حــوار هــادئ مع دعــاة التـقريــب مع الشــيـعة
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه الشرفاء.
وبـــــعــــد ، فقد لوحظ في الفترة الأخيرة تسلل فكر "التقريب بين أهل السنة والشيعة الروافض" عند بعض الأحبة ـ هداهم الله ـ .
وقد دار بين بعض الأعضاء في هذا الخصوص حوار عنيف في مسألة الشيعة بين التضليل والإعجاب ، فحسما لهذا اللبس رأينا فتح نافذة للحوار الهادئ مع دعاة "التقريب" ، لبيان خطورة هذه الدعوة على عقيدة أهل السنة ، فنقول وبالله التوفيق :
أولا ـ مفهوم "التقريب" : بلا ريب أن "تقريب" جموع المسلمين للعقيدة الصحيحة ، والفكر السليم ، والمنهج الصحيح ، ونبذ الخلاف بينهم من أعظم مقاصد الإسلام ، ومن أهم وسائل القوة لمجابهة أعداء الأمة ، والنهوض من كبوتها ، ويتعين على كل مسلم أن يسعى إلى تحقيق ذلك ، ولكن بشرط سلامة الأصول وجوهر الدين .
فلا يصح أن يقرب بين الحق والباطل ، أو الكذب والصدق ، أو الإيمان والكفر ؛ لأنه كما لا يخفاكم جميعًا لا منزلة بين المنزلتين في مثل هذه المسائل.
وقد كثر في الآونة الأخيرة تبني بعض النظم السياسية ، والمراكز العلمية فكر "التقريب بين أهل السنة والشيعة الروافض" ، فأفضى هذا التبني باعتراف الأزهر بالمذهب الخامس "الجعفري" ، وأنشأت إيران "دارًا للتقريب" في القاهرة عاصمة أرض الكنانة .
وفي المقابل لم تسمح إيران بإنشاء دار لأهل السنة في طهران !! .
بل تـُعد طهران وقم والنجف المدن الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها أي مسجد لأهل السنة ، في حين أننا نجد في "تل أبيب" عاصمة الصهاينة عدّة مساجد لأهل السنة !!. وهذه مفارقة عجيبة جديرة بالتأمل !!.
ومن المفارقات العجيبة أيضًا أنه بعد الاتفاق على "التقريب المزعوم" بين أطراف شيعية وأخرى محسوبة على أهل السنة نشر علماء النجف كتابًا اسمه "الزهراء" في ثلاثة أجزاء ، وقالوا فيه عن الفاروق : إنه كان مبتلى بداء لا يشفيه منه إلا ماء الرجال !! .
فالذي يظهر من هذا وغيره أن المقصود بالتقريب هم " أهل السنة " لا " الشيعة الروافض " .
فهم يستترون بهذه الدعوة من أجل التسلل لأهل السنة ، وإخراجهم من مذهبِهم إلى مذهب التشيع والرفض.
فالتقريب لا يصح إلا من الطرفين ، هذا يقترب خطوة ، والآخر يقترب خطوة ، فأهل السنة يقتربون من الشيعة الروافض بمشايعة آل البيت وحبهم ، كما وضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "الواسطية" ص 171حيث قال عن معتقد أهل السنة : ويحبون آل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله حيث قال يوم غدير خم : (أذكركم الله في أهل بيتي) .اهـ.
فإن فرض جدلاً صدق دعواهم في هذا "التقريب المزعوم" ، فكان الأجدر بهم تخفيف ضغينتهم بالصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ ، ولكن كان الأمر كما ذُكر لكم آنفًا.
فهذا وغيره يدل دلالة واضحة على كذب هؤلاء في دعواهم "التقريب" ، وأنها خدعة ليتمكنوا من خلالها التسلل إلى ديار المسلمين لتشييعهم .
ثانيًا ـ مقارنة بين معتقد " أهل السنة " و" الشيعة " .
بلا ريب أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، ومن ثَـمَّ يجب على كل منتسب لأهل السنة والجماعة ويعتقد فكرة "التقريب" أن يعلم مضمون عقيدة الشيعة أولاً ؛ حتى يكون على بصيرة من أمره ؛ عملاً بقول الله تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (يوسف:108).
وحتى يتضح شنيع عقيدة " الشيعة الروافض " ـ ونعني بذلك الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية الحاكمة في إيران والمسيطرة على جنوب لبنان ـ سوف نعقد مقارنة بين اعتقاد الفريقين ؛ لكي نتأمل إمكان هذا التقريب من عدمه.
أولا ـ " القرآن الكريم " :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ الاتفاق على صحته وسلامته من الزيادة والنقصان .
2 ـ ويفهم طبقا لأصول اللغة العربية .
3 ـ ويؤمنون بكل حرف منه ، وبأنه كلام الله غير مخلوق ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
4 ـ وهو المصدر الأول في العقائد والتشريع .
5 ـ وأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ جمعوا القرآن .
ملخص معتقد " الشيعة الروافض " هو :
1 ـ مطعون في صحته عند بعضهم .
وتولى كبر ذلك عالمهم المفضل الحاج ميرزا حسين الطبرسي (ت1320هـ) في كتابه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه !!.
من ذلك زعمه بحذف "سورة الولاية" ص 180 . وقد استبشر المستشرقون والمنصرون بهذا الكتاب وترجموه بلغاتهم ونشروه في الآفاق ؛ للبرهنة على تحريف القرآن !!.
غير أن كثيرًا منهم يتبرأ من هذه التهمة ، وبلا ريب لا يمكننا تصديقهم في ذلك بسبب عقيدتهم " بالتقية " كما سيأتي بيانه لاحقًا .
2 ـ وإذا اصطدم بشيء من معتقداتهم يؤولونه تأويلات عجيبة تتفق مع مذهبهم .
3 ـ استغناء آل بيت وشيعتهم عن القرآن الكريم بما عند آل البيت من الكتب الإلهية الأولى التي هي التوراة والزبور والإنجيل !.
والدليل على زعمنا هذا ما جاء في كتاب " الكافي " ـ الذي يعد بمنزلة الصحيحين عندهم ـ 1/207 قال : (إن الأئمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من الله ـ عز وجل ـ ، وأنهم يعرفونها كلها على اختلاف ألسنتها)، واستدل على ذلك بحديثين يرفعهما إلى أبي عبد الله وأنه كان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور بالسريانية.
وقصد المؤلف ـ كما هو ظاهر ـ هو أن آل البيت وشيعتهم تبع لهم ، يمكنهم الاستغناء عن القرآن الكريم بما يعملون من كتب الأولين.
وبلا ريب أن ذلك فيصل بين الكفر والإيمان ، فلا حظّ لمسلم في الإسلام إذا اعتقد الاستغناء عن القرآن الكريم بأي وجه من الوجوه!!.
4 ـ الاعتقاد بأن القرآن الكريم لم يجمعه ولم يحفظه أحد من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ والأئمة من آل البيت!!.
والدليل على زعمنا هذا ما جاء في كتاب " الكافي " 1/26 عقب تصريحه بذلك قال : (عن جابر قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذّاب، وما جمعه وحفظه كما نزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده)!!.
ولازم هذا الاعتقاد أن ما تواتر من جمع الصحابة للقرآن من الأكاذيب والدّجل !! .
فهل يعقل أن ما تواترت به الأخبار والآثار كذب ، وما جاءنا عن الآحاد صحيح لا ريب فيه ؟! .
ثم ألا يفضي ذلك إلى تكذيب قول الله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر:9) ؟! بلا ريب هذا يناقض الإيمان وهو كفر ظاهر للعيان.
ثانيًا ـ " السنة النبوية " :
ملخص معتقد "أهل السنة" هو :
1 ـ أنه المصدر الثاني للتشريع .
2 ـ المفسر للقرآن الكريم ، ولا تجوز مخالفة أحكام أي حديث صحت نسبته للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويعتمد في معرفة حال الحديث : الأصول التي اتفق عليها المحدثون في علم مصطلح الحديث ودراسة الأسانيد.
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ لا يعتمدون إلا الأحاديث المنسوبة لآل بيت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبعض الأحاديث لمن كانوا مع عليّ ـ رضي الله عنه ـ في معاركه . ويرفضون ما سوى ذلك .
2 ـ ولا يهتمون بصحة السند ، ولا الأسلوب العلمي في نقدها ودراسة أسانيدها، وعلى هذه الأقوال الضعيفة والمكذوبة بنوا دينهم وعقيدتهم. وردوا ثلاثة أرباع السنة الصحيحة.
ثالثا ـ "الصحابة" :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
أجمع "أهل السنة" على ما يلي :
1 ـ أن خير القرون قرن الصحابة ، ثم الذين يلونهم على ما قال صلى الله عليه وسلم : ((خير الناس قرني)) رواه الشيخان من حديث عمران بن حصين .
2 ـ أن خير الصحابة أهل بدر ، وخير أهل بدر العشرة ، وخير العشرة الأئمة الأربعة أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ـ رضي الله عنهم جميعا ـ .
3 ـ أن إمامتهم كانت عن رضى من جماعتهم .
4 ـ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة ـ عليهم السلام ـ إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ؛ لما ثبت من حديث ابن مسعود مرفوعا : ((إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)) رواه الطبراني في "الكبير".
قال أهل العلم : معنى ذلك لا تذكروهم إلا بخير الذكر .
ولما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا : ((لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه)) .
ولذلك قال أبو زرعة ـ رحمه الله ـ : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ، فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة ، فيكون الجرح به ألصق ، والحكم عليه بالزندقة والضلالة والكذب والفساد هو الأقوم الأحق .اهـ .
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ يرون أن الصحابة قد كفروا بعد رسول الله إلا نفرًا قليلاً لا يتجاوز أصابع اليدين .
2 ـ يلعن " الشيعة الروافض " أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وكل من تولى الحكم في الإسلام غير عليّ ، ولقبوا الصديق والفاروق بـ "الجبت والطاغوت" كما في كتابهم "مفتاح الجنان" ص 114 ونصه : "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، والعن صنمي قريش ، وجبتيهما ، وطاغوتيهما وابنتيهما …الخ" ، ويعنون بابنتيهما "عائشة" و"حفصة" ـ رضي الله عنهما وسائر أمهات المؤمنين ـ .
3 ـ يعظمون " أبا لؤلؤة المجوسي " قاتل عمر ، ويلقبون يوم مقتل الفاروق بـ " يوم العيد الأكبر " ، و" يوم المفاخرة " ، و" يوم البركة " …الخ .
4 ـ يضعون عليًا في مكانة خاصة الخاصة .. فبعضهم يراه وصيًا ، وبعضهم يراه نبيًا …الخ .
رابعًا ـ " عقيدة التوحيد " .
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ أن الله الواحد القهار ، لا شريك له ، وند ولا نظير ، هو وحده المستحق للعبادة .
2 ـ ويؤمنون بما جاء في الوحيين من الأسماء والصفات من غير تأويل أو تشبيه أو تحريف (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11) .
3 ـ وأن الشفاعة مشروطة مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ (البقرة:255).
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ يؤمنون بوحدانية الله ، ولكنهم يشركون معه غيره في بعض العبادات كالدعاء والتوسل بقولهم : (يا علي ، ويا حسين) .
2 ـ من شركهم في العبادة ذبحهم ونذرهم لأوليائهم .
3 ـ يعتقدون العصمة في الأئمة ، وأنهم يعلمون الغيب ، ولهم في الكون تدبير وتصريف .
خامسًا ـ عقيدة التقية ، وهي " أن يظهر الإنسان غير ما يبطن " :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1-" التقية " لا تجوز بين المسلمين ؛ لأنها من الخداع والحيلة لما ثبت (من غش فليس منا) .
فيجب على المسلم أن يكون صادقًا ، شجاعًا في الحق
2 ـ وتجوز " التقية " : مع الكفار أعداء الدين ، وفي حالة الحرب فقط ؛ لأن (الحرب خدعة) .
ملخص معتقد " الشيعة الروافض " هو :
1-بالاتفاق يرونها من الواجبات الشرعية لا يقوم المذهب إلا بها ، وغالبًا ما يتعاملون بها إذا أحاطت بهم ظروف قاسية
2 ـ الكذب والمكر من السمات الرئيسة لمذهبهم ؛ ولذلك يقال : أصدق فرق المبتدعة " الخوارج " ، وأكذبها " الشيعة الروافض " .
يقول ابن تيمية في هذا الصدد في " منهاج السنة" : (وليس المنافقون في طائفة أكثر منهم في الرافضة حتى أنه ليس في الروافض إلا من فيه شعبة من شعب النفاق ).اهـ .
ولعل هذه العقيدة هي السبب الرئيسي الذي خدع بعض أهل السنة سليمي القلب في " الشيعة الروافض " عندما أظهر بعضهم هذه " التقية " برغبتهم في التفاهم والتقارب !!.
هذه بعض رؤوس الأقلام في عقيدة الفريقين المزعم تقاربهم ! فهل من وجه لهذا التقارب ؟! .
هل اتفقا في أصول وجوهر الإسلام ؟! .
أين القاسم المشترك بين الفريقين لكي نقرب بينهما ؟! .
هذه مسائل علمية دقيقة ولا يجوز الحكم فيها بغير علم وبحث ، ولا ينبغي أن يكون المرجع فيها لحكم الهوى والعواطف ! .
بلا ريب لا وجه على الإطلاق لهذا التقريب ، اللهم إلا تحت المسمّى الجامع بـ " الإسلام " ، وهذا بلا ريب لا يغني عن الحق شيئًا ، فليس كل من تشدّق بالإسلام يمكن التقارب معه كالمنافقين والعلمانيين.
ثالثا ـ بيان حكم السلف على " الشيعة الروافض " :
1 ـ قال ابن تيمية في " الوسطية " ص 173 : (ويتبرئون من طريقة الروافض الذين يبغضون أهل البيت بقول أو عمل ، ويمسكون عما شجر من الصحابة) .
2 ـ وقال ابن تيمية في " منهاج السنة " 3/83 : (الروافض شر من الخوارج في الاعتقاد) .
3 ـ قال إبراهيم بن ميسرة : (ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنسانًا قط إلا إنسانًا شتم معاوية ، فضربه أسواطًا) . رواهما اللالكائي .
4 ـ وروى الإمام أحمد عن عاصم الأحول قال : أتيت برجل قد سب عثمان قال : فضربته عشرة أسواط . قال : ثم عاد لما قال ، فضربته عشرة أخرى . قال : فلم يزل يسبه حتى ضربته سبعين سوطا . وهذا هو المشهور من مذهب مالك قال مالك : من شتم النبي قتل ومن شتم أصحابه أدب .
5 ـ وقال عبد الملك بن حبيب : من غلا من الشيعة إلى بغض عثمان والبراءة منه أدب أدبًا شديدًا ، ومن زاد إلى بغض أبي بكر وعمر ، فالعقوبة عليه أشد ، ويكرر ضربه ، ويطال سجنه حتى يموت ، ولا يبلغ به القتل إلا في سب النبي .
6 ـ وقال القاضي أبو يعلى : الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة إن كان مستحلا لذلك كفر ، وإن لم يكن مستحلا فسق ولم يكفر ، سواء كفرهم أو طعن في دينهم مع إسلامهم .
7 ـ وقال محمد بن يوسف الفريابي وسئل عمن شتم أبا بكر ؟! قال : كافر .
قيل : فيصلى عليه ؟! .
قال : لا . وسأله كيف يصنع به وهو يقول : (لا اله إلا الله) ؟! .
قال : لا تمسوه بأيديكم ، ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته .
8 ـ وقال أحمد بن يونس : لو أن يهوديًا ذبح شاة وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي ، ولم آكل ذبيحة الرافضي ؛ لأنه مرتد عن الإسلام.
9 ـ وكذلك قال أبو بكر بن هانيء : لا تؤكل ذبيحة الروافض والقدرية ، كما لا تؤكل ذبيحة المرتد مع أنه تؤكل ذبيحة الكتابي ؛ لأن هؤلاء يقامون مقام المرتد ، وأهل الذمة يقرون على دينهم وتؤخذ منهم الجزية ، وكذلك قال عبد الله بن إدريس من أعيان أئمة الكوفة ليس لرافضي شفعه ؛ لأنه لا شفعة إلا لمسلم .
10 ـ وقال فضيل بن مرزوق : سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة : والله إن قتلك لقربة إلى الله وما امتنع من ذلك إلا بالجوار ، وفي رواية قال : رحمك الله قد عرفت إنما تقول هذا تمزح ! قال : لا والله ما هو بالمزح ، ولكنه الجد ! .
قال وسمعته يقول : لئن أمكننا الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم .
11 ـ وقال الشعبي : إن الروافض شر من اليهود والنصارى ، فإن اليهود سئلوا عن أخبار ملتهم ؟ فقالوا : أصحاب موسى .
والنصارى سئلوا عن أخبار ملتهم ؟ فقالوا : الحواريون الذين كانوا مع عيسى ـ عليه السلام ـ .
وسئلت الرافضة عن شر هذه الأمة ؟! . فقالوا : أصحاب محمد ؛ فلا جرم يكون سيف الحق مسلولاً عليهم إلى يوم القيامة ، ولا يرى لهم قدم ثابت ، ولا كلمة مجتمعة ، ولا راية منصوبة ، ولا ينصرهم أحد الأصار مخذولا لشؤم بدعتهم.
12 ـ وقال الإمام أحمد ـ إمام أهل السنة ـ عن الروافض : هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويسبونهم وينتقصونهم ، ويكفرون الأئمة الأربعة : علي وعمار ، والمقداد ، وسلمان ، وليست الرافضة من الإسلام في شيء .اهـ .
فيا من ترى التقريب بين " أهل السنة " و" الشيعة الروافض " هذه بعض نصوص أقوال علماء أهل السنة بين يديك ، فاسترشد بها تنال الهدى ، وتفوز بالتقوى .
رابعًا ـ شبهات والرد عليها :
لوحظ أن لدعاة " التقريب " بعض الشبهات التي دائمًا ما يدندنون حولها فرغبنا في الرد على أبرزها مسبقًا حتى نقطع دابر هذه الفتنة .
1ـ ديدن من يزعم " التقريب " أن أعداء الأمة تداعت وتكالبت علينا كما يتداعى الأكلة على القصعة ، ونحن في حاجة لجمع الشمل والتكاتف لمجابهة هذا العدو الغاشم خاصة (الصهاينة والأمريكان) ، وهذا لا يتحقق إلا بـ " التقريب " ، على قاعدة (لكم دينكم ولي دين) !!.
الجـــواب :
أن هذا القول حق لا ريب فيه ، ولكن توجيهه إلى أهل السنة هو الخطأ ، فالذي يمزق شمل الأمة ، ويهدم الأمة من الداخل (عقيدة وشريعة) هم " الشيعة الروافض " ـ كما مر بيان ذلك ـ ، فإن كان صاحب هذه الشبهة من المنصفين الجادين في الإصلاح ، فعليه التوجه إلى منتديات " الشيعة الروافض " ويحثهم على عدم سب الصحابة ، وإهانة حملة أمانة هذه الأمة ، والكف عن رمي أمهات المؤمنين بالكفر والزنا ، وإخلاص توحيدهم لله بنبذ الشركيات في أدعيتهم وتوسلاتهم وذبحهم ونذرهم.
ثم هل أعراض هؤلاء المبتدعة المضلون ، الأفّاكون المكذبون أجل عندك من أعراض أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين يا أيها الحبيب ؟!!.
ثم الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبرنا بأن الله كتب على هذه الأمة بأنها ستفترق إلى ثلاثة وسبعين فرقة ، كلها في النار إلاَّ واحدة وهي " أهل السنة والجماعة " . فالفرقة والشقاق بين بعض المنتمين لهذه الأمة من أقدار الله الكونية ، واقرأ إن شئت قول الله تعالى : قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (الأنعام:149) .
2ـ أيضًا يزعم البعض بأن الشيعة أهل الخنادق ، وأهل السنة أهل الفنادق ، فهاهم الشيعة الروافض يثخنون في أعداء الله الصهاينة ، فأخرجوهم من جنوب لبنان ، بينما أهل السنة أغلبهم نيام ، وأصحاب شهوات لهو وخيام ، وما " حزب الله " وعلى رأسها " حسن نصر الله " عنا ببعيد!!.
الجــــواب :
المشكلة أن الكثير ممن يتبنى هذه الشبهة قد علم شيئًا وخفت عنه أشياء ، فقد خفت عنه الخلفية العقائدية والتاريخية للشيعة الروافض .
فالواجب على الباحث عن الحق أن يُلم بجميع جوانب القضية ؛ ليسلم فكره من المغالطات الشنيعة .
أما بخصوص " حزب الله " وقائده " حسن نصر الله " ، فللأسف تخاذلنا نحن أتباع " أهل السنة " هو الذي صنع مثل هذه الحركات والشخصيات ، فقد أخلينا لهم الساحة ، فسطع نجمهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فإن كنا نطلب الحق ، فعلى صاحب هذه الشبهة حث أتباع " أهل السنة " إلى النهوض من سباتهم ، ونفض التراب عن أكتافهم ، ونبذ الخلاف فيما بينهم .
ثم عند التأمل جيدًا في تاريخ الأمة وحاضرها نجد أن صاحب هذه الشبهة وقع في مغالطات كثيرة :
1 ـ منذ متى و" الشيعة الروافض " يحملون راية الجهاد ضد أعداء الأمة ؟! .
فهل تعلم أيها الحبيب أن " الشيعة الروافض " يعتبرون جميع الحكومات الإسلامية من يوم وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هذه الساعة ـ عدا سنوات حكم عليّ بن أبي طالب ـ حكومات غير شرعية ، ولا يجوز لشيعي أن يدين لها بالولاء ، والإخلاص من صميم قلبه ، وإنما هي المداهنة والتقية !!.
فجميع الحكام من أبي بكر الصديق مرورًا بصلاح الدين الأيوبي وجميع الذين فتحوا للإسلام ممالك الأرض ، وقهروا أعداء الله من التتار والصليبيين حتى حكام اليوم كل هؤلاء في عقيدة " الشيعة الروافض " حكام متغلبون ، ظالمون ، ومن أهل النار !!.
والسر في ذلك أن الحكام الشرعيون عندهم هم الأئمة الاثنى عشر وحدهم ، سواء تيسر لهم مباشرة الحكم أو لم يباشروه !!.
فلما لم تتحقق نظريتهم في التاريخ كما كانوا يرجون ، فقد أضافوا نظرية الرجعة ، ومعناها أن آخر أئمتهم ويُسمّى " القائم " سيقوم في آخر الزمان . ويخرج من السرداب يذبح جميع خصومه السياسيين ، ويعيد إلى " الشيعة الروافض " حقوقهم التي اغتصبتها الفرق الأخرى عبر القرون!!.
2 ـ ثم خيانات وغدر ابن العلقمي التي سطرها لنا التاريخ في صحيفة " الشيعة الروافض " السوداء خير شاهد على خبث هذه الفرقة عبر القرون والعصور ، فقد قابل بالخيانة والغدر تسامح الخليفة المستعصم وكرمه باتخاذه إياه وزيرًا له .
والعجيب أن الروافض إلى اليوم يتلذذون بالشماتة بما حل على أهل السنة من نكابات التتار ، ومن شاء التوثيق فليقرأ ما سطرته أيديهم عند ترجمتهم للهالك " نصير الطوسي " ـ قاتله الله ـ شيخ الشيعة وقتئذ ، حتى في آخر كتبهم في التراجم "روضات الجنات" للخونساري ص 579 ، فقد شحنه بمدح السفاحين والخونة ، والشماتة بما وقع لأهل السنة .
نفوس مشحونة بالبغض والكره ، فطمت على الحقد ، وترعرعت على الغدر والخيانة .
وهم يشبهون الحرباء في تلوين جلودهم حسب ظروف البيئة التي تحيط بهم ، فمتى قويت شوكة أهل السنة في بلد انخنسوا واستعملوا " التقية " ، وتباكوا كالتماسيح ، وتوسلوا في طلب الرحمة .
ومتى ضعف أهل السنة في بلد وكان للكافر الخارجي قوة ، رفعوا رأسهم عاليا ، وكانوا أنصاره وجنوده المخلصين ، وأذلوا أهل السنة كلما سنحت لهم الفرصة ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ ، وما اتفاق " شيعة أمل " في لبنان مع " حزب الكتائب " الماروني على ذبح الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية أبان حرب لبنان ليس عنا ببعيد فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (الحشر:2) .
3 ـ أيضا قتال الشيعة لليهود في لبنان ودعم إيران لهم ليس هو من قبيل الحسبة لله تعالى كما هو الحال عندنا ، ولكنهم يقاتلون اليهود من باب تعجيل خروج مهديهم من جحره أو سردابه الذي لا يتحقق إلا بتحرير القدس واندحار اليهود ، وقد سمعتُ ذلك من " حسن نصر الله " نفسه ـ أعني وجه قتالهم اليهود من أجل خروج المهدي ـ ، فحقيقة قتالهم ـ وأعني بذلك ما يعتقده خاصتهم لا عوامهم ـ ليس نصرة لأهل السنة في فلسطين ، ولكن ذلك حدث من باب التوافق والتقاء المصالح، كما التقت مصلحة الأمريكان مع المجاهدين الأفغان إبان حرب الدب السوفياتي .
4 ـ أيضا كما قلتُ سابقا لنتأمل دور الشيعة الروافض في لبنان يوم كان الناطق باسمهم "حزب أمل" ماذا فعلوا بأهل السنة في المخيمات الفلسطينية ؟ .
لقد كان القتل على الهوية ، وذلك عندما قويت شوكتهم كشروا عن أنيابهم ، فتحالفوا مع الكتائبيين (المارون) في ذبح أهل السنة ، فمن كانت هويته فلسطينية قتلوه ، ومن كانت هويته شيعية أو نصرانية تركوه !!.
أما بعد ظهور "حزب الله" ، فبلا ريب نجد مواقفه أقرب لمناصرة الفلسطينيين ليس عقائديًا ولكن تكتيكيًا وسياسيًا كما بينته آنفا .
5 ـ وأيضًا لا يخفاكم أن دولة إيران الرافضية تحمي وتدعم حزب الله لتقوية الشيعة في هذا الجزء الهام من العالم ، فهي تنفق بسخاء على الحوزات والمنح التعليمية ، ففي خلال فترة يسيرة من بعد الانقلاب على الشاه بذلوا كل جهدهم في دعوتهم حتى صارت ميزانية الدعوة والإرشاد عندهم في المرتبة الثانية بعد ميزانية الجيش، وبثوا عددا من القنوات الفضائية بعدة لغات وأشهرها وأقواها تأثيرا في نفوس عوام المسلمين من أهل السنة الناطقين باللغة العربية "قناة المنار اللبنانية" التابعة لحزب الله . وقد فتن بهم الكثير من أبناء الأمة من المغرب إلى الفليبين بسبب دغدغتهم لعواطف المسلمين الجياشة ، واستغلالهم للأحداث في دعوتهم . فهؤلاء نجحوا في إبلاغ باطلهم ، ونحن أخفقنا في إبلاغ الحق ، فالخلل عند التأمل في أسلوب دعوتنا نحن.
وأخيرًا بلا ريب أننا نطمع في هداية الشيعة وجميع البشرية ، وليس ذلك على الله بعزيز قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (الأنعام:149) . فقد اهتدى من هو أخبث منهم في العقيدة في عصرنا الحاضر من المذاهب المبتدعة والملحدة كالإسماعيلية ، وصاروا من دعاة أهل السنة بين قومهم ، ومن يعرف تفاصيل المذاهب يدرك أن الشيعة الإمامية أقرب لأهل السنة من الدروز ، والنصيرية ، والإسماعيلية ، والقرامطة .
كما أن زيدية في اليمن أقرب لأهل السنة من الإمامية .
وكذلك الأباضية في عُمان وجنوب الجزائر أقرب لأهل السنة من الجهمية والمعتزلة .
والنصارى البرتستانت أقرب للمسلمين من الكاثوليك ، والنصارى في الجملة أقرب للمسلمين من اليهود من وجه ، واليهود أقرب للمسلمين من وجه آخر ، وهذا تفصيله يطول ليس هذا موضع بحثه، ولكن المقصود أن ننبه إلى أن القرب نسبي لا يستلزم منه إمكان "التقارب المزعوم" .
إن الشيعة الروافض يشترطون علينا ـ أيها العقلاء ـ للتفاهم معهم ، ولرضاهم عنا ـ وهو ما يُسمّى "التقريب" ـ أن نلعن معهم أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأن نتبرأ من أمهات المؤمنين ، وأن ننبذ سنة نبينا وراء ظهورنا ، وأن نجعل من توحيدنا شركًا ، ومن تاريخ أجدادنا وزرًا !!.
فهل أنتم يا أهل السنة قائلون بذلك إرضاءً للروافض ، وللتقريب بينكم وبين أحفاد ابن العلقمي والطوسي ؟! .
اللهم إني بلغت ، اللهم فاشهد .