بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني الأعزاء...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
حصلت هذه القصة عندما ركب أثنين من مشائخ ابن الحارث وهم الأمير مبارك بن مهرس الشدادي والأمير بنيه بن جريس الحطابي قاصدين الغزو بقبائلهم من الشدادين وذوي حطاب و بعض من قبائل ابن الحارث وتعتبر هذه الغزوة من أطول مغازي قبيلة ابن الحارث حيث دامت شهوراً عديدة..
يقال عندما وصلوا إلى ديار يام في الجنوب وفي الصباح أغاروا ابن الحارث على الأبل وتصادموا مع فرسان يام ودارت المعركة بين الطرفين وفي النهايه أنكسروا فرسان يام وأنتصروا ابن الحارث وأخذوا الإبل وكان من ضمن الكسب بكرة من خيار الإبل كانت لأحد شيوخ قبيلة يام يسمى أبو ساق وكان فارساً شجاع ولكنه لم يستطع أسترجاعها من القوم وحصل له قصة عندما حاول إسترجاع بكرته من ابن الحارث سنذكرها لاحقاً..
وبعد ذلك أستمرت المسيرة فقد أغاروا ابن الحارث على قبيلة العجمان وأخذوا إبلهم وكان هناك فتاة وهي بنت أحد شيوخ العجمان لحقت بحلال أهلها الذي أخذوه الشدادين وهذه القصة معروفه وإليكم نصها ((عندما قال الفارس مبارك بن خميّس الشدادي عند توزيع الغنائم للأمير مبارك بن مهرس: ياعم مبارك أنا ما ابا من الكسب شي ألا هذي الجاريه وكان يظنها جاريه من الجواري. فقالت الفتاة: أنا ماني جاريه أنا بنت الشيخ فلان. فقال الامير مبارك ابن مهرس : يابن خميّس ابشر باللي تباها ان كانها بنت الشيخ بيجي أبوها يدورها وان جاء ابوها خطبناها لك..
وفعلاً بعد شهرين جاء والدها وفي مجلس الأمير مبارك ابن مهرس قال: يالاد شداد البل ما جيت ادورها انا ادور بنتي اللي لحقتكم فقال الأمير مبارك ابن مهرس:بنتك عندنا وبغينها لولدنا مبارك بن خميّس فوافق العجمي وتزوجها الفارس مبارك بن خميّس فأنجبت( الفارس حمد الهيم و الفارس محمد و الفارس مهيزع و الفارس مسعود و الفارس عسيود والشاعرات هيا(فجعه) وهيه)..
ويقول الشاعر بعد معركة العجمان:
أكنا على العجمان والنور ما بـان
كون ٍ تسولف به جميـع البـوادي
منهم خذينا الوضح حلوات الألبان
وأصبح يقسمهن أميـر الشـدادي
ابن جريس يا شوق سحاب الأردان
ولا هان ابن مهرس نحاز المعادي
وكم ابلج ٍ خلي تعشـاه سرحـان
كلـه لعانـا مقرعـات التـوادي
وعندما كان فرسان ابن الحارث في طريق العودة إلى ديارهم بعد إنتصارهم على العجمان كانت قبيلة سبيع لديهم خبر بأن ابن الحارث غزوا العجمان وأنهم غنموا منهم فقعدوا لابن الحارث في العرق(( عرق سبيع)) مترقبين مجئ ابن الحارث ليأخذوا البل منهم وبينما كانوا ابن الحارث بالقرب من ديار سبيع جائهم خبر بأن السبعان يترقبونهم فقالوا القوم: يالأمير مبارك وش السواه يأبو سعد؟؟
فقال الأمير مبارك ابن مهرس بحنكة الشيوخ: أهلنا وراهم وألا دونهم!!
فقالوا:لا والله ألا وراهم, فقال الأمير مبارك ابن مهرس((( أهلنا وراهم والدرب ياطاهم))) فأنشد أحد الشعراء من قبيلة الجياشه من ابن الحارث يقول:
يا ويل اللي مهوب منا
واللي منا يضحك نابه
شيخنا زبـن المجنـا
واهني اللي مشى بـه
فتصادموا الشدادين وابن الحارث مع سبيع وفي النهايه أستطاع فرسان ابن الحارث الحفاظ على الكسب وكسر قبيلة سبيع الغلبا..
أما قصة الشيخ أبو ساق اليامي الذي أخذوا بكرته ابن الحارث فيقال عندما كان الأمير مبارك بن مهرس يقسم الغنائم كانت البكرة من نصيب أثنين من ابن الحارث من سكان قرية الصور وهم أخوان وأسمائهم عجيان ومعاجا فأخذوها إلى ديارهم.
وبعد مدة جاء الشيخ أبو ساق إلى الأمير مبارك بن مهرس يطلب بكرته منه حسب سلوم القبائل وعاداتهم في ذلك الزمان, وكانت هذه البكرة غاليه على أبو ساق فقام الأمير مبارك بحق هذا الشيخ وأكرمه, وعندما طلب منه أبو ساق أرجاع بكرته وافق الأمير مبارك وبحث عنها في حلاله ولم يجدها فقال الأمير مبارك دورها في حلال الشدادين فبحثوا عنها ولم يجدوا البكرة فبحثوا عنها عند الشلاوى ولم يجدوها, فقالوا ربما تكون عند الأخوين عجيان ومعاجا الذين يسكنون في قرية الصور..
وفعلاً ذهب الشيخ أبو ساق إلى الصور فوجدها عند عجيان ومعاجا واحزنه منظرها حيث قرية الصور تقع في منطقة الحجاز والبكرة لم تعتاد على المناطق الجبلية حيث أفضل مكان لها هي السهول وأعالي نجد, فطلبها منهم ولكنهم رفضوا إعطائه البكرة وعاد أبو ساق إلى الأمير مبارك بن مهرس وكان جازعاً في حال بكرته وقال له الأمير مبارك بن مهرس أبشر بعوضها من أباعري وتنقى منها اللي يعجبك, وفعلاً أخذ الشيخ أبو ساق من إبل الأمير مبارك بن مهرس ما سد حاجته ولكنه لم ينسى بكرته وقال هذه الأبيات:
وا حيسفي يا بكرتي يا أم عصفور
ازريت لفتكـك بيـوم الكسيـره
غدوا بها قوم ٍ مرابيهـم الصـور
لا جاه من نـو الثريـا غزيـره
ياكثر ما سرحتها طلعـت النـور
هيه وغزلان الوضاحي خشيـره
وياعنك ما وليتهـا كـل مثبـور
مازال في ساقي حزيز ٍ وسيـره
أم واخر ٍ يمهي ولو كان مصرور
يمهي كما تمهي عيـون الحفيـره
وألها سنام ٍ بين الأمتـان مزبـور
مثل العلم ينشاف من كـل ديـره
وقال أحد الشدادين لا تنسى يا أبو ساق أن أميرنا عطاك عوضها فأكمل أبو ساق القصيدة وقال:
ولو لا عطايا الشيخ لروح مقهور
ولاني بجحّاد الوجيـه السفيـره
عليّ أبيّنهـا ولانـي بمقصـور
وتشهد لي العيرات في كل سيره
ياطول ما خليتها تصرخ الكـور
يوم الردي عينه تراعي القصيره
ورحل الشيخ أبو ساق اليامي إلى دياره مكرماً معززاً رحمه الله وأسكنه الجنة..
وفي الختام لا نقول سوى رحم الله الفرسان الشجعان وجعل مثواهم جنات النعيم..