مصطفى العقاد وجنايته على السيرة النبوية في فيلمه الرسالة)
((الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد البشر والمرسلين ، محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أجمعين .
أما بعد :
فلقد طالعتنا وسائل الإعلام بعد وفاة المخرج ( مصطفى العقاد ) ـ رحمه الله ـ بفيلم الرسالة الذي قام على إخراجه وإنتاجه . وزاد الإعلام من شهرة الفيلم بكثرة الكلام عنه على أنه ينقل صورة الإسلام ويوصلها لمئات الملايين من الناس ، مما جعلني اهتم بالنظر إليه ومتابعته .
وبعد مشاهدتي للفيلم ، وجدت أن من واجبي وغيرة على ديني بيان الحق في الباطل الذي رأيته وأن هناك حقائق ينبغي للمسلم الجاهل أن يتعلمها ، كما أنه لا يجوز لطالب العلم السكوت عنها .
والله تعالى يقول :
({وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (187) سورة آل عمران))
أولـــــــــــــــــــــــــــــــــا :
من المعلوم يقينا أن كل صاحب علم هو الجدير بأن يتكلم عن علمه وتعدي من لا علم له على العلوم الأخرى جناية وكبيرة في حق هذا العلم لأن هذا سيؤدي بالضرورة إلى تشويه هذا العلم ، وضياعه ، وكثرة الاختلاف عليه .
فلا يصح أبدا لمن كان له خبرة في تصليح الثلاجات أن يستغل خبرته هذه لتصليح أجهزة الكمبيوتر ، وإن كان لديه بعض المعلومات؟!!لأنه بالتالي سيؤدي إلى عمل خلل في هذا الجهاز وربما ضياع برامجه أو اعطاله بالكلية ،وقس على هذا .......
فكيف بالله عليكم إن كان الأمر يتعلق بأمر الدين .؟!!! .
وعند النظر إلى من قام بفيلم الرسالة نجد أن هؤلاء لا تربطهم صله بالعلم الشرعي الصحيح ، وليسوا على اطلاع بأحكامه ، أو على معرفة تامة بالسيرة النبوية حتى يتم نشرها بهذا الشكل الواسع .
فأكثر القائمين في فيلم الرسالة من الممثلين والممثلات والمخرجين وغيرهم من أكثر الناس بعدا عن دين الله متمثلا ذلك بما يقومون به من أدوار الانحلال والسقوط في الرذيلة !!! نراهم بمشاهد العري وشرب الخمور والرقص والغناء والعهر والمجون .
(ولا أجمل من ذلك بما وصفهم محمد قطب في كتابه واقعنا المعاصر إذ قال : )
«ورجال الفن ونساؤه الذين يقومون بدور الترويج والترفيه عن الجماهير كلهم بطبيعة الحال ـ من الذين انحلت أخلاقهم من قبل ، فكان الانحلال ذاته هو المؤهل الذي يؤهلهم لدخول عالم الفن! وهؤلاء قد جعلت منهم الصحافة «نجوماً)) و «أبطالاً)) يسعى الأولاد والبنات إلى تقليدهم والتشبه بِهم ، ولا يَكُفُ المجتمع عن التطلع إليهم ، والإشادة بهم، والتحدُّث عنهم ، والإهتمام بشأنهم . بل أصبحوا «الطبقة)) المرموقة التي تحظى بالاحترام وتحظى بالتقدير ! فأي شيء بقي في حياة الناس لا تشكله أيدي المنسلخين من الدين ، الداعين إلى التغريب تحت عنوان من العناوين؟!))
فإن كان هذا هو حال هؤلاء الذين صوروا فيلم الرسالة ، فكيف يثق بدقة نقلهم وصحته عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن كان من بين لهم سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من المحسوبين على أهل السنة فكيف يثق بهم وقد وكلوا الأمر إلى غير أهله وسنعلم بعد قليل كثرة الكذب في هذا الفيلم .
ثانـيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــا :
لا بد للناقل أن يكون صادقا فيما نقل ولا ينقل الكذب لتجميل نقله ، لأن السامع لا يقدر أن يميز بين صدقه وكذبه إن علمنا أن معظم السامعين ممن وثقوا بالناقل ، فالكذب محرم مذموم
ورحم الله الشاعر إذ قال :
(( لا يكذب المرء إلا من مهانته .............. أو من فعلة السوء أو قلة الأدب
لجيفة الكلب عندي خير رائحة ............من كذبة المرء في جد وفي لعب ))
والكذب في التاريخ الإسلامي وخاصة في السيرة النبوية من أعظم الذنوب وأقبحها . وتشويه التاريخ الإسلامي بالحقائق الكاذبة من اكبر الجرائم في حق الأُمة، ذلكم أنّ التاريخ هو الحضارة التي تبني عليها الأمة أمجادها فكيف إذا كان هذا التاريخ تاريخ أمة إسلامية تتعلق فيها أحكام الشريعة الإسلامية .
قال صلى الله عليه وآله وسلم :
(" إن كذبا علي ليس ككذب على أحد ") ، (ومن كذب عليّ عامدا متعمدا فليتبؤا مقعده من النار )
( وقد ذكر الألباني رحمه الله كلاماً مفيداً في "سلسلته الصحيحة" قال – رحمه الله - : )
(( «وقد يظن بعضهم أنَّ كلّ ما يروى في كتب التاريخ والسيرة أنَّ ذلك صارَ جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي ، لا يجوز إنكار شيء منه ! وهذا جهلٌ فاضح ، وتنكرٌ بالغ للتاريخ الإسلامي الرائع، الذي يتميز عن تواريخ الأُمم الأخرى ؛ بأنه – هو وحده – الذي يملك الوسيلة العلمية لتمييز ما صح منه مما لم يصح ، وهي نفس الوسيلة التي يُميَّز بها الحديث الصحيح من الضعيف ، ألا وهو الإسناد الذي قال فيه بعض السلف : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء . ولذلك لما فقدت الأمم الأُخرى هذه الوسيلة العظمى ، امتلأ تاريخها بالسخافات والخرافات ، ولا نذهب بالقراء بعيداً فهذه كتبهم التي يسمونها بالكتب المقدسة ، اختلط فيها الحابل بالنابل فلا يستطيعون تمييز الصحيح من الضعيف ، مما فيها من الشرائع المنزلة على أنبيائهم ، ولا معرفة شيء من تاريخ حياتهم ، أبد الدهر ، فهم لا يزالون في ضلالهم يعمهون ، وفي دياجير الظلام يتيهون! فهل يريد منّا أولئك النّاس أن نستسلم لكل ما يقال : إنَّه من التاريخ الإسلامي . ولو أنكره العلماء ولو لم يرد له ذكر إلاّ في كتب العجائز من الرجال والنساء ؟! وأن نَكْفر بهذه المزية التي هي من أعلى وأغلى ما تميز به تاريخ الإسلام ؟! وأنا أعتقد أنَّ بعضهم لا تخفى عليه المزية ، ولا يمكنه أن يكون طالب علم [بله] عالماً دونها ، ولكنّه يتجاهلها ، ويغض النظر عنها ستراً لجهله بما لم يصح منه ، فيتظاهر بالغيرة على التاريخ الإسلامي ، ويبالغ في الإنكار على ما يعرف المسلمين ببعض ما لم يصح منه ، بطراً للحق ، وغمصاً للناس ، والله المستعان" انتهى . ))
وبهذا تعلم أخي الحبيب جناية المسلسلات والأفلام الدينية على الإسلام وأهله .
وقد كتبت رسالة بعنوان ( مسميات إسلامية الكاذبة ) وذكر فيها عن الأفلام والمسلسلات الدينية وخطرها على الدين بشيء من التفصيل ونشرها في بعض المنتديات تكلمت فيها عن ضلال وكذب ما يذاع فيها ونقلت بعضها في منتدى الشبكة العالمية النسائية وقوافل العائدين وغيرها فلتراجع هناك
ثالثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا :
(( هناك محاذير أخرى كثيرة وخطيرة في هذا الفيلم ينبغي التوقف عندها وعدم تجاوزها لشدة خطورتها
ومن ذلك :
أن بعض الأشخاص الذين مثلوا دور الكفار وهم من المسلمين تكلموا بعبارات الكفر وبعضهم لبس الصليب والبعض أساء للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا والعياذ بالله من أعظم الذنوب وأقبحها فقد نهى الله عز وجل المسلمين عن سب آلهة المشركين حتى لا يسب الكفار رب العالمين ، فكيف نرى من المسلمين من يسخر من الرسول أو يسبه أو يسب دين الله بحجة أن هذا تمثيل
قال تعالى : {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (108) سورة الأنعام
شبـهــة :
قد يعترض أحدهم فيقول هؤلاء لا يسبوا الرسول أو أنهم لا يسخروا من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم يمثلون الكفار وناقل الكفر ليس بكافر
أقــــــــــــــــــــول :
لا بد من التفريق بين من أراد أن ينقل الكفر وبين من يقوم به حقيقة
ففرق بين من يقول قال فلان عن الله ورسوله ـ كذا وكذا ـ يراد سبه _ والعياذ بالله ـ وبين من يقوم بفعل هذا السب حقيقة
وبالمثال يتضح المقال :
لو أن شخصا ما زنى بامرأة وجاء آخر وقال رأيت فلانا يزني بامرأة لما كان الناقل آثم لأنه نقل ما رأى . ولكن ........ إن قلنا لهذا الناقل أرنا كيف زنى بالمرأة فقام إلى امرأة ما وزنى بها ليري الناس كيف زنى بها فلان لكان هذا الناقل في هذه الصورة آثم وعليه الحد وهذا الذي علم أن الكفار يشركون بالله أو يسبون الله ورسوله ويدعون بأن هناك آلهة إلا الله لو قام الممثل وقال أن المشركين كانوا يقولون كذا وكذا ويفعلون كذا وكذا لما كان عليه من إثم ولكن لما قام بنفسه وسجد للصنم أو ادعى عبودية غير الله أو سخر من الرسول وقد بالإثم والعياذ بالله .
شبهة أخرى :
قد يقول قائل أن هؤلاء لا يقصدون السب أو السخرية أو الشرك أو لبس الصليب وغير ذلك في تمثيلهم ؟ .
أقول :
نعم هم لا يقصدون لأنهم مسلمون أولا وهذا الظن بالمسلم .
وثانيا :
معذورون بالتأويل في فعلهم هذا لأنهم لو قصدوا ذلك لكفروا ، ولكن لا يعني هذا السكوت عليهم وعدم الإنكار على أعمالهم فقد وقعوا بعمل عظيم تشيب له الولدان والعياذ بالله
ثم اعلم حفظك الله أن الكفر بالسب لا ينحصر بالقصد فتنبه لذلك وهذا محل مبحثه الآن .
رابعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــا :
تصوير بعض الرجال بدون لحى أو شوارب وهذا لم لا أصل له عندهم
خامســــــــــــــــــــــــــــــــــا :
خروج النساء متبرجات وهن يرقصن ويغنين ويسمعن الموسيقى ةهذا محرم على الفاعل والمشاهد . فالله المستعان على من أجاز ذلك
لا أريد التعليق أكثر من ذلك حتى لا يمل القارئ وسأذكر باختصار ))
(الأباطيل والضلالات التي جاءت في فيلم الرسالة : )
((( 1_ قصة دعائه صلى الله عليه وآله وسلم عندما خرج من الطائف ( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ... ) ضعيفة ولم تثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم بسند صحيح
2 _ قيام أحد الأشخاص وتخييرهم بالبيعة أو عدمها عندما أراضوا بيعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
3 _ قصة مبيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وبيت العنكبوت على باب الغار ، وبيض الحمامة عند الكهف . جميع ذلك لم يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم بسند صحيح
4 _ قيام أحد المشركين والطلب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالخروج من الغار ثم انصرافه عنه لوجود العنكبوت والحمامة لا صحة له بل إن الله قد أعمى ابصارهم عن الغار ولم يثبت أنهم التفوا فيه مجرد التفاته .
5 _ استقبال أهل المدينة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطلع البدر علينا لا تصح _ وثنية الوداع من جهة الشام لا من جهة مكة _
6 _ الضرب بالدفوف عند استقبال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو قادم من مكة لا أصل له
7 _ قصة الأذان التي جاءت بالفيلم ليست هي القصة الصحيحة التي ثبتت بالسنة
8 _ بناء المسجد في فيلم الرسالة ليس كما بناه الرسول حيث لا قبة فيه ولا سور في عهده صلى الله عليه وآله وسلم
9 _ ادعوا أن هناك رسالة قرأها ابن سلول والمشركين فيها بعض الأحكام ثم حرقوها لا أصل لها . ولعمري إن كانت قد أحرقت فكيف علم بها العقاد ومن أخبره بها
10_ دعوى أن أناس من المشركين اعتدى على المسلمين وهم سالمون وقتلوا منهم ثم جاؤوا للرسول من أجل أن يقاتلوهم فمنعهم لعدم نزول الإذن بالقتال والجهاد بل ما ثبت أن كرز بن جابر الفهري أغار على سرح المدينة وهرب ولعلها هذه التي قصدها المخرج في الفيلم ولكن في هذه القصة خرج الرسول صلى الله عليه وآله في طلبه وحمل لواءه علي بن أبي طالب وهذه ما تسمى بغزوة بدر الأولى
11 _ أظهر حمزة رضي الله عنه وهو يخاطب الرسول بصورة الصحابي الغير مؤدب يطلب قتال المشركين من النبي وهذا كذب وافتراء على سيد الشهداء
12 _ الأذان لتجميع الناس لبيان بعض الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا لا أصل له بالسنة بل الصحيح أنهم كانوا ينادوا بالصلاة جامعة
13 _ جاء عن حمزة أنه قال لا تقيدوا الأسرى وكان على خلاف السنة بل ثبت أن الرسول قيد ثمامة بسارية المسجد
14 _ تصوير سيف علي وهو يضرب الوليد بن عتبة ويطير بالهواء ثم يقع عليه ليقتله وتصوير رمح سراقة ابن مالك وهو يرمي به فينزل بالحلقة التي على رأس الراقصة لتعلموا حقيقة الأمر من هذه الأفلام ؟؟!!! . 15 _ قول أحد الصحابة ولعلعه عمار في الفيلم باستعمال كلمة _ الرب _ ومعلوم أن هذا اللفظ من نطق النصارى وليس المسلمين
وأخيرا ............
16 _استعمال الطبول بالحرب وهذا لا أصل له بالإسلام بل هو مخالف لشرع الله
ولكن إن عرفنا أن أكثر القائمين على تصوير هذا الفيلم والعمل به من النصارى يزول الكثير من الإشكال
وهذا غيض من فيض والله المستعان
مـــــــــــــــنــــــــــتتتتتقـــــــــــــــــ ـول