السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الناس رجلان ، رجل يقرِّب ، ورجل يُبْعِد ، رجل يحبِّب ، ورجل يبغِّض ، رجل يدعو إلى ورجل يدعو عن ، رجل يدفع ورجل يصرف ، فهنيئاً لمن كان دوره في الحياة الدَفْعَ ، والتقريب ، والتحبيب ، والتوضيح ، والتبيين ، والإحسان ، والويل لمن كان دوره في الحياة قطع ما أمر الله به أن يوصل ، تكذيب ما ينبغي أن يُصدَّق ، تسفيه ما ينبغي أن يُبَجَّل ، أنت بإمكانك أن تقول عن الذهب أنه حديد ، ولكن إذا قلت هذا الكلام أيصبح الذهب حديداً ؟ هنا المشكلة ، بإمكانك أن تتهم الأمين بالخيانة ، ولكن هذا الاتهام هل يجعله خائناً ؟ أنت معك قنطار من المعدن ، بذكاءٍ شديد ، وقوة حجةٍ بارعة أقنعت الناس بأنه ذهب وصدق الناس دعواك ، وهو في الحقيقة ليس ذهباً إنه معدنٌ رخيص ، من هو الخاسر ؟ الخاسر أنت ، وإذا كان معك ذهبٌ ، واتهمك الناس بأن هذا المعدن رخيص ، من الرابح ؟ الرابح أنت ، فخيرك منك ، وشرك منك ، لا شأن للناس بك ، لذلك ورد في الحديث القدسي : ( يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ، قال : أحب عبادي إلي تقي القلب نقي اليدين لا يمشي إلى أحدٍ بسوء ، أحبني وأحب من أحبني وحببني إلى خلقي ) . إذاً الناس رجلان ، مُقَرِّب إلى الله ومُبَعِّد عن الله ، مُحَبِّب ومُبَغِّض ، مبيِّن ومضلل ، محسن ومسيء ، منضبط ومنفلت ، على اختلاف أجناس الناس ، وعلى اختلاف أعراقهم ، وأنسابهم ، واتجاهاتهم ، ومللهم ، ونحلهم ، وتفكيرهم ، وطبقاتهم ، وانتماءاتهم ، بالنهاية الناس رجلان برٌ كريم وخَبٌ لئيم ، متصل بالله ومنقطع عنه .
نسأل المولى عز وجل أن يجعلنا وإياكم من الكرام البررة .