السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحطيئه هو جدول بن أوس ويكنى أبا مليكه ، شاعر فحل خبيث اللسان وهو الذى شكاه الزبرقان بن بدر إلى عمر بن الخطاب لقصيدته السينيه الشهيره ومنها قوله :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها = واقعد فإنك الطاعم الكاسى
وقد حبسه عمر بن الخطاب . ولما سأل عمر حسان بن ثابت عن هذا البيت وقال : هل هجاه في قوله هذا ؟
قال حسان إنه لم يهجه بل سلح عليه .
وقد أرسل وهو في الحبس إلى عمر يقول :
ماذا تقول لأفراخ بذى مرخ = زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
القيت كاسبهم في عقر مظلمة = فأغفرعليك سلام الله ياعمر
انت الإمام الذى من بعد صاحبه = ألقيت إليك مقاليد النهى البشر
ما آثروك بها اذا قدموك لها = لكن بك استأثروا إذا كانت الأثر
فرق له عمر وأخرجه ، ثم دعى بكرسى فجلس عليه ودعى بالحطيئة فاجلسه بين يديه ثم دعى بأشفى ( والأشفى هو المخصف وهو إبرة كبيره ) وشفرة يوهمه أنه سيقطع لسانه ، حتى ضج الحطيئه من ذلك فكان مما قاله : والله يا أمير المؤمنين انى هجوت أبى وأمى وامرأتى وهجوت نفسى .
فتبسم عمر ثم قال : فما الذى قلت ؟ قال :
قلت لأمى أهجوها وأهجو زوجها :
تنحي واجلسي عني بعيدا = أراح الله منك المسلمينا
اغربالا اذا استودعت سرا = وكانونا على المتحدثينا
وقلت في زوج أمى :
لحاك الله ثم لحاك حقا = أبا ولحاك من عم وخال
فنعم الشيخ أنت على المخازي = وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
جمعت اللؤم لا حياك ربي = وأبواب السفاهة والضلال
كما وقلت في أمى....
ولقد رايتك في النساء فسؤتنى = وأبا بنيك فساءنى في المجلس
وقلت ،
حياتك ما علمت حياة سوء = وموتك قذ يسر الصالحينا
وقلت ،
جزاك الله شرا من عجوز = ولقاك العقوق من البنينا
فقد ملكت أمر بنيك حتى = تركتيهم أدق من الطحينا
لسانك مبرد لا خير فيه = ودرك در جاذبة دهين
( الجاذبه الناقه قليلة اللبن )
وقلت لإمرأتى
أطوف ما أطوف ثم آوى = إلى بيت قعيدته لكاع
( المرأة اللئيمه )
واطلعت في بئر يوما فرأيت وجهى فاستقبحته فقلت :
أبت شفتاى اليوم إلا تكلما = بسوء فلا أدرى لمن أنا قائله
أرى لى وجهاً قبح الله خلقه = فقبح من وجه وقبح حامله
فقال عمر : أرانى قاطعا لسانه . على بالموسى فهو أسرع .
فقالوا : لا يعود يا أمير المؤمنين . وأشاروا للحطيئة أن قل لا أعود .
فقال : لا أعود يا أمير المؤمنين .
فقال عمر : النجاة . وأطلقه وأراد أن يؤكد عليه الحجة فاشترى منه أعراض الناس جميعا بثلاثة آلاف درهم ، وكان الحطيئة يقول في ذلك :
وأخذت أطراف الكلام فلا تدع = شتماً يضر ولا مديحا ينفع
وحميتنى عرض اللئيم فلم يخف = ذمى وأصبح آمنا لا يفزع
وكان بعض القوم يحثه على الهجاء فكان يقول : أما وابن الخطاب في الحياة فلا . وبقى الحطيئه بعد عمر وعاد إلى الهجاء ،
وكان قد ارتد يوم الردة زمن أبى بكر ( قد يكون ارتد ثم عاد بعد ذلك للإسلام )
وهذا ماهو واضح من الحادثة أعلاه ... وهو القائل :
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا = فيا لعباد الله ما لأبى بكر
أيورثها بكراً إذا مات بعده = وتلك لعمر الله قاصمة الظهر
كتاب
نوادر الشعراء
عاطر التحايا
هند