25-12-2006, 11:48 AM | #1 | ||
|
قصة الزير سالم - الجزء الثالث / الثاني: حرب البسوس
تقول سعاد من قلب مفجوع=زمان السوق أبقانا ذلائل وبعد غلانا صرنا رخاصا =وبعد الكثرقد صرنا قلائل وبعد العز قد صرنا اذلا= وبعد السمن قد صرنا هزايل فهذا الدهر ماله قط صاحب= فهذا مستقيم وذاك مائل وذا يبكي وذا يضحك =ويلعب وذا يندب عياله والحلائل فسبحان الذي قدر علينا=بغربتنا وتشتيت الشمائل فبعد ان كنت في خير ونعمه= دعاني الدهر كالطلاب شاتل أدور على المناصب والامارا =وأنزل في القرايا والمدائن سمعت بذكركم ي آل مرة= ثلاث شهور لي عندكم أسائل أيا جساس يافخر البرايا =وياكهف اليتامى والارامل قصدتك لاتخيب فيك ظني=أيا أبن الاماجيد الاصائل فأجبر خاطري ربي يجبرك= ويعطيك السعاده والفضائل فكم أوهبت من مال ونوق=وكم فرقت من خيل أصائل فانت اليوم بين الناس فردا =ثناء مشاع في كل القبائل عديم المثل مابين الامارا =وقد تفاخرت عربان القبائل عساك اليوم تنعم لي بمالٍ=ولاتصغي الى واش وقائل فارجع بالغنايم والعطايا =وبالخيل المسومه الصواهل فلما فرغت العجوز من شعرها ونظامها وفهم جساس فحوى كلامها قال لها أهلا ومرحبا الارض أرضي والديار دياري وانت نزيلتي وفي جواري فكل من تعدى عليك قتلته ثم أشار يترحب بها ويقول :
قال جساس بن مرة ياعجوز=مرحبا بك بلا بطا مرحبا بك مرحبا بك مرحبا= عدد ما مشت الركاب بالوطا في قدومك حلت البركه لنا=فابشري بالخير مع كثر العطا أسرحي ثم أمرحي في حبنا =ماأغيظك لو بدا منك خطا ( قال الراوي ) فلما فرغ جساس من كلامه دعت له العجوز بالنصر وطول العمر والبقاء وقالت في سرها لقد نلت المراد بعون رب العباد ... وأقامت عنده شهرين وجساس كل يوم يزيد في إكرامها وكانت قد رأت اتفاق قوم كليب مع بني مرة وهم في محبة ومؤالفه عظيمه واجتماعات كثيرة كأنهما قبيلة واحده فما هان عليها ذلك الامر ... فأخذت تلقي الفتنه والفساد بين الامراء والقواد حتى وقع الشر والنزاع وكثر القيل والقال ولما اشتد الامر اجتمع اكابر الناس عند الامير جساس واخلوا يشكون من بني تغلب وعن سوء معاملتهم وانهم يعتدون عليهم في اكثر الاوقات بدون سبب... وهذا كله من يوم ما قتل كليب تبع اليماني وامتد ملكه في الاقطار فابتدا يجور ويظلم ولايحسب حساب أحد وهكذا قومه تفعل كفعلة وكان مرادهم بهذا الكلام يحمسوا الامير جساس ويهيجوه على قتال كليب ... ولكنه لم يصغ لهم ولم يطاوعهم على مرامهم وقال لهم انه من الصواب ان اجتمع اولا مع ابن عمي كليب واعلمه عن تعديات قومه وجورهم علينا فأن وجدت كلامه قاسيا يكون هو السبب قي تقويتهم وان أمر بتأديب المفترين تكون قد نلنا مرادنا .... ( قال الراوي ) ومازالت الفتنه بين الفريقين تمتد وتشتد حتى اتصل الخبر الى مسامع الامير كليب وبلغه ان بني مرة هم أصل ذلك الخصام وانهم كل يوم في جمعيات واستعدات... فضاق صدره وتكدر وارسل أعلم جساس بذلك الخبر طالبا منه ان يبادر بالحال بقصاص المذنبين وتوقيف حركات البكريين واخراج العجوز من القبيله التي كانت سببا لهذه الورطه... فاغتاظ جساس من ذلك وتاثر وتاكد عنده كلام قومه وعلم ان أصل ذلك من كليب فلم يجبه بجواب ولا بخطاب ... واخذ جساس من ذلك اليوم يجمع الجموع ويفرق على قومه السلاح ويقويهم بالات الحرب والكفاح... فبلغ ذلك الامير كليب فازداد كدره واحتار في امره واحس بزوال ملكه وكان تذكر اخاه الزير الفارس فركب من يومه في جماعة من الفرسان وقصده الى بير السباع فوجده جالسا على سفرة المدام مع ابن عمه الامير همام وهما يناشدان الاشعار ويتحادثان بالاخبار ... فنهضا له على الاقدام واجلساه في اعلى مقام وفرح الزير بقدوم اخيه لانه كان له مدة طويلة غائبا عنه غير عالم بأن مجيئه لم يكن ناتج الا عن سبب ضروري جدا وبعد ان جلس قليلا ... قال كليب للزير أعلم ياأخي أن سبب مجيىء اليك اولا لاجل المشاهده وثانيا حتى آخذك الى القبيله وأقيمك ملكا مكاني لاني طعنت في السن ولم يعد لي طاقه على معاطاة الاحكام ولا سيما وقد تغيرت الاحوال ووقع بين القبيلتين النزاع والجدال فاشتعل مني القلب والبال فقم معي الان ياسيد الفرسان فقال الزير والله لقد اشتغل بالي بهذا المقال فانشد كليب يقول :
أخي سال أسمع ما أقول لك =ففكرك ديره والذهن ليا أراك اليوم في زهو ولهو =ولاتدري بما قد حل فيا بنو قيس قد وقعوا بخلف= وجساس نوى يركب عليا فقوم وشد عزمك يا مهلهل=لأنك أنت جبار عتيا والا راحت البلدان مني =وصرنا معيرة عند البريا ( قال الراوي ) فلما فرغ كليب من شعره ضحك الزير حتى استلقى على ظهره ... فقال كليب وماهو ضحكك ... قال لقلة عقلك ... قال انا قليل العقل ... قال لو لم تكن قليل العقل ماكنت تكلمت بهذا الكلام بعد ان نظرت القصر وهو أمامك ... قال كليب ومايكون هذا القصر ... قال الزير هذا القصر قد بنيته من رؤس السباع الذين قتلتهم بثأر الحمار ومع كل ذلك أنت ملك عظيم وصاحب ولايات وأقاليم فكيف تقول انك خايف وفزعان وأخوك الزير فارس الفرسان ... فكن في أمان وإطمئنان من نوائب الزمان فان كنت بثأر الحمار الذي ليس له قدر ولامقدار قد بنيت قصرا من رؤس السباع الا أبني من رؤس الاعادي مدائن وضياع وقلاع وحصون فاذهب بالسلامه ولاترتاع ثم أجابه على شعره يقول :
يقول الزير ابو ليلى المهلهل=أنا لي في الحرب عزما قويا سباع الغاب خافت=من قتالي وتخشاني ولم تقدر علّيا فاذهب يا كليب ولا تبالي= واحكم بالقبائل بالسويا فأن جارت بنو بكر وخابت= فلا أترك منهم يا أخي بقيا فلما سمع كليب شعره أحتار من فعله وندم على مجيئه ثم كرر عليه السؤال وطلب منه أن يسير معه خوفا من حدوث أمر من الامور ... فقال الزير سر أنت أولا وأنا سأتبعك فيما بعد ... فقال لماذا لاتسير الآن ... قال لاخفاك لما حضرت الى هذا المكان قتلت جميع السباع ماعدا سبعين أو ثلاثة فمتى قتلتهم أدركتك في الحال الى الاطلال فعند ذلك ركب كليب جواده وسلم أمره للواحد القهار الى أن وصل الى تلك الدار وهو قلق وافتكار هذا ماكان من أمر كليب .. ويرجع الكلام والسياق الى سعاد الشاعرة الساحرة الماكرة فإنها لما اثارت الفتنه بين القوم وصار لها عند بني مرة ذلك القبول وجميع كلامها عند جساس مقبول... وقد أخذت طاسة من الفضه وملأتها من المسك والزباد والعطر وخففت الجميع مع بعضه البعض وعمدت الى ناقتها الجربانه وأخذت تطلي أجنابها وتدهنها بذلك الطيب وأمرت بعض العبيد أن يأخذها الى المراعي ويمر بها قرب صيوان جساس في الصباح والمساء... وأوصته إذا سأله أحد عنها وعن سبب رائحتها يقول لا أعلم وانما مولاتي تعلم فأخذ الناقه ومر على ذلك المكان فعبقت رائحة الطيب فاستنشق جساس الرائحه وكانت ذكيه جدا فتعجب وكان قد نظر الى العبد وتلك الناقه فأمر بإحضار العبد وكان يظن تلك الرائحه عابقه منه ولما أحضر وإذا رائحته كريهه جدا فسأله عن تلك الرائحه ... فقال من الناقه فازداد تعجبا وسأله عن سبب ذلك فقال لست أعلم يا مولاي إنما مولاتي سعاد الشاعرة تعلم ذلك ... فقال جساس هذا غريب فاستدعى العجوز اليه فحضرت ثم سألها عن قضية الناقه فتنهدت من فؤاد موجوع ... وقالت لاخفاك أطال الله عمرك وابقاك ان هذه الناقه من سلالة ناقة صالح وفيها خواص غريب يا أبن الاجواد فان بعرها من المسك وعرقها من الزباد فتعجب جساس غاية العجب ... وقال في نفسه تبارك الله رب العالمين فلا بدلي من أخذ هذه الناقه فافتخر بها على جميع الملوك فقال لها هل تبيعني أياها يا حرة العرب وأنا أعطيك مهما تطلبيمن الفضه والذهب فلما سمعت كلامه بكت ولطمت وجهها ... وقالت والله هذا الحساب الذي كنت أحسبه فأني ما هاجرت من بلادي الا لاجل هذه الناقه وكلما نظرها امير أو ملك يطلبها ومادام الامر كذلك فأني سأرحل من عندك ثم بكت من قلب حزين وأنشدت تقول :
تقول سعاد من قلب موجوع=سقاني الدهر كاسات الحمام ضنى مني الفؤاد وغاب نومي= عمى بعلي وقد زادت سقام انا حرمة لي يد قصيرة= ولا لي قيمه بين الانام وهذه ناقتي قد شتتني=عن الاوطان يا ابن الاكرام فكم من سيد جاء يشتريها=فما نالوا بها نيل المرام وقد جينا لكم والتجينا=وقلنا قد حطينا بالسلام وانت تريد أن تأخذها مني= فعاد رجوعنا أشهى المرام فلما فرغت من كلامها أخذ جساس يعطف بخاطرها ... ويقول لها ان كلامي معك هو على سبيل المزاح فناقتك مباركة عليك وأنت المعزوزة عندنا ... فقالت من حيث ذلك أريد أن تجعل ناقتي دون باقي النوق والجمال لانها قد تربت بالدلال وأريد مرعى لانه البق بها ... فقال أرسلها الى المراعي مع نوقي وجمالي ... فقالت انها لاتأكل الا من الرياحين وزهر البساتين ... فقال انه ليس لنا كروم ولا بساتين ... قالت وهذه الكروم التي بجانب القبيله من هو صاحبها قال هي لابن عمي كليب زوج أختي الجليله وهمام متزوج أخته ضباع قالت مادام انكم اهل واقارب وانت ملك نظيره فلماذا يكون كليب أعظم منك ... فقال انه من بعد قتله الملك تبع عظم أمره وانتشر ذكره وتملك على البلاد وطاعته العباد فلما سمعت هذا الكلام ... قالت والله لقد أخطأت وبئس مافعلت فأني تركت البحر وجئت الى الساقيه وتعلقت بالذنب وتركت الرأس فاغتاظ جساس وحس ... وقال مامعنى هذا الكلام ياحرة العرب فانك قد خرجت عن دائرة الصواب وباديتنا بقلة الادب أهذاء جزاء المعروف والاحسان .... فقالت لاتغضب ولاتغتاظ ... وماقولي هذا الا من سبيل المحبه فكيف يكون ابن عمك وصهرك وزوج أختك ويملك على هذه الاراضي العظيمه وانت ليس لك قدر و لاقيمه ... أهكذا يكون الاهل وابناء الاعمام ايها الملك الهمام ... فقال جساس وذمة العرب وشهر رجب لقد تكلمت بالصواب وان من الان وصاعدا لست أحسب له أدنى حساب لانه قد اعتز وتمرد ولا عاد يحسب حساب أحد وانا لابد لي أن أطالبه أن يقاسمني على املاك المملكه والا القيه في التهلكه فروحي واطلقي ناقتك لكي ترعى في احسن البساتين والمراعي ثم أنشد وقال :
يقول جساس شعرا من ضمايري=فدمع عيني على الوجنات طاف
تابعونا في الجزء الرابع ..........................
|
||
|
25-12-2006, 12:39 PM | #2 | ||||
|
مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء الثالث / الثاني: حرب البسوس
الغالي صالح الجعيدي
|
||||
|
25-12-2006, 12:56 PM | #3 | ||
|
مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء الثالث / الثاني: حرب البسوس
الغالي
|
||
|
26-12-2006, 12:19 AM | #4 | ||||
|
مشاركة: قصة الزير سالم - الجزء الثالث / الثاني: حرب البسوس
اخوي صالح
|
||||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سين و جيم الجزء الثالث | الدردور | :: القسم الإسلامـــي :: | 10 | 16-12-2010 01:58 AM |
الليلة الجزء الثاني من حفل قبيلة يام على شرف مشائخ قبيلة الدواسر | عبدالكريم العماري | :: قسم مناسبات وأخــبار الـدواسـر :: | 1 | 02-12-2010 03:47 PM |
الخليفة الخطاط محمود الثاني ، سيرة حياته وصور أعماله الخطية >>> | سعيد سرحان | :: القسم الـتاريخــي الــعام :: | 7 | 19-08-2010 04:40 PM |
إعلانات نصية |
منتديات صحيفة وادي الدواسر الالكترونية | |||