بقلم : احمد المالكي
إن الله تعالى أمر هذه الأمة بالوحدة و الائتلاف ، وحذرها من الفرقة و الاختلاف "وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ " ، فهذه الأمة أمة واحدة و قوام هذه الوحدة قوله تعالى:"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا " ، والصراط المستقيم وحبل الله المتين الذي ارتضاه الله لنا دينا هو ما جاء به القران الكريم والسنة النبوية الصحيحة قال :" تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما:كتاب الله وسنتي " ، وضابط فهم الأصليين؛ عمل الصحابة رضي الله عنهم والأدلة على ذلك كثيرة .
فالسائرون على الأصول السابقة هم حاملو الحق و إن خالفهم أكثر الناس ، واختصوا باسم ( أهل السنة والجماعة ).
وكما هو معلوم أن الدين ينقسم إلى عقيدة وتوحيد وشريعة وأخلاق ، فالعقيدة والتوحيد من الثوابت، وكذلك الشريعة والأخلاق فهي مما يعلم من الدين بالضرورة ، فالحق فيها واحد يجب على المؤمن اتباعه لقوله تعالى :"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً " ، وأما المسائل الاجتهادية فتختلف أفهام العلماء المجتهدون في أحكامها ، وتكون فيما لا نص قطعي فيه ، ووفق القواعد الأصولية و الحديثية ، و الإحاطة بلسان العرب (الجاهلية وصدر الإسلام) ، والتفاوت في الفهم و التحصيل العلمي ، فإذا اجتهد العالم المجتهد فهو بين أمرين: إصابة الحق أو الخطأ ففي الحديث:"إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطا فله أجر" فهذا نص صريح في أن المجتهد قد يصيب فيتابع على ذلك ، وقد يخطي فلا يجوز لغيره متابعته على خطأه إذا تبين الدليل .
فهذا المنهج يجمع ولا يفرق ، يصلح ولا يخرب ، ليس كما يثار من دعاوى على هذا الحق وأهله من بعض المتأثرين بالثقافة الغربية أو ممن نحى نحوهم يطلقون التهم جزافا كـ(احتكار الحق المطلق ، الإقصاء )... إلى آخر تلك الكلمات التي يراد بها باطل ، وأثير ذلك باسم احترام الغير ، وحرية الرأي والرأي الآخر، فالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين الإسلامي الحنيف هو الباطل الذي حذرنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه سلم منه ، وبسبب اتباع الباطل تفرقت الأمة إلى فرق ضالة كثيرة ، وكثر الخصام والعداوة والبغضاء "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " فالله المعبود واحد ، والرسول صلى الله عليه وسلم المبعوث واحد ، والدين واحد ، والقران واحد ( فالحق واحد لا يتعدد ) .