فعندما تقع فتنةٌ، أو تحل بساحتنا أزمةٌ، أو تصيبنا مصيبةٌ (مَّا)
يجب أن نتبع ست خطوات عملية، وإذا اتبعناها فنكون حينئذ مؤهلين
للكشف عن الوجوه المشرقة للأزمة، وهي:
1- ألا ننظر إليها نظرة سوداوية .
2 - ألا نقف منها موقفًا سلبيًّا، فنبقى مكتوفي الأيدي حيالها .
3 – ألا يهيمن علينا اليأس والقنوط، ويصيبنا الضعف والوهن،
وتخور قوانا، وتفتر عزائمنا .
4 - ألا نفقد خيوط الأمل، ونغرق في بحر التشاؤم والكسل .
5 - ألا نضيع زمام المبادرة، وانتهاز الفرص، والإفادة منهما .
6 - ألا نغرق في تداعيات الأزمة وتحليلاتها، وننجرف في تيارها.
ونجد هذه الخطوات الست كلَّها -لو أمعنا النظر- في قوله صلى الله عليه وسلم : ((الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ،
وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْ،
وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا!! وَلَكِنْ
قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ)) رواه مسلم.
ونكون قادرين على هذه الخطوات الست إذا تنبهنا للتالي:
1 - علينا أن نوطن أنفسنا على أن الدنيا دار ابتلاء وعناء وعطاء،
قال تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ (البلد4) .
2 - أن ندرك أن التحديات شيء طبعي في الحياة، والإنسان قد يتقدم عن
طريق التحديات أكثر من تقدمه عن طريق الرخاء والرفاهية .
3 - أنْ نردد بملء الفم ونقول - كما أمر الله نبيه أن يقول - :
لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (التوبة 51)،
تأمل –أخي القارئ- روعة التعبير وجمال البيان! فلم يقل: (كتب الله علينا!!)
بل قال: كَتَبَ اللّهُ لَنَا!! فهذا - أيضًا - يصب في خانة التفاؤل،
ويحثنا على الاعتقاد أن كل ما يصيبنا هو بتقدير الله ولا يخلو من خير ونفع بإذن الله
.. وأن نقول بكل ثقة كما قال الأول: "إذا اشتد الحبل انقطع".
4- أن ندرك يقينًا بأن الأزمةَ سحابةُ صيفٍ عما قليل تنقشع،
ونتذكر دومًا أن لكل ظلمةٍ إدبارًا، وأن لكل ليلٍ نهارًا،
ولكل غروبٍ شروقًا، وكم من محنةٍ في طياتِها منحٌ ونعمٌ وعطايا؟!
وهل النور يولد إلا من رحم الظلمة؟
وهل الفَرَجُ يأتي إلا من كبد الأزمة؟
وهل بعد عسر ألم المخاض إلا بشرى الولادة؟
فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة،
وإن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب،
ومصداق كل ذلك تجده في قوله تعالى:
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا:
إِذَا اشْتَدَّتْ بِكَ الْبَلْوَى فَفَكِّرْ فِي " أَلَمْ نَشْرَحْ "
فَعُسْرٌ بَيـْنَ يُسْـرَيْنِ إِذَا فَـكَّـرْتَهُ تَفْـرَحْ
وهكذا فالفضاء رحبٌ وواسعٌ!
فلماذا نُضيقه بضيق الأفق والعطن، وسلبية التفكير، وقتامة التصور،
والاستسلام للتثبيط والتخذيل؟!!
تأمل جمال الوصف النبوي للطائفة المنصورة ((..لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ..)). أتدري لماذا؟ لأنهم واثقون من منهجهم، عارفون لمهمتهم،
ولذا فهم قائمون بأمر الله حتى تقوم الساعة،
فلا يتوقفون عن البذل والعطاء أبدًا مهما كانت الظروف، و
لا يقف أمامهم مخالفة المخالفين وتخذيل المخذلين حجرَ عثرةٍ في حالٍ من الأحوالِ.
د. إبراهيم بن عبدالله الدويّش
12/2/1430هـ