09-04-2008, 12:54 AM | #1 | ||
|
رسالة العلامة حمد بن علي العتيق في التحذير من السفر إلى بلاد المشركين
رسالة العلامة حمد بن علي العتيق في التحذير من السفر إلى بلاد المشركين -
-------------------------------------------------------------------------------- الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : فالواجب على المؤمن رد ما تنازع فيه الناس إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يكون هواه تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون الله إلهه ومعبوده ، والرسول إمامه ومتبوعه ، وأن يرغب في الحق ويلزمه ويعض عليه بالنواجذ وإن رغب عنه الأكثرون ، ويحذر الباطل ويجتنبه وإن رغب فيه الأكثرون ، فمن عرف الحق وقبله وعمل به سعد ، ومن اغتر بالكثير غوى وبعد . ومن أعظم الواجبات على المؤمن محبة الله ومحبة ما يحبه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، وكذلك ما يحبه من الأشخاص كالملائكة وصالح بني آدم وموالاتهم ، وبغض ما يبغضه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، وبغض من فعل ذلك ، فإذا رسخ هذا الأصل في قلب المؤمن لم يطمئن إلى عدو لله ولم يجالسه ولم يساكنه وساءه النظر إليه . فلما ضعف هذا الأصل في قلوب كثير من الناس واضمحل ، صار كثير منهم مع أولياء الله كحاله مع أعداء الله يلقى كل منهم بوجه طلق ، وصار بلاد الحرب كبلاد الإسلام ، ولم يخش غضب الله الذي لا تطيق غضبه السموات والأرض والجبال الراسيات ، ولما عظمت فتنة الدنيا وصار أكبر همهم ومبلغ علمهم حملهم ذلك على إلتماسها وطلبها ، ولو بما يسخط الله فسافروا إلى أعداء الله في بلادهم وخالطوهم في أوطانهم ، ولبس عليهم الشيطان أمر دينهم ، فنسوا عهد الله وميثاقه الذي أخذ عليهم في مثل قوله تعالى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا . سورة الحشر ، (الآية : 7) . ونسوا ما أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه عند البيعة ، فكان يأخذ على أحدهم : ( أن لا ترى نارك نار المشركين إلا أن تكون حرباً لهم ) . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله ) . وقد سئل أبناء شيخ الإسلام ، رحمهم الله تعالى وعفا عنهم عن السفر إلى بلاد المشركين للتجارة فأجابوا بما حاصله : ( أنه يحرم السفر إلى بلاد المشركين إلا إذا كان المسلم قوياً له منعة يقدر على إظهار دينه ، وإظهار الدين تكفيرهم وعيب دينهم والطعن عليهم والبراءة منهم والتحفظ من موادتهم والركون إليهم واعتزالهم ، وليس فعل الصلوات فقط إظهاراً للدين ) . وقول القائل : إنا نعتزلهم في الصلاة ولا نأكل ذبيحتهم !! حسن لكن لا يكفي في إظهار الدين وحده بل لا بد مما ذكر . وقول القائل : أنهم لا ينكرون علينا قول فاسد ، وإنكارنا على من يظن به الخير ومن يخالطهم يخاف عليه إن سلم من الردة لا يسلم من الكبيرة الموبقة ، وأما يظن به موادة الكفار وموالاتهم ويظن به أنه يرى أنهم أهدى سبيلاً من المؤمنين فليس للكلام معه كبير نفع ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . وقد ألزم الله المؤمنين أن يأخذوا ما آتاهم الرسول ، وينتهوا عما نهاهم عنه ، وكان الصحابة رضي الله عنهم شديداً حذرهم عما حذرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه : أقسم أن لا يضله سقف هو وقاطع رحم ، حذراً من قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولا تنزلوا الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم ) . فكيف بمن جالس كافراً ، وآكله ، وألاَّن له الكلام . ويذكر عن عيسى عليه السلام أنه قال : ( تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا إلى الله بالبعد عنهم واطلبوا رضى الله بسخطهم ) . فإذا كان هذا مع أهل المعاصي فكيف بالمشركين والكافرين والمنافقين !!! قال الله تعالى : وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ . سورة هود ، (الآية : 113) . قال أبو العالية : ( لا تميلوا إليهم كل الميل في المحبة ولين الكلام ) . فتوعد سبحانه بمسيس النار من ركن إلى أعدائه ولو بلين الكلام ، وأن الله تعالى فرض على عباده جهادهم والغلظة عليهم كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ . سورة التوبة ، (الآية : 73) . وقال تعالى لما ذكر حال المنافقين : أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا . سورة النساء ، (الآية : 63) . قال بعض المفسرين : ( أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن المنافقين وإغلاظ القول عليهم ، وأن لا يلقاهم بوجه طلق بل يكون وجهه مكفهراً عابساً متغيراً من الغيظ ) . فإذا كان هذا من المنافقين الذين بين أظهر المسلمين يصلون معهم ويجاهدون معهم ويحجون ، فكيف بمن يسافر إلى المشركين وأقام بين أظهرهم أياماً وليالي واستأذن عليهم في بيوتهم وبدأهم بالسلام وأكثر لهم التحية وألاَّن لهم الكلام !! وليس له عذر إلا طلب العاجلة ولم يجعل الله الدنيا عذراً لمن اعتذر بها قال الله تعالى : قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ . سورة التوبة ، (الآية : 24) . وقوله تعالى : بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى . سورة الأعلى ، (الآيات : 16 ، 17) . وقوله تعالى : مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ . سورة الشورى ، (الآية : 20) . وقوله تعالى : مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا . سورة الإسراء ، (الآية : 18) . وقوله تعالى : لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . سورة المجادلة ، (الآية : 22) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى في الحديث الطويل الذي قال فيه : ( ولا يحملكم الشيطان باستبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ) . ولما نهى الله سبحانه عن حمل المشركين إلى بيته وعلم من خلفه الإعتذار بالحاجة قال : وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء . سورة التوبة ، (الآية : 28) . فلم يعذر بالفقر والحاجة إلى ما في أيديهم ، وأخبر أنه الرزاق ذو القوة المتين . والموجب لهذه النصيحة الشفقة عليكم مخافة أن توادوهم فتكونوا مثلهم ، والكلام في هذا مع مؤمن عاقل يخاف مقام ربه وينهى نفسه عن هواها ، وأما المنافق والمرتاب ومن يرد الله فتنته فالله له بالمرصاد : يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ . سورة الشعراء ، (الآيات : 88 ، 89) . فالواجب على العاقل الناصح لنفسه النظر في أمره ، والفكرة في ذنوبه ومجاهدة نفسه على التوبة النصوح والندم على ما فان ، والعزيمة على ألا يعود ، والتبديل بالعمل الصالح وتقديم محبة الله على جميع المحاب ، وإيثار مرضاته على حظوظ النفس فإن كل شيء ضيعه ابن آدم ربما يكون له منه عوض ، فإن ضيع حظه من الله لم يكن له عوض ، وقد خاب من كان حظه من الله دنيا يحتلب درها ، والخاسر من خسر دينه وإن أفاد في دنياه . نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يأخذ بنواصينا إليه ، وأن يلزمنا كلمة التقوى وأن يجعلنا من أهلها ، وصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم . ========================================== ترجمة مختصرة لصاحب الرسالة : هو الشيخ المحقق العلامة حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن راشد بن حميضة وأشتهر بـ : ابن عتيق نسبة إلى جده الثاني عتيق ، واشتهرت أسرتهم بهذه النسبة ، وكانوا يقيمون في مدينة الزلفي ، وقد ولد سنة 1227 هـ ، وعينه الإمام فيصل بن تركي بمشورة رئيس قضاة نجد في زمانه الإمام عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ قاضياً على مدينة الخرج ، ومن تلاميذه جملة من العلماء ، منهم : ابنه الشيخ سعد بن حمد بن عتيق وابنه الثاني الشيخ عبد العزيز بن حمد بن عتيق وابنه الثالث عبد اللطيف ، والإمام العلامة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف ، والشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف ، والشيخ محمد بن عبد اللطيف ، والشيخ سليمان بن سحمان ، والشيخ حسن بن عبد الله بن حسن ، والشيخ حسن بن حسين ، والشيخ عبد العزيز الصيداني ، والشيخ محمد بن على آل موسى ، والشيخ سعود بن مفلح ، والشيخ عبد المحسن بن باز ، والشيخ زيد بن محمد آل سليمان وغيرهم . توفي في مدينة الأفلاج سنة 1301 هـ عن عمر يناهز السبعين ، ودفن في مقبرة العمار ، وخلف عشرة أبناء ولا يوجد الآن إلا أحفاده ، فرحمه الله رحمة واسعة .
|
||
|
09-04-2008, 01:11 AM | #2 | ||
|
رد: رسالة العلامة حمد بن علي العتيق في التحذير من السفر إلى بلاد المشركين
جزاك الله خير
|
||
|
09-04-2008, 10:23 AM | #3 | |||
|
رد: رسالة العلامة حمد بن علي العتيق في التحذير من السفر إلى بلاد المشركين
|
|||
|
09-04-2008, 10:26 AM | #4 | |||
|
رد: رسالة العلامة حمد بن علي العتيق في التحذير من السفر إلى بلاد المشركين
|
|||
|
09-04-2008, 02:22 PM | #5 | ||
|
رد: رسالة العلامة حمد بن علي العتيق في التحذير من السفر إلى بلاد المشركين
جزاكم الله خيرا على المرور والتعليق
|
||
|
11-04-2008, 03:28 PM | #6 | ||
|
رد: رسالة العلامة حمد بن علي العتيق في التحذير من السفر إلى بلاد المشركين
جزاك الله خير
|
||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
إعلانات نصية |
منتديات صحيفة وادي الدواسر الالكترونية | |||