كنت في مدينة جده بلأمس ، ذهبت بأمان ورجعت بأمان فلله الحمد والمنه على نعمائه التي لا تعد ولا تحصى .
أصبحت صباحا فوجدت خيوط الشمس تمازحني وتوقضني من سباتي العميق ، وهي قد تسللت من نافذتي التي لطالما عانقتُ فيها نسائم الهواء العليل ، فإذا بي اقف على جنبات النافذه وأنظر إلى البحر بجوار شقتنا ، وأصبحه بالخير وأُذكره ما قال لي ليلة البارحه حينما تسامرنا وركبنا معاً وسط محيط الخيال ، لعلي اذكر لكم موجزاً لما قال لي ذلك البحر الهائج .
ذيب : كيف حالك يا بحر .
البحر : أهلاً وسهلاً يا ذيب العريمي
ذيب : أووو قد عرفتني ! ! وكيف عرفتني ؟
البحر : ألست أنت من ركب شواطيء ظهري وأبحرت في بطني لسنوات طوال ، فعلى الرحب والسعه .
ذيب : لعلي أسألك سؤالاً قض مضجعي وأدمى مقلتي ، وبحق محبتي لك أن تجاوبني بصراحه ، لماذا يذكرونك بالغدر ؟ وأنا أعرفك بأنك أطيب خلق الله ! ! ، على أقل تقدير تجاريني في عواطفي الجياشه التي عشت فيها في زمن الغربه ، الذي لا يعترف فيها الصاحب بصاحبه ولا يسمع السامع لمتكلمه .
البحر : لست بغداراً بقدر ما انتم عليه أيها البشر من غدر وإسأل التاريخ عما حصل لبعضكم البعض .
ذيب : أفا عسى ما شر ، اشوفك كنك قلبت علي يا ابو الشباب . وضح أكثر؟ ! ! .
البحر: رحم الله صداماً ، حينما كان على عرشه ، كان قد أمسك بزمام الأمور من تحت يده ، وكنتم أيها العرب تفتخرون به ليلاً ونهاراً ، سراً وجهارا ، وكنتم تقولون أنه حامياً للجهة الشرقيه من العالم العربي .
ذيب : لكنه طغى وتجبر ...
البحر : لا تقاطعني ولا تتكلم حتى أنهي كلامي .
ذيب : أبشر طال عمرك .
البحر : فأنقلبت الموازين بقدرة قادر فطغى وتجبر ، فلم يقيض الله له رجالاً صالحين يأمرونه بالمعروف وينكرون عليه المنكر ، حتى سلط الله عليه ، كما فعل ببني إسرائيل عندما كانوا لا يتناهون عن منكراً فعلوه لبئس ماكانوا يصنعون ، وقد كانوا إذا أخطأ فيهم القوي لم يمانعوه ولم ينكروا عليه وإذا أخطأ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .
ذيب : ولكني أسمع كل يوم في العراق الجريح ، مئات القتلى ومئات الجرحى ، حتى أن قتلاهم في الخمس السنوات الماضيه فاق بكثير قتلى صدام طوال سنوات ملكه . ماهو السر ؟؟ وأتعجب من أن الله سبحانه فتن صدام ، فـتنة لم يقم بعدها ، ولم يفتن الحجاج بن يوسف عندما حكم العراق في وقت مضى .
البحر : لم يصـيـبـهم إلا بسبب ذنوبهم وما إقترفوا من إثم ، لعلمك أن الحيتان في البحار تلعن أهل المعاصي من البشر ، ومن ذنوبهم بعد مقتل صداام ، خروج الكثير من القنوات التي تعلم السحر والشعوذه وأيضاً القنوات الغنائيه والمغنين والمغنيات الراقصين والراقصات ، وأذكر على سبيل المثال
( أتعلم ماهي البرتقاله وأيضاً التفاحه ! ! ! ! )
ذيب : ههههه حتى أنت تعرفهم يا بحر ، منتب سهل .
البحر : لقد فتنوا الشباب في عصر الفتن ، وحل بهم من المصائب والمحن ما الله به عليم ، وأما قولك عن الحجاج فقد قال في خطبته الشهيره: لأ َلْـحُوَنَّكُم لَـحْو العَصا؛ واللِّـحاء: ما علـى العَصا من قِشرها، يمد ويقصر ، وقد أسرف في القتل ، حتى أنه قتل الشيخ العابد سعيد بن جبير ، ومن بعدها فتنه الله وأماته الله شر ميته ، وقد روي عنه أنه ذكر ذلك .
ذيب : نسأل الله الذي بيده مقاليد الأمور أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يوفقنا ويوفق ولاة أمورنا لما فيه خير لنا وصلاحنا في الدنيا والآخره ، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير .
نعم : حدث هذا مابين صهيل قلمي ومسكي للعنان
تقبلوا كل الشكر والامتنان من أخيكم : ذيب آل عريمه