ماهي مصادر الوقائع التاريخية التي نقلها المؤرخ عبدلله البسام؟

[معلومات العضو ساقان الدواسر]

اللغز الحائر والتاريخ المجهول والنص المعلق!

ما هي مصادر الوقائع التاريخية التي نقلها عبدالله البسام (ت 1346ه) فى تحفته!

يبتدئ المؤرخون النجديون فى تدوين الوقائع التاريخية بعام 850ه فى خبرين مهمين وهما قدوم جد الأسرة السعودية مانع المريدى الحنفي من الاحساء واستقراره فى الدرعية ومثلها شراء آل معمر للعيينة من آل يزيد من بني حنيفة وكلاهما فى التاريخ المذكور.

وبعد هذا التاريخ 850ه تتوقف المصادر عاجزة عن إيراد أي حوادث أو وقائع أو أخبار تاريخية إلى ان نصل إلى عام 912ه، حيث يبدأ من هنا تدوين الحوادث وصولاً إلى تاريخ قيام الدولة السعودية الأولى عام 1157ه لدى أغلب المؤرخين.

والاستثناء هنا هو ما أورده صاحب كتاب: تحفة المشتاق فى أخبار نجد والحجاز والعراق للشيخ عبدالله بن محمد البسام والمتوفى عام 1346ه - والذي نحن بصدد الحديث عنه -، حيث أورد فى كتابه الحوادث والوقائع التاريخية بدأ من عام 850ه ثم ما بعدها أي عام 851ه ثم 852ه ثم 853ه وهكذا وصولاً إلى عام 912ه، حيث غطى تلكم الفترة المهمة التي تجاوزت الستين عاماً، حيث فيها من الوقائع والأسماء والشخصيات ما لم يوجد فى أي مصدر آخر.

هنا يطرح التساؤل ماهى مصادر ومراجع هذا المؤرخ ومن أين أخذ هذه المعلومات التاريخية ومن أي مؤلف أو تاريخ!! علماً ان عام 850ه هو الذي يبتدئ فيه اغلب المؤرخين بتواريخهم ثم يقفزون بعد ذلك إلى حوادث عام 912ه أي ان هناك أكثر من ستين سنة مجهولة فى التواريخ!! غطها البسام - كما أشرنا -. وزاد الأمر غموضا ان الشيخ عبدالله بن محمد البسام لم يشر إلى مصادره التي نقل عنها سواء المصادر التي نقلها النجديون كتاريخ البسام والمنقور وابن يوسف وابن لعبون وابن بشر وما سمعه. وجميعها لا تذكر شيئاً عن أي حادث وقعت بعد عام 850ه إلى عام 921ه!!

علماً ان البسام أشار إلى غير هذه المصادر بصورة مجملة بقوله: (وغيرها مما وقفت عليه من تواريخ نجد ولم اذكر فيها شيئاً إلا ولى فيه مستند والعهدة على ما ذكرت).

ويمكننا سريعاً التعرض ولو بمحاولة بسيطة لوضع احتمالات لهذا الأمر:

أولاً: هل هذه الحوادث التي دونها جاءت من مصدر آخر؟ وماهو هذا المصدر؟

وهل دونها:

1- مؤرخون من أهل نجد؟

2- مؤرخون من أهل الاحساء؟

3- مؤرخو الحجاز؟

4- مؤرخون آخرون؟

علماً ان هذه التواريخ والوقائع تعرضت غالباً إلى الوقائع الحربية بين القبائل المختلفة فى منطقة نجد يضاف إلى ذلك الوقائع الحربية بين أشراف مكة والقبائل الأخرى.

أي بمعنى آخر تركيزها غالباً على أمرين مهمين:

الأول: وقائع الدولة الاجودية مع القبائل.

الثاني: وقائع الأشراف مع القبائل.

الثالث: وقائع القبائل فيما بينها.

وكلا الأمرين الأولين ترد الإشارة فيهما إلى شخصيات المنطقتين: الاحساء. الحجاز.

إذا نظرنا لبدء تدوين الوقائع التاريخية لتاريخ البسام فإنها تبدأ من عصر الأمير زامل بن جبرالعقيلي مع توثيق هذا الجانب لديه فهل الأصل فيمن أخذت عنه هذه الوقائع من مؤرخي الاحساء؟

لكن يصادفنا فى ذلك استفهام وهو لماذا لم يذكر البسام أو من نقل عنه حوادث الأمير مقرن بن زامل الجبري العقيلى أشهر قادة هذه الدولة والذي استشهد فى مواجهه البرتغاليين على شواطئ البلاد فى عام 927ه! بل لم يذكر وفاته حيث قال فى هذه السنة: (لم نظفر لها بحوادث).

بل أنه يذكر بعدها بسنتين (أي عام 929ه) ان أجود بن زامل غزا من الاحساء .......؟؟ وهنا نلاحظ الخطأ فى الاسم فضلاً فى النقل والإشارة؟

وهذه الشخصية مقرن لها من الوقائع والحوادث الشئ الكثير بل ان وفاته وتأثيرها على منطقة نجد شكل لها خارطة جديدة!!.

فى الجانب الآخر إذا رأينا ما دونه العصامي فى تاريخه المسمى سمط النجوم العوالى فإنه يذكر بعض الأحداث المختصرة منه بخلاف قلتها!.

هل كان هناك من المؤرخين من يرافق حملات الأمراء من آل أجود ويدون وقائعهم؟ . ومن هو الذي يدون ويسجل أسماء الشخصيات والقتلى فى كل معركة وعلى اختلاف المكان والزمان وعلى مدار أكثر من ستين عاماً؟ .

إن التواريخ الاحسائية لا زال كثير منها مجهولاً ولم يخرج بعضه حتى اليوم.

هل دون بعض الشعراء المشاهير والذين وصلت إلينا قصائدهم منذ القرن التاسع والعاشر وما بعده شيئاً عن تلكم الوقائع؟ علماً ان أصحاب القصائد الذين مدحوا زعماء هذه الدولة لا زالت محفوظة ومدون بعضها ضمن المخطوطات التي نقلها الربيعي وابن يحيى والحاتم أو مخطوطات البرت سوسن وهوبير أو الدخيل أو الذكير أوغيرهما الكثير ونقل كثيراً منهم الدكتور سعد الصويان فى الشعر الشعبي ذائقة الشعب وسلطة النص وغيره مما عثر عليه من ورقات لقصائد مجهولة وربما أن. لهذا الجانب وضوحاً أكثر مع غيره بالمقارنة به.!

أما لدى المؤرخين النجديين فإن البسام والمنقور وصولاً إلى ابن لعبون والفاخري وابن بشر وابن عيسى وغيرهم بعد هذه الفترة فقد حاولوا تغطية ما يخص المدن والحواضر النجدية أكثر من وقائع البادية التي ذكرها البسام فى تحفته. هذا بخلاف ما لم يظهر لنا حتى اليوم من تواريخ وأنساب لم تصلنا عن النجديين ومنها:

النبذة التاريخية والأنساب التي دونها محمد القاضي المتوفى بعد عام 970ه وهشام العنقري ونبذة العرينى فهل هي فى التواريخ أو الأنساب أم جمعت بينهما وانظر حول ذلك ما نشر فى هذه الصفحة حول هذه النبذ ضمن رسالة الشيخ عبدالعزيز النمر للشيخ إبراهيم بن عيسى وأفردنا لهذه الرسالة والحديث عنها ضمن إعداد سابقة مع وضع صورة الرسالة تلك.. نص الوثيقة: بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالعزيز بن عبدالله آل عبد الوهاب إلى جناب الأخ المكرم الأديب اللبيب إبراهيم صالح آل عيسى سلمه الله تعالى من الشرور ودوافعه من كل محذور آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد موجب الخط إبلاغ المحب السلام والتحفي والإكرام والوصية بتقوى الله الملك العلام وغير ذلك ان سألت عنه محبك فيحمد إليك الله الذي لا اله إلا هو بخير وعافيه ونعم من الله وافيه. كذلك ان تفضلت بما لديك من نقولات محمد بن أحمد القاضي في الأنساب وكذلك نقل هشام العنقري وجبر بن سيار ونقولات بن سلوم ونقولات العرينى وغير ذلك مما تجده في أنساب أهل نجد فَكُّتب ذلك في أوراق وروحّه لي وإلا روح لي الأصل منه يوم أكتبه وهو يجيك على يد بن غيث أو غيره من تئمر، بادفعه إليه، ولا تعّذر أبدا، وهذا من نفعتي منك. هذا ما لزم ولا تقاطعنا بأخبارك السارة. وسلم لنا على الشيخ والإخوان وعبدالعزيز بن عامر ومن لدينا المشايخ والأخوان وعبدالله في حمد الدوسري وأنت سالم والسلام 16/ب/ 1327 ه.

كذلك ان أحبيتا، تدفع الأصل والذي تكتب على بن عثيمين وتجيك على يده، فلا تذخر، وتجيك انشأ الله طرشت تلك، أو التي تليها ولا والله أخلف.

وذكرت بالنص: ولعلى ألتمس من نشر هذه الوثيقة ظهور بعض المعلومات عن ذلك من لدّن المهتمين الكرام من باحثينا ومؤرخينا والإفادة عن ذلك لتغطية جانب مهم من تراثنا العزيز.

وفى نفس السياق لم تصلنا النبذة التاريخية الكاملة للشيخ راشد بن خنين ومثلها للشيخ ابن سلوم كذلك ما يخص تواريخ الشيخ عثمان بن منصور وغيرهم؟

وبالمثل هناك تواريخ مجهولة لم تصلنا حتى اليوم وربما وصلت بعض عناوينها فمثلاً ما نقله ابن عيسى بخطه ضمن نبذة تاريخية أشار لها بأنها تسمى الإشارات وقس على ذلك؟ ؟؟ - محفوظة فى دارة الملك عبدالعزيز -.

ثانياً: إن ثقافة الشيخ عبدالله البسام (ت 1346ه) الواسعة وزياراته للأحساء والخليج والزبير والبصرة والهند والحجاز مكنته من الحصول على كثير من المعلومات والمخطوطات، حيث عرف عنه العمل فى الزراعية والتجارة كما سجل ذلك فى صفحاته التاريخية وأوراقه الخاصة – التي استعرضناها فى حلقات سابقة فى هذه الصفحة قبل سنوات - بل أشار إلى إحداث ومخترعات حديثة كاختراع الطباعة وإنشاء المطابع وغير ذلك.

كان بعض الرحالة والمستشرقين يأخذون من هذا العالم مثل تشارلز داوتى عند زيارته لعنيزة أو الريحاني أو فلبى والأخيرين حثهما الملك عبدالعزيز على الأخذ منه فذكر الريحاني ذلك فى كتابه تاريخ نجد الحديث ومثله أشار فلبى فى جزئه الخاص عنه والذي أخذ منه بعض أنساب الوهبة وبعض التواريخ الأخرى.

فى المقابل نجد ان هناك رجلاً خدم الفترات الغامضة والكتابة عنها فى المرحلة الزمنية المصاحبة لابن بسام وهو الشيخ العلامة إبراهيم بن صالح بن عيسى المتوفى عام 1343ه والأخير وصل إلى عنيزة ومات بها.

ولاشك انه اجتمع مع البسام وربما اسفاد كلاهما من الآخر. ولابن عيسى جهود بارزة وغزيرة ليس هنا الحديث عنها. علماً ان البسام حدد تاريخ انتهائه من تحفته بعام 1335ه . - ولا أريد الحديث من صاحب الأسبقية بين هذين الاثنين فى جمع تاريخ نجد فقد ناقشها الدكتور محمد الثنيان فى بحثه المنشور فى مجلة جامعة الملك عبدالعزيز مج 2 لعام 1409ه بعنوان: المؤرخ ابن بسام 1270ه -1346ه)

إلا أن النقطة التي يمكن لنا النظر فيها فى عمل كلا الرجلان هما من خلال الفترة المحددة بالقرن التاسع والعاشر، حيث ظهر التنافس بينهم فى تسجيل الحوادث المجهولة فى التاريخ النجدية فيما بين الفترتين (850ه إلى عام 912ه). ورغم ان ابن عيسى له حوادث تاريخية تعرضت لبعض الفترات المجهولة التي لم يستطع المؤرخون النجديون الكتابة عنها ومثله البسام – كذلك- إلا أننا نجدها لدى الأخير أكثر إيراداً وتفصيلاً فعل الأسبقية له؟ رغم عدم إشارة ابن عيسى إلى مصدره وهل كان مصدرهم واحداً أم ان ابن عيسى ناقل من البسام؟

(وحول ما نقله ابن عيسى انظر. ورقات غير منشورة من تاريخ إبراهيم بن عيسى، د. احمد البسام، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدكتور احمد البسام، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، العدد السادس والثلاثون لشوال من عام 1422ه، ص277 ).

إن التواريخ التي قام بجمعها البسام عن وقائع القبائل فى عهده وتوسعة فى ذكرها قد شكلت عنصراً مهماً فى بداية ربط الفترتين فما بين منتصفي القرن التاسع والعاشر الهجري.واستطاع من خلالهما أن يغطى هذه الفترة المهمة التي لم يتمكن ابن عيسى من إيراد بعضها.

بالمقابل هل سعى البسام ان ينفرد تاريخه بهذه الخصيصة النادرة لتميزه عن غيره من المؤرخين وهذا مما تم له؟.

والتساؤل هل سيكشف الزمن والمستقبل ماهى المصادر الدقيقة والنقولات النادرة التي اعتمد عليها البسام ضمن تحفته ومن مدون وصاحب هذه النقولات والوقائع؟؟

وهل سيكشف المستقبل عن ماهى الحوادث التي اغفل عن ذكرها وأراد تجنبها فى تحفته وهل سيكشف المستقبل أموراً خلافية مع مؤرخى زمنه الله اعلم؟ أسئلة حائرة وتنتظر الإجابة الشافية!!