قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لكل أمة أمين،وأمين هذه الأمة أبو عبيدة أبن الجراح )).
وقال عليه الصلاة والسلام(( ما منكم من أحد إلا لو شئت لأخذت عليه بعض خلقه إلا أبا عبيدة )).
نسبه : هو عامر بن عبد الله بن الجراح من بني فهر ،أحد بطون قريش يلتقي نسبه مع رسول الله في فهر.
مولده وصفته : كان مولده قبل البعثة النبوية بسبع وعشرين سنة لذا فهو يصغر النبي عليه الصلاة والسلام بثلاث عشرة سنة.
وكان رجلاً مضيء الوجه,بهي الطلعة,نحيل الجسم ,طويل القامة,خفيف العارضين,يرتاح الفؤاد لرؤيته ,متواضعاً,رقيقاً شديد الحياء.
قال عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
( ثلاثة من قريش أصبح الناس وجوهاً وأحسنها أخلاقاً وأثبتها حياءً , إن حدثوك لم يكذبوك وإن حدثتهم لم يُكذبوك : أبا بكر,وعثمان بن عفان ,وأبا عبيدة بن الجراح ) .
تزوج رضي الله عنه من هند بنت جابر العامرية فأنجبت له يزيد و عميراً لكنهما ماتا صغيرين وليس له عقب.
أسلامه : أسلم أبا عبيدة على يد أبا بكر رضي الله عنه فهو من أوائل الذين أسلموا في بداية الدعوة السرية التي مكثت ثلاث سنوات حيث اسلم مع عبد الرحمن بن عوف وعثمان ابن مظعون وأبي سلمه وعبيدة بن الحارث في ساعة واحدة عندما عرض عليهم أبا بكر الإسلام وقد بُشر أبا عبيدة بالجنة وكان ممن هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة وكان من أهل بدر المشهورين.
مواقفه في الإسلام : بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم رأى أبا عبيدة أن الشقاق ربما ينشأ بين الأنصار والمهاجرين ,فقال البعض يكون أمير من المهاجرين يعقبه أمير من الأنصار فقام أبو عبيدة وقال : ( يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وأزر فلا تكونوا أول من بدل وغير).
ومن ثم أخذ أبا بكر بيد أبا عبيدة بن الجراح وبيد عمر بن الخطاب وقال : قد رضيت لكم هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فقالا: لا ينبغي لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون فوقك يا أبا بكر أنت صاحب الغار مع رسول الله وثاني أثنين , وأمرك رسول الله بالصلاة في مرضه بالناس إماماً فأنت الأحق بهذا الأمر دون سواك .
وفي عهد أبا بكر الصديق رضي الله عنه هب أبا عبيدة للدفاع عن دين الله بعد أن أرتد الكثير من القبائل وبعد أن أستب الأمن في الجزيرة العربية جهز أبا بكر رضي الله عنه أربعة جيوش للجهاد في سبيل الله ومقاتلة الفرس والروم وكانت هذه الجيوش بقيادة كل من .
1ـ جيش بقيادة يزيد بن أبي سفيان لدمشق .
2ـ جيش بقيادة شرحبيل بن حسنه للأردن .
3ـ جيش بقيادة عمرو بن العاص لفلسطين .
4ـ وجيش بقيادة أبا عبيدة إلى حمص شمال دمشق .
وقال لهم( أذا عملتم منفردين فكل منكم أمير على من معه ’أما أذا ألجأتكم الظروف إلى العمل في مكان واحد فالقائد العام أبو عبيدة بن الجراح).
وفي عهد الفاروق عمر أبن الخطاب رضي الله عنه كان أبا عبيدة في عهد الفاروق كما كان في عهد الصديق مجاهداً في سبيل الله ومخلصاً لدينه لا تعنيه الدنيا ولا ملذاتها ’حيث فتح الله له الشام ’ وبعد أن جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بيت المقدس وصالح النصارى وأعطاهم عهده لأهلها وأمنهم على عقائدهم وأموالهم وأنفسهم وأخذ منهم الجزية سأل الأمراء عن أبا عبيدة قائلاً :
ـــ أين أخي ؟ فقالوا متعجبين :ومن أخيك؟ فقال : أبا عبيدة.
قالوا يأتيك الساعة.وجاء أبا عبيدة وسلم على عمر فقال له عمر : هلم إلى منزلك
فلما دخل عمر لم يجد في المنزل سوى سيف أبا عبيدة وترسه وكسرات خبز جاف, فبكى عمر وقال: لو اتخذت متاعاً يا أخي فقال أبا عبيدة حسبنا يا أمير المؤمنين ما يبلغنا المقيل (يعني الدنيا الفانية وأيامها القليلة وان كثرت).
فقال عمر وقد أشتد بكاؤه : غيرتنا الدنيا إلا أنت يا أبا عبيدة.
وفاته ؛ فلما سار أبا عبيدة قاصداً بيت المقدس أشتد عليه مرضه وشعر بدنو اجله فقال للناس: أدفنوني حيث مت ’ثم وصى من حوله قائلاً:
((( إني موصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير ,أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان وتصدقوا وحجوا واعتمروا وتواصوا وانصحوا لأمرائكم ولا تغشوهم ولا تلهكم الدنيا فإن المرء لو عمر إلف حول ما كان له بد أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترون ’الله كتب الموت على بني أدم فهم ميتون ــ وأكيسهم أطوعهم له ــ وأعملهم ليوم معاده والسلام عليكم ورحمه الله ))) .
ثم التفت إلى معاذ بن جبل وقال :يا معاذ صلِ بالناس.وبعد وفاته رضي الله عنه قال عنه معاذ بن جبل:ـــ أنكم فجعتم برجل ما ازعم والله أني رأيت من عباد الله أقل حقداً ولا أبرأ صدراً ولا أبعد غائلة ولا أشد حياء للعاقبة ولا أنصح للعامة منه فترحموا عليه.
وقال عنه عمر بن الخطاب : لو أدركت أبا عبيدة لاستخلفته وما شاورت ’فإن سئلت عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسوله .
وسئلت عائشة رضي الله عنها : أي أصحاب رسول الله أحب إليه قالت : أبو بكر ثم عمر ثم أبا عبيدة..
رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم وأسكنهم فسيح جناته أنه على كل شيء قدير ...............
((( من سلسلة العشرة المبشرون با الجنة للكاتبة سميه عبد الحليم ))) .