السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ,,,
استهوتني مؤخرا فكرة تصفح مواقع الانساب على شبكة الانترنت وذهلت مما قرأت .. فقد وجدت الرعاع والعوام وانصاف المتعلمين يفتون في علم الانساب من غير بينة ومن غير ادراك لعظم وخطورة هذا الموضوع .
مما قرأته وتصفحته مقالات مكررة لكاتب تفوح من كتاباته روائح الحقد والكيد البغيض وتمور في صدره نوايا الايقاع بين ابناء العمومة والتشكيك في انساب بعض البطون , واشير هنا الى تشكيك ذلك الكاتب في تغلبية البطون والقبائل الدوسرية التي تنتمي الى تغلب بن وائل ( ال علي – ال محمد – الجميلات ) .
وللايضاح .. اقول .. كلنا من اّدم واّدم من تراب .. ثم اننا نتمسك بقبليتنا صلة للرحم ووفاء" للاباء والاجداد وشحذا لهمم الابناء .. لا للتفاخر والاستعلاء على الاخرين والانتقاص من مكانتهم .
كما ان جميع القبائل العربية الكريمة واخص بالذكر تلك الموجودة في الجزيرة العربية كلها من اكرم وانبل القبائل , بل لا ابالغ ان قلت ان جميعها متداخلة في نسبها ومصاهرتها لبعضها البعض , واضرب مثلا عن نفسي فوالدي حقباني ووالدتي من العتبان وجدتي لامي من العجمان وجدتي لابي دوسرية من ال زايد وزوجتي من العجمان واخوالها من دواسر ال زايد .. وهكذا قس على ذلك جميع ابناء القبائل الموجودين حاليا .. فهم كذلك تتداخل انسابهم مع بعضهم البعض .
أعود لصلب الموضوع .. كيف وصل الينا ان تغالبة الدواسر هم جذور وبقايا تغلب بن وائل .. اقول اولا ان ذاكرة الاجيال لا تخطئ ولا تصدأ فهي امضى الحقائق التي تدحض كل الاباطيل المشككة في نسبنا .. نعم هكذا توارثت اجيالنا وتناقلت معرفتها بنسبها جيلا بعد جيل سواء" من خلال اشعارهم ام من خلال تناقل وتوارث الكنوز المعرفية عن قبيلتهم برجالها واحداثها وبطولاتها .
حقيقة أعجب لاصرار بعض المشككين الذين نشطت وشطحت بهم مخيلتهم بعيدا ليلتبس عليهم الامر كأن يقولوا انه ربما كان هناك لبس بين اسمي تغلب بن وائل وتغلب قضاعة .. عجبا .. لماذا هذا الاستنتاج الغير بريئ اطلاقا .. وهل تغلب قضاعة من الشهرة والمنعة والحضور المؤثر في تاريخ الجزيرة العربية بحيث يتبقى لهم جذور تحمل اسمهم الى هذا اليوم .. فضلا عن ذلك فان بطون قبيلة تغلب قضاعة قد اندثرت منذ امد بعيد .. ثم ان ذاكرة اجيالنا ليست بالغباء والبلاهة بحيث تنتسب لقبيلة وتمجد بشيء من التفصيل لقبيلة اخرى برجالها واحداثها وبطولاتها من خلال اشعارهم وحكاياتهم وموروثهم الادبي ليتوارثو كل ذلك كمدونات تختزنها ذاكرتهم على مدى القرون السابقة .
واذا كنت اصر واشدد على ان ذاكرة الاجيال هي المصدر الحقيقي والقوي لمعرفةا القبائل لكون الناس مؤتمنون على انسابهم .. فانني لا ابالغ ان وضعتها في مقدمة كل المصادر التاريخية التي امتلك منها ما يدعم حقيقة انتساب تغالبة الدواسر الى تغلب بن وائل .
اقول .. لقد ركز المشككون في نسبنا على عدة نقاط وظلوا يكررونها دون عناء البحث وجهده . اذكر من ذالك قولهم ان بني تغلب عند ظهور الاسلام لم تبقى لهم باقية الجزيرة العربية حيث ارتحلوا الى الشمال وبالاخص الجزيرة الفراتية في العراق .. وللرد على ذالك اقول .. نعم ارتحلوا .. ولكن هل يعقل ان ترتحل قبيلة عدد افرادها يقدر بعشرات الالوف دون ان تتخلف بعض العشائراوبعض الرجال سواء لدخول بعضهم الاسلام ام لأي سبب اخر.. ثم انني قرأت بحثا غاية في الاهمية لباحث لبناني (مسيحي) رصد لتحركات القبائل العربية النصرانية ومصيرها بعد مجيء الاسلام وهجراتها الى الشمال ومنها قبيلة تغلب بن وائل , حيث ذكر ان هذه القبيلة استمرت مايقارب ثلاثة الى اربعة قرون في الجزيرة الفراتية بالعراق ثم ضعفت بعد الاقتتال الداخلي بين افرعها الرئيسية , ثم كانت هجمة القرامطة الذين شتتوا القبيلة فانقسمت الى قسمين القسم الاول ارتحل الى اتجاه الشمال اما القسم الثاني والذي ضم عدد من العشائر التي فضلت العودة الى نجد .. علما بان اغلب افراد قبيلة تغلب بن وائل لم يظلوا طوال الزمان على نصرانيتهم وانما دخلوا الاسلام تباعا وبالتدريج منذ ظهوره وحتى نهاية تواجدهم في العراق .. ثم لاحظوا معي وتمعنوا في التوقيت الزمني المذكور
وهو نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الهجري على وجه التقريب تلك الفترة الزمنية التي عادت فيها بعض عشائر بني تغلب الى نجد حيث تتزامن مع الوقت الذي تحالفت فيه مع قبائل ال زايد .
يقول مدعي العلم بالانساب ذلك الصغير الذي مانفك يتمسح بمسوح الحكمة و الموضوعية ويتبرقع
بخمار الحياد والتجرد والنزاهة يقول ان وائلية قومه اكتسبها بتوارث الاجيال أبا عن جد وبما تحتفظه ذاكرتهم المتواترة من اشعار ومعلومات وحقائق تؤكد وائليتهم , اما تغالبة الدواسر الذين قدموا لذلك الصغير نفس الاسانيد بل اقوى من ذلك نكص على عقبيه واستصغر تلك الثوابت المتوارثة والمتواترة واستهزأ بها بتصرف طفولي يربأ عنه أي صاحب فكر باحث عن الحق والحقيقة .. نعم لقداقتصر ذلك الصغير تلك الثوابت على نفسه وقومه فحسب , بل قال وبكل وقاحة – ولااظن احدا من القبائل العربية العريقة يتجرأ على قول مثل ذلك – قال ان حجة قومه هي حقائق توارثتها الاجيال اما حجة تغالبة الدواسر هي ادعاء .. فعندما عرضنا قصائد عمرها الزمني خمسة قرون من الزمان حيث تحكي وتصور بصدق وائلية تغالبة الدواسر وتسرد لاهم الاحداث والاشخاص التي اشتهرت بها قبيلة تغلب بن وائل نجد ذالك الصغير ينكرها ويكذبها ويقول ويقول انها قصائد حديثة ومعاصرة والرجال الذين قالوها لازال بعضهم حي يرزق (الاستهزاء والتضليل مطيته العرجاء) أي انه يتهمنا بالكذب وتلك سقطة قاسية وقع بها مدعي العلم بالانساب ومدعي الموضوعية , ولكنها امور لا تنطلي حتى على العامة الذين لا محالة سيدركون ماّربه ومراميه الخبيثة التي يستهدف من ظهرانيها طمس الحقائق او تلفيقها ليصفوا له الجو كي ينسب قبيلته دون غيرها لوائل بن قاسط .
الغريب في الامر .. نجد ذلك الصغير – اكثر من غيره – ويكرر مقولة ان تغالبة الدواسر هم بنو تغلب بن حلوان من قضاعة .. رغم انه يعلم جيدا ان قبائل وبطون قضاعة قد اندثرت منذ امد بعيد , ثم ان ابن ملك سد مأرب الذي تزوج عوذة التغلبية (قضاعة) هو في حقيقة الامر لايهمنا وليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بتغلبية قبائل الدواسر التغلبية لأن ذلك حدث قبل اّلاف من السنين أي قبل ان تخلق وترى النور قبيلة تغلب بن وائل العدنانية . ثم انه من غير الوارد ذهنا ان تكون قبيلتنا بهذه البلاهة لتنتسب لقبيلة وتمجد قبيلة اخرى .. الا اذا كان ذالك الباحث الصغير يتهمنا بالتزوير والكذب والادعاء . لاحول ولا قوة الا بالله
اما موضوع الاسبقية الدوسرية فهي الوتر الذي مانفك ذلك الصغيريعزف ويقسّم عليه مقامات الكيد والتفريق بين قبائل وبطون الدواسر ليجد بعدها الفرصة سانحة للطعن في نسب تغالبة الدواسر تماما كما كان يفعل المستعمر الغربي حين اتخذ سياسة (فرّق تسد)ولكن هيهات هيهات له ذالك .. فالاسبقية الدوسرية أمر لا نراه عظيم الاهمية .. بل انني في هذا المقام أهيب باخوتي وابناء عمومتي من نفس القبيلة بعدم الخوض في هذه المواضيع الجانبية والتيه في دهاليز التاريخ المظلم والذي لن يغير الحقيقة التي نلمسها الان بأم أعيننا الا وهي وجود حلف مبارك يضم جذمين رئيسيين وبعض القبائل الاخرى يجمعهم اسم دوسر .. وهذا بحد ذاته كاف .
يقول الصغير ببراعة جانبتها البراءة وبفكر يموج بغير قليل من الحقد والتشفي وبطرح تسوقه عجلة التعصب الاعمى وبنفس اّسرها مركب النقص والاسقاط على الاخر ان تغلب بن وائل ليس له ولد يحمل اسم دوسر .. ونقول نعم ليس له ولد يحمل اسم دوسر .. ولكن كل ما في الامر ان احد النسابة ذكر ذلك من باب استخدام ادوات البلاغة العربية حيث ذكر ذلك كناية عن الدواسر الذين ينتمون الى تغلب بن وائل من ضمن حلف الدواسر الذي يضم جذمين رئيسيين وبعض القبائل الاخرى .. أما فيما يخص اطلاق اسم دوسر على التغالبة يقول ذلك الصغير ان المصدر التاريخي الذي ذكر ذلك اشار الى انه كانت لعمرو بن هند كتيبتان من بكر وتغلب يقال لاحداهما ( واضع مليون خط تحت كلمة لاحداهما ) دوسر والاخرى الشهباء . انظروا وتمعنوا في كلمة احداهما فهي قطعا لا تفيد التخصيص ولاتشير البتة الى الاولى دون الثانية بل تشير الى احدى الثنتين دون تحديد .. ولكن ماذا نقول لمن اجهد نفسه وباعها من اجل تصيد الثغرات الهامشية ليلج من خلالها بسمه الزعاف .. ولا حول ولا قوة الا بالله .
ولان شر البلية ما يضحك .. شن ذلك الصغير ومن والاه هجومهم الشرس على العالم والباحث والعارف بالانساب عبدالله العبار صاحب كتاب أصدق الدلائل في نسب بني وائل حينما قال الحقيقة بشجاعة قلما نجدها في عالم اليوم وانصف تغالبة الدواسر وأقر بنسبهم الكريم الذي يتصل بتغلب بن وائل .. شنوا هجومهم عليه وانقلبوا ضده وقذفوه بالشتائم والسباب مع انهم قبل ذلك كانوا يكيلوا عليه بالمديح يوم كان يقف معهم ويذهب مذهبهم .. بل انك تلحظ في كتاباتهم وتشتم من خلال اسطرها نزعة المراهقة والجموح المنفلت الذي يناقض الموضوعية والنزاهة ومخافة الله رغم محاولاتهم المريرة والمستميتة لاظهار مايطرحونة بمظهر الموضوعية والنزاهة .. لكانهم يريدون ان يوهموننا ويوهمون القراء بان علم الانساب وهو كما هو من العلوم الانسانية التي لا تحكمها القوانين والقواعد العلمية الثابتة والمسلمات الغير قابلة للشك , تماما كما هو حاصل مع العلوم الطبيعية .. فعلم الرياضيات يقول ان 1+1=2 ولكن علم الانساب لا يمكن اطلاقا ان يعطينا حقائق مسلم بها 100% وهنا مربط الفرس ونقطة الخلاف مع ذلك الصغير الباحث عن المجد والتميز في علم الانساب , فهو بين الفينة والاخرى يذكر من خلال طروحاته انه اعتمد على مصادر ومسلمات وحقائق اكيدة وغير قابلة للنقض والخلاف كانه يتعامل مع احد العلوم الطبيعية كما ذكرت .. وعليه اقول وبكل تواضع - والله اعلم – ان اصدق المصادر وامضاها في التحقق والبحث عن الانساب هو ذاكرة الاجيال وما تختزنه من موروث متوارث ومتواتر جيلا بعد جيل هي ذاكرة لا تصدأ ولا تخطئ .. وحتى لو قلنا اخطات - مجازا – في بعض التفاصيل الصغيرة التي لا تستوجب الخوض معها في دهاليز التاريخ المظلمة الا انها لا تخطئ اطلاقا في المرتكزات الاساسية التي بنت عليها ملامحها الرئيسة .. وعليه ايضا لاينبغي التشكيك فضلا عن التجريح في نسب أي قبيلة من القبائل العربية الكريمة او حتى ايضا التلميح او الاشارة في قناعات تلك الذاكرة , فالكل مؤتمن على نسبه . كما ان الضرر المترتب على ذلك التشكيك والتجريح هو جد كبير وخطير ويستوجب المساءلة بشقيها الدنيوي كالمقاضاة القانونية ان استدعى الامر ذلك - وهذا امر يهون – ولكن الاخطر هو المساءلة الاخروية , حيث الاّلاف المؤلفة من البشر ومن يأتي من بعدهم من أصلابهم والذين ينضوون لقبيلة ما سيشيرون بالبنان يوم الحساب لذلك الشخص الذي شهّر بهم وشكك في انسابهم وسيطلبون من رب العباد الاقتصاص منه جراء الاذى الذي لحق بهم بسببه .. وعليه اقول بالاصالة عن نفسي وعن ابناء عمومتي تغالبة الدواسر .. اقول ان قبيلة عنزة هي قبيلة كريمة الاصل وهم ابناء عمومتنا ولا نشكك اطلاقا في أي قناعات يتمسكون بها فيما يخص نسبهم وفيما يخص وائليتهم بل ولا نشكك في ذلك ما داموا هم مقتنعين ومؤتمنين على نسبهم .. ولهم منا كل الود والاحترام .. ولا اقولها توددا ولا تلطفا ولكن اقولها قناعة بان تلك القبيلة الكريمة تضم رجالا عظاما وكل بطونها وعشائرها اشتهرت بالسمت الكريم والخصال الحميدة , ومن المؤكد انهم يترفعون عن الخوض في المهاترات والاحتكاك السلبي عديم الجدوى مع باقي القبائل العربية .. في الوقت الذي نتمسك فيه نحن بتغلبيتنا ووائليتنا دون عصبية عمياء ودون افتخار جاهلي واستعلاء على الغير تماما كما ورثنا ذلك من اجدادنا الذين هم بدورهم ورثوه من اجدادهم .. والله الموفق
ناجي بن سعد الحقباني
naji.818@hotmail.com