عاقبة النظر

**معلومات** **العضو** · 26-04-2010, 12:18 AM

عاقبة النظر

قال سبحانه وتعالي « قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ» [ النور : 30]
قال ابن القيم رحمه الله «أمر الله تعالي نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم ، وحفظ فروجهم ، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور» ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر ، جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج، فإن كل الحوادث مبدأها من النظر ، كما أن معظم النار من مستصغر الشرر، تكون نظرة ثم خطرة ثم خطوة ثم خطيئة»أهـ.
لذا فإن عاقبة إطلاق النظر والبصر وخيمة، وفي الحديث «إن العين تزني وزناها النظر» رواه الإمام احمد وصححه الشيخ الألباني ، ولقد حذر نبينا صلي الله عليه وسلم من إطلاق البصر والنظر إلى ما حرم الله تبارك وتعالى ومخالفة ما أمر الله باجتنابه وما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم هو الخسران المبين.
وفي هذا الزمان انتشرت وسائل الإعلام المرئية والقنوات الفضائية وعلى الإنسان المسلم غض البصر مما حرم الله من مشاهدة النساء ومشاهدة ما حرم الله من الأفلام والمسلسلات التي تنشر الفسق والفجور.
وأجمعت الأمة واتفق الأئمة وعلماء السلف على تحريم نظر الأجانب من الرجال والنساء بعضهم إلى بعض . قال الحافظ ابوبكر العامري :إن الذي أجمعت عليه الأئمة ، واتفق على تحريمه علماء السلف من الفقهاء والأئمة ، وهو نظر الأجانب من الرجال والنساء بعضهم إلى بعض وهم من ليس بينهم رحم من النسب ، ولا محرم من سبب كالرضاع وغيره . وفي حديث الفضل بن عباس رضي الله: «كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر «رواه أبو داود والنسائي وصححه الشيخ الألباني ، قال الأمام أحمد بن حنبل : كم نظرة ألقت في قلبي صاحبها من البلابل. ومن إطلاق النظر مع كثرة المغريات في هذا الزمان خروج النساء متبرجات متزينات بمعصية الله في الأسواق ، وفي وسائل الإعلام المرئية بل أصبحت الطرقات والأسواق بما فيها من الشاشات الضخمة ، وتظهر فيها النساء المتبرجات ، كذا ما يكون في الصحف والمجالات من صور النساء وغير ذلك من المحرمات فعلى الإنسان حفظ بصره ونظره من ذلك .
فإن ما يورثه إطلاق البصر من هم وضيق عيش وضرر فيقوم بإرهاق عينه وحرق بصره وقلبه في معصية الله عز وجل . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ماكان من نظرة فإن للشيطان فيها مطمعاً. وقال رضي الله عنه : حفظ البصر أِشد من حفظ اللسان. وقال أنس رضي الله عنه : إذا مرت بك امرأة فغض عينيك حتى تتجاوزك.
واعلم رحمك الله أن في غض البصر فوائد منها:
أولاً: امتثال أمر الله عز وجل وفي ذلك الفوز والسعادة في الدنيا والاخره.
ثانيا: حفظ القلب والبصر من التشتت والبعد عن الله فإن إطلاقه يورث الوحشة بين العبد وربه جل وعلا.
ثالثا: أن في غض البصر تخليصا للقلب من الألم والحسرة التي يورثها إطلاق النظر ، والنظرة تفعل في القلب أشد مما يفعله السلاح والسهام فإن لم تقتله هذه النظرة جرحته وأورثته هما وحسرة وإذا لم تحرقه كله أحرقت بعضه.
رابعا: غض البصر يورث نورا وإشراقا فيظهر في العين والوجه والجوارح كما إن إطلاق البصر يورثه ظلمة في الوجه والجوارح.
خامسا: أن غض البصر يورث قوة للقلب وثباته وشجاعته فلم يتعلق قلبه بما حرم الله.
سادسا: غض البصر يورث القلب سروراً وفرصة أعظم من الالتزام بالنظر وذلك لله عز وجل قمع شهوته وغض بصره فأورثه الله في قلبه فرحاً وسروراً في قلبه.
سابعا: غض البصر يسد عليه بابا من أبواب جهنم فإن العين تزني وزناها النظر ،والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.
ثامنا: غض البصر دليل علي قوة الإيمان وسلامته وإيثاره ما عند الله عز وجل قال تعالي»أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين أمنوا منكم ويعلم الصابرين»[ آل عمران : 142]
اسمع يرعاك الله إلى وصية ابن الجوزي رحمه الله : إنما بصرك نعمة من الله عليك ، فلا تعصه بنعمة، وعامله بغضه عن الحرام تربح ، واحذر أن تكون العقوبة سلب تلك النعمة ، وكل زمن الجهاد في الغض لحظة ، فإن فعلت نلت الخير الجزيل ، وسلمت من الشر الطويل.
قال الحجاوي : فضول النظر أصل البلاء ، لأنه رسول الفرج ، أعني الآفة العظمى والبلية الكبرى ، الزنا إنما يكون سببه في الغالب النظر ، فإنه يدعو إلى الاستحسان ووقوعه في القلب. فيا من أطلقت لبصرك العنان ما الذي جنيته من ذلك، إلا حسرة وندامة فاحفظ بصرك فإنه اتقى لقلبك.
ونسأل الله العلي العظيم أن يحفظ أبصارنا وأن يعمر قلوبنا بالإيمان والتقوى. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الكريم وعلى آله وصحبة أجمعين
بقلم

جابر بن عالي المري

جريدة الرؤية
http://www.arrouiah.com/node/273164