إذا مدحت زوجتك فامدح زينة عقلها !!
بقلم هيام الجاسم
قد يخالفني الرأي من يقرأ مقالتي هذه ممن اعتاد أن يمتدح في زوجته زينة جمالها الذي جمّلها الله به، ولم تبذل جهدا في كسبه أو صناعته، هي لم تصنع لنفسها ذلك الجمال ولم تختر لون بشرتها ولا قسمات وجهها لتستحق عليه كل هذا الثناء والإعجاب!! وإنما هي خلقة ربنا أنزلها على النساء وجعلهن نواعم في هيئاتهن !!
أنا أعتقد أن مديح الرجل لزوجته ينبغي أن يرتكز على الثناء والتقدير لما تبذله من عطاء وحسن تصرف وحنكة في إدارة شؤون زوجها وبيتها وعياله، أي فيما كسبته يداها ..المرأة مهم عندها جدا تقدير زوجها لذاتها، بل هي تعد نجاح زواجها أو فشله بحسب احترام زوجها لها من عدمه. تصور معي عزيزي القارئ أني كنت أدير برنامجا تدريبيا عن الزواج في حياتنا أمام عدد من المشاركات، وسألت فتاة لم تتزوج بعد: «ما حلمك في زوج المستقبل؟» أجابت: «يحبني ويقدّرني ويحترمني!!» إحدى المشاركات في الدورة هي عريقة في زواجها ابتسمت ضاحكة ومعلّقة: «إذاً لن تحققي حلمك!! هذا غير موجود!!» وشاركها الرأي عدد من الزوجات الأخريات من الحضور.
عزيزي القارئ، هذا لسان حال كثيرات التقيت بهن في مجالات عدة يعتبرن المديح الصادق هو في إبداء الزوج الإعجاب بتعبها وجهدها وإنجازاتها، أتدري لماذا ؟! لأن الزوجة بقدر ما تفرح بمدح زوجها للمسات جمالها بقدر ما تحزن إذا هو لم يقدر تعبها وخدمتها له وللعيال، وقد تقدم خدمات لأهله وأمه أيضا، ناهيك عن شريحة من الأزواج قد أخبر عن أحدهم النبي[ أنه يضربها في النهار ويطلب قضاء وطره منها ليلا، فكيف يجتمعان في حياة زوجية هانئة مستقرة؟! هل نتوقع قبول الزوجة لهذا الحال المائل مع زوجها؟! أم إنها في كثير من الأحيان تخاف منه وتخاف أن يطلقها، بل تخاف أن يعدد عليها فنجدها تستسلم لهذا الذل وتلك المهانة؟!!
الزوجة لها من حقوق الآدميين ما لها، فضلا عن حقوقها الزوجية الشرعية التي لا مجال لإهدارها.. لذا فالأمر شديد المرارة على الزوجة حينما تفتقد تقدير زوجها لها؛ فمهما سطّر لها الأشعار ذات البحار الطوال و القصار تعبيرا عن وداده لها وإعجابا بجمالها، ثم يأتي الحبيب ينسف كل تلك الأشعار ببحار التحبيط والذم والمنقصة، فلن يغني أبدا هذا عن هذا، وستعيش معه إن كانت عاقلة على مضض، وستتلاشى محبته من قلبها مع سني الزواج، طال الزمان أو قصر، وعندما يهرم الرجل - وبلا شك سيهرم قبل امرأته - سيبحث لا محالة عن عربون الحب والود والتقدير، ولن يجد غير الصدود والفتور، فإن كانت تخاف الله فيه فستعامل الله فيه لأن الله يأمرها بذلك، لا لأنه هو كل في حياتها، بل قد يأتي زمان فما يعود يمثل لها شيئا في تلك الحياة، وتتذكر ذكريات الماضي فلا تجد سوى فقر الأحاسيس وتصحّر العواطف وجفاف المشاعر فيما بينهما!!