الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد
اشتهر ابن تيميه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه يباشر ذلك أحيانا بيده . وكان له هيبة عند الحكام والعامة على السواء .
وهذه رسالة منه رحمه الله إلى السلطان يطلب منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال رحمه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم
من أحمد بن تيميه إلى سلطان المسلمين ، وولي أمر المؤمنين ، نائب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته ، بإقامة فرض الدين وسنته ، أيده الله تأييدا يصلح به له وللمسلمين أمر الدنيا والآخرة ، ويقيم به جميع الأمور الباطنة والظاهرة ، حتى يدخل في قوله تعالى (( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور )) سورة الحج : 44 ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ....... )) .
وقد استجاب الله الدعاء في ا لسلطان ، فجعل فيه من الخير الذي شهدت به قلوب الأمة ما فضله به على غيره .
والله المسئول أن يعينه ، فإنه أفقر خلق الله إلى معونة الله وتأييده . قال تعالى (( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم )) سورة النور 55
وصلاح أمر السلطان بتجريد المتابعة لكتاب الله وسنة رسوله ونبيه ، وحمل الناس على ذلك ، فإنه سبحانه جعل صلاح أهل التمكين في أربعة أشياء : إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . فإذا أقام الصلاة في مواقيتها جماعة ـــ هو وحاشيته وأهل طاعته ــــ وأمر بذلك جميع الرعية ، وعاقب من تهاون في ذلك العقوبة التي شرعها الله ، فقد تم هذا الأصل ، ثم إنه مضطر إلى الله تعالى ، فإذا ناجى ربه في السحر واستغاث به وقال ( يا حي يا قيوم ، لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث ) . أعطاه الله من التمكين ما لا يعلمه إلا الله .
ثم كل نفع وخير يوصله إلى الخلق ، هو من جنس الزكاة ، فمن أعظم العبادات سد الفاقات ، وقضاء الحاجات ، ونصر المظلوم وإغاثة الملهوف ، والأمر بالمعروف ، وهو الأمر بما أمر الله به ورسوله من العدل والإحسان ، وأمر نواب البلاد وولاة الأمور باتباع حكم الكتاب والسنة ، واجتنابهم حرمات الله ، والنهي عن المنكر وهو النهي عما نهى الله عنه ورسوله .
وإذا تقدم السلطان ـــ أيده الله ـــ بذلك في عامة بلاد الإسلام ، كان فيه من صلاح الدنيا والآخرة له وللمسلمين ما لا يعلمه إلا الله . والله يوفقه لما يحبه ويرضاه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . [ مجموع الفتاوى : 28/241 ] .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم