الغلو.. والاعتدال
كثرت في هذا الزمان الدعوات المتنوعة والاستنكارات على الغلو في الدين ووصف المتشددين بأنهم أصحاب فكر متطرف، وإلى غير ذلك من الأوصاف. ولا شك أن التطرف والغلو ومجاوزة الحد في أي شيء، أمور منهي عنها بالإجماع. ولا خلاف في ذلك، قال تعالى: «يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق»، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم»، فالغلو في الدين مرفوض وجميع البدع مرفوضة، لأنها من الغلو، ولأن البدع مجاوزة للحد المشروع، والضابط في الغلو هو مجاوزة الحد المشروع في أي أمر من الأمور المشترط فيها الوقوف على النص من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا اصل في الدين لا خلاف فيه، حتى لا يفسر الغلو على ما تهواه النفوس المريضة، التي تحسب كل أمر من الدين ظاهر انه من الغلو، ويجب الابتعاد عنه، فالبدعة ما حدَّها الشرع بأنها بدعة، وهي من الغلو المرفوض والقول في احكام الشرع بلا دليل غلو مرفوض، لأن صاحبه قد جاوز حد الاعتدال.
وهناك طريق آخر على النقيض قد غالى في التسامح والوسطية، حتى خرج عن حدود ما شرعه الله، ولا شك ان الدين يدعو إلى التسامح وديننا دين سماحة، لكن لا يعني ان نتساهل حتى نخرج عن الحد المشروع. فليست من الوسطية والتسامح مساواة دين الإسلام بغيره من الأديان، فهذا أمر مرفوض أيضا، لأن الله سبحانه يقول: «ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه».
فلا بد أن ينتبه إلى مثل هذه المسألة، فالدين وسط، ومعنى الوسطية أي السير في منهج الحق، واما ان يترك الأمر على حسب الأهواء فليس من دين الله في شيء، فالوسطية هي دين الإسلام. والحق مع دين الإسلام، فلسنا بحاجة إلى البحث عن طريق يسير بنا على نهج الوسطية غير منهج محمد ـ صلى الله عليه وسلم.
والله المستعان.
علي العبدالهادي
جريدة القبس
alial-abdulhady@hotmail.com
www.qsasa.com