رد الشيخ حامد العلي
على افتراءات مدير عام الهيئات بمكة أحمد الغامدي واستدلالاته الباطلة في اجازته للاختلاط !!
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ،
وبعـد ،
فقد اطلعت على الفتوى المذكورة ،
وما اشتملت عليه من التدليس ، والتضليل ، وتحريف دلائل الشرع عن الهدى ،
نسأل الله أن لايجعل مصيبتنا في ديننا.
ومعلوم أنَّ الفتاوى المضلـِّة على وجهيـن :
أحدهمـا أن يعمد المفتى إلى نصوص لاتصح ، وفتاوى شاذة ،
فيعتمد عليها مفتـياً بما يخالف الشرع .
والثاني : أن يستدل بالنصوص الصحيحة ،
لكنْ ينزلهـا على غير منازلها ، ويضعها في غير مواضعها ،
وهذا الثاني أشـدّ خطورة من الأول ،
لأنَّ الشبهة فيه أعظم .
وعندما أطلعت ما تضمنته هذه الفتوى المضلـِّة التي تبيح الإختلاط بين الجنسين في التعليم في مرحلة الشباب ، وقـد نُشرت عندنا في بعض الصحف ،
وفرح بهـا دعاة الإفساد ، وأفراخ التغريب ، وصبيان العلمنة .
تذكـَّرت ما قاله العلامة الرافعي رحمه الله :
( أتدري يا ولدي ما الفرق بين علماء الحق ، وعلماء السوء ، وكلُّهم آخذ من نور واحد لايختلف ؟
أولئك في أخلاقهم كاللوح من البللور ، يظهر النور من نفسه ، وهؤلاء بأخلاقهم كاللوح من الخشب ، يظهـر النور حقيقته الخشبية لا غيـر ،
وعالم السوء يفكـِّر في كتب الشريعة وحدهـا ، فيسهل عليـه أن يتأوَّل ، ويحتـال ، ويغيـِّر ، ويبدِّل ، ويظهـر ، ويخفـي ،
ولكن العالم الحـق يفكِّـر مع كتب الشريعة في صاحب الشريعة ، فهو معه في كلِّ حالة ، يسألـه : ماذا تفعل ؟ ومـاذا تقـول ؟ ) الرافعـي في "وحي القلم "
كما ذكّرنـي إستدلاله بالنصوص التي تدل على أنَّ المجتمع الإسلامي الأوَّل كان يقع فيه ما يقع في كلِّ المجتمعات الإسلامية عبر العصور ، من إختلاط عابـر في الحيـاة العامـة بين الرجال ، والنساء ، على أنَّ خلط الشباب من الجنسين في مراحل التعليم ، مباحٌ في شريعة الإسلام ،
ذكـَّرني إستدلاله الضال هذا ، بإستدلال ذلك المسترضع من أمّ الجهالة ـ لاسهل الله عليه ـ برضاع سهلة بن سهيل لسالم مولى أبي حذيفة ـ وهو حديث صحيح ـ
على جواز أن ترضع الموظفة زميلها في العمل ليباح لهما الخلوة !!
كما ربطت أيضا بين هذه الفتوى ،
وفتوى المدعو : شحرور الذي ـ وأستسمح القارىء عذراً ـ أنـزل نصوص القرآن في شأن الحجاب ، علـى لباس القطعتين ـ قطع الله أنفاسه ـ أما القطعة الواحدة عنده فيبدو أنها عنده مبالغة في الستر !
والبلوى في الفتوى التي وردت أوَّل السؤال ، أنها جمعت بين ثلاث مصائب :
أحدها : الإفتراء على الله تعالى ، وشريعته المطهرة ، وهذا يكفي في بطلانها .
الثانية : أنَّ مفتيها يعلـم يقينا أنهـا ستستخدم ، وتُنـزَّل على واقع سيفتح أبواب الشـرّ على مصراعيه ،
لأنها ستترجم عمليـّا إلى مفسدة عظيمة ،
إذ يستحيـل واقعـاً وضع أيِّ ضابط يحمي شباب المسلمين من مفاسد الإختلاط في التعليـم ،
بل إنَّ من يسمح بـه ، إنما يرمي إلى هذه المفاسد أصـلا ، فهي غايته العظمى.
والثالثة : أنَّ هذه الفتـوى وأشبهاها ، إنما يجري توظيفهـا ليُقتحـم بها مجتمـعٌ يعيش أعرافا إسلامية سامية في الأعـمّ الأغلـب ، وبيئة محافظـة تقدس العفَّـة في الجمـلة ،
وقـد حمتـه هذه البيئة المحافظـة من الشرور التي تموج في غيره من البلاد موج البحار ،
- يُقتحم بهذا هذا المجتمع لتفسده ، وتجتثّ فضائله ، وتخـرّب أخـلاقه .
-وأيضا هي توظَّـف في ضمن مشروع تغريبي ، علماني ، ليس هدفه وضع المرأة حيث الحاجة إلى ذلك البتـة ، ولكن وضعها حيث تفسد قيمها ، وقيم الأسـرة المسلمة ، والمجتمـع الإسلامي.
تماما كما قال الدكتور المصلح محمد محمد حسين رحمه الله
أول ما طارت حمى الدعوة إلى الإختلاط في التعليم ، والوظائف في القرن الماضي ،
قال رحمه الله : ( ويستطيع الدارس المتأمل أن يرى بوضوح أن المرأة لاتوضع حيث الحاجة ـ صحيحة كانت أو مزعومة ـ إلى أن توضع ، ولكن توضع لإثبات وجودها في كل مكان ، ولإقحامها على كل ما ينادي العقل ، والعرف ، بعدم صلاحيتها له ،
فليس المقصود سد حاجة موجودة ، ولكن المقصود مخالفة عرف راسخ ،
وتحطيم قاعدة قائمة مقررة ،
وإقامة عرف جديد
في الدين ، وفي الأخلاق ، وفي الذوق ،
وخلق المقررات ، والمبررات ، التي تجعل إنسلاخنا من إسلامنا ، وعروبتنا ، أمـراً واقعـا ،
كما تجعل دخولنا إلـى
دين الغرب ، ومذاهب الغرب ، وفسق الغرب ،
أمرا واقعا كذلك ) أزمة العصر.