قرار الجماهير
شعر: د. عائض القرني
استجابة للدعوة التي وجهها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله - للشيخ الدكتور عائض بن عبدالله القرني لاستمراره في مسيرة الدعوة إلى الله والعدول عن رغبته السابقة اعتزال العمل الدعوي، فقد عدل الشيخ عائض عن قراره السابق تلبية لهذا النداء الأبوي الذي يمثل رأي شريحة كبيرة من محبي الشيخ.
وقد عبر الشيخ عن تلك الرغبة بقصيدته التالية التي سماها (قرار الجماهير) التي ذكر من خلالها أسباب قرار العدول عن الاعتزال ومرئياته لفترة التأمل التي اتخذها لنفسه لدراسة الأمر.
وقد كانت تلك الدعوة التي وجهها الأمير سلمان للدكتور عائض القرني أثناء استقبال سموه له بمكتب سموه بقصر الحكم بالرياض بتاريخ 3-11-1426هـ، حيث تحدث الأمير سلمان للشيخ قائلاً: إنه فوجئ بتصريحاته الأخيرة حول رغبته اعتزال العمل الدعوي، وأن سموه طلب حضوره إكراماً له وتقديراً لجهوده القيمة في الدعوة والنصح والإرشاد حيث دعاه للعدول عن قرار الاعتزال رغبة في الاستفادة من علمه ودوره القيم في الدعوة والإرشاد حيث وعد الشيخ في تلك المقابلة أنه سوف يتأمل ويفكر في هذه الرغبة الكريمة التي كان لها الأثر الكبير في نفسه والتخفيف عن معاناته، وجاءت نتيجة ذلك بتلبية نداء سموه الكريم في عدول الشيخ الدكتور عائض القرني عن قرار الاعتزال.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور عائض القرني سيلقي محاضرة في مسجد الملك خالد بأم الحمام بالرياض اليوم السبت 21-12-1426هـ بعد صلاة المغرب بعنوان (التوحيد والوحدة).
1 - خُذْ يَاْ صَبَاْ نجدٍ فَضْلاً وَحْيَ أفكَاريْ
فَنَجْدُ مَرْفَأ تَرْحَاليْ وَإبْحَاْرِي
2 - وَنَجْدُ جُدِّدَ فِيْهَاْ الحُبُّ وانبَعَثَتْ
رَسَاْئِلُ الشَّوْقِ تَرْوِيْ كُلَّ أخْبَاْرِي
3 - وَنَجْدُ مَهْبِطُ آياتِ الجَمَالِ بِهَاْ
مَلاَعِبُ الحُسْنِ مِنْ سِحْرٍ وَأشْعَارِ
4 - رِفْقاً بِقَلْبِي يَاْ نَجْدُ الهَوَى فَأَنَا
مُتَيَّمٌ لِخَيالٍ مِنْكَ زَوَّارِ
5 - لَبَّيْكَ (سَلْمَانُ) إكْرَاماً لِدَعْوَتِكُمْ
وَللْمُحِبِّينَ مِنْ بَدْوٍ وحُضَّارِ
6 - في نجد تبقى أميرَ المجدِ مبتَهِجاً
كأن مجدَكَ فيها نُصْبُ تذكارِ
7 - في دولةٍ نصرَ التوحيد أولهم
وسار أحفادهم في خيرِ مضْمارِ
8 - شَهْرٌ مِنْ الحُبِّ والآماَلِ كنْتُ بِهِ
فِي خَلْوةٍ بَيْنَ أوْرَاقِيْ وأسْفَارِي
9 - وَجَدْتُ نَفْسِيَ بَعْدَ الهَجْرِ سَاْكِنَةً
وَسَاءَلَتْنِي عَنْ عَمْدٍ وإصْرَارِ
10 - قَالتْ: أتَعْتَزِلُ الدُّنْيَا وَبَهْجَتَهَا
حَسْنَاء قَدْ خَطَرَتْ فيْ عُمْرِ أزْهَارِ؟
11 - فَقُلْتُ: دُنْيَايَ فِي حِبْرٍ وفِي وَرَقٍ
مَعْ صَفْوةٍ مِنْ مَشَاهِيْرٍ وأبْرَارِ
12 - قَالتْ: يَقُولُون: ألْقَيْتَ العَصَا تَعِباً
وأنْتَ فِي نِصْفِ عُمْرٍ بَائِعٌ شارِي؟
13 - فَقُلْتُ: كَلاَّ فَلِيْ في خَالقِي أَمَلٌ
أَعْظِمْ بِهِ مَنْ كَرِيمٍ حَاْفِظٍ بَارِي
14 - قَالتْ: فَدَعْوتُكَ الغَرَّاءُ هَلْ نُسِيْت؟
وأيْنَ أحْمَدُ مَعْ جَبْريْلَ فِي الغَارِ؟
15 - فَقُلْتُ: رُوْحِي فِدَا المعْصُومِ وَاْ ولَهِي
دَمِي وَدَمْعِي جَرَى حُبّاً بِتَيَّارِ
16 - خُوَيْدِمٌ أَنَا للدِّيْنِ الحَنِيفِ وَهَلْ
لِلْخَادِمِ العَبْدِ أَنْ يَأْتِي بِأَعْذَارِ؟
17 - وَمَنْ أَنَا؟ مَاْ قَدْرِي؟ ومَاْ عَمَلِي
الصِّفْرُ يُوْضَعُ في خَانَاتِ أصْفَارِ
18 - وَإنَّمَا شَرَفِي آيٌ أُرَتِّلُهُ
أوْ خُطْبَةٌ دُبِّجَتْ أوْ قَوْلُ مُخْتَارِ
19 - قَالتْ: فَجُلاَّسُكُمْ مَنْ هُمْ؟ وَهَلْ حَفَلَتْ
تِلْكَ المَجَالسُ عَنْ قَوْمٍ بَأخبَارِ؟
20 - فَقُلتُ: كَاْنَ مَعِي القُرآنُ يُبْهِجُني
كَذَا الصَّحِيْحَانِ فِي أُنْسٍ وأنْوَارِ
21 - وَ(لابْنِ تَيْمِيَّةٍ) فِي عُزْلَتِي خَبَرٌ
طَارَحْتُهُ بِأحَادِيْثٍ وأسْمَارِ
22 - وَكَاْنَ عِنْدِيَ فِي بَيْتِي عَبَاقِرةٌ
(كَخَالِدٍِ) و(ابْنِ مَسْعُودٍ) و(عَمَّارِ)
23 - وَقَدْ جَلَسْتُ مَعَ (المغْنِي) فَسَاْمَرَنِي
و(لابنِ خلُدُونَ) تَقعيدٌ بِمعيَارِ
24 - حَتَّى (أبُو الطيِّبِ) الهَدَّارِ أمْطَرَنِي
بِشِعْرِهِ كهنيءِ الغَيثِ مِدْرَارِ
25 - وَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى (إِقْبَالَ) مَلْحَمَةً
منْ شِعْرِهِ بينَ إيرَادٍ وإصدارِ
26 - وَقَدْ شَكَا لِي (شَوْقِي) مَاْ أَلَمَّ بِهِ
قِيْثَارَةٌ عنْدَ عَزْفِ اللَّحْنِ قِيثَارِي
27 - وَ(الشَّافِعِيُّ) كتَابُ (الأُمِ) في يَدِهِ
يقولُ: خذهُ بِآيَاتِ وآثارِ
28 - و(لابنِ حَزْمٍ) مَعي ذَكْرَى مُوَرِّقَةٌ
(طَوقُ الحمامةِ) فيهِ نَفْحَةُ الغَارِ
29 - وَجَاءَ (سَقرَاطُ) يَبكِي خَائفاً وَجِلاً
على جدارٍ منْ التَّشْكِيكِ مُنْهارِ
30 - فَقُلتُ: فَاتَكَ رَكْبُ المصطَفَى فَسَرَتْ
بكَ الظُّنُونُ ولمْ تظفرْ بأنوارِ
31 - وَزُرتُ لَيْلاً (رَهينَ المحبِسينَ) فَلَمْ
يَهْنَأ بعيشٍ ولمْ يرَضَ بأقْدَارِ
32 - وَ(لابنِ زَيدُونَ) أسْرَارٌ مَعيْ حُفِظَتْ
أضْحَى التَّنَائي بديْلاً عنْ هَوى جَارِي
33 - عَلَى بِسَاطٍ مِنَ الإجْلاَلِ قابَلَني
(أبو حنيْفةُ) مِثلَ الكوكبِ السَّاري
34 - وَقدْ رأيْتُ (أبَا تَمَّامَ) مُرْتَجِلاً:
السَّيفُ أصْدقُ منْ لوحٍ وأسْفَارِ
35 - وَقَدْ تَلَوتُ عَلَى (فُلْتيرِ) رَائعَةً
منْ فِكْرِهِ يومَ أعْلَى قَدْرَ ثُوَّارِ
36 - وَ(شِكْسبيرُ) حَكَى لي منْ رَوَائِعِه
(هَاملْتَ) انْضَجَ فيهَا رُوْحَ مَوَّارِ
37 - فَقلتُ: يكفي جُمُوع الانقليز عُلاً
بُزَوغُ نَجْمُكُمو يا (سَوْبِرِ اسْتَارِ)
38 - أمَّا (تيولستي) الروسي فَأَخْبَرَنِي
عن قِصَّةٍ كُتِبَتْ في رَبْعِ سَنْجَارِ
39 - وَقَامَ يُنشدُني (طَاغورُ) قَافيَةً
قَدْ صَاغَهَا في (نُيودِلْهي) بإبْهَارِ
40 - حَتى ربَاعيَّةُ (الخَيَّامِ) جَاذَبَني
بِها نديميَّ مِنْ عِلْمٍ وأفْكَارِ
41 - أطلاَلُ (نَاجِي) سَقَتْ بالدَّمْعَ سَاحَتَهَا
وَجئْتُ أرْوِي إلى (العقَّادِ) تَسْيَارِي
42 - وَ(دَانتِيُّ) في رُبَا إيْطَاليَا هَتَفتَ
حَمَائمُ الشَّوقِ منْ رُوْمَا بأسْرَارِ
43 - نَعمْ، وَعَاتَبتُ (هَارونَ الرشيدَ) على
قَتْلِ (البرامكةِ) الأجوادِ في الدَّارِ
44 - فَقَالَ: دعهُمُ لَنَا عندَ الإلهِ غدًا
مواقفٌ سوفَ أتْلُو ثَمَّ أعْذَارِي
45 - أمَّا (الغزاليُّ) فطارَحنَاهُ وارْتَحَلَتْ
بصوتِ (إحيائِهِ) الفيْنَانُ أسْرَارِي
46 - ولم تَزَلْ (لابنِ رُشْدِ) في مُخَيِّلَتي
أفْلامُ ذِكْرى بإعْزَازٍ وإكْبَارِ
47 - و(الجاحظُ) الفَذُّ أبْكَانِي وأضْحَكَنِي
قَوْلٌ كَمِسْبَحَةٍ في كَفِّ سَحَّارِ
48 - و(لابنِ سَيْنَا) شِفَاءٌ منه أمْرَضَني
هذي العَقَاقِيرُ أمْ سكِّينُ جَزَّارِ
49 - وجَدْتُ نفسيَ في بَيْتِي وَقَدْ هدأتْ
ولمْ تُشتَّتْ بأخْبَارٍ وأسْعارِ
50 - ولَمْ تُرَوَّعَ بأنباءِ الحُرُوبِ ومَاْ
في السّوقِ منْ سِعْرِ دينارِ ودُوْلاِر
51 - إذْ كنتُ في لُجَّةِ الدُّنْيَا وَضَجَّتِهَا
ما بينَ فَوضَى وأهوالٍ وأخْطَارِ
52 - وجدتُ (لا تحْزَنَ) المشْهُوْرَ آنسَنِي
كأنَّهُ تُحْفَةٌ في كَفِّ عَطَّارِ
53 - سَأَلْتُ (لاَ تَحْزَنَ) المحبُوبَ أنتَ لِمَنْ؟
ومَنْ أبوك فَقدْ أنهيتَ أكْدَارِي
54 - فقالَ: أنتَ أبي ودَّعتني زمناً
تطوِي المنازلَ أسفاراً بأسْفارِ
55 - فقلتُ: أهلاً وسهْلاً بالَّذِي سَطَعَتْ
أنْوَارُهُ، قَمَرٌ أزْرَى بأقْمَارِ
56 - ضممتُهُ فَوْقَ صدري ضَمَّةً فَعَلَتْ
بالهمِّ والحُزْنِ فِعْلَ الماءِ بالنَّارِ
57 - وجئتُ والبَسْمَةُ الكُبْرَى على شَفَتِي
كَطَلعَةِ الفجرِ شعَّتْ بينَ أستارِ
58 - مَعي فؤادٌ بنورِ اللهِ مُنْتَهَجٌ
وهِمَّةٌ في تلظيهَا كإعصارِ
59 - وآيةٌ منْ حَكِيمِ الذِّكْرِ لوْ تُليتْ
على الجبالِ لذابَ الصَّخرُ كالقارِ
60 - ولمعةٌ منْ حديثِ المصْطَفَى برقتْ
كالنَّجمِ لاحَ بليلِ الجَهْلِ للسَّاري
61 - وبَيْتُ شِعْرٍ شَروْدٍ لوْ هتفتُ بِهِ
(لميَّ) سارتْ (لغيلانٍِ) بإصرارِ
62 - ونُكْتَةٌ تُضْحِكُ الثَّكْلَى دَلَفَتُ بِهَا
فَرَاحَةُ البالِ عندِي بعضُ أوطارِي
63 - وَسِحْرُ بَاْبِلَ دَبَّجْتُ البَيَانَ بِهِ
من سِحْرِ (هَارُوتَ) أو (مَارُوْتَ) أوْتَارِي
64 - خَرَجتُ للنَّاسِ مَاْ في القلبِ مِنْ دَغَلٍ
كلاَّ وليسَ بِهِ حقدٌ لأخيارِ
65 - والآن عُدتُ إلى الدُّنيَا وفي خَلَدِيْ
حُبٌّ سأسكُبُهُ كالسّلسلِ الجَارِي
المصدر/جريدة الجزيرة