السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كثير من الناس لا يجدون فرقاً في استخدام كلمات السنة والعام ويعتقدون أنها كلمات مترادفة ، ولو استبدلنا مواقعها لما تغير معناها . غير أن القرآن الحكيم يحدد المعنى للكلمة القرآنية بكل دقة ويوحي إلينا هذا المعنى من خلال سياق الجملة القرآنية ، الآية والسورة ، وكذلك من خلال ربط الآيات القرآنية ببعضها . فما أوجز من معنى في مكان ، يفسره الله سبحانه وتعالى لنا في مكان آخر . ولنتدبر بعض الآيات التي تربط بين السنة والعام قال الله سبحانه وتعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) العنكبوت . وقال سبحانه : ( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ، ثمّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) يوسف . في الآيات السابقة نجد أنه حيثما ترد السنة أو السنين فذلك يعني الشدة والتعب والدأب ، وعلى العكس حيثما يرد العام فذلك يعني السهولة واليسر والرخاء . ففي المثال الأول والخاص بمدة الرسالة التي قضاها نوح عليه السلام في قومه بما فيها من شدة ونصب وتكذيب واستهزاء ، ثم ما كان من يسر ورجاء لنوح عليه السلام بعد الطوفان الذي أغرق الكافرين وبعد أن عاش مع المؤمنين . فقد ذكر القرآن الكريم أن نوحاً عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، أي أنه لبث في الشدة 950 سنة وفي الرخاء بعد إهلاك الكافرين الطوفان خمسين عاماً . وفي المثال الثاني من سورة يوسف فقد جاءت سبع سنين مع العمل الدءوب والجهد والتعب ثم جاءت سبع شداد وهي صفة للسنين مع الضنك والجدب . أما لفظ العام فقد جاء مع الغيث والمطر واليسر والرخاء . ( عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) .
نسألك اللهم الصلاح في القول والعمل إنك ولي ذلك والقادر عليه .