السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هى أحسن القصص ، و فيها من المشاعر الإنسانية ما لا تجده فى غيرها ،
تعبرعنها كلمات من نور فى سورة يوسف
فى هذه القصة الرائعة حب و عفو بلا حدود و دروس وعبر لم يقلها بشر بل قالها الخلاق
العليم
غدر بيوسف عليه السلام أقرب أقربائه و هم إخوته ، و دبروا مكيدة كادت تودى بحياته ، و
لم يندموا و لم تكن إساءتهم له مرة واحدة بل بعد ذلك بسنوات عديدة أساءوا إليه أمامه
و هم لا يعرفونه و اتهموه بالسرقة و حينها أسرها يوسف فى نفسه و لم يبدها لهم
" قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ
فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ
قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)"
و عندما ألقوه فى البئر و هو صغير طمأنه الله عز و جل حيث أوحى إليه أنه سينبئهم
بأمرهم هذا و هم لا يشعرون ،
" فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ
وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15) "
و هدف ذلك بيان أن كل شىء بتقدير الله و علمه مهما مكر الماكرون فإن الله غالب على
أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون
على أي حال لم يضره غدرهم به بل كان هذا الغدر سبباً فى نشر الإسلام فى مصر بعد
أن أتاه الله من الملك
" رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ
فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ
تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) "
و لكن إسمحوا لى أن نتعايش سوياً مع سيدنا يعقوب عليه السلام
كان يعلم أن إبنه يوسف عليه السلام سيؤتيه الله عز و جل النبوة و هى الميراث الذى
كان يحرص عليه معظم الأنبياء
انظر مدى الحزن الذى أصابه بعدما جاءه أبناؤه عشاءاً يبكون و يدعون أن يوسف قد قتله
الذئب
لم يحزن سيدنا يعقوب لأنه صدق الغادرين بل إنه كان يعلم أنهم كاذبون و يعلم أن الله نجا
يوسف ، و لذلك كان لا ينقطع عن ذكر يوسف عليه السلام
و لكن لفراقه إبيضت عيناه من الحزن و لم يعالجه بعد كل هذه السنين إلا قميص يوسف
عندما ألقوه على وجهه ، و قد شعر به قبل أن يأتوه به
لم تمنعه النبوة من حبه الجارف لولده و حزنه الشديد لفراقه و هو يعلم أنه عائد إليه
" وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ
وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)
قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)
قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (86) "
و تأمل معى هذين الموقفين : عفو سيدنا يوسف عليه السلام عن إخوته و عفو سيدنا
يعقوب عليه السلام عنهم
موقف سيدنا يوسف عليه السلام :
" قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)
قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) "
عن ابن إسحاق: قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَـيْكُمُ الـيَوْمَ: أي لا تأنـيب علـيكم الـيوم عندي فـيـما
صنعتـم.
موقف سيدنا يعقوب عليه السلام :
" فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96)
قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)
قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) "
هل تشعر معى بكلمة " سوف " ؟ هل تشعر معى بهذا الأب الذى أحزنه فراق ولده و
أحزنه مكر أولاده بأخيهم ؟
" لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ
مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى
وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) "
وتقبلوا تحياتي
م ن ق و ل