الحَمْدُ للهِ وحْدَهُ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى رسُولِ الله وعَلَى آلِه وصَحْبِهِ ومَنْ اهْتَدَى بهُدَاه إلى يَومِ الدِّين أمَّا بَعد :
قَالَ الإمَامُ ابنُ القَيِّم رَحمَةُ اللهِ عَلَيهِ : [ وَاعلَم أنَّ الحسرَةَ كُلَّ الحسرَةَ الإشتِغَالُ بمن لا يَجُرُّ عليكَ الإشتغالُ به إلا فَوتُ نَصِيبِكَ و حَظِّكَ منَ اللَِّه عزَّ وجَلَّ ، و انقِطَاعكَ عنهُ ، وضَياعُ وقتكَ عليكَ ، و شَتاتُ قلبِكَ وضعف عزيمتكَ ، وتَفرُّقُ هَمِّكَ . فإذَا بُليتَ بهَذا - ولابدَّ لك منهُ - فعَامِل اللهََ تعالى فيهِ ، واحتسب عليه ما أمكَنكَ ، وتقرَّب إلى اللهِ تعالى بمرضاتِه فيه ، واجعَل اجتمَاعكَ به متجراً لك ، لا تجعَلهُ خسارةً ،وكن معهُ كرجُلٍ سائِرٍ في طَريقِه عرضَ لهُ رجُلٌ أَوْقَفَهُ عن سَيرهِ ، فَاجتهِدْ أنْ تَأخُذَهُ معَكَ وتسيرَ به ، فتحمِله ولا يَحملُك ، فإنْ أبَى ولم يَكُنْ في سيرهِ مَطْمَعٌ ، فَلا تَقفْ مَعهُ بلْ اركَب الدَربَ وَدَعهُ ولا تَلتَفِتْ إلَيهِ ، فإنَّهُ قَاطِعُ الطَّريق ولَو كَانَ منْ كان ، فَانْجُ بقَلْبِكَ وضن بِيَوْمِكَ ولَيْلَتكَ ، لا تَغرُب عَلَيكَ الشَمسُ قبْلَ وُصُولِ المنزلة ، فَتُؤخَذ أَوْ يَطلع عَليكَ الفَجرُ وَ أَنْتَ في المنزلَة فَيسِيرُ الرِّفاقُ تَصبِح وحدَكَ و أنَّى لَكَ اللَّحاقُ بهِم . ] (اهـ) [من كتاب الوَابِلُ الصَّيِب ]