كان أحد الشباب لا يُصلي ، ولا يعرف طريق المسجد .
وفي يوم من الأيام رآه إمام المسجد في المسجد ، فأراد أن يأخذ بيده ويشد عضده ، فزاره في بيته ، وكم دُهش عندما علِم بسبب هدايته ، ومحافظته على صلاته ، بل في صلاته تلك لأول مرة ، والتي رآه فيها الإمام .
لعلكم تتساءلون عن السبب ؟
قال صاحبنا : تعرفون المجنون " فلان " ؟
نعم . ومَن مِنّـا لا يعرفه ! ( مجنون – متخلّف عقلياً – مهبول ... )
أشهر مجنون في القرية ! بل يُضرب به المثل !
عُرف ذلك المجنون - جنوناً لا يُرجى برؤه – بمتابعة معدات الشركات ! والجري خلف كل شركة تُصلح طريقاً ، أو تعمل في الحفريات !
يهيم على وجهه ، يجري هنا وهناك من غير غاية ولا هدف .
وقد أصيب ذلك المجنون بمرض " السكر "
كل هذا ليس فيه غرابة .
لَفَتَ نظر ذلك الشاب في يوم من الأيام أن ذلك المجنون يتقيأ ، فخاف عليه ، لعلمه السابق بإصابته بمرض السكر ، فوقف عنده ، وقال : اركب معي ، لنذهب للمستشفى .
أتدرون بما ردّ عليه المجنون ؟؟
قال المجنون للعاقل : أنت لا تصلي !
قال : اركب . " ما هو شغلك هذا " .
فرد عليه المجنون . قال : لا . ما أركب معك وأنت ما تصلي ... أنت كافر !!!
قال صاحبنا الشاب : اركب ، ونصلي قدّام - على الطريق - !
رد المجنون : لا ... هذا المسجد ( وكان المسجد قريبا منهم )
قال الشاب : طيب ... إذا صليت تركب معي .
قال المجنون : نعم .
رجع الشاب إلى المسجد القريب ، وتوضأ ، وصلى ، ثم عاد فأخذ المجنون إلى المستشفى .
وبينما هو في طريقه للمستشفى أخذ يتأمل في هذا الراكب إلى جواره
إنه " مجنون " وقد قال ما قال ...
وأنا الذي أعتقد أني عاقل وبكامل قواي العقلية يعيب عليّ مجنون !
ثم أخذ ينظر إلى حالة تلك المجنون وثيابه
ثم يُعيد النظر ويُكرره .. في نفسه
شتّان بينه وبين المجنون
لقد كانت تلك الكلمات سبب هدايته ...
بل لقد أيقظت قلبه من رقدات الغفلة .
لا غرابة أن يُجري الله الحكمة والموعظة على لسان مجنون .
وقد أيد الله إمام أهل السنة الإمام أحمد بـ " لص عيّـار " !
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : كنت كثيرا أسمع والدي يقول : رحم الله أبا الهيثم . غفر الله لأبي الهيثم . عفا الله عن أبي الهيثم .
فقلت : يا أبتِ من أبو الهيثم ؟ فقال : لما أخرجت للسياط ومدت يداي ، إذا أنا بشاب يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي : تعرفني ؟ قلت : لا . قال : أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار ! مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق ، وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا ، فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدِّين . قال : فضُربت ثمانية عشر سوطا بدل ما ضرب ثمانية عشر ألفا ، وخرج الخادم فقال : عفا عنه أمير المؤمنين .
وقوّى قلبه رجل من الأعراب .
قال الإمام أحمد – رحمه الله – : ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحبة طوق . قال : يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيداً ، وإن عِشت عِشتَ حميداً ، فقوّى قلبي .
فقد يُجري الله الموعظة على لسان لصّ ، أو رجل لا يقرأ ولا يكتب ، أو على لسان صبيّ أو مجنون .
والشواهد كثيرة .
بقلم فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن السحيم -حفظه الله-