اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تآج روس السلاطين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشهيد العربى المسلم
زهير بن قيس البلوى
مقام الشهيد الأول بمدينة درنه في ليبيا المجاهد
دفاعاً عن نشر الدين الإسلامى
زهير بن قيس البلوي مع جيش عمرو بن العاص الذي فتح مصر في العام 641 ثم شارك بعد ذلك بالفتوحات التي حققتها الجيوش الأسلامية في شمال أفريقيا عمل تحت قيادة عقبة بن نافع عندما قام الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان في العام 669 بتعيين عقبة على ولاية أفريقيا ولما أنتقل عقبة إلى سرت جعل غدامس قاعدة عسكرية ترك فيها القسم الأكبر من الجيش وكلف زهير بن قيس البلوي وعمر بن علي القرشي بقيادة هذا الرباط وبقي زهير بن قيس البلوي في موقعه كقائد عسكري في شمال أفريقيا .
وعندما قام الخليفة معاوية بعزل عقبة عن ولاية أفريقيا في العام 674 وظم هذه الولاية من جديد الى ولاية مصر التي كانت تحت حكم مسلمة الأنصاري فقام مسلمة بتعيين أبا المهاجر دينار نائبآ له في أفريقيا وكان زهير بن قيس البلوي من قادة جيشه وفي العام 680 توفي معاوية وتولى الحكم من بعده يزيد الذي لم يلبث أن عزل أبا المهاجر في العام 682 وأعاد عقبة بن نافع من جديد لتولي أفرقيا وما أن وصل عقبة الى أفريقيا حتى عين زهير بن قيس البلوي حاكم على مدينة القيروان التي بناها العرب المسلمون في فترة 670 ـ 675 لتكون رباطا ووضع تحت تصرفه 5000 مقاتل لحماية المدينة من البربر والبيزنطيين ثم أنطلق منها نحو المغرب الأوسط لمقاتلة البربر.
وفي العام التالي وخلال عودة عقبة من حملته إصطدم عند تهوذة بقوات بربرية من قبائل أوربة تظم حوالي 50 ألف رجل بقيادة كسيلة الذي قد تحالف مع أبي المهاجر دينار الذي عاد لمعادات العرب المسلمين والتحالف مع البيزنطيين بعد وفاة معاوية ولم يكن مع عقبة سوى 5000 رجل أسفرت المعركة عن هزيمة الجيش العربي المسلم ومقتل عقبة وشجع هذا الإنتصار القائد كسيلة ودفعه إلى التوجه نحو القيروان بغية إنتزاعها من المسلمين فقرر زهير بن قيس البلوي التصدي له إلا أن قادته رفضوا مواجهة قوات كسيلة الضخمة بقوتهم المحدودة فإنسحبو إلى مصر مما اجبر زهير بن قيس البلوي على العودة إلى برقة والتخلي عن القيروان التي دخلها كسيلة عام 684 وطلب زهير بن قيس البلوي من الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان أمداده بدعم عسكري ومادي لمقاتلت البربر وإستعادة القيروان .
ولكن الخليفة لم يستطع تلبية هذا الطلب فورآ نظرا لأنشغاله بحل المشاكل الداخلية وتكريس جهوده للقضاء على ثورة عبدالله بن الزبير وفي العام 689 أرسل عبدالملك بن مروان إلى زهير بن قيس البلوي دعما من القوات والأمدادات وأعتمد ولايته على أفريقيا رسميا وأمره بالتوجه نحو القيروان وكان كسيلة قد أستقل إنشغال الدولة الأموية بالمشاكل الداخلية وأستولى على الأقاليم الداخلية لأفريقيا تاركآ لحلفائه البيزنطيين قرطاجه وعددآمن مدن ساحل أفريقيا الشمالي .
وقد أستعد كسيلة لمواجهة جيش المسلمين ولكنه فضّل أن تكون المواجهة خارج القيروان بسبب ضعف تحصيناتها ووجود أعداد كبيرة من المسلمين فيها وخوف من أن ينقض المسلمون على جيشه في اللحضات الحرجة من المعركه وعسكّر بجيشه في موقع حصين يدعى وادي ممس بين القيروان و تبسا وتمت المواجهت بين الطرفين في هذا الموقع في العام 690 وأسفرت عن مقتل كسيلة وهزيمة جيشه .
وتابع زهير بن قيس البلوي تقدمه بإتجاه مناطق البربر فاحتل شقنبازية و تونس و ليلي ثم قفل عائدا بإتجاه برقة وكان البيزنطيون قد علمو بأن زهير بن قيس البلوي قد ترك برقة متجهآ نحو القيروان فأغتنمو فرصة غيابه وخرجوا إلى القسطنطينية ثم توقفوا في جزيرة فأنضمت إليهم سفن صقلية وشنوا هجومآ واسعآ إستهدف قطع مواصلات الإمداد وأغاروا على مدينة برقة وما أن علم بأنباء الغزو حتى جهز المسيرة ووقع الصدام بين جيش زهير بن قيس البلوي وجيش البيزنطيين في أواخر العام 690 وكان التفوق لصالح البيزنطيين وأسفرت عن مقتل زهير بن قيس البلوي وعددآ كبيرآ من أصحابه .
وهكذا أنتهت قصة هذا البطل الأسلامي العربي.
الشهيد الزاهد : زهير بن قيس البلوي
من أعلام المسلمين
إن التاريخ الصادق يحدثنا بأن أبناء الإسلام لم يحققوا الأعمال الجليلة التي حققوها إلا في ظل الاتحاد والاعتصام بحبل الله القوي المتين، وإنهم لم يخسروا ولم يتصدعوا إلا في ظلمات الفرقة والشتات، والقرآن يؤكد هذه الحقيقة الواضحة حين يقول :” واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم، إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخواناً، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون”، وحين يقول :” وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، واصبروا إن الله مع الصابرين”.
ولقد كان الوطن الإسلامي في العصور المزهرة يضم الكثير من الأقطار والأقاليم ، ومع ذلك لا تفرقه فواصل ، ولا تمزقه حدود أو حوائل ، بل كان كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، وكأنه لو عطس عاطس من أبناء هذا الوطن في أقصى المشرق لشمّته آخر في أقصى المغرب قائلاً له : يرحمك الله.
وكان الواحد من أبناء الإسلام يولد في جهة من هذا الوطن، ثم يقيم في جهة ثانية ، ثم يجاهد في جهة ثالثة ، ثم يلقى الله تعالى في جهة رابعة ، وهو لا يفرق بين جهة وجهة ، فالكل أرض الله ووطن الإسلام ، والجميع عباد الله ، تحضهم عقيدة التوحيد ، ويقويهم توحيد الكلمة.
وقد كان الصحابي المناضل ، أبو شداد زهير بن قيس البلوي اليمني : رضوان الله تعالى عليه : إنه من قبيلة ” بلى ” وهي قبيلة من قضاعة ، وقضاعة من اليمن ، فهو إذن يمني الأصل ، ثم أقام في الحجاز زمناً حين أسلم ، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصار حجازيّاً أو مدينيّاً.
كان زهير بن قيس البلوي من قادة الإسلام الشجعان ، وكان يمثل صورة المجاهد أو المرابط الذي لم تكن له غاية سوى إعلاء كلمة الدين ، ولا عجب فهو ابن الإسلام والإيمان ، وهو خليفة عقبة بن نافع فاتح شمال إفريقية ، الذي وقف على شاطئ المحيط فوق جواده ، وقال يناجي ربه : يا رب السماء والأرض ، وحقك، إني لو أعلم وراء هذا المحيط أرضاً يابسة ، لخضت إليها هذا الماء ، حتى أرفع اسمك العظيم في أقصى بقاع الأرض .
وبعد أن رافق زهير عقبة عدة سنوات في الجهاد ، ظل زهير بعد استشهاد عقبة نحو ثلاثة عشر عاماً يجاهد ويناضل ، لا تغره دنيا ، ولا ينال منه ترف أو رفاهية ، بل ظل عابداً زاهداً .
ولما أرسل مروان بن الحكم جيشاً إلى شمال إفريقية ، لتخليص المسلمين من سلطان الأعداء ، وأن يعزّ فيها الإسلام ، كما كان في عهد البطل عقبة بن نافع ، فأجمعوا على اختيار زهير بن قيس البلوي ، وكان من رؤساء العابدين ، وأشراف المجاهدين ، فاستجاب زهير ، وسارع إلى الجهاد ، وأرسلت إليه الإمدادات الضخمة من مصر(1) ، وكانت لزهير مع الروم مواقع ومعارك ، وخاصة بعد أن صار أميراً على “برقة” سنة تسع وستين ، وفي هذه السنة هاجم زهير جموع الروم وانتصر عليهم ، وسقط قائدهم “كسيلة” صريعاً.
وحينما شاهد زهير ما في البلاد من رفاهية أعرض عن ذلك كله وقال: ” إنما قدمت للجهاد ، ولم أقدم لحب الدنيا “.
ومضى يجاهد حتى بلغ القيروان ، وأقام فيها مدة ، وانتهز الروم فرصة غيابه عن برقة ، فأرسلوا إليها حملة بحرية ضخمة من صقلية ، وأعملوا فيها أيدي الفساد ، فسارع إليهم زهير ، مع نفر قليل من أصحابه ، وفي برقة ناضل زهير نضال الأبطال ، وتكاثر عليه الأعداء من كل جانب ، وهو يرفض الاستسلام ، على الرغم من شراسة القتال ، وظل هكذا حتى ذاق نعمة الشهادة مع بقية زملائه ، لم ينج منهم سوى رجل واحد ، وكان القدر قد أبقى هذا الرجل ليروي للأجيال ما كان لهؤلاء المؤمنين المناضلين من رجولة وبطولة ، ولا عجب فهم يؤمنون بقول الحق جلّ جلاله : ” قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، هو مولانا ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون. قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ، ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ، فتربصوا إنا معكم متربصون ” .
وكان استشهاد زهير بن قيس البلوي سنة ست وسبعين للهجرة ، ودفن في مدينة ” درنة ” بليبيا ، ويقول ياقوت عن “درنة ” في ” معجم البلدان ” : قتل فيها زهير بن قيس البلوي ، وجماعة من المسلمين ، وقبورهم معروفة (2).
ولقد وقف أمام قبره في رمضان سنة 1391 متذكراً معتبراً ، وشاهدت من حوله قبور جماعة من شهداء الصحابة الذين صدقوا وعدهم مع الله عز وجل ، فانساحوا في الأرض ، ينشرون الهدى والنور ، ويرفعون لواء الحق ، ويرددون شعار العدل ، فظلت ذكراهم على الدوام نفحا طيباً ، يشهد بأن لله تعالى عباداً إذا أرادوا أراد ، لأنهم لا يريدون إلا ما فيه رضاه، ولا يستضيئون بغير نوره وهداه “. ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور “.
ويقول ابن كثير في ” البداية والنهاية ” عن شهادة زهير : قتله الروم ببرقة ، وذلك أن الصريخ أتى الحاكم بمصر _ وهو عبد العزيز بن مروان _ أن الروم نزلوا ببرقة ، فأمره بالنهوض إليهم ، فساق زهير ، ومعه أربعون نفساً، فوجد الروم ، فأراد أن يكف عن القتال ، حتى يلحقه العسكر ، فقالوا : يا أبا شداد ، احمل بنا عليهم ، فحملوا فقتلوا جميعاً (3) .
يا أتباع محمد عليه الصلاة والسلام، يقول قائدكم ورائدكم ورسولكم : ” من سره أن يكون أعزّ الناس فليتق الله ، ومن أراد أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده “. فهل آن لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تعود إلى هديه ، ليعزّها الله بعزه : ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” .
رياض النفوس ، ج1 ، ص 29
معجم البلدان ، ج2 ، ص 452
البداية والنهاية ، ج9 ، ص 17
تحياتي وأشواقي
رضي الله عنه تعالى، وسلمت أخي تاج عل هذا النقل الرائع لأحد الصحابة الكرام،
ونعم بقبيلة بلي والله يجعل خلفهم مثل سلفهم.
تقبل مروري