بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..
سيدنا ونبينا محمد النبي الأمي الأمين .. صلى عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
أما بعد ..
في إحدى الليالي ..
حيث عم الهدوء على الأرجاء ..
وأوى كل ذي مأوى إلى مأواه ..
أمسكت بقلمي لأخط به ما يجول في عقلي من أفكار ..
فبدأت بحمد الله والثناء عليه ..
ثم الصلاة والسلام على إمام الهدى وخاتم النبيين ..
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
ثم أخذت بعد ذلك في خط ما كان يجول في خاطري ..
وأحاول إخراجه في شكل كلمات مطبوعة على ورق بواسطة أحد الأقلام ..
على كل حال .. بدأت في شق طريقي للكتابة تحت هالة من الضوء الأبيض الذي عم أرجاء الغرفة ..
وكتبت الآتي ..
..
من نفس طالت بها الغربة ..
وغرقت في أوحال من الذنوب والمعاصي ..
من نفس قد أسرفت على نفسها .. وابتعدت عن طاعة ربها ..
من نفس غرتها الدنيا وشهواتها .. واستحكم الشيطان على لب عقلها ..
من نفس ضلت الطريق .. وتاهت في مسالك الضلال .. وأصبحت على شفا حفرة من النار ..
من نفس قد ألم بها الإحباط .. ولم يصبح بينها وبين الموت إلا جسر تنتظر الروح عبوره ..
في وسط هذا الجسر ..
ورد على تلك النفس تساؤل ..!
ترى ما الذي أودى بك إلى هذا الحال ..؟!!
أو لم تكوني مؤمنةً موحدة..؟!!
أو لم تكوني صوامةً قوامة ..؟!!
ترى .. ما الذي تبدل وما الذي تغير ..؟!!
كيف وصلنا إلى كل هذا ..!
أهي الرفقة السيئة ..؟!!
أهو البعد عن خالق الأنفس والمتصرف بها ..؟!!
أهو الاغترار بملذات الدنيا ونعيمها ..؟!!
أم هو الفرح بأن الله غفورٌ رحيم ..؟!!
..
هنا توقف التفكير فجأة ..
ليتغير مساره تماماً من درجة إلى درجة أخرى ..
نعم إن الله غفورٌ رحيم ..
ولكنه شديد العقاب ..
نعم .. شديد العقاب .. يا ترى كيف أغفلت يا نفسُ هذه النقطة ..؟!!
أين أنت منها وأين هي منكِ ..
أستكون النهاية هكذا .. ؟!!
أليس من طريق للنجاة ..؟!!
أليس من طريق للعودة ..؟!!
أليس من طريق لمحو سجلات المعاصي والآثام .. ؟!!
أإلى هنا ينتهي المطاف ..؟!!
ألا توجد طريقة لتدارك ما حصل .. والخلاص منه ..؟!!
هنا دارت دوامة في هذه النفس ..
تسترجع ..
وتتذكر ..
ثم تساءلت فقالت أمن طريق ..؟!!
أمن طريق للتوبة ..؟!!
هنا نزلت في هذه اللحظة آية ..
آية تتلى إلى قبل طلوع الشمس مغربها ..
و قبل أن تغرغر الروح في نفس صاحبها ..
فقال رب العزة والجلال ..
{ قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم } ..
ما أرحمك يالله ..
ما أعدلك يالله ..
انظروا إلى رحمة الله بعباده ..
أبعد كل هذه الذنوب وهذه المعاصي وهذه الآثام تمحى السيئات ..؟!!
سبحان الله .. أين أنت أيتها النفس من هذه الآية ..
أسرفت في الملذات وحين أتت الساعة سألت هل من طريق للنجاة .. ؟!!
والطريق موجود ..
أما آن لك أيتها النفس أن تتوبي ..
أما آن لك أيتها النفس أن ترجعي إلى ربك ..
بلى لقد حان الموعد ..
هنا .. تنفست هذه النفس نسيم النجاة ..
وعادت إلى طاعة ربها بعد أن أفرطت في المعاصي والآثام ..
فهنيئاً لها حين تعود إلى ربها ..
وقد غفر لها ما أسلفت من الخطايا .. وأبدل سيئاتها إلى حسنات في ميزان أعمالها ..
هنيئاً لك أيتها النفس التائبة ..
لقد سلكت سبيل رضوان ربك ..
وعدت إلى ربك راضية مرضية ..
هنيئاً لكل من تاب واتعظ واعتبر .. ومات وهو قد تخلص من دنس معاصيه وذنوبه بتوبته وعودته إلى ربه ..
إلى هنا توقف القلم عن الكتابة ..
قمت بإغلاقه .. واتجهت إلى موضع نومي لأتهيأ ليوم آخر من أيام الدنيا ..
وكلي تفائل بأن أكون قد أوصلت ما في نفسي إلى من قرأ هذه الرسالة ..
انتهى ..