تقرير لـ «ساما» يحلل أسباب الظاهرة
توقع زيادة جديدة في الأسعار وتكاليف المعيشة في السعودية
شهدت السوق السعودية خلال الفترة الماضية حالة من غلاء الأسعار غير مسبوقة منذ سنوات عديدة. وقد عمت حالة الغلاء كل القطاعات دون استثناء. وأكثر من ذلك، يتوقع خبراء في قطاع البترول أن تؤدي أسعار البترول العالية إلى موجة ارتفاعات في أسعار المواد الاستهلاكية خلال الأشهر الستة القادمة في عدد من دول العالم وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. وعزا الخبراء هذه التوقعات، إلى أن التغير في أسعار البترول سيؤدي إلى تغير مباشر في تكاليف النقل البري والبحري والجوي ، إضافة إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية مما يؤدي إلى تغير في كلفة إنتاج ووصول السلع النهائية إلى يد المستهلك النهائي.
وحيث أن البترول يعد من المواد الخام التي تدخل في عدد كبير من صناعات البترول الكيماوية فإن ارتفاع الأسعار يؤثر في الواردات السعودية والتي قدرت في العام الماضي 2006م بنحو 105 مليارات دولار أمريكي.
وارتفاع البترول يؤثر بشكل مباشر على تكاليف إنتاج المواد المستوردة من خارج المملكة العربية السعودية سواء كانت غذائية أو استهلاكية أو خدمية. ويتوقع حدوث ذلك خلال ستة أشهر من الآن في حال استمر ارتفاع أسعار البترول.
فالمتغيرات الاقتصادية متشابكة وأي تغير في إحداها يؤدي إلى تغير في المتغيرات الأخرى ولكن بدرجات متفاوتة تعتمد على المرونات. ومن ثم فمن المتوقع أن أي تغيير في أسعار البترول يؤثر في غيره من المواد الأخرى.
تقرير ساما
ويظهر التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أن تكاليف المعيشة بدأت تشهد زيادة ملحوظة منذ العام الماضي 2006م. فقد سجل متوسط الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في المملكة العربية السعودية ارتفاعاً نسبته 2.2? خلال العام الماضي 2006م ليبلغ 101.8 نقطة، وسجل معامل انكماش الناتج المحلي غير البترولي انخفاضاً نسبته 0.10? في عام 2006م مقارنة بالعام السابق 2005م ليبلغ 110.5 نقطة. (جدول رقم 1).
وبلغ متوسط الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة خلال الربع الأول من عام 2007م 104.1 نقطة مسجلاً ارتفاعاً نسبته 3.1? عن الرقم القياسي لنفس الفترة من العام السابق 2005م.
الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة لجميع السكان
وسجل الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة (لجميع السكان) خلال عام 2006م زيادة نسبتها 2.2? ليبلغ 101.8 نقطة مقابل ارتفاع نسبته 0.7? في العام السابق. وتمثل الزيادة النسبية في مؤشر تكاليف المعيشة معدل التضخم السنوي الذي يتم قياسه بحساب التغير في المستوى العام للأسعار وهو ما يمثله التغير في الرقم القياسي لتكاليف المعيشة. (جدول رقم 2).
ويعزى الارتفاع في معدل التضخم إلى الارتفاع في بعض مجموعات الإنفاق الرئيسية، فقد ارتفعت مجموعة الأطعمة والمشروبات خلال عام 2006م بنسبة 5.4? مقابل ارتفاع نسبته 3? خلال العام السابق، وارتفعت مجموعة التأثيث المنزلي بنسبة 0.3? مقابل استقرار مؤشر الرقم القياسي في عام 2005م و2004م عند 94.5 نقطة، واستقرت مجموعة التعليم والترفيه عند النسبة نفسها في العام السابق بنحو 0.2?. كما ارتفعت مجموعة السلع والخدمات الأخرى بنسبة 7.8? مقابل ارتفاع بنسبة 2.4? محققة أكبر نسبة ارتفاع في مجموعات الإنفاق الرئيسية.
وارتفعت مجموعة الترميم والإيجار بنسبة 1? مقابل انخفاض نسبته 0.3? في العام السابق، وارتفعت مجموعة الرعاية الطبية بنسبة 1.4? في حين بلغت نسبة زيادتها في العام السابق نحو 0.1?، بينما انخفضت مجموعة النقل والاتصالات بنسبة 5.3? مقابل انخفاض نسبته 2.7? في العام السابق. وانخفضت مجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 0.6? مقابل انخفاض نسبته 1.6? في العام السابق.
الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة خلال الربع الأول من عام 2007م
ارتفع الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة بنسبة 3.1? ليبلغ 104.1 نقطة خلال الربع الأول من العام الجاري 2007م مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2006م. وتظهر الأرقام التفصيلية وفق مجموعات الإنفاق الرئيسية أن مجموعة الأطعمة والمشروبات سجلت ارتفاعاً نسبته 7.7?، وارتفعت مجموعة السلع الأخرى بنسبة 6.5?، وارتفعت مجموعة الإيجار والترميم بنسبة 4?، وارتفعت مجموعة الرعاية الطبية بنسبة 2.1?، وارتفعت مجموعة التأثيث المنزلي بنسبة 0.9?، وفي المقابل انخفضت مجموعة الأقمشة والملابس بنسبة 1.9?، وانخفضت مجموعة النقل والاتصالات بنسبة 4.4?، بينما لم يطرأ تغير على مجموعة التعليم والترفيه.
مؤشر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة خلال الفترة 2002-2006م
سجل متوسط الرقم القياسي لتكلفة المعيشة عبر السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعاً متواصلاً باستثناء عام 2004م. وبلغ معدل التضخم أعلى مستوى له عند 2.2? في عام 2006م. وبلغ متوسط الرقم القياسي للسنوات الخمس السابقة 99.4 نقطة مسجلاً انخفاضاً 0.6 نقطة مقارنة بسنة الأساس 1999م. ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض أربع مجموعات رئيسية هي مجموعة الأقمشة والملابس والأحذية (تمثل 8? من وزن المؤشر) التي انخفضت بنحو 10 نقاط، وانخفضت مجموعة التأثيث المنزلي (تمثل 11? من وزن المؤشر) بنحو 4.5 نقطة، وانخفضت مجموعة النقل والاتصالات (تمثل 16? من وزن المؤشر) بنحو 6.6 نقطة، وانخفضت مجموعة التعليم والترفيه (تمثل 6? من وزن المؤشر) بنحو 1.4 نقطة. ومما قلل من حجم هذا الانخفاض هو الارتفاع الذي شهدته مجموعات رئيسية أخرى، حيث ارتفعت مجموعة الأطعمة والمشروبات (تمثل 26? من وزن المؤشر) بنحو 4.2 نقطة، وارتفعت مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه (تمثل 18? من وزن المؤشر) بنحو 0.3 نقطة، كما ارتفعت مجموعة الرعاية الطبية (تمثل 2? من وزن المؤشر) بنحو 1.5 نقطة، وارتفعت مجموعة السلع والخدمات الأخرى (تمثل 13? من وزن المؤشر) بنحو 5.8 نقطة.
الرقم القياسي لأسعار الجملة
يقيس هذا المؤشر متوسط التغيرات في أسعار السلع والخدمات المباعة في أسواق الجملة المحلية. ويضم هذا المؤشر عينة تضم 160 بنداً موزعة على عشرة أقسام رئيسية من رموز التصنيف الدولي النمطي للتجارة مع استبعاد بعض البنود ذات الصلة بالأسلحة وقيمتها من المجموع الكلي لقيم البنود.
وقد بلغ مؤشر الرقم القياسي العام لأسعار الجملة خلال عام 2006م نحو 125.6 نقطة مقابل 124.2 نقطة في عام 2005م مسجلاً زيادة مقدرها 1.4 نقطة بنسبة نمو 1.1? مقارنة مع 2.9? خلال العام السابق. وتعزى تلك الزيادة إلى ارتفاع معظم المجموعات الرئيسية المكونة للمؤشر. ولقد سجلت مجموعة السلع الأخرى أعلى نسبة نمو خلال عام 2006م بلغت 22?، تليها مجموعة المحروقات الكيميائية والمواد ذات الصلة بنسبة 6.3?، وتليها مجموعة المواد الغذائية والحيوانات الحية بنسبة 3.9?. وفي الترتيب الرابع تأتي مجموعة الآلات ومعدات النقل بنسبة 3.7?، تليها مجموعة الأصناف المصنعة المتنوعة بنسبة نمو 3.2?، ثم مجموعة السلع المصنعة المصنفة حسب المادة بنسبة 2.2?. وفي الترتيب السابع مجموعة الزيوت والدهون الحيوانية والنباتية بنسبة نمو 0.5?. وفي المقابل انخفضت مجموعة المحروقات المعدنية والمواد ذات الصلة بنسبة 10.5?، وتليها مجموعة المواد الأولية عدا المحروقات بنسبة 2.4?، وأخيراً انخفضت مجموعة المشروبات والدخان بنسبة 0.9?.
تطورات الأسعار العالمية وآثارها
يعد الاقتصاد السعودي من الاقتصادات القائمة على نظام السوق المفتوح الذي تعكسه أحجام الصادرات والورادات، حيث يقدر حجم الصادرات السلعية خلال العام الماضي 2006م بحوالي 786.6 مليار ريال سعودي، بينما يقدر حجم الواردات السلعية بحوالي 248.4 مليار ريال سعودي. وبهذا تكون الصادرات والواردات قد حققت نمواً سنوياً مقداره 16.2? و11.5? على التوالي. وتستورد السوق السعودية الكثير من المنتجات والسلع لتلبية حاجات المستهلكين، ويدخل تأثير التغير في الأسعار العالمية في احتساب مؤشر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة حيث يأخذ المؤشر في الحسبان أسعار السلع المستوردة من الشركاء التجاريين للمملكة العربية السعودية. ولذلك فإن التغير في الأسعار العالمية له تأثير على الرقم القياسي لتكاليف المعيشة المحلي، وهو ما يعرف في الأدبيات الاقتصادية بظاهرة التضخم المستورد. إلا أنه لابد من التنويه بأن الدراسات الحديثة أظهرت أن دور التغير في الأسعار المحلية نتيجة التغير في أسعار الصرف ضعيف، إضافة إلى رغبة المصدرين لأسواق المملكة العربية السعودية في تحمل جزء من الارتفاع في الأسعار للمحافظة على نصيبهم من السوق المحلية.
وتؤكد المؤشرات ارتفاع متوسط أسعار المستهلك لأكبر الشركاء التجاريين للمملكة العربية السعودية خلال عام 2006م، في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 3.2?، وفي فرنسا وألمانيا بنسبة 1.9?، وفي المملكة المتحدة بنسبة 2.3?، وفي إيطاليا بنسبة 2.2?، وفي أستراليا بنسبة 1.7?، وفي كوريا الجنوبية بنسبة 2.2?، وفي الصين بنسبة 1.5?. أما في الهند فقد ارتفع متوسط أسعار المستهلك بنسبة 6.1?، كما سجل متوسط أسعار المستهلك في اليابان ارتفاعاً بنسبة 0.2?.
وفي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ارتفعت أسعار المستهلك في دولة قطر بنسبة 11.8?، وفي الإمارات العربية المتحدة بنسبة 7.7?، وفي دولة الكويت بنسبة 3? وفي سلطنة عمان بنسبة 3.8?، وفي مملكة البحرين بنسبة 2.1?.
ومن الملاحظ أن معدل التضخم في المملكة العربية السعودية خلال عام 2006م كان من أقل معدلات التضخم في بقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية باستثناء مملكة البحرين (المحسوبة من مؤشر أسعار المستهلك)، حيث بلغ معدل التضخم (المحسوب من الرقم القياسي لتكاليف المعيشة) في المملكة العربية السعودية 2.2? خلال عام 2006م.