خطر الحرية
كثر الدعاة الى ما يسمى بالحرية، ويريدون ان يعيش الناس بلا قيود ولا ضوابط، ويريدون ان يعيش الناس بلا ضوابط شرعية يسيرون عليها، وهذا الأمر الذي يدعون إليه لا تجده حتى في المجتمعات الغربية التي توصف بالحرية المطلقة، فهناك قوانين لا يسمحون ان يتعدى عليها احد، بل عندهم عادات وتقاليد يحترمونها ويحترمون من يتمسك بها، بل يرون الذي لا يتقيد بعادات وتقاليد البلد انسانا غير سوي، اما عندنا نحن فيريدون كل شيء مباحا، ولا يقبلون بأي امر يقيد حرياتهم، يريدون البلد سائبا بلا ضوابط ولا قيود، ولا يزعج هؤلاء الا ضوابط الدين لانها هي التي تخالف هوى النفوس التي انعكست فطرتها، فصارت ترى الباطل حقا والحق باطلا، وهذا من أعظم الفتن التي تعصف بالبلد، وأخطر على البلد من تأخر التنمية، فما فائدة شعب يسابق العالم بالتنمية والتطور والازدهار، وهو مدمر اخلاقيا، ويجهل أحكام دينه، ويغفل عن الغاية التي من اجلها خلق، ويعيش حياة فوضوية بلا قيود ولا ضوابط. نذكر دعاة الحرية المطلقة بأضرارها التي تدمر البلد. ان الحرية المطلقة غير المقيدة بضوابط الشرع من اسباب انتشار الفاحشة. يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، «وما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم»، وهذه رسالة الى الذين يحومون حول قانون منع الاختلاط، ويحاولون التقليل من أهميته، ويصفون اصحابه بالتخلف والرجعية، فأي دين هم عليه؟ فلا صلاح إلا بالشرع ولا أمان إلا بطاعة الرحمن، ولا حماية للمجتمع من الانحراف إلا بالسير على الصراط المستقيم المنزل من عند الله الذي ما من خير الا بيّنه للناس، وما من شر الا حذر الناس منه، وتضمن حماية الفرد والمجتمع، وضمن لكل فرد حقوقه، لكن أعجب ممن لا يريد الشرع، ويريد ان نرجع الى عادات الجاهلية والى التخلف. قال تعالى «أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون» (المائدة: 50)، بل حتى الناظر في حال من عاش بالحرية بلا ضوابط تجده يعاني من جيل خرج عليه لا يعرف المسؤولية، ولا يفكر الا بشهواته. فهل هذا الذي يريده دعاة التحرر؟ فإن قالوا: لا، فلا سبيل لهم الا بالشرع، وان قالوا: نعم، فالواقع يكذبهم ويأمرهم بالتوبة والرجوع الى دين الله، والله المستعان.
علي العبدالهادي
جريدة القبس
http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=16042010
alial-abdulhady@hotmail.com