تضم 1500 من غزال الريم بعد تنميته خشية انقراضه
محمية الأمير محمد السديري بخفيِّات القصيم بيئة استثمارية سياحية
تحقيق - غالب السهلي :
من خلال منهجية جديدة للهيئة العليا للسياحة في المملكة تتمثل في استثمار بيئات المحميات والبيئات الصحراوية والريفية المنتشرة في المملكة العربية السعودية وذلك للاستفادة منها في إنشاء النزل البيئية وتعريف المواطنين والسياح بأهمية المحافظة على البيئة وحمايتها من التخريب والعبث، فقد قام وفد مكون من لجان التنمية السياحية في منطقة القصيم، ومستثمرين بالاطلاع على تجربة إعادة تأهيل غزال الآدمي في محمية الأمير محمد الأحمد السديري لأبحاث الغزلان في الخفيات بمنطقة القصيم، حيث أطلق جهاز السياحة في القصيم رحلة تظم وفداً مكونا من خمسة وثلاثين عضواً من بينهم مستثمرين وأعضاء لجان التنمية السياحية في القصيم إلى جانب مجموعة من الإعلاميين حيث اطلع الوفد على طريقة إعادة تكاثر غزال الآدمي الذي انقرض من البيئة الصحراوية في السعودية قبل سنوات قبل أن يتم إعادة توطينه في محميات طبيعية.
الخفيات ودور الأمير السديري عرف رئيس المجلس البلدي لأمانة منطقة القصيم الأستاذ إبراهيم بن صالح الربدي الخفيات على أنها منطقة برية مميزة تقع إلى الشمال من منطقة القصيم وهي ثلاث رياض، روضتان منها واسعتان جداً إحدهما تسمى أم ساروت وهو السحق الممتد أي المكان الطيني الممتد الذي لا يستقر فيه السيل، والأخرى أم فرس نسبة إلى نبت صحراوي، وهما معمورتان بالزراعة، والثالثة أم قاع.
وتبعد الخفيات عن مدينة بريدة 105 كيلومترات وهما منطقتين متجاورتين.
وقد أحدث الأمير الراحل محمد بن أحمد السديري في الخفيات زراعة عظيمة، وغرس غروساً واسعة وأقام مشروعات لتربية الماشية من الإبل والأغنام وأقام فيها ما يشبه المضيف الكبير فأصبح ملتقى رجال الأدب الشعبي ومحبي الاستطلاع، ويضفي الأمير السديري على المجلس جواً من المتعة بما يلقيه من أخبار وأشعار نادرة لا توجد في الكتب.
حضور «الجزيرة» قديماً وحاضراً
اهتمت صحيفة الجزيرة قبل أكثر من ثلاثة عقود بما قام به الأمير الراحل محمد الأحمد السديري من إحداث كبير في الخفيات من الزراعة ومشروعات للمواشي حيث نشرت ذلك في عددها المرقم 840 بتاريخ 6 صفر من عام 1394هـ وقد قالت الجزيرة في هذا العدد أن مزرعة الأمير السديري في الخفيات تعد بحق إحدى درر القصيم.
وهي الآن تؤدي نفس الدور لكن من جانب تقني آخر وهو تعزيز المحافظة على بيئة المحميات وتحويل مفهومها للسياحة المطلوبة.
برنامج (لا تترك أثراً)
شهدت الرحلة دروساً حية عن كيفية المحافظة على البيئة ضمن برنامج لا تترك أثراً حيث بين أحمد الهليل مشرف البرنامج في الهيئة العامة للسياحة والآثار أن برنامج لا تترك أثرا يعتمد على أسس علمية للمحافظة على البيئة من بينها المحافظة على المكان أفضل مما كان وعدم رمي النفايات في مواقع التنزه كذلك عدم فتح طرق جديدة في البيئة الصحراوية ومحاولة السير على نفس الخطوط القديمة حتى لا يتم تدمير مواقع أخرى في بيئتنا الصحراوية إضافة إلى عادة الإسراف في إشعال النار والاحتطاب الجائر في المواقع وعدم قتل الحيوانات الصحراوية مهما كانت وكذلك عدم محاولة تغيير سلوكيات بعض الحيوانات في البيئة الصحراوية ومحاولة إطعامها.
الهدف من الرحلة
يقول الدكتور جاسر الحربش المدير التنفيذي لجهاز السياحة في القصيم إن تنظيم الرحلة وإطلاع الفريق على إعادة تأهيل الغزلان في المحمية يأتي ضمن الشراكة بين الهيئة العامة للسياحة والآثار والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها وقال الحربش هناك عوامل مشتركة كثيرا خصوصا وأن هناك خطط للاستفادة من بيئات المحميات في إنشاء النزل البيئية وتعريف المواطنين بأهمية المحافظة على البيئة وحمايتها من التخريب والعبث. وأضاف حرصنا أن يكون من بين الفريق مستثمرين حتى يتم تحفيز الأفكار الاستثمارية لمثل هذه المواقع ليس في المحميات فقط وإنما على مستوى البيئات الأخرى سواء الزراعية أو الريفية وقال مثل هذه الأنواع من الاستثمار هامة جداً خصوصاً في منطقة القصيم التي تعتمد كثيراً على البيئة الزراعية كما أن البيئة الصحراوية تشكل أجزاء كبيرة من تضاريس المنطقة ونخطط للاستفادة من كافة عناصر البيئة وجعل الزائر يبحث عن ما يناسبه.
برنامج زيارة المحمية
وفور وصول الوفد للمحمية كان باستقبالهم مدير المحمية عجيان الدوسري الذي كان له جهود كبيرة في الجولة من تعريف بما تملك من حياة فطرية وكذلك من أماكن السكن للأمير محمد السديري قبل وفاته رحمه الله، وشملت الرحلة زيارة لمزرعة الزايدية على طريق حائل التي تملك العديد من أشجار العنب والزيتون والنخيل.
وقد قام بشرح المعلومات عن المحمية الأستاذ خالد العقيل مدير مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية بالثمامة بالرياض وخالد الحميدان مدير الإعلام والتوعية بالهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية معرفين بحضائر الغزلان السبع المختلفة من ناحية الجينات وكذلك كيفية اصطيادها للقيام بالتجارب عليها في مراكز الأبحاث بالمملكة مبينين أن المركز أنشئ عام 1410هـ وكان وقتها يوجد فيه عدد 16 غزال فقط والآن تحتوي على أكثر من 1500 غزال وقد وصلت في بعض السنوات إلى أعداد كبيرة ولكن تم توزيعها على عدد من المحميات.
كما تمت زيارة منزل الأمير محمد السديري القديم حينما كان يتواجد سابقا بهذه المحمية وكذلك تم زيارة القبور الخاصة بالمحمية والتي وصى السديري بأن يدفن فيها حينما توفي عام 1399هـ وبجواره تم دفن بعض أبنائه وأحفاده وتقع بالقرب من المحمية.
وتم بنهاية الجولة عرض فلم وثائقي عن الحياة الفطرية من إعداد التوعية الإعلامية بالهيئة العامة للحياة الفطرية عن بعض المحميات بالمملكة.
محمية الأمير السديري
تولى الزميل محمد الحربي منسق الرحلات في جهاز القصيم مهمة التعريف بمحمية الأمير محمد السديري حيث قال: تعد المحمية الخاصة التي سلمت أجزاء منها إلى الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها هي الأولى من نوعها على مستوى السعودية والتي تعتني بإكثار الظباء وخاصة غزال الريم الشهير في نجد قبل أن ينقرض بفعل الصيد الجائر.
وتعد محمية الأمير محمد الأحمد السديري من البيئات المحمية التي تكثر فيها الحياة الفطرية بأنواعها المختلفة حيث يحافظ فيها على البيئة الصحراوية كما كانت قبل أكثر من 50 عاماً، كما تعرف المحمية التابعة للهيئة الوطنية إضافة إلى محمية خاصة تعود ملكيتها لورثة الأمير الشاعر السديري المغذي المحميات السعودية من غزال الريم حيث يتم إكثار الظباء في الموقع قبل أن يتم إعادة إطلاقها في محميات أخرى في السعودية، وتوقعت مصادر أن تكون الظباء قد وصلت في المحمية الخاصة والعامة إلى أكثر من 2500 ظبي في بعض أوقات السنة قبل أن يتم توزيع جزء منها في محميات أخرى.
طرح فكرة الاستثمار
وكان المهتمون والمتخصصون في البيئة والسياحة قد طرحوا جزئية من الموقع القديم للأمير الشاعر محمد الأحمد السديري للاستثمار عن طرق أبناء الراحل واقترح البعض إقامة متحف يعرض مقتنيات الأمير ومركز معلومات إضافة إلى نزل بيئية يستطيع الزائر الإقامة لبعض الوقت قرب الحياة البيئية الطبيعية.
وأشاروا إلى أن الاستفادة من الموقع سهلة للغاية خصوصا مع توفر البيئة الطبيعية عبر النباتات إضافة إلى وجود غزال الريم وكذلك أنواع أخرى من الحياة الفطرية المهددة بالانقراض.
تعاون الهيئة الوطنية والسياحة
إلى ذلك أكد محمد الرشيد مدير مشروع قافلة الإعلام السياحي بالهيئة العامة للسياحة أنه في إطار التعاون بين الهيئة العامة للسياحة والآثار والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها لتنمية السياحة البيئية فإن مشروع التعاون سيركز على استفادة المجتمعات المحلية، وذلك من خلال توفير الفرص الوظيفية للعمل في المشروع المقترح، ومن خلال تأسيس مشروعات صغيرة خاصة بهم مثل مشروع بيع الحرف اليدوية والأكلات الشعبية وغيرها، ويشتمل المشروع أيضاً على برامج توعية عدة منها، برنامج التوعية البيئية الرامي إلى تنمية مهارات ومعارف السياح للاستمتاع بالسياحة في البيئات الطبيعية مع المحافظة على عناصرها، وتحفيز السلوكيات الإيجابية التي تحافظ على سلامة البيئة والمقومات السياحية الطبيعية والتراثية، لتسهم في تنميتها.
ويسعى برنامج التوعية الاجتماعية إلى نشر الوعي بأهمية السياحة في المجتمعات المحلية، وبيان دورها الإيجابي، وبطرق التعامل مع المفاهيم السلبية الثقافية والاجتماعية المرتبطة بالسياحة، وتأكيد المنافع الاجتماعية والاقتصادية للسياحة المحلية، مضيفاً أن المشروع سيفتح حال تنفيذه آفاق الاستثمار في مجال السياحة البيئية لما تمتلكه المملكة من مقومات طبيعية جذابة، هذه المبادرة منبثقة من رؤية الهيئتين لتطوير قطاع السياحة البيئية وفق مبادئ التنمية المستدامة وذات عائد إيجابي على المجتمعات المحلية.
الحياة الفطرية بالمملكة
تجدر الإشارة إلى أن المملكة تعتبر موطناً للعديد من الأحياء الفطرية التي تمتاز بها شبه الجزيرة العربية وتعد رموزاً للعصور السابقة.
ونتيجة لتغير المناخ والممارسات البشرية الخاطئة مثل الرعي الجائر والصيد غير النظامي والتطور التنموي المتسارع تدهورت البيئة الطبيعية واختفت أنواع عديدة من النبات والحيوان.
وعلى الرغم من ذلك لا تزال المملكة تضم مجموعة مميزة من الحياة الفطرية التراثية في البر كالمها العربي وأنواع الظباء والوعل والنمر العربي وأنواع عديدة من الطيور وكذلك النباتات النادرة المهمة في إنماء المراعي الطبيعية إضافة إلى أهميتها الطبية.
وقد بلغ عدد المناطق المحمية المعلنة حتى الآن 15 منطقة محمية تشغل مساحة 4% من مساحة المملكة، ويجري تشغيلها بواسطة جهاز إداري وفني يشمل منسقاً علمياً لكل محمية وعدد من الجوالين الذين يقومون بمهمة المراقبة الأرضية لرصد الأحياء الفطرية في المحمية ومنع المخالفات والتجاوزات يعاونهم في ذلك فريق المراقبة الجوية.
المصدر
جريدة الجزيرة