط دون معرفة ومع حصول هبوط مفاجئ وحاد في الاسهم التي يمتلكها خسر هذا المسكين امواله ولم يتبق له سوى عشرها... فإذا به يصاب بالهستيريا من وقع الصدمة ليقوم امام المتواجدين في صالة الاسهم برفع ثوبه والتبول على شاشة الاسهم!!
هذا الموقف المحزن يعكس لنا مدى الضرر الذي يمكن ان تسببه مضاربات الاسهم على عقول المضاربين من اغلب المواطنين والحال الذي سيؤلون اليه حين يفقدون مدخراتهم التي وضعوها في سوق الاسهم (المنتفخ)!
قبل ايام هبط مؤشر الاسهم بشكل مفاجئ فخسر خلال 20 دقيقة اكثر من الف نقطة ثم مالبث ان استعاد قرابة الـ 700 نقطة ليست المصيبة في ان هذا الهبوط لو بقي كما هو فإنه يعني خسارة للمساهمين تتجاوز الـ 150 مليار ريال!! تذهب من جيوب الذي اشتروا الاسهم في آخر التداولات وانما المصيبة ما ذكر احد الكتاب في صحيفة (المدينة).. ان (هوامير) السوق من الذين يرفعون اسعار الاسهم ويهبطون بها لجني الارباح (المزعومة) من جيوب صغار المضاربين الجدد (البسطاء) هم الذين تسببوا في هذا الهبوط وذلك في استعراض لعضلاتهم على قرار (هيئة سوق المال) الذي صدر صباح ذلك اليوم حول مخالفة 44 عضو مجلس ادارة وتنفيذي لانظمة السوق والحكم بتغريمهم! فإذا كان هؤلاء المضاربون يتحكمون في اموال الناس فماذا عسانا ان ننتظر؟ والى متى سيبقى الحال كما هو... هل نتحرك بعد الطوفان؟
ذكر بعض الكتاب ويتحدث المتداولون باقتراحات لا نعلم لماذا لا تدرس وتطبق او توضع لها بدائل اخرى... ومن هذه الاقتراحات تضيف الشركات على شاشة التداول الى خاسرة ورابحة وربط تغيير قيمة السهم حسب عدد الاسهم المباعة عدد العمليات فقط وكذلك وضع حد أعلى لصعود اي سهم اي تحديد قيمة عليا للسهم... فالسهم الخاسر مثلا لا يتعدى 150بالمائة من قيمته الاسمية والرابح لا يتعدى قيمة تتناسب مع ارباحه ويمكن ان يضع هذه القيم لجنة من المختصين من سوق المال والبنوك والاقتصاديين وارجو ألا يكون الرد بأن هذا لا يوجد في الدول الاخرى... لان الاندفاع الذي نشهده دون وعي وعقل لا يوجد ايضا في الدول الاخرى وربما شاهد بعضكم فيلما وثائقيا بعنوان (شبح الاسهم) بثته قناة (العربية) يتحدث عن اعصار الاسهم وكيف يجتاح المدن فيدمرها ويمتص مدخرات البسطاء والسذج... ولو رأيتم هيئة اغلب المتداولين في صالات التداول وصغر سنهم لعلمتم اننا على الدرب سائرون!
اما آخر المشاكل فهو قيام البنوك باقتصار التداول في الصالات او الانترنت على من يملك رصيدا كبيرا واخراج صغار المتداولين... وهذه الخطوة وان بدت ايجابية لتوجيه صغار المتداولين لمحافظ البنوك... الا انها ستدفع الغالبية الى سوق سوداء وذلك بالمشاركة مع شخص آخر باسمه لتخرج لنا شركات توظيف اموال جديدة.. وقد ذكر الاخ خالد ابو علي في مقالته بصحيفة (الاقتصادية) عن متداول قفز رصيده خلال ثلاثة اشهر من 25 الف ريال الى 25 مليونا لذا فالمنع دون وضع بدائل مناسبة او اعطاء الفرصة للتداول وفق ظوابط مثل تحديد عدد العمليات او رفع النسبة اذا قلت قيمة العملية سيقودنا الى مخاطر اكبر ومشاكل لن نكتشفها الا بعد ان يستعصى حلها.
ترى لماذا لا يقوم صندوق التنمية الصناعي او المكاتب الاستشارية المتخصصة بالبحث عن الفرص الاستثمارية الداخلية لتكوين شركات في شتى المجالات الصناعية والخدمية والعقارية ومن ثم تأسيسها عن طريق الاكتتاب العام وذلك لاستثمار السيولة الموجودة في قنوات مناسبة ومجدية اقتصاديا مع تحقيق منافع عدة كالفرص الوظيفية وزيادة الصادرات؟... هل نحن بحاجة الى ان تمنح هيئة الاستثمار تصاريح لشركات من بنجلاديش (افقر دولة في العالم) لإقامة مشاريع في وطننا بتكلفة لم تتجاوز 80 مليون ريال؟ اين الافكار العملية مثل قيام شركة (شل) البترولية في مصر بتأسيس مشروع بسيط مجد اقتصاديا ويحافظ على البيئة من خلال معالجة النفايات وتحولها الى اكياس بلاستيكية عالية الجودة تستخدم حتى في المستشفيات؟
اننا للأسف وكما قال احد الزملاء بدءا من غالبية رجال الاعمال الى المواطن البسيط.. نبحث عن الارباح في المشاريع السهلة التي لا تقدم شيئا للاقتصاد بدءا من المساهمات العقارية.. الى تشغيل الاموال.. الى سوق الاسهم.
اما المشاريع الصناعية ذات المدى الطويل التي لا تجني الارباح الا بعد سنوات.. فنحن لا نقبل عليها... لانها في الاصل لم تطرح لنا!!
02-07-2005, 02:37 PM
فضيحة في سوق الاسهم
العرض العادي
