من عجيب صنع الله
خلق الله في شبر من الانسان أربع جواهر وهم العينان وماؤهما مالح ولولاه لذابتا لأنهما شحمة والأذن وماؤها مر ولولاه لما أمتنعت من دخلوها
والمنخر وفيه حموضة الأسترواح والأستنشاق والفم وماؤها عذب الأستطعام فسبحان من أنطقه بلحم وأبصره بشحم وأسمعه بعظم وأعجب من هذا
تصويره في الرحم في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة حيث لا تراه عين ولا تناله يد فيخرج سويا فلو خلق له لسانين لكانا
ثقيلين عليه من غير حاجة فلو تكلم بأحدهما كان الآخر معطلا وان تكلم بكلام واحد كان أحدهما لغوا وان تكلم على خلافه لم يدر السامع على أي القولين
يقول فتبارك الله أحسن الخالقين
الله هو المكون
لقد اضطجع كسرى ذات يوم على فراشه ثم نظر الى الفلك الدوار وتفكر في هيئته ثم أخذ يتساءل: أيها الفلك ان بناء أنت سقفه لعظيم وان أنت بيتا أنت
غطاؤه لعظيم وان شيئا أنت تظله لكبير وان فيك لعجبا للمتعجبين فليت شعري أعلى أعمدة من تحتك تتمسك او بمعاليق من فوقك تتعلق ولعمري ان ملكا
أمسكتك قدرته لملك قدير وانه في استدارته بتقديره لحكيم خبير وان جهل من غفل التفكير في هذه العظمة لغير صغير وليت شعري كم أفنت هذه النجوم من القرون ؟ وكم سحقت قبلنا أمما في سالف العصور ؟ وليت شعري بم طلوعك حين تطلعين ؟ وبم سيرك حين تسيرين ؟ وأفولك حين تأفلين ؟ وعلام سقوطك حين تغيبين ؟ وليت شعري أساكنه
أنت أم تتحركين ؟ أم كيف صنعتك التي بها تتصفين ؟ ولونك الذي به تتوسمين ؟ ومن سماك بأسمائك التي بها تعرفين ؟ فسبحان من لأمره تنقادين وبمشيئته
تجرين وبصنعته استقامتك حين تستقيمين ورجوعك حين ترجعين واستتارك حين تسترين وبروزك حين تبرزين
أشهد أن لا اله الا الله
ولا ننسى في هذا المقام حديث البطاقة الذي أخرجه الترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله سيخلص رجلا
من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامه فينشر له تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول
لا يارب فيقول : أفلك عذر ؟ فيقول لا يا رب فيقول : بلى ان لك حسنه فانه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا اله الا الله ,اشهد أن محمدا عبده
ورسوله فيقول : أحضر وزنك فيقول يارب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فقال انك لا تظلم قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات
وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله أحد _ قال الترمذي حديث حسن غريب
هذا هو ربك
جاء في الحديث القدسي أن الله عز وجل يقول : يا أبن آدم جعلت لك قررا في بطن أمك وغشيت وحهك بغشاء لءلا تنفر من الرحم وجعلت وجهك الى الظهر
أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام وجعلت لك متكئا عن يمينك ومتكئا عن شمالك فأما الذي عن يمينك فالكبد وأما الذي عن شمالك فالطحال وعلمتك القيام والقعود
في بطن أمك فهل يقدر على ذلك أحد غيري ؟ فلما أن تمت مدتك أوحيت الى الملك الموكل بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحة لا لك سن
تقطع ولا يد تبطش ولا قدم تسعى به فأنبعت لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبنا خالصا حارا في الشتاء باردا في الصيف وألقيت محبتك في قلب أبويك
فلا يرقدان حتى ترقد ولا يشبعان حتى تشبع فلما أن قوي ظهرك واشتد أزرك بارزتني بالمعاصي في خلواتك ولم تستح مني ومع ذلك ان دعوتني أجبتك وان
سألتني أعطيتك وان تبت الي قبلتك _ احياء علوم الدين
مقالة منشورة في بعض الصحف والمجلات للشاعر عبدالمحسن محمد المشاري