بسم الله الرحمن الرحيم
يا هنادي عملك لا يجوز
د. محمد بن موسى الشريف
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ...
فقد شاهد كثير من الناس هنادي هندي في إعلان مدفوع القيمة في جريدة الشرق الأوسط عدد يوم الأحد 19-5-1426 هـ الموافق 26-6-2005 ويظهر في الإعلان صورة هنادي سافرة بلباس الطيران، ويذكر الإعلان أن شركة سعودية وقعت عقداً معها لتمارس مهنة الطيران، وإني بحكم تخصصي في الشريعة الإسلامية (قسم الكتاب والسنة) وبحكم عملي قائد طائرة مطلع علي ما يلزم العاملين في هذا المهنة لأبين لعموم الناس ما يلي ابراء للذمة، ونصحاً للأمة:
أولاً: هذا العمل (الطيران) لا يجوز شرعاً أن تمتهنة امرأة، على هذا الوجه، وذلك لأنها ستضطر للخلوة مع الرجل في مكان مغلق وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، ولأنها ستعرض نفسها للفتن بسبب سفرها الدائم بلا محرم، وحيث إنه لا ضرورة تبيح مثل هذا السفر لها فهي بهذا مرتكبة لفعل حرام، والسبب الثالث لعدم جواز هذا العمل هو أنها أنها ستلبس من الثياب ما يظهر عورتها ويبرز ما أمر الله بستره، وصورتها في الإعلان خبر برهان لكل ذي عقل وإيمان، وهذا لباس محرم في الشرع ولا يجوز.
ثانياً: جاء في الإعلام ما يلي
" استمراراً لدعم عمل المرأة السعودية في جميع المجالات ضمن تعاليم الشريعة الإسلامية تهنئ شركة المملكة القابضة كابتن طيار هنادي ووالديها ..." ثم جاء في الإعلان أن الشركة وقعت عقداً مع هنادي للعمل في مهنة الطيران، ثم جاء فيه " وتهنئة والديها الفخورين بإنجازها المتميز، وتكريمهما على تربيتهما الإسلامية الصالحة، وحسن تنشئتهما لشابة سعودية نفتخر بها وساهمنا في تحقيق أمنيتها ضمن تعاليم ديننا الاسلامي السمح. ومن هذا المنطلق سنساهم وندعم كل الشابات السعوديات اللواتي يرغبن أن يكن كابتن طيار وفق تعاليم شريعتنا الاسلامية الغراء" (انتهى ما جاء في الاعلان). وإليكم بيان ما فيه من جملة مخالفات للشرع:
أ- ليس هذا العمل أبداً مندرجاً ضمن (تعاليم الشريعة الإسلامية) بحال، كما بينت ذلك في الفقرة السابقة، ووجه مخالفته تعاليم الشريعة الاسلامية أظهر من أن يخفى على كل ذي مسكة من عقل أو دين، لكننا في زمن تلبيس الحقائق زور وليس ثوباً واحداً.
ب- جاء في الإعلان في شأن والدي هنادي اللذين لم أكن أحب أن أتعرض لهما لولا بيان الحق:" وتهنئة والديها الفخورين بإنجازها المتميز، وتكريمهما على تربيتهما الإسلامية الصالحة، وحسن تنشئتهما لشابة سعودية نفتخر بها..." وأقول إنه لمن قلب الحقائق والاستهزاء بها وبنا أن يقال أن تربيتها اسلامية صالحة، لو كانت كذلك لما ظهرت بلباسها المناقض تماما لما يريد الاسلام من المرأة السعودية المحافظة على دينها وحجابها أم غير ذلك فلا ولا كرامة.
ت- إنه لا يجوز بحال أن تدرج كلمة الإسلام في الإعلان داعمة لعمل هذه المرأة أربع مرات وان يساق لهذا آية كريمة (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) وحديث شريف (إنما النساء شقائق الرجال) أقول إن الذي جاء في الإعلان من ذكر للإسلام وشريعته أربع مرات وذكر للآية الكريمة والحديث لا يجوز ابداً وذلك للأسباب الآتية:
1) إن فيه تدعيماً لعمل متفق على عدم جوازه بهذه الصورة، وإن فيه تلبيساً على العوام، وأخش أن يكون فيه استهزاء، إذ يصبح كل من أراد أن يمرر عملاً حراماً ما عليه إلا أن يعلق عليه في الصحف مقروناً بذكر الإسلام وآيات كتابه العظيم وأحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ليجوز على الدهماء والعوام.
2) إن الآية لا يستقيم الاستشهاد بها في هذا الموضع إذ قد وردت في سياق مخالف لما نحن بصدده، ولا تدل على ما ذهب إليه الذين أوردوها، ولا تنفعهم في استشهادهم بها في هذا الموضع. وأما الحديث فنعم النساء شقائق الرجال في الحقوق والواجبات وفي التكاليف، لكن يبقى ما حرمه علينا الشارع الحكيم مستثنياً من عموم ما ورد في الحديث، ولذلك أدعو الشركة المعلنة إلى الاعتذار السريع لكل المسلمين في أنحاء العالم وللشعب السعودي خاصة، وأن تتبرأ من كل ما يمكن أن يلصق بها تهمة الاستهزاء بالشرع المطهر.
واوجه كلامي الآن إلى الأخت في الله هنادي هندي واقول لها:
- اتق الله، ولا تفتحي على نسائنا ومجتمعنا باب شر أنت ونحن بغنى عنه، ولا تنسي حديث رسول الله ثلى الله عليه وسلم ( ومن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) فهل تستطيعين يا أختي الكريمة أن تتحملي وزرك ووزر من سيقتدي بك من بنات هذا البلد الطاهر إلى يوم القيامة، فاتقي الله، ولا تبيعي آخرتك بعرض من الدنيا قليل، ولا تقولي هذا مطوع جاهل متعصب لا يفهم فأنا فاهم للشرع وبحمدالله وحصلت على الدكتوراه في الشريعة بفضل الله ومنتنه، وأنا كذلك قائد طائرة وممارس لهذه المهنة من ربع قرن وأعلم خباياهاوخفاياها، وما قلت ما قلته والله إلا اشفاقاً عليك وخوفاً على هذا البلد الطاهر ونسائه، وانتصاراً للحق وازهاقا للباطل، والله أعلم بحالي وبنيتي.
- ولا تغرك هذه الأضواء التي تفخم شأنك وتبالغ في تعظيم ما صنعت فأنت وأنا وأهل الاختصاص كلهم على علم تام بأنك ما زلت في أول الطريق وإنما يصنعون بك هذا لإغراء الأخريات على سلوك ما سلكت وعمل ما عملت، فينبغي أن لا تنطلي عليك الحيلة، وأن لا تحجب عنك أضواء الشهرة حقيقة واضحة جداً وهي أن عملك هذا على هذا الوجه يجلب عليك غضب الرب ولعنة الناس فهلا رجعت إلى ربك وأعلنت بشجاعة توبتك فإن هذا والله خير لك ألف مرة مما تقدمين عليه من مخالفة شرعية واضحة، وإني أشهد الله تعالى أني قد فعلت ما ينبغي على أهل العلم أن يفعلوه وأقمت عليك الحجة بأن هذا العمل منكر لا يجوز.
- وأختم كلامي لنساء بلادي فأقول: إياكن أن يخدعكن الكلام المعسول والشهرة الزائفة، وإياكن أن تستجبن لنداء التوظيف والإغراء بدراسة الطيران وفتح الوظائف فإن هذا باب من أبواب الفتنة ومدخل شيطاني خطير على البلد وأمنه وأمانه، وإن الشارع الحكيم قد أباح لكن جملة من الأعمال ليس منها بحال من الأحوال هذا العمل المنكر، وأن الغرض من وراء ذلك الإعلان والتضخيم لحال هنادي هو إغرائكن حتى تعملن ما عملت وتقدمن على ما أقدمت، لكن احذرن فقد قال تعالى: ( والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين) وقال تعالى: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراًن يكون الخيرة من أمرهم) وقال تعالى واطيعوا الله واطيعوا الرسول إن كنتم مؤمنين) فهل تستجبن لنداء الرحمن أو لإغراءات الشيطان ؟!
- وأخيراً أقول لكل من يحاول أن تلج المرأة مجالات عمل غير شرعية اتق الله واعلم أنك محاسب على ما تصنع يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
- هذا آخر ما عندي وإن أريد الإصلاح ما استطعت وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين وآله وصحبه أجمعين
وكتبه
الكابتن الطيار
محمد بن موسى الشريف
ملحوظة:
لم أكتب من قبل طوال حياتي واصفاً نفسي بأنني كابتن أو دكتور إلا هذه المرة فقط لبيان أنني على صلة مناسبة إن شاء الله تعالى بعلم الشرع وفن الطيران وهذا حتى لا يظن أحد بي الفخر أو الغروروأسال الله أن يغفر لي ويرحمني.