مكانة الابل
الإبل من مخلوقات الله العظيمة التي تتجلى فيها قدرته سبحانه وتعالى، وقد خلقها الله جلت قدرته وجعلها آية للبشر للتأمل في عظمة خلقه، وهو القائل جل من قال :
اَفَلاَ يَنظُرُونَ إلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَت وَإِلَى السَّمَآءِ كيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الجَبَالِ كَيْفَ نُصِبَتً وَإِلَى الأَرضِ كَيْفَ سُطِحَت { ( الغاشية17 )
قديماً قالوا: ما خلق الله شيئاً من الدواب خيراً من الإبل إن حملت أثقلت وإن سارت أبعدت وإن حلبت أروت وإن نحرت أشبعت .وكان طبيعياً أن يوردها الله جل وعلا في العديد من الآيات الكريمة وقد جاء ذكرها مشمولة مع غيرها من الأنعام على اعتبارها صنفاً من الأنعام كقوله تعالى مبيناً أهميتها ووظائفها ونعمته علينا بها : إذ قال تعالى:
}والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون . ولكم فيها جمال حين يريحون وحين تسرحون .وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم { وكقوله تعالى الذي يبين فضله علينا في خلقه ما ينفعنا : } ومن الأنعام حمولة وفرشاً كلوا مما رزقكم الله {
كذلك ورد ذكر الإبل في القرآن الكريم على التخصيص والتصريح بعدة أشكال منها ذكر الإبل والجمل والناقة . فقد جاء ذكر الإبل في القرآن الكريم كشاهد على عظمة الخالق وعلى أن في خلقها آية لأولي الألباب
17 الغاشية 88 (2) : 5-7 النحل (3) : 142 الأنعام
وقد نقلنا سبحانه وتعالى بمعجز تتريله من خلق الإبل إلى عظم خلقه في السماء والأرض . كما وردت الإبل في القرآن الكريم باعتبارها مثلاً ومثل للقوم المشركين إذ قال تعالى :
} إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين {
وكان قد ورد نفس التحدي والاستحالة في الكتاب المقدس :
( إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله )
ذلك لأن الأغنياء والمقصود هنا من أفسد في الأرض منهم وشاع فيها الظلم والعداوة يستحيل عليهم دخول الجنة ( ملكوت الله ) كاستحالة مرور الجمل من ثقب الإبرة .
لاشك أن الإبل من نعم الله على العرب و لا شك أن الإبل من أعظم مخلوقات الله اعجازا في الخلقة و الطباع ، يقول الله سبحانه وتعالى:
( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت). و للإبل عند البدو مكانة خاصة لا يدانيها مخلوق آخر حتى الخيل.الإبل تلك الكائنات العجيبة التي سحرت الألباب العربية بحبها وخطفت الأبصار بشكلها وهيئتها . للجمل عند العرب مكانة خاصة أفردوا لها كثيرًا من الاهتمام في حياتهم اليومية، وفي لغتهم وأشعارهم. قيل فيها الكثير من الأشعار وجاء ذكرها في كثير من القصائد المتنوعة منها الحداء والفخر والحماسة والتمني والتوجد والغزل والرثاء ...الخ .
وفي الوقت الحاضر مازال للإبل قدر كبير من الحب والتقدير عند سكان جزيرة العرب خصوصا أهل البادية منهم فهم يحرصون على اقتنائها والعناية بها ويدفعون الأموال الطائلة لشراء الطيب منها كما أن الكثير منهم يرفض فكرة بيعها أو الاستغناء عنها لعظم مكانتها في قلوبهم، ويوجد في جزيرة العرب أعداد هائلة من الإبل تمتلك المملكة العربية السعودية النصيب الأكبر من هذه الأرقام .
للإبل أهمية كبيرة للإنسان العربي في الماضي والحاضر، حيث كانت الإبل عوناً للعربي في حله وترحاله، وحربه وسلمه، يقطع على ظهورها الفيافي والقفار، ويتقوت بألبانها ولحومها ،ويتخذ من أو بارها بيوته وغطاءه ،ومن جلودها نعاله وأدواته، ولطالما ارتبطت حياة كل منهما بالأخر فإذا هلك أحدهما تبعه الأخر في الفيافي حيث لا ماء ولا شجر ولا مغيث إلا الله.
الجمل وسيلة نقل. اشْتهرت الجمال خاصة في البلاد العربية بنقلها الأحمال، وسيرها من بلد إلى بلد في قوافل يجتمع فيها عدد من الجمال. وكانت أهم هذه القوافل تلك التي تسير من جنوب الجزيرة العربية إلى مكة المكرمة ومن هناك إلى بلاد الشام، وهما الرحلتان اللتان عرفتا برحلتي الشتاء والصيف. وقد كانت الإبل تربط العالم بالتجارة، وتمد الناس بما يحتاجونه في كل أمة من الأمم بل كانت وسيلة حجاج بيت الله الحرام من كل حدب وصوب. ولعل الجمل سُمي بسفينة الصحراء بسبب ما كان ينقله من سلع تجارية عبر الجزيرة العربية وصحرائها.
المصدر كتاب الابل عطايا الله اعداد وتاليف محمد بن فالح سعيد القحطاني