كبّر عقلك

[معلومات العضو ساقان الدواسر]

كبّر عقلك


لست هنا في محاولة فض اشتباك بين طرفين لأميل على أحدهما هامسة: "كبر عقلك، الأمر لا يحتاج كل هذا الغضب والانفعال" وبيني وبينكم الاشتباكات حولنا كثيرة لا تنتهي من قاعات الدرس إلى الأسواق والمستشفيات وحتى ملاعب الكرة، وكما قلت لكم لست هنا أحاول أن أفض اشتباكا بل سأكمل حديثي عن البحث العلمي هذا إذا لم تهرب مني الفكرة وأرجو أن لا أقع في فخ التكرار فاليوم سأحاول أن أتحدث عن البحث العلمي برومانسية.

في بداياتك الدراسية أنت تمتص كل ماحولك من معلومات سواء أكانت في الكتاب أوعلى شفاه الأستاذ، فكل إجابة على سؤال من شخص أكبر منك هي إجابة صحيحة، وهكذا تتعلم وتكتشف حين تكبر أنك وفي أكثر من مرة فهمت الأستاذ خطأ أو أن أحدهم أخبرك معلومة خاطئة، لكنك لم تكن تملك أدوات التفكير النقدي الذي يعتمد على المنطق والتحليل لذلك لم تتمكن وقتها من فلترة المعلومات.

كلما كبرت وتعلمت أكثر فإنك تنتقل إلى مرحلة تفكيرية أكثر نضجا حيث تبدأ في مناقشة صحة أو خطأ المعلومة التي تمر بك، فليس كل ما نشر في دورية علمية هو كلام سليم مائة في المائة وليست كل معلومة نسمعها من فم شخص واثق هي معلومة علمية صحية تم اثباتها، لذلك فإنك تستخدم أسلوب الفلترة الذاتية، تفكر وتحلل وتقارن وتقرأ بتمعن أسلوب الدراسة التي أمامك والنتائج التي أدت إلى استنتاج علمي مهم، قد تقتنع وقد لاتقتنع، وهنا يمكننا أن نقول إنك بدأت في تكوين منهج خاص بك يعتمد على مخزونك العلمي في تخصصك الدقيق و عليك أن لاتنسى أن اقتناعك أو عدمه لا علاقة له بصحة ما نشر من معلومات، لكنه يوضح أن لك رأيا، وأنك تفكر.

لنفترض أنك انتقلت إلى مرحلة أخرى، أنت الآن تسعى لأن تنشئ مجموعة بحثية في مجال تخصصك - مفترضة أن مجال تخصصك هو علمي تطبيقي يحتاج لتعاون أكثر من شخص لتحقيق الهدف العلمي- يفترض فيك في هذه المرحلة أن تفكر وأن تترجم أفكارك لمشروع بحثي يستحق الدعم ويلاقي القبول وله فائدة علمية لك وللآخرين، فأنت حين تجعل من أبحاثك عوامل تدفعك للحصول على المجد الشخصي من ناحية الكثافة العددية والتوسع بدون فائدة للمجتمع أو للمجال الذي تعمل فيه فإنك في هذه الحالة تتجاهل أحد أهم أهداف البحث العلمي وقد تتنازل في هذه الحالة عن جودة ما تقدمه حيث يصبح الكم وهمّ النشر هو الهاجس. لذلك فإن التوازن مطلوب لابد أن تمارس العلم وتطبقه كما ينبغي ولابد أيضا أن تكون موجودا في دائرة النشر، لأن نشر الأبحاث العلمية إحدى طرق التواصل مع زملائك في التخصص.

حين تتجه للبحث العلمي، حين تجد نفسك مسكونا بسؤال تحاول أن تبحث له عن إجابة أو فرضية تفكر في برهان لاثباتها فإن عليك أولا أن تفتح عقلك أن تجعله يفكر ويعيد التفكير بدون تحيز معلوماتي عليك أن تكبر عقلك وتبعده عن التفاهات الشخصية والانشغال بالذات عليك أن تنشغل بهاجس البحث والاكتشاف وستجد الكثير من الاجابات والكثير من الأسئلة التي تنتظرك كي تجيب عنها. منقول للفائدة