نكمل بحمد الله ومنته
ولهاتين الشهادتين شروط لا بد من توفرها فيهما، إذ لا يمكن لقائلهما أن ينتفع بهما إلا بعد اجتماعها فيهما، وهذه الشروط مطلوبة في كلا الشهادتين، وذلك لما بينهما من التلازم، فالعبد لا يدخل في الدين إلا بهما معا.
وهي سبعة شروط:
الشرط الأول: العلم:
إذ العلم بالشيء شرط عند الشهادة به ويشهد لذلك قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .
ومن الأدلة على وجوب العلم بالشهادة قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة" . والعلم المراد به هنا هو معرفة معنى الشهادتين ومقتضاهما واللوازم المترتبة على ذلك.
فلا إله إلا الله معناها: لا معبود بحق إلا الله.
ومقتضاها ولازمها: نفي الشرك وإثبات الوحدانية لله تعالى وإفراده بالعبادة مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته من ذلك والعمل به .
ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله: الإقرار والاعتراف للرسول صلى الله عليه وسلم أنه عبد الله ورسوله إلى الناس كافة .
ومقتضاها ولازمها: طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع.
الشرط الثاني: اليقين:
أي استيقان القلب بالشهادتين، وذلك بأن يعتقدهما اعتقادا جازما لا يصاحبه شك أو ارتياب، لأن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "من لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستقينا بها قلبه فبشره بالجنة" الحديث . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة" .
الشرط الثالث: الإخلاص:
"وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك" .
قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} الآية . وقال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} "أي لا يقبل الله من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله وحده لا شريك له".
وقال قتادة في قوله تبارك وتعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} شهادة أن لا إله إلا الله " .
وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه" .
الشرط الرابع: "الصدق فيها المنافي للكذب. وهو أن يقولها صدقا من قلبه يواطىء قلبه لسانه" .
قال تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} ، "أي الذين صدقوا في دعوى الإيمان ممن هو كاذب في قوله ودعواه، والله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، وهذا مجمع عليه عند أئمة السنة والجماعة" .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفه على الرحل- قال: "يا معاذ بن جبل" قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: "يا معاذ" قال لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا . قال: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار" الحديث .
الشرط الخامس: المحبة:
يتبع ان شاء الله