ارتبطت الصوره النمطيه للقبيله بالبداوه وصوره البداوه النمطيه هي الاخرى مرتبطه بالتخلف الحضاري
ورغم تحضرالقبيله في مجتمعنا لم ينظر إلى هذا التحضر إلاَ كنمط معيشي وليس كسلوك إنساني وتطوَر
فكري رغم ان القيم الاخلاقيه في البداوه على مدى التاريخ تتفوَق في نبلها عن القيم الاخلاقيه المدنيه
المتحضَره ورغم ظهورالنخب الثقافيَه والفكريه والاقتصاديه والإداريه والسياسيَه والوطنيه في القبيله الا أنها ربطت بالبداوه حتى فالاوساط الاكاديميه نظراً لتجذَر الصوره النمطيَه
ورغم انتماء غالب أهل الحضاره في الجزيره العربيَه إلى القبيله نسباً الا أن القبيله لديهم لم ترتبط
بالبداوه حيث تم الاستغناء عن أسم القبيله بأسم الاسره كدرجه ربما تبعد عن عصبيَة القبيله لتدخل في عصبيَة الاسره المرتبطه بالبلد أو الاقليم _ فلو كتب الاسم النخبوي يرادفه اسم القبيله فهو فالغالب
سيكون بدوياً متميَزاً وأما إذا رلدفه اسم الاسره فالحضاره أقرب إليه _ هذا هوالانطباع العام وهذه هي
الصوره النمطيَه السائده لمفهوم القبيله بين الحضاره والبداوه _ من هنا تعاني النخب فهي وقعت بين
مطرقة مجتمع القبيله الخاص وسندان الصوره النمطيه في المجتمع العام _ ولذا فلابد من العروج
على تكوين مجتمع القبيله اليوم من الناحيه الحضاريه الفكريه والسلوكيه وهو بين فيئتين_
فيئة النخب الثقافيَه والسياسيه والاقتصاديه والتربويه والوطنيه وهم الصورة المشرقه للقبيله والمشرفه للوطن _ وقد تنتكس بعض هذه النخب فتعود ادراجها للفيئه الاخرى نتيجة ضغوط اجتماعيه
في المجتمع العام والفيئة الاخرى هي فيئة الجماهير والنخب والجماهير على طرفي نقيض في رؤيتهم
للقبيله فالنخب ترا أن الوطن هو القبيله والجماهير ترى أن القبيلة هي الوطن الجماهير تحركها العاطفه
والنخب يحركها العقل والجماهير وان كانت ذات فكر واحد إلاأنها تنقسم من حيث فاعليتها في مجتمع القبيله إلى أربعة أقسام
الاول الروؤس ومنها الفارغ ونصف الفارغ وأندرها الروؤس الممتليئه عقلاً فالممتليئة تستطيع ان تفكر وتدرك ذلك والفارغه لاتفكر اصلاً ونصف الفارغه ربما تفكر ولكنها لاتدرك *
الثاني الخفافيش وهؤلاء هم أخطر أقسام الجماهير لانهم كطيرالخفاش لايطير إلا في الظلام كما انهم
ينظرون إلى العالم نظره مقلوبه فهم يتعلَقون في الأسقف العاليه بإرجلهم لأن ايديهم لاتطول ذلك
وهم يقومون بإدوار متعدده فهم يوقدون النار ويزرعون الخلاف يتسلقون على أكتاف الآخرين لانهم
لايفكرون إلا في مصالحهم الشخصيه فقط *
الثالث الظواهرالصوتيه وهؤلاء هم ابواق الدعايه والمرجفون والدجالون وهم السنه وحناجر ولاشيء
غير ذلك يسهل عليهم الكلام ويصعب عليهم الصمت ويعشقون الغوغائيه عشقاً ابدياً ويتضمنون زمراً
عديده كحمقى الشعراء ووكالات اللقافه للانباء الفرديه ترى أحد اشخاصها يسير خلف سيارة الاسعاف أوالاطفاء لمسافة مية كيلو لمجرد معرفة الخبر وبثَه في المجالس التعيسه *
الرابع الغثاء وهم صدى الظاهره الصوتيه وهؤلاء يأكلون ويشربون ويتناسلون ويرددون مايقوله
الآخرون فكل منهم إمَعه تمشي على الارض إن احسن الناس احسنت وإن أساء الناس اساءت
وهم من مسببات الازدحام في الطرقات كل الاقسام الجماهيريه الاربعه متضامنه هي اليوم سيدة الموقف
مع مراعاة الفوارق الاجتماعيه بين ذوي الماء النبيله وذوات الدم البارد فالطبقيه موجوده حتى في مجتمع القبيله ولايتصورالبعض أن الطبقيه في المجتمع السعودي تتمثل في قبيلي وغير قبيلي فقط
والجماهير عموماً تعتمد في نموَها الفكري على الذاكره الشعبيه المستمده من موروث القبيله العامي
وتاريخها الشفوي وحدها وهذه الذاكره تنمِي التعصَب ليس للقبيله ككل بل للقبيله كأجزاء متناثره قبل
كل شيء وهذه الاجزاء لاتتفق فيما بينها غالبا ومن هنا فإن التعصَب للقبيله ككل هو في الظاهر فقط
أمَا في الباطن فكلن مستقل بذاته ويريد احتواء الآخرين بطريقه أوبأخرى هذا الامر ولَد فكر المؤامره
بين الجماهير لقلب الحقائق التاريخيه بدعم من الظواهرالصوتيَه الحمقاء وفيما يفترض أن النخب
توجَه الجماهير وتمحو أميَتهم الثقافيَه والفكريه نجدها منعزله في أبراجها العاجيَه تتمحور حول ذاتها
بدلاً من حملها مشاعل التنوير ودفع الجماهير إلى ركب الحضاره الفكريه بل إن من هذه النخب ما أصبح
جماهيرياً غير مستقل براي ولافكر والحقيقه ان قياده المجتمع يجب أن تكون تحت سيطرة النخب اللتي
يمكنها تغييرالصوره النمطيه السائده ولكن انقلبت الامور تماماً في مجتمع القبيله فالجماهير فالصف
الامامي والنخب في الصف الخلفي الجماهير تطالب وتفرض ماتريده في فضاء القبيله والنخب تجلس
القرفصاء بعيدا ولاتشارك في مجتمع القبيله وبديهي ان المجتمع لن يسلم القياده للنخب بسهوله
ولكن للاسف أن النخب تخلَت عن دورها التنويري تماما لأسباب كثيره لعل أهمها أن النخب اكتفت
بدورها الوطني وتقديرها السلطوي وكذلك عدم قدرتها على التكيَف مع سطحيَة الجماهير فهل تنتظر
النخب مبادرة السلطه إلى تكليف النخب بدور تنموي فكري لمجتمع القبيله أم هل ينتظرون دعوت
الجماهير لهم الحقيقه أنه يجب ان تتخذ النخب زمام المبادره وتفرض نفسها على الجماهير بقوَه
ولاَ تنتظر من أحد دعوتها اوتكليفها بل إني لا أجد غضاضه في القول إنها محاربه لأن الجهل هو العدو
التقليدي اللدود للعلم ولكن يظل السلاح الفكري للنخب هو اللاح الاخطر وينبغي عليهم اختراق الدوائر
المغلقه بهذا السلاح لإعاده تشكيل الجماهير وإيجاد دور فاعل للنخب