بسم الله الرحمن الرحيم
كان المستشرق التشيكو سلوفاكي الويس موزل (1868 -1944م) (1285 - 1364ه) استاذ الدراسات الشرقية في جامعة براغ خلال النصف الأول من القرن العشرين , وكان من المستشرقين المتميزين في دراستهم لأحوال الشرق , التي تتسم أبحاثهم بالعمق والأهمية , وله عدة مؤلفات من ابرزها:
1- كتابه (شمال نجد)
2- كتابه (شمال الحجاز)
وقد كان مولعاً بالبادية , متحفزاً لدراسة البدو , هذا الأمر ادى به الى ان يتجشم الصعاب ويتحمل قسوة العيش في الصحراء , بعد ان توجه نحو قبيلة الروله الشهيرة , ولبث فيها قرابة الثمان سنوات , درس خلالها كل ما يمت الى حياتهم بصلة , وسجل معلومات شاملة حول موضوعات كثيرة , لها علاقة بحياة البادية على وجه العموم , والف كتاب عنوانه (اخلاق الروله وعاداتهم) , الذي نشر في نيويورك سنة 1928م/1347ه , والذي ترجمه الدكتور محمد سليمان السديس , ونشر في طبعته الأولى عام 1415ثم الثانية عام 1417ه.
وعرف هذا المستشرق باسم الشيخ (موسى الرويلي) وكانت له علاقات قوية مع شيوخ القبائل وأعيانها.
ولفت نظري في ترجمة كتاب موزل قصيدة طريفة , للشيخ النوري بن هزاع الشعلان , قام بقرائتها موظفه (جواد) على المؤلف , وهذا يفسر بعض الخلل في الوزن الذي حاولنا تعديله في بعض الأبيات.
ويمتدح الشيخ النوري بن هزاع الشعلان , هذا المستشرق ويثني عليه , ربما لانه اعجب الشيخ بسعة إطلاعه , وتنوع معارفه , وحسن تصرفاته , التي كان يجاري فيها ابناء الصحراء.
يقول الشيخ النوري في قصيدته:
ابدى بذكـر الله علـى كـل نيـه=رب كـريـم عـالـم بالخفـيـات
يا راكب مـن فـوق حمـرا ثنيـه=حره هميمة من ركاب الشـرارات
ماسامهـا الشـراي بعـداد ميـه=ولا نوخـت للشيـل دوم معـفـاة
مرباعهـا باطـراف نجـد العذيـة=ترعى زهـر نـوار ورد الذوابـات
فوقـه شـداد والميـارك زهيـة=وسفايفـه لـب البريسـم حليـات
(تمد) مـن بيـت علومـه طريـه=الشيخ شيـال الحمـول الثقيـلات
من بيت ابو نواف ذيـب السريـه=زيزوم مجلس كاسبيـن الجمـالات
فوقه غـلام مـا يهـاب الدويـه=يوصـل كـلام لـديـار بعـيـدات
اليا لفيـت ديـار هـاك السميـه=(ابد البشارة ورد منـي سلامـات)
قل حر لفى من عندكم لـه نويـه=نجم شبيه سهيـل مابـه غبـارات
بـاج البـلاد العامـرة والخلـيـه=بعقل رجيح ما يهـاب العسيـرات
الشيخ موسى (اللي) علومه شفيه=حافظ علوم من دهـور مزمنـات
ما جابـت الخفـرات مثلـه حليـه=ولا له شبيه (في) شيوخ البـداوات
حاكم وزيـر عـارف كـل شيـه=ولا له مثيل كود ابازيـد بصفـات
حلو المثايل (والكفـوف) السخيـه=شبيه حاتم مـا يهـاب الخسـارات
سنه ضحـوك وجرعتـه باسليـه=فرز القناصل والمشـاور صعيبـات
ليث غضنفـر مـا يدانـي الرديـه=درعا حسينـا يذخرونـه لعـازات
وان يسر المولـى وزانـت النيـه=لازم يجيكـم بعـلـوم مثمـنـات
علوم البوادي وحضرها والرعيـه=ديار الروله فدعان وارض العمارات
وديـار نجـداً والفـروع الخليـه=مع ديرة الصوان وارض الحويطات
هذي فعال اللـي خصالـه وفيـه=كنز الفخر بحر النـدى والمـروات
وتعطينا هذه القصيدة انطباعاً عن سماحة اهل الجزيرة العربية , وقبولهم للآخر , والتعامل معه بغض النظر عن اتجاهاته العقيدية والفكرية , كما نأخذ منها تصوراً عن اتسام البدو بالكرم والشجاعة , و تتمحور حولها بقية الصفات النبيلة عند البادية , فلم يستطع هذا البدوي تجاوز هاتين الصفتين في مدح هذا المستشرق.
قال الشيخ حمد الجاسر عن موزل (رحاله غربيون في بلادنا 062): «وحظي لدى النوري بمنزله ليدعوه (أخاه) وليعهد إليه بالاتصال عنه لدى بعض حكام العرب... حتى ان النوري قال في مدح صاحبه قصيدة بالغ في وصفه فيها بصفات تدل على المنزلة عنده..».
الكاتب: قاسم الرويس
المصدر: جريدة الرياض , الأربعاء 3 ربيع الآخر 1426هـ - 11 مايو 2005م - العدد 13470
منقول بتصرف
تحياتي للجميع : دغش البطي