التوكل على الله
فمن يتوكل على الله فهو حسبه . والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ، وهو من أقوى الأسباب في ذلك،
فإن الله حسبه أي كافيه ، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ، ولا يضره إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش .
وأما ما يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبداً . وفرق بين الأذى الذي هو في الظاهر إيذاء له وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه ،
وبين الضرر الذي يتشفى به منه . قال بعض السلف : جعل الله لكل عمل جزاء من جنسه ، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال :
( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) _سورة الطلاق 3_ ولم يقل نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال ،
بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه .
فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السموات والأرض ومن فيهن لجعل له ربه مخرجاً من ذلك وكفاه ونصره .
وقد ذكرنا حقيقة التوكل وفوائده وعظم منفعته وشدة حاجة العبد إليه في " كتاب الفتح القدسي "
وذكرنا هناك فساد من جعله من المقامات المعلولة . وأنه من مقامات العوام ، وأبطلنا قوله من وجوه كثيرة وبينا أنه من أجل مقامات العارفين ،
وأنه كلما علا مقام العبد كانت حاجته إلى التوكل أعظم وأشد ،وأنه على قدر إيمان العبد يكون توكله ،
وإنما المقصود هنا ذكر الأسباب التي يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر والباغي .
جعلني الله وإياكم من المتوكلين على الله حق التوكل
اللهم أجعلنا ممن توكلوا عليك فكفيتهم
( منقول من مطوية الوقاية من السحر والحسد والعين ) "الإمام ابن القيم الجوزية –رحمه الله-"