المعلقات السبع - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. أقسام ( دغــش الــبـطــي) الأدبـيـة .::: > :: قسم الـشعر العــام ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-06-2009, 07:50 PM   #1
 
إحصائية العضو







ابومبخوت الدوسري غير متصل

وسام الدواسر الذهبي: للأعضاء المميزين والنشيطين - السبب: لنشاطه الكبير وجهوده الطيبه في خدمة الموقع
: 1

ابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura about


افتراضي المعلقات السبع

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تعريف للمعلقات

كان فيما اُثر من أشعار العرب ، ونقل إلينا من تراثهم الأدبي الحافل بضع قصائد من مطوّلات الشعر العربي ، وكانت من أدقّه معنى ، وأبعده خيالاً ، وأبرعه وزناً ، وأصدقه تصويراً للحياة ، التي كان يعيشها العرب في عصرهم قبل الإسلام ، ولهذا كلّه ولغيره عدّها النقّاد والرواة قديماً قمّة الشعر العربي وقد سمّيت بالمطوّلات ، وأمّا تسميتها المشهورة فهي المعلّقات . نتناول نبذةً عنها وعن أصحابها وبعض الأوجه الفنّية فيها :

فالمعلّقات لغةً من العِلْق : وهو المال الذي يكرم عليك ، تضنّ به ، تقول : هذا عِلْقُ مضنَّة . وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثياب فيها خير ، والعِلْقُ هو النفيس من كلّ شيء ، وفي حديث حذيفة : «فما بال هؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا . والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق .

وأمّا المعنى الاصطلاحي فالمعلّقات : قصائد جاهليّة بلغ عددها السبع أو العشر ـ على قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح ، حتّى عدّت أفضل ما بلغنا عن الجاهليّين من آثار أدبية4 .

والناظر إلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحة بينهما ، فهي قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة ، بلغت الذّروة في اللغة ، وفي الخيال والفكر ، وفي الموسيقى وفي نضج التجربة ، وأصالة التعبير ، ولم يصل الشعر العربي إلى ما وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس ، وحماس المهلهل ، وفخر ابن كلثوم ، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة .

وفي سبب تسميتها بالمعلّقات هناك أقوال منها :

لأنّهم استحسنوها وكتبوها بماء الذهب وعلّقوها على الكعبة ، وهذا ما ذهب إليه ابن عبد ربّه في العقد الفريد ، وابن رشيق وابن خلدون وغيرهم ، يقول صاحب العقد الفريد : « وقد بلغ من كلف العرب به )أي الشعر) وتفضيلها له أن عمدت إلى سبع قصائد تخيّرتها من الشعر القديم ، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة ، وعلّقتها بين أستار الكعبة ، فمنه يقال : مذهّبة امرئ القيس ، ومذهّبة زهير ، والمذهّبات سبع ، وقد يقال : المعلّقات ، قال بعض المحدّثين قصيدة له ويشبّهها ببعض هذه القصائد التي ذكرت :

برزةٌ تذكَرُ في الحسـ ـنِ من الشعر المعلّقْ

كلّ حرف نـادر منـ ـها له وجـهٌ معشّ

أو لأنّ المراد منها المسمّطات والمقلّدات ، فإنّ من جاء بعدهم من الشعراء قلّدهم في طريقتهم ، وهو رأي الدكتور شوقي ضيف وبعض آخر . أو أن الملك إذا ما استحسنها أمر بتعليقها في خزانته .

هل علّقت على الكعبة؟

سؤال طالما دار حوله الجدل والبحث ، فبعض يثبت التعليق لهذه القصائد على ستار الكعبة ، ويدافع عنه ، بل ويسخّف أقوال معارضيه ، وبعض آخر ينكر الإثبات ، ويفنّد أدلّته ، فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة الإثبات ولا أدلّة النفي ، ولم يعطوا رأياً في ذلك .

المثبتون للتعليق وأدلّتهم :

لقد وقف المثبتون موقفاً قويّاً ودافعوا بشكل أو بآخر عن موقفهم في صحّة التعليق ، فكتبُ التاريخ حفلت بنصوص عديدة تؤيّد صحّة التعليق ، ففي العقد الفريد ذهب ابن عبد ربّه ومثله ابن رشيق والسيوطيوياقوت الحموي وابن الكلبي وابن خلدون ، وغيرهم إلى أنّ المعلّقات سمّيت بذلك; لأنّها كتبت في القباطي بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة ، وذكر ابن الكلبي : أنّ أوّل ما علّق هو شعر امرئ القيس على ركن من أركان الكعبة أيّام الموسم حتّى نظر إليه ثمّ اُحدر ، فعلّقت الشعراء ذلك بعده .

وأمّا الاُدباء المحدّثون فكان لهم دور في إثبات التعليق ، وعلى سبيل المثال نذكر منهم جرجي زيدان حيث يقول :

» وإنّما استأنف إنكار ذلك بعض المستشرقين من الإفرنج ، ووافقهم بعض كتّابنا رغبة في الجديد من كلّ شيء ، وأيّ غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من تأثير الشعر في نفوس العرب؟! وأمّا الحجّة التي أراد النحّاس أن يضعّف بها القول فغير وجيهة ; لأنّه قال : إنّ حمّاداً لمّا رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبع وحضّهم عليها وقال لهم : هذه هي المشهورات ، وبعد ذلك أيّد كلامه ومذهبه في صحّة التعليق بما ذكره ابن الأنباري إذ يقول : وهو ـ أي حمّاد ـ الذي جمع السبع الطوال ، هكذا ذكره أبو جعفر النحاس ، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنّها كانت معلّقة على الكعبة . »

وقد استفاد جرجي زيدان من عبارة ابن الأنباري : « ما ذكره الناس » ، فهو أي ابن الأنباري يتعجّب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس ، وهم الأكثرية من أنّها علقت في الكعبة .

النافون للتعليق :

ولعلّ أوّلهم والذي يعدُّ المؤسّس لهذا المذهب ـ كما ذكرنا ـ هو أبو جعفر النحّاس ، حيث ذكر أنّ حمّاداً الراوية هو الذي جمع السبع الطوال ، ولم يثبت من أنّها كانت معلّقة على الكعبة ، نقل ذلك عنه ابن الأنباري . فكانت هذه الفكرة أساساً لنفي التعليق :

كارل بروكلمان حيث ذكر أنّها من جمع حمّاد ، وقد سمّاها بالسموط والمعلّقات للدلالة على نفاسة ما اختاره ، ورفض القول : إنّها سمّيت بالمعلّقات لتعليقها على الكعبة ، لأن هذا التعليل إنّما نشأ من التفسير الظاهر للتسمية وليس سبباً لها ، وهو ما يذهب إليه نولدكه .

وعلى هذا سار الدكتور شوقي ضيف مضيفاً إليه أنّه لا يوجد لدينا دليل مادّي على أنّ الجاهليين اتّخذوا الكتابة وسيلة لحفظ أشعارهم ، فالعربية كانت لغة مسموعة لا مكتوبة . ألا ترى شاعرهم حيث يقول :

فلأهدينّ مع الرياح قصيدة منّي مغـلغلة إلى القعقاعِ

ترد المياه فـما تزال غريبةً في القوم بين تمثّل وسماعِ؟

ودليله الآخر على نفي التعليق هو أنّ القرآن الكريم ـ على قداسته ـ لم يجمع في مصحف واحد إلاّ بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) (طبعاً هذا على مذهبه) ، وكذلك الحديث الشريف . لم يدوّن إلاّ بعد مرور فترة طويلة من الزمان (لأسباب لا تخفى على من سبر كتب التأريخ وأهمّها نهي الخليفة الثاني عن تدوينه) ومن باب أولى ألاّ تكتب القصائد السبع ولا تعلّق .

وممّن ردّ الفكرة ـ فكرة التعليق ـ الشيخ مصطفى صادق الرافعي ، وذهب إلى أنّها من الأخبار الموضوعة التي خفي أصلها حتّى وثق بها المتأخّرون .

ومنهم الدكتور جواد علي ، فقد رفض فكرة التعليق لاُمور منها :

1 ـ أنّه حينما أمر النبي بتحطيم الأصنام والأوثان التي في الكعبة وطمس الصور ، لم يذكر وجود معلقة أو جزء معلّقة أو بيت شعر فيها .

2 ـ عدم وجود خبر يشير إلى تعليقها على الكعبة حينما أعادوا بناءَها من جديد .

3 ـ لم يشر أحد من أهل الأخبار الّذين ذكروا الحريق الذي أصاب مكّة ، والّذي أدّى إلى إعادة بنائها لم يشيروا إلى احتراق المعلّقات في هذا الحريق .

4 ـ عدم وجود من ذكر المعلّقات من حملة الشعر من الصحابة والتابعين ولا غيرهم .

ولهذا كلّه لم يستبعد الدكتور جواد علي أن تكون المعلّقات من صنع حمّاد ، هذا عمدة ما ذكره المانعون للتعليق .

بعد استعراضنا لأدلة الفريقين ، اتّضح أنّ عمدة دليل النافين هو ما ذكره ابن النحاس حيث ادعى أن حماداً هو الذي جمع السبع الطوال .

وجواب ذلك أن جمع حماد لها ليس دليلا على عدم وجودها سابقاً ، وإلاّ انسحب الكلام على الدواوين التي جمعها أبو عمرو بن العلاء والمفضّل وغيرهما ، ولا أحد يقول في دواوينهم ما قيل في المعلقات . ثم إنّ حماداً لم يكن السبّاق إلى جمعها فقد عاش في العصر العباسي ، والتاريخ ينقل لنا عن عبد الملك أنَّه عُني بجمع هذه القصائد (المعلقات) وطرح شعراء أربعة منهم وأثبت مكانهم أربعة .

وأيضاً قول الفرزدق يدلنا على وجود صحف مكتوبة في الجاهلية :

أوصى عشية حين فارق رهطه عند الشهادة في الصحيفة دعفلُ

أنّ ابن ضبّة كـان خيرٌ والداً وأتمّ في حسب الكرام وأفضلُ

كما عدّد الفرزدق في هذه القصيدة أسماء شعراء الجاهلية ، ويفهم من بعض الأبيات أنّه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ من دواوينهم بدليل قوله :

والجعفري وكان بشرٌ قبله لي من قصائده الكتاب المجملُ

وبعد أبيات يقول :

دفعوا إليَّ كتابهنّ وصيّةً فورثتهنّ كأنّهنّ الجندلُ

كما روي أن النابغة وغيره من الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونها إلى بلاد المناذرة معتذرين عاتبين ، وقد دفن النعمان تلك الأشعار في قصره الأبيض ، حتّى كان من أمر المختار بن أبي عبيد و إخراجه لها بعد أن قيل له : إنّ تحت القصر كنزاً .

كما أن هناك شواهد أخرى تؤيّد أن التعليق على الكعبة وغيرها ـ كالخزائن والسقوف والجدران لأجل محدود أو غير محدود ـ كان أمراً مألوفاً عند العرب ، فالتاريخ ينقل لنا أنّ كتاباً كتبه أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة في حلف خزاعة لعبد المطّلب ، وعلّق هذا الكتاب على الكعبة . كما أنّ ابن هشام يذكر أنّ قريشاً كتبت صحيفة عندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلب وعلّقوها في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم .

ويؤيّد ذلك أيضاً ما رواه البغدادي في خزائنه من قول معاوية : قصيدة عمرو بن كلثوم وقصيدة الحارث بن حِلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبة دهراً .

هذا من جملة النقل ، كما أنّه ليس هناك مانع عقلي أو فنّي من أن العرب قد علّقوا أشعاراً هي أنفس ما لديهم ، وأسمى ما وصلت إليه لغتهم; وهي لغة الفصاحة والبلاغة والشعر والأدب ، ولم تصل العربية في زمان إلى مستوى كما وصلت إليه في عصرهم . ومن جهة أخرى كان للشاعر المقام السامي عند العرب الجاهليين فهو الناطق الرسمي باسم القبيلة وهو لسانها والمقدّم فيها ، وبهم وبشعرهم تفتخر القبائل ، ووجود شاعر مفلّق في قبيلة يعدُّ مدعاة لعزّها وتميّزها بين القبائل ، ولا تعجب من حمّاد حينما يضمّ قصيدة الحارث بن حلزّة إلى مجموعته ، إذ إنّ حمّاداً كان مولى لقبيلة بكر بن وائل ، وقصيدة الحارث تشيد بمجد بكر سادة حمّاد ، وذلك لأنّ حمّاداً يعرف قيمة القصيدة وما يلازمها لرفعة من قيلت فيه بين القبائل .

فإذا كان للشعر تلك القيمة العالية ، وإذا كان للشاعر تلك المنزلة السامية في نفوس العرب ، فما المانع من أن تعلّق قصائد هي عصارة ما قيل في تلك الفترة الذهبية للشعر؟

ثمّ إنّه ذكرنا فيما تقدّم أنّ عدداً لا يستهان به من المؤرّخين والمحقّقين قد اتفقوا على التعليق .

فقبول فكرة التعليق قد يكون مقبولا ، وأنّ المعلّقات لنفاستها قد علّقت على الكعبة بعدما قرئت على لجنة التحكيم السنوية ، التي تتّخذ من عكاظ محلاً لها ، فهناك يأتي الشعراء بما جادت به قريحتهم خلال سنة ، ويقرأونها أمام الملإ ولجنة التحكيم التي عدُّوا منها النابغة الذبياني ليعطوا رأيهم في القصيدة ، فإذا لاقت قبولهم واستحسانهم طارت في الآفاق ، وتناقلتها الألسن ، وعلّقت على جدران الكعبة أقدس مكان عند العرب ، وإن لم يستجيدوها خمل ذكرها ، وخفي بريقها ، حتّى ينساها الناس وكأنّها لم تكن شيئاً مذكوراً .




1 - معلقة الحارث بن حلزة


آذَنَتنَا بِبَينها أَسمَاءُ=رُبَّ ثَاوٍ يَمَلُّ مِنهُ الثَّواءُ
بَعدَ عَهدٍ لَنا بِبُرقَةِ شَمَّاءَ=فَأَدنَى دِيَارِها الخَلْصَاءُ
فَالمحيّاةُ فَالصّفاجُ فَأعْنَاقُ=فِتَاقٍ فَعاذِبٌ فَالوَفاءُ
فَريَاضُ القَطَا فَأوْدِيَةُ الشُ=ربُبِ فَالشُعبَتَانِ فَالأَبْلاءُ
لا أَرَى مَن عَهِدتُ فِيهَا فَأبْكِي=اليَومَ دَلهاً وَمَا يُحَيِّرُ البُكَاءُ
وبِعَينَيكَ أَوقَدَت هِندٌ النَّارَ=أَخِيراً تُلوِي بِهَا العَلْيَاءُ
فَتَنَوَّرتُ نَارَهَا مِن بَعِيدٍ=بِخَزَازى هَيهَاتَ مِنكَ الصَّلاءُ
أَوقَدتها بَينَ العَقِيقِ فَشَخصَينِ=بِعُودٍ كَمَا يَلُوحُ الضِياءُ
غَيرَ أَنِّي قَد أَستَعِينُ على الهم=إِذَا خَفَّ بِالثَّوِيِّ النَجَاءُ
بِزَفُوفٍ كَأَنَّها هِقَلةٌ=أُمُّ رِئَالٍ دَوِيَّةٌ سَقْفَاءُ
آنَسَت نَبأَةً وأَفْزَعَها القَنَّاصُ=عَصراً وَقَد دَنَا الإِمْسَاءُ
فَتَرَى خَلْفَها مِنَ الرَّجعِ وَال=وَقْعِ مَنِيناً كَأَنَّهُ إِهْبَاءُ
وَطِرَاقاً مِن خَلفِهِنَّ طِرَاقٌ=سَاقِطَاتٌ أَلوَتْ بِهَا الصَحرَاءُ
أَتَلَهَّى بِهَا الهَوَاجِرَ إِذ كُلُّ=ابنَ هَمٍّ بَلِيَّةٌ عَميَاءُ
وأَتَانَا مِنَ الحَوَادِثِ والأَنبَاءِ=خَطبٌ نُعنَى بِهِ وَنُسَاءُ
إِنَّ إِخوَانَنا الأَرَاقِمَ يَغلُونَ=عَلَينَا فِي قَيلِهِم إِخْفَاءُ
يَخلِطُونَ البَرِيءَ مِنَّا بِذِي ال=ذَنبِ وَلا يَنفَعُ الخَلِيَّ الخِلاءُ
زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العِيرَ=مُوَالٍ لَنَا وَأَنَا الوَلاءُ
أَجمَعُوا أَمرَهُم عِشاءً فَلَمَّا=أَصبَحُوا أَصبَحَت لَهُم ضَوْضَاءُ
مِن مُنَادٍ وَمِن مُجِيبٍ وَمِن=تَصهَالِ خَيلٍ خِلالَ ذَاكَ رُغَاءُ
أَيُّهَا النَاطِقُ المُرَقِّشُ عَنَّا=عِندَ عَمروٍ وَهَل لِذَاكَ بَقَاءُ
لا تَخَلنَا عَلَى غِرَاتِك إِنّا=قَبلُ مَا قَد وَشَى بِنَا الأَعْدَاءُ
فَبَقَينَا عَلَى الشَناءَةِ=تَنمِينَا حُصُونٌ وَعِزَّةٌ قَعسَاءُ
قَبلَ مَا اليَومِ بَيَّضَت بِعُيونِ=النَّاسِ فِيهَا تَغَيُّظٌ وَإِبَاءُ
فَكَأَنَّ المَنونَ تَردِي بِنَا أَرعَنَ=جَوناً يَنجَابُ عَنهُ العَماءُ
مُكفَهِراً عَلَى الحَوَادِثِ لا تَرتُوهُ=للدَهرِ مُؤَيِّدٌ صَمَّاءُ
إِرمِيٌّ بِمِثلِهِ جَالَتِ الخَيلُ=فَآبَت لِخَصمِهَا الإِجلاَءُ
مَلِكٌ مُقسِطٌ وأَفضَلُ مَن يَمشِي=وَمِن دُونَ مَا لَدَيهِ الثَّنَاءُ
أَيَّمَا خُطَّةٍ أَرَدتُم فَأَدوهَا=إِلَينَا تُشفَى بِهَا الأَملاءُ
إِن نَبَشتُم مَا بَينَ مِلحَةَ فَال=صَاقِبِ فِيهِ الأَموَاتُ وَالأَحَيَاءُ
أَو نَقَشتُم فَالنَّقشُ يَجشَمُهُ=النَّاسُ وَفِيهِ الإِسقَامُ وَالإِبرَاءُ
أَو سَكَتُّم عَنَّا فَكُنَّا كَمَن أَغمَضَ=عَيناً فِي جَفنِهَا الأَقذَاءُ
أَو مَنَعتُم مَا تُسأَلُونَ فَمَن حُدِّ=ثتُمُوهُ لَهُ عَلَينَا العَلاءُ
هَل عَلِمتُم أَيَّامَ يُنتَهَبُ النَّاسُ=غِوَاراً لِكُلِّ حَيٍّ عُواءُ
إِذ رَفَعنَا الجِمَالَ مِن سَعَفِ ال=بَحرَينِ سَيراً حَتَّى نَهَاهَا الحِسَاءُ
ثُمَّ مِلنَا عَلَى تَمِيمٍ فَأَحرَمنَا=وَفِينَا بَنَاتُ قَومٍ إِمَاءُ
لا يُقِيمُ العَزيزُ بِالبَلَدِ السَهلِ=وَلا يَنفَعُ الذَّلِيلَ النِجَاءُ
لَيسَ يُنجِي الذِي يُوَائِل مِنَّا=رَأْسُ طَوْدٍ وَحَرَّةٌ رَجلاءُ
مَلِكٌ أَضلَعَ البَرِيَّةِ لا يُوجَدُ=فِيهَا لِمَا لَدَيهِ كِفَاءُ
كَتَكَالِيفِ قَومِنَا إِذَا غَزَا المَنذِرُ=هَلِ نَحنُ لابنِ هِندٍ رِعَاءُ
مَا أَصَابُوا مِن تَغلَبِي فَمَطَلولٌ=عَلَيهِ إِذَا أُصِيبَ العَفَاءُ
إِذَ أَحَلَّ العَلاةَ قُبَّةَ مَيسُونَ=فَأَدنَى دِيَارِهَا العَوصَاءُ
فَتَأَوَّت لَهُ قَرَاضِبَةٌ مِن=كُلِّ حَيٍّ كَأَنَّهُم أَلقَاءُ
فَهَداهُم بِالأَسوَدَينِ وأَمرُ اللهِ=بَالِغٌ تَشقَى بِهِ الأَشقِيَاءُ
إِذ تَمَنَّونَهُم غُرُوراً فَسَاقَتهُم=إِلَيكُم أُمنِيَّةٌ أَشرَاءُ
لَم يَغُرّوكُم غُرُوراً وَلَكن=رَفَعَ الآلُ شَخصَهُم وَالضَحَاءُ
أَيُّها النَاطِقُ المُبَلِّغُ عَنَّا=عِندَ عَمروٍ وَهَل لِذَكَ انتِهَاءُ
مَن لَنَا عِندَهُ مِنَ الخَيرِ=آيَاتٌ ثَلاثٌ فِي كُلِّهِنَّ القَضَاءُ
آيَةٌ شَارِقُ الشّقِيقَةِ إِذَا جَاءَت=مَعَدٌّ لِكُلِّ حَيٍّ لِوَاءُ
حَولَ قَيسٍ مُستَلئِمِينَ بِكَبشٍ=قَرَظِيٍ كَأَنَّهُ عَبلاءُ
وَصَتِيتٍ مِنَ العَواتِكِ لا تَنهَاهُ=إِلاَّ مُبيَضَّةٌ رَعلاءُ
فَرَدَدنَاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا يَخرُجُ=مِن خُربَةِ المَزَادِ المَاءُ
وَحَمَلنَاهُمُ عَلَى حَزمِ ثَهلانِ=شِلالاً وَدُمِّيَ الأَنسَاءُ
وَجَبَهنَاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا تُنهَزُ=فِي جَمَّةِ الطَوِيِّ الدِلاءُ
وَفَعَلنَا بِهِم كَمَا عَلِمَ اللهُ=ومَا أَن للحَائِنِينَ دِمَاءُ
ثُمَّ حُجراً أَعنَي ابنَ أُمِّ قَطَامٍ=وَلَهُ فَارِسِيَّةٌ خَضرَاءُ
أَسَدٌ فِي اللِقَاءِ وَردٌ هَمُوسٌ=وَرَبِيعٌ إِن شَمَّرَت غَبرَاءُ
وَفَكَكنَا غُلَّ امرِيِء القَيسِ عَنهُ=بَعدَ مَا طَالَ حَبسُهُ والعَنَاءُ
وَمَعَ الجَونِ جَونِ آلِ بَنِي الأَوسِ=عَتُودٌ كَأَنَّها دَفوَاءُ
مَا جَزِعنَا تَحتَ العَجَاجَةِ إِذ وَلُّوا=شِلالاً وَإِذ تَلَظَّى الصِلاءُ
وَأَقَدنَاهُ رَبَّ غَسَّانَ بِالمُنذِرِ=كَرهاً إِذ لا تُكَالُ الدِمَاءُ
وأَتَينَاهُمُ بِتِسعَةِ أَملاكٍ=كِرَامٍ أَسلابُهُم أَغلاءُ
وَوَلَدنَا عَمرو بنِ أُمِّ أنَاسٍ=مِن قَرِيبٍ لَمَّا أَتَانَا الحِبَاءُ
مِثلُهَا تُخرِجُ النَصِيحةَ للقَومِ=فَلاةٌ مِن دُونِهَا أَفلاءُ
فَاتْرُكُوا الطَيخَ والتَعَاشِي وَإِمّا=تَتَعَاشَوا فَفِي التَعَاشِي الدَّاءُ
وَاذكُرُوا حِلفَ ذِي المَجَازِ وَمَا=قُدِّمَ فِيهِ العُهُودُ وَالكُفَلاءُ
حَذَرَ الجَورِ وَالتَعدِّي وَهَل يَنقُضُ=مَا فِي المَهَارِقِ الأَهوَاءُ
وَاعلَمُوا أَنَّنَا وَإِيَّاكُم فِي مَا=إِشتَرَطنَا يَومَ إِختَلَفنَا سَوَاءُ
عَنَناً بَاطِلاً وَظُلماً كَمَا تُعتَرُ=عَن حَجرَةِ الرَبِيضِ الظَّبَاءُ
أَعَلَينَا جُنَاحُ كِندَةَ أَن يَغنَمَ=غَازِيهُمُ وَمِنَّا الجَزَاءُ
أَم عَلَينَا جَرَّى إيَادٍ كَمَا نِيطَ=بِجَوزِ المُحمَّلِ الأَعبَاءُ
لَيسَ منَّا المُضَرَّبُونَ وَلا قَيسٌ=وَلا جَندَلٌ وَلا الحَذَّاءُ
أَم جَنَايَا بَنِي عَتِيقٍ فَإِنَّا=مِنكُم إِن غَدَرتُم بُرَآءُ
وَثَمَانُونَ مِن تَمِيمٍ بِأَيدِيهِم=رِمَاحٌ صُدُورُهُنَّ القَضَاءُ
تَرَكُوهُم مُلَحَّبِينَ فَآبُوا=بِنَهابٍ يَصَمُّ مِنهَا الحُدَاءُ
أَم عَلَينَا جَرَّى حَنِيفَةَ أَمَّا=جَمَّعَت مِن مُحَارِبٍ غَبرَاءُ
أَم عَلَينَا جَرَّى قُضَاعَةَ أَم لَيسَ=عَلَينَا فِي مَا جَنَوا أَندَاءُ
ثُمَّ جَاؤوا يَستَرجِعُونَ فَلَم تَرجِع=لَهُم شَامَةٌ وَلا زَهرَاءُ
لَم يُخَلَّوا بَنِي رِزَاحٍ بِبَرقَاءِ=نِطَاعٍ لَهُم عَلَيهُم دُعَاءُ
ثُمَّ فَاؤوا مِنهُم بِقَاصِمَةِ الظَّهرِ=وَلا يَبرُدُ الغَلِيلَ المَاءُ
ثُمَّ خَيلٌ مِن بَعدِ ذَاكَ مَعَ الغَلاَّقِ=لا رَأَفَةٌ وَلا إِبقَاءُ
وَهُوَ الرَّبُّ وَالشَّهِيدُ عَلَى يَومِ=الحَيارَينِ وَالبَلاءُ بَلاءُ





2 - معلقة امرؤ القيس


قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ=بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها=لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَا=وَقِيْعَانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا=لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُمُ=يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّلِ
وإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهْرَاقَةٌ=فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا=وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا=نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً=عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ=وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُلِ
ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِي=فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّلِ
فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَا=وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ=فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعاً=عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَهُ=ولاَ تُبْعِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّلِ
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ=فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ=بِشَقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَوَّلِ
ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَذَّرَتْ=عَلَيَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ
أفاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ=وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي
أغَرَّكِ مِنِّي أنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي=وأنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ
وإِنْ تَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَةٌ=فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ
وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِي=بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ
وبَيْضَةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَا=تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَلِ
تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَراً=عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِي
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ=تَعَرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّلِ
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا=لَدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ
فَقَالَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ=وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِي
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا=عَلَى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى=بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ
هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَتْ=عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ=تَرَائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ
كَبِكْرِ المُقَانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْرَةٍ=غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّلِ
تَصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقِي=بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ
وجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ=إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلاَ بِمُعَطَّلِ
وفَرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِمٍ=أثِيْثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُلاَ=تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَلِ
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّرٍ=وسَاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ
وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَا=نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّهُ=أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِلِ
تُضِيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَا=مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ
إِلَى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً=إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَا=ولَيْسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَلِ
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُهُ=نَصِيْحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَلِ
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَهُ=عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الهُمُوْمِ لِيَبْتَلِي
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ=وأَرْدَفَ أَعْجَازاً وَنَاءَ بِكَلْكَلِ
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِي=بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَلِ
فَيَا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَهُ=بِأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْدَلِ
وقِرْبَةِ أَقْوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَا=عَلَى كَاهِلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّلِ
وَوَادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ=بِهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّلِ
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَا=قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَوَّلِ
كِلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَاً أَفَاتَهُ=ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْزَلِ
وَقَدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا=بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً=كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْدُ عَنْ حَالِ مَتْنِهِ=كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالمُتَنَزَّلِ
عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِزَامَهُ=إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ
مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى=أَثَرْنَ الغُبَارَ بِالكَدِيْدِ المُرَكَّلِ
يُزِلُّ الغُلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَوَاتِهِ=وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْفِ المُثَقَّلِ
دَرِيْرٍ كَخُذْرُوفِ الوَلِيْدِ أمَرَّهُ=تَتَابُعُ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
لَهُ أيْطَلا ظَبْيٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ=وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُلِ
ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ=بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ
كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَى=مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَلِ
كَأَنَّ دِمَاءَ الهَادِيَاتِ بِنَحْرِهِ=عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّلِ
فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَهُ=عَذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّلِ
فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّلِ بَيْنَهُ=بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْوَلِ
فَأَلْحَقَنَا بِالهَادِيَاتِ ودُوْنَهُ=جَوَاحِرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّلِ
فَعَادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ=دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَلِ
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ=صَفِيفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّلِ
ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَهُ=مَتَى تَرَقَّ العَيْنُ فِيْهِ تَسَفَّلِ
فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ ولِجَامُهُ=وَبَاتَ بِعَيْنِي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَلِ
أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَهُ=كَلَمْعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِبٍ=أَمَالَ السَّلِيْطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّلِ
قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَارِجٍ=وبَيْنَ العُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّلِ
عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِهِ=وَأَيْسَرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُلِ
فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ=يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ
ومَرَّ عَلَى القَنَانِ مِنْ نَفَيَانِهِ=فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْزِلِ
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَةٍ=وَلاَ أُطُماً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْدَلِ
كَأَنَّ ثَبِيْراً فِي عَرَانِيْنِ وَبْلِهِ=كَبِيْرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُدْوَةً=مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْزَلِ
وأَلْقَى بِصَحْرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَهُ=نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ
كَأَنَّ مَكَاكِيَّ الجِوَاءِ غُدَّبَةً=صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَلِ
كَأَنَّ السِّبَاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّةً=بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُلِ



3 - معلقة زهير بن أبي سلمى






أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ=بِحَوْمَانَةِ الدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدَارٌ لَهَا بِالرَّقْمَتَيْنِ كَأَنَّهَا=مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَمِ
بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَةً=وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً=فَلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
أَثَافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَلِ=وَنُؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّمِ
فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَا=أَلاَ أَنْعِمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَمِ
تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ=تَحَمَّلْنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُمِ
جَعَلْنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَهُ=وَكَمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْرِمِ
عَلَوْنَ بِأَنْمَاطٍ عِتَاقٍ وكِلَّةٍ=وِرَادٍ حَوَاشِيْهَا مُشَاكِهَةُ الدَّمِ
وَوَرَّكْنَ فِي السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَهُ=عَلَيْهِنَّ دَلُّ النَّاعِمِ المُتَنَعِّمِ
بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْرَةٍ=فَهُنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَمِ
وَفِيْهِنَّ مَلْهَىً لِلَّطِيْفِ وَمَنْظَرٌ=أَنِيْقٌ لِعَيْنِ النَّاظِرِ المُتَوَسِّمِ
كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ=نَزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّمِ
فَلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُهُ=وَضَعْنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ
ظَهَرْنَ مِنْ السُّوْبَانِ ثُمَّ جَزَعْنَهُ=عَلَى كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشِيْبٍ وَمُفْأَمِ
فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِّي طَافَ حَوْلَهُ=رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ
يَمِيناً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَا=عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْرَمِ
تَدَارَكْتُمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَا=تَفَانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ
وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعاً=بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَمِ
فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِنٍ=بَعِيدَيْنِ فِيْهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَمِ
عَظِيمَيْنِ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَا=وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً مِنَ المَجْدِ يَعْظُمِ
تُعَفِّى الكُلُومُ بِالمِئينَ فَأَصْبَحَتْ=يُنَجِّمُهَا مَنْ لَيْسَ فِيْهَا بِمُجْرِمِ
يُنَجِّمُهَا قَوْمٌ لِقَوْمٍ غَرَامَةً=وَلَمْ يَهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَمِ
فَأَصْبَحَ يَجْرِي فِيْهِمُ مِنْ تِلاَدِكُمْ=مَغَانِمُ شَتَّى مِنْ إِفَالٍ مُزَنَّمِ
أَلاَ أَبْلِغِ الأَحْلاَفَ عَنِّى رِسَالَةً=وَذُبْيَانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَمِ
فَلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُمْ=لِيَخْفَى وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ=لِيَوْمِ الحِسَابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ
وَمَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ=وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالحَدِيثِ المُرَجَّمِ
مَتَى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيْمَةً=وَتَضْرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُوهَا فَتَضْرَمِ
فَتَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَا=وَتَلْقَحْ كِشَافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ
فَتُنْتِجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُمْ=كَأَحْمَرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ
فَتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِلُّ لأَهْلِهَا=قُرَىً بِالْعِرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَمِ
لَعَمْرِي لَنِعْمَ الحَيِّ جَرَّ عَلَيْهِمُ=بِمَا لاَ يُؤَاتِيْهِم حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَمِ
وَكَانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّةٍ=فَلاَ هُوَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَقَدَّمِ
وَقَالَ سَأَقْضِي حَاجَتِي ثُمَّ أَتَّقِي=عَدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرَائِيَ مُلْجَمِ
فَشَدَّ فَلَمْ يُفْزِعْ بُيُوتاً كَثِيرَةً=لَدَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ
لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِلاحِ مُقَذَّفٍ=لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
جَريءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقَبْ بِظُلْمِهِ=سَرِيْعاً وَإِلاَّ يُبْدِ بِالظُّلْمِ يَظْلِمِ
دَعَوْا ظِمْئهُمْ حَتَى إِذَا تَمَّ أَوْرَدُوا=غِمَاراً تَفَرَّى بِالسِّلاحِ وَبِالدَّمِ
فَقَضَّوْا مَنَايَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَصْدَرُوا=إِلَى كَلَأٍ مُسْتَوْبَلٍ مُتَوَخِّمِ
لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُمْ=دَمَ ابْنِ نَهِيْكٍ أَوْ قَتِيْلِ المُثَلَّمِ
وَلاَ شَارَكَتْ فِي المَوْتِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ=وَلاَ وَهَبٍ مِنْهَا وَلا ابْنِ المُخَزَّمِ
فَكُلاً أَرَاهُمْ أَصْبَحُوا يَعْقِلُونَهُ=صَحِيْحَاتِ مَالٍ طَالِعَاتٍ بِمَخْرِمِ
لِحَيِّ حَلالٍ يَعْصِمُ النَّاسَ أَمْرَهُمْ=إِذَا طَرَقَتْ إِحْدَى اللَّيَالِي بِمُعْظَمِ
كِرَامٍ فَلاَ ذُو الضِّغْنِ يُدْرِكُ تَبْلَهُ=وَلا الجَارِمُ الجَانِي عَلَيْهِمْ بِمُسْلَمِ
سَئِمْتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشُ=ثَمَانِينَ حَوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْأَمِ
وأَعْلَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَهُ=وَلكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ
رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ=تُمِتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
وَمَنْ لَمْ يُصَانِعْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ=يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوْطَأ بِمَنْسِمِ
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ=يَفِرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ=عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَمِ
وَمَنْ يُوْفِ لا يُذْمَمْ وَمَنْ يُهْدَ قَلْبُهُ=إِلَى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ=وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ=يَكُنْ حَمْدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْدَمِ
وَمَنْ يَعْصِ أَطْرَافَ الزُّجَاجِ فَإِنَّهُ=يُطِيعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْذَمِ
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ=يُهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَمِ
وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُواً صَدِيقَهُ=وَمَنْ لَم يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لَم يُكَرَّمِ
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مَنْ خَلِيقَةٍ=وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
وَكَاءٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ=زِيَادَتُهُ أَو نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ
لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ=فَلَمْ يَبْقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ
وَإَنَّ سَفَاهَ الشَّيْخِ لا حِلْمَ بَعْدَهُ=وَإِنَّ الفَتَى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُمِ
سَألْنَا فَأَعْطَيْتُمْ وَعُداً فَعُدْتُمُ=وَمَنْ أَكْثَرَ التّسْآلَ يَوْماً سَيُحْرَمِ



4 - معلقة طرفة بن العبد





لِخَوْلَةَ أطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ=تلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيَّهُمْ=يَقُوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَلَّدِ
كَأنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُدْوَةً=خَلاَيَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ
عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِيْنِ ابْنَ يَامِنٍ=يَجُوْرُ بِهَا المَلاَّحُ طَوْراً ويَهْتَدِي
يَشُقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا=كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلَ بِاليَدِ
وفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ=مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ
خَذُولٌ تُرَاعِي رَبْرَباً بِخَمِيْلَةٍ=تَنَاوَلُ أطْرَافَ البَرِيْرِ وتَرْتَدِي
وتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَوَّراً=تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ لَهُ نَدِ
سَقَتْهُ إيَاةُ الشَّمْسِ إلاّ لِثَاتِهِ=أُسِفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإثْمِدِ
ووَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ ألْقتْ رِدَاءهَا=عَلَيْهِ نَقِيِّ اللَّوْنِ لَمْ يَتَخَدَّدِ
وإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ=بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَلُوحُ وتَغْتَدِي
أَمُوْنٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُهَا=عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ
جُمَالِيَّةٍ وَجْنَاءَ تَرْدَى كَأَنَّهَا=سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي لأزْعَرَ أرْبَدِ
تُبَارِي عِتَاقاً نَاجِيَاتٍ وأَتْبَعَتْ=وظِيْفاً وظِيْفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعْبَّدِ
تَرَبَّعْتِ القُفَّيْنِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِي=حَدَائِقَ مَوْلِىَّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ وتَتَّقِي=بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَف مُلْبِدِ
كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَا=حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيْبِ بِمِسْرَدِ
فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيْلِ وَتَارَةً=عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ
لَهَا فِخْذانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيْهِمَا=كَأَنَّهُمَا بَابَا مُنِيْفٍ مُمَرَّدِ
وطَيٍّ مَحَالٍ كَالحَنِيِّ خُلُوفُهُ=وأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِرَأيٍ مُنَضَّدِ
كَأَنَّ كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنِفَانِهَا=وأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صَلْبٍ مُؤَيَّدِ
لَهَا مِرْفَقَانِ أَفْتَلانِ كَأَنَّمَا=تَمُرُّ بِسَلْمَي دَالِجٍ مُتَشَدِّدِ
كَقَنْطَرةِ الرُّوْمِيِّ أَقْسَمَ رَبُّهَا=لَتُكْتَنِفَنْ حَتَى تُشَادَ بِقَرْمَدِ
صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُوْجَدَةُ القَرَا=بَعِيْدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ
أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَتْ=لَهَا عَضُدَاهَا فِي سَقِيْفٍ مُسَنَّدِ
جَنوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَتْ=لَهَا كَتِفَاهَا فِي مُعَالىً مُصَعَّدِ
كَأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَبَاتِهَا=مَوَارِدُ مِن خَلْقَاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
تَلاقَى وأَحْيَاناً تَبِيْنُ كَأَنَّهَا=بَنَائِقُ غُرٍّ فِي قَمِيْصٍ مُقَدَّدِ
وأَتْلَعُ نَهَّاضٌ إِذَا صَعَّدَتْ بِهِ=كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ
وجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلاةِ كَأَنَّمَا=وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إِلَى حَرْفِ مِبْرَدِ
وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَرٌ=كَسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ
وعَيْنَانِ كَالمَاوِيَّتَيْنِ اسْتَكَنَّتَا=بِكَهْفَيْ حِجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
طَحُورَانِ عُوَّارَ القَذَى فَتَرَاهُمَا=كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
وصَادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرَى=لِهَجْسٍ خَفيٍّ أَوْ لِصوْتٍ مُنَدَّدِ
مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فِيْهِمَا=كَسَامِعَتَي شَاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْرَدِ
وأَرْوَعُ نَبَّاضٌ أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ=كَمِرْدَاةِ صَخْرٍ فِي صَفِيْحٍ مُصَمَّدِ
وأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِنَ الأَنْفِ مَارِنٌ=عَتِيْقٌ مَتَى تَرْجُمْ بِهِ الأَرْضَ تَزْدَدِ
وَإِنْ شِئْتُ لَمْ تُرْقِلْ وَإِنْ شِئْتُ أَرْقَلَتْ=مَخَافَةَ مَلْوِيٍّ مِنَ القَدِّ مُحْصَدِ
وَإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكَوْرِ رَأْسُهَا=وَعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ
عَلَى مِثْلِهَا أَمْضِي إِذَا قَالَ صَاحِبِي=ألاَ لَيْتَنِي أَفْدِيْكَ مِنْهَا وأَفْتَدِي
وجَاشَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ خَوْفاً وَخَالَهُ=مُصَاباً وَلَوْ أمْسَى عَلَى غَيْرِ مَرْصَدِ
إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّنِي=عُنِيْتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ
أَحَلْتُ عَلَيْهَا بِالقَطِيْعِ فَأَجْذَمَتْ=وَقَدْ خَبَّ آلُ الأمْعَزِ المُتَوَقِّدِ
فَذَالَتْ كَمَا ذَالَتْ ولِيْدَةُ مَجْلِسٍ=تُرِي رَبَّهَا أَذْيَالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ
فَإن تَبغِني فِي حَلْقَةِ القَوْمِ تَلْقِنِي=وَإِنْ تَلْتَمِسْنِي فِي الحَوَانِيْتِ تَصْطَدِ
وَإِنْ يَلْتَقِ الحَيُّ الجَمِيْعُ تُلاَقِنِي=إِلَى ذِرْوَةِ البَيْتِ الشَّرِيْفِ المُصَمَّدِ
نَدَامَايَ بِيْضٌ كَالنُّجُومِ وَقَيْنَةٌ=تَرُوحُ عَلَينَا بَيْنَ بُرْدٍ وَمُجْسَدِ
رَحِيْبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيْقَةٌ=بِجَسِّ النُّدامَى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
إِذَا نَحْنُ قُلْنَا أَسْمِعِيْنَا انْبَرَتْ لَنَا=عَلَى رِسْلِهَا مَطْرُوقَةً لَمْ تَشَدَّدِ
إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا=تَجَاوُبَ أَظْآرٍ عَلَى رُبَعٍ رَدِ
وَمَا زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ وَلَذَّتِي=وبَيْعِي وإِنْفَاقِي طَرِيْفِي ومُتْلَدِي
إِلَى أنْ تَحَامَتْنِي العَشِيْرَةُ كُلُّهَا=وأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيْرِ المُعَبَّدِ
رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لاَ يُنْكِرُونَنِي=وَلاَ أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَدَّدِ
أَلاَ أَيُّها اللائِمي أَشهَدُ الوَغَى=وَأَنْ أَنْهَل اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي
فإنْ كُنْتَ لاَ تَسْطِيْعُ دَفْعَ مَنِيَّتِي=فَدَعْنِي أُبَادِرُهَا بِمَا مَلَكَتْ يَدِي
وَلَوْلاَ ثَلاثٌ هُنَّ مِنْ عَيْشَةِ الفَتَى=وَجَدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُوَّدِي
فَمِنْهُنَّ سَبْقِي العَاذِلاتِ بِشَرْبَةٍ=كُمَيْتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالمَاءِ تُزْبِدِ
وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُجَنَّباً=كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَهُ المُتَورِّدِ
وتَقْصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ=بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الخِبَاءِ المُعَمَّدِ
كَأَنَّ البُرِيْنَ والدَّمَالِيْجَ عُلِّقَتْ=عَلَى عُشَرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يُخَضَّدِ
كَرِيْمٌ يُرَوِّي نَفْسَهُ فِي حَيَاتِهِ=سَتَعْلَمُ إِنْ مُتْنَا غَداً أَيُّنَا الصَّدِي
أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بَخِيْلٍ بِمَالِهِ=كَقَبْرِ غَوِيٍّ فِي البَطَالَةِ مُفْسِدِ
تَرَى جُثْوَنَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهِمَا=صَفَائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيْحٍ مُنَضَّدِ
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِي=عَقِيْلَةَ مَالِ الفَاحِشِ المُتَشَدِّدِ
أَرَى العَيْشَ كَنْزاً نَاقِصاً كُلَّ لَيْلَةٍ=وَمَا تَنْقُصِ الأيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَدِ
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَى=لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْيَاهُ بِاليَدِ
فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّي مَالِكاً=مَتَى أَدْنُ مِنْهُ يَنْأَ عَنِّي ويَبْعُدِ
يَلُوْمُ وَمَا أَدْرِي عَلامَ يَلُوْمُنِي=كَمَا لامَنِي فِي الحَيِّ قُرْطُ بْنُ مَعْبَدِ
وأَيْأَسَنِي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ طَلَبْتُهُ=كَأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَدِ
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ قُلْتُهُ غَيْرَ أَنَّنِي=نَشَدْتُ فَلَمْ أَغْفِلْ حَمَوْلَةَ مَعْبَدِ
وَقَرَّبْتُ بِالقُرْبَى وجَدِّكَ إِنَّنِي=مَتَى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيْثَةِ أَشْهَدِ
وإِنْ أُدْعَ للْجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُمَاتِهَا=وإِنْ يِأْتِكَ الأَعْدَاءُ بِالجَهْدِ أَجْهَدِ
وَإِنْ يِقْذِفُوا بِالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ=بِكَأسِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَدُّدِ
بِلاَ حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْدَثٍ=هِجَائِي وقَذْفِي بِالشَّكَاةِ ومُطْرَدِي
فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ إِمْرَأً هُوَ غَيْرَهُ=لَفَرَّجَ كَرْبِي أَوْ لأَنْظَرَنِي غَدِي
ولَكِنَّ مَوْلايَ اِمْرُؤٌ هُوَ خَانِقِي=عَلَى الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أَوْ أَنَا مُفْتَدِ
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً=عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ
فَذَرْنِي وخُلْقِي إِنَّنِي لَكَ شَاكِرٌ=وَلَوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِياً عِنْدَ ضَرْغَدِ
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بنَ خَالِدٍ=وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْروَ بنَ مَرْثَدِ
فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيْرٍ وَزَارَنِي=بَنُونَ كِرَامٌ سَادَةٌ لِمُسَوَّدِ
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ=خَشَاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
فَآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَةً=لِعَضْبِ رَقِيْقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ
حُسَامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِهِ=كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ
أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيْبَةٍ=إِذَا قِيْلَ مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ قَدِي
إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَنِي=مَنِيْعاً إِذَا بَلَّتْ بِقَائِمَهِ يَدِي
وَبَرْكٍ هُجُوْدٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي=بَوَادِيَهَا أَمْشِي بِعَضْبٍ مُجَرَّدِ
فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلالَةٌ=عَقِيْلَةَ شَيْخٍ كَالوَبِيْلِ يَلَنْدَدِ
يَقُوْلُ وَقَدْ تَرَّ الوَظِيْفُ وَسَاقُهَا=أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤَيَّدِ
وقَالَ أَلا مَاذَا تَرَونَ بِشَارِبٍ=شَدِيْدٌ عَلَيْنَا بَغْيُهُ مُتَعَمِّدِ
وقَالَ ذَروهُ إِنَّمَا نَفْعُهَا لَهُ=وإلاَّ تَكُفُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ
فَظَلَّ الإِمَاءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَهَا=ويُسْغَى عَلَيْنَا بِالسَّدِيْفِ المُسَرْهَدِ
فَإِنْ مُتُّ فَانْعِيْنِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ=وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ
ولا تَجْعَلِيْنِي كَأَمْرِىءٍ لَيْسَ هَمُّهُ=كَهَمِّي ولا يُغْنِي غَنَائِي ومَشْهَدِي
بَطِيءٍ عَنْ الجُلَّى سَرِيْعٍ إِلَى الخَنَى=ذَلُولٍ بِأَجْمَاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ
فَلَوْ كُنْتُ وَغْلاً فِي الرِّجَالِ لَضَرَّنِي=عَدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ والمُتَوَحِّدِ
وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالَ جَرَاءَتِي=عَلَيْهِمْ وإِقْدَامِي وصِدْقِي ومَحْتِدِي
لَعَمْرُكَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ بُغُمَّةٍ=نَهَارِي ولا لَيْلِي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
ويَوْمٍ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِهِ=حِفَاظاً عَلَى عَوْرَاتِهِ والتَّهَدُّدِ
عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى=مَتَى تَعْتَرِكْ فِيْهِ الفَرَائِصُ تُرْعَدِ
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ=عَلَى النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً=ويَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
وَيَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَهُ=بَتَاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ




5 - معلقة عمرو بن كلثوم





أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَا=وَلاَ تُبْقِي خُمُوْرَ الأَنْدَرِيْنَا
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَا=إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَا
تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ=إِذَا مَا ذَاقَهَا حَتَّى يَلِيْنَا
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ=عَلَيْهِ لِمَالِهِ فِيْهَا مُهِيْنَا
صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو=وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَا
وَمَا شَرُّ الثَّلاَثَةِ أُمَّ عَمْرٍو=بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَا
وَكَأْسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَكٍّ=وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصرِيْنَا
وَإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَايَا=مُقَدَّرَةً لَنَا وَمُقَدِّرِيْنَا
قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنَا=نُخَبِّرْكِ اليَقِيْنَ وَتُخْبِرِيْنَا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً=لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَا
بِيَوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً=أَقَرَّ بِهِ مَوَالِيْكِ العُيُوْنَا
وَأنَّ غَداً وَأنَّ اليَوْمَ رَهْنٌ=وَبَعْدَ غَدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَا
تُرِيْكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَلاَءٍ=وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَا
ذِرَاعِي عَيْطَلٍ أَدَمَاءَ بِكْرٍ=هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَا
وثَدْياً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخِصاً=حَصَاناً مِنْ أُكُفِّ اللاَمِسِيْنَا
ومَتْنَى لَدِنَةٍ سَمَقَتْ وطَالَتْ=رَوَادِفُهَا تَنوءُ بِمَا وَلِيْنَا
وَمأْكَمَةً يَضِيقُ البَابُ عَنْهَا=وكَشْحاً قَد جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَا
وسَارِيَتِي بَلَنْطٍ أَو رُخَامٍ=يَرِنُّ خَشَاشُ حَلِيهِمَا رَنِيْنَا
فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقبٍ=أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعتِ الحَنِيْنَا
ولاَ شَمْطَاءُ لَم يَتْرُك شَقَاهَا=لَها مِن تِسْعَةٍ إلاَّ جَنِيْنَا
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّا=رَأَيْتُ حُمُوْلَهَا أصُلاً حُدِيْنَا
فَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَرَّتْ=كَأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلِتِيْنَا
أَبَا هِنْدٍ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْنَا=وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقِيْنَا
بِأَنَّا نُوْرِدُ الرَّايَاتِ بِيْضاً=وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَا
وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍّ طِوَالٍ=عَصَيْنَا المَلِكَ فِيهَا أَنْ نَدِيْنَا
وَسَيِّدِ مَعْشَرٍ قَدْ تَوَّجُوْهُ=بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِيْنَا
تَرَكْنَ الخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْهِ=مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَهَا صُفُوْنَا
وَأَنْزَلْنَا البُيُوْتَ بِذِي طُلُوْحٍ=إِلَى الشَامَاتِ نَنْفِي المُوْعِدِيْنَا
وَقَدْ هَرَّتْ كِلاَبُ الحَيِّ مِنَّا=وَشَذَّبْنَا قَتَادَةَ مَنْ يَلِيْنَا
مَتَى نَنْقُلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَا=يَكُوْنُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِيْنَا
يَكُوْنُ ثِقَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ=وَلُهْوَتُهَا قُضَاعَةَ أَجْمَعِيْنَا
نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا=فَأَعْجَلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتِمُوْنَا
قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنَا قِرَاكُمْ=قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُوْنَا
نَعُمُّ أُنَاسَنَا وَنَعِفُّ عَنْهُمْ=وَنَحْمِلُ عَنْهُمُ مَا حَمَّلُوْنَا
نُطَاعِنُ مَا تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّا=وَنَضْرِبُ بِالسِّيُوْفِ إِذَا غُشِيْنَا
بِسُمْرٍ مِنْ قَنَا الخَطِّيِّ لُدْنٍ=ذَوَابِلَ أَوْ بِبِيْضٍ يَخْتَلِيْنَا
كَأَنَّ جَمَاجِمَ الأَبْطَالِ فِيْهَا=وُسُوْقٌ بِالأَمَاعِزِ يَرْتَمِيْنَا
نَشُقُّ بِهَا رُؤُوْسَ القَوْمِ شَقًّا=وَنَخْتَلِبُ الرِّقَابَ فَتَخْتَلِيْنَا
وَإِنَّ الضِّغْنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَبْدُو=عَلَيْكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِيْنَا
وَرِثْنَا المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ=نُطَاعِنُ دُوْنَهُ حَتَّى يَبِيْنَا
وَنَحْنُ إِذَا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّتْ=عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِيْنَا
نَجُذُّ رُؤُوْسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ=فَمَا يَدْرُوْنَ مَاذَا يَتَّقُوْنَا
كَأَنَّ سُيُوْفَنَا منَّا ومنْهُم=مَخَارِيْقٌ بِأَيْدِي لاَعِبِيْنَا
كَأَنَّ ثِيَابَنَا مِنَّا وَمِنْهُمْ=خُضِبْنَ بِأُرْجُوَانِ أَوْ طُلِيْنَا
إِذَا مَا عَيَّ بِالإِسْنَافِ حَيٌّ=مِنَ الهَوْلِ المُشَبَّهِ أَنْ يَكُوْنَا
نَصَبْنَا مِثْلَ رَهْوَةِ ذَاتَ حَدٍّ=مُحَافَظَةً وَكُنَّا السَّابِقِيْنَا
بِشُبَّانٍ يَرَوْنَ القَتْلَ مَجْداً=وَشِيْبٍ فِي الحُرُوْبِ مُجَرَّبِيْنَا
حُدَيَّا النَّاسِ كُلِّهِمُ جَمِيْعاً=مُقَارَعَةً بَنِيْهِمْ عَنْ بَنِيْنَا
فَأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنَا عَلَيْهِمْ=فَتُصْبِحُ خَيْلُنَا عُصَباً ثُبِيْنَا
وَأَمَّا يَوْمَ لاَ نَخْشَى عَلَيْهِمْ=فَنُمْعِنُ غَارَةً مُتَلَبِّبِيْنَا
بِرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشْمٍ بِنْ بَكْرٍ=نَدُقُّ بِهِ السُّهُوْلَةَ وَالحُزُوْنَا
أَلاَ لاَ يَعْلَمُ الأَقْوَامُ أَنَّا=تَضَعْضَعْنَا وَأَنَّا قَدْ وَنِيْنَا
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا=فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا
بِاَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ=نَكُوْنُ لِقَيْلِكُمْ فِيْهَا قَطِيْنَا
بِأَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ=تُطِيْعُ بِنَا الوُشَاةَ وَتَزْدَرِيْنَا
تَهَدَّدُنَا وَتُوْعِدُنَا رُوَيْداً=مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِيْنَا
فَإِنَّ قَنَاتَنَا يَا عَمْرُو أَعْيَتْ=عَلى الأَعْدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَا
إِذَا عَضَّ الثَّقَافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ=وَوَلَّتْهُ عَشَوْزَنَةً زَبُوْنَا
عَشَوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّتْ=تَشُجُّ قَفَا المُثَقِّفِ وَالجَبِيْنَا
فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمٍ بِنْ بَكْرٍ=بِنَقْصٍ فِي خُطُوْبِ الأَوَّلِيْنَا
وَرِثْنَا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بِنْ سَيْفٍ=أَبَاحَ لَنَا حُصُوْنَ المَجْدِ دِيْنَا
وَرَثْتُ مُهَلْهِلاً وَالخَيْرَ مِنْهُ=زُهَيْراً نِعْمَ ذُخْرُ الذَّاخِرِيْنَا
وَعَتَّاباً وَكُلْثُوْماً جَمِيْعاً=بِهِمْ نِلْنَا تُرَاثَ الأَكْرَمِيْنَا
وَذَا البُرَةِ الذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ=بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي المُلتَجِينَا
وَمِنَّا قَبْلَهُ السَّاعِي كُلَيْبٌ=فَأَيُّ المَجْدِ إِلاَّ قَدْ وَلِيْنَا
مَتَى نَعْقِد قَرِيْنَتَنَا بِحَبْلٍ=تَجُذَّ الحَبْلَ أَوْ تَقْصِ القَرِيْنَا
وَنُوْجَدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَاراً=وَأَوْفَاهُمْ إِذَا عَقَدُوا يَمِيْنَا
وَنَحْنُ غَدَاةَ أَوْقِدَ فِي خَزَازَى=رَفَدْنَا فَوْقَ رِفْدِ الرَّافِدِيْنَا
وَنَحْنُ الحَابِسُوْنَ بِذِي أَرَاطَى=تَسَفُّ الجِلَّةُ الخُوْرُ الدَّرِيْنَا
وَنَحْنُ الحَاكِمُوْنَ إِذَا أُطِعْنَا=وَنَحْنُ العَازِمُوْنَ إِذَا عُصِيْنَا
وَنَحْنُ التَّارِكُوْنَ لِمَا سَخِطْنَا=وَنَحْنُ الآخِذُوْنَ لِمَا رَضِيْنَا
وَكُنَّا الأَيْمَنِيْنَ إِذَا التَقَيْنَا=وَكَانَ الأَيْسَرِيْنَ بَنُو أَبَيْنَا
فَصَالُوا صَوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْهِمْ=وَصُلْنَا صَوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْنَا
فَآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا=وَأُبْنَا بِالمُلُوْكِ مُصَفَّدِيْنَا
إِلَيْكُمْ يَا بَنِي بَكْرٍ إِلَيْكُمْ=أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا اليَقِيْنَا
أَلَمَّا تَعْلَمُوا مِنَّا وَمِنْكُمْ=كَتَائِبَ يَطَّعِنَّ وَيَرْتَمِيْنَا
عَلَيْنَا البَيْضُ وَاليَلَبُ اليَمَانِي=وَأسْيَافٌ يَقُمْنَ وَيَنْحَنِيْنَا
عَلَيْنَا كُلُّ سَابِغَةٍ دِلاَصٍ=تَرَى فَوْقَ النِّطَاقِ لَهَا غُضُوْنَا
إِذَا وَضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْماً=رَأَيْتَ لَهَا جُلُوْدَ القَوْمِ جُوْنَا
كَأَنَّ غُضُوْنَهُنَّ مُتُوْنُ غُدْرٍ=تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَا
وَتَحْمِلُنَا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُرْدٌ=عُرِفْنَ لَنَا نَقَائِذَ وَافْتُلِيْنَا
وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثاً=كَأَمْثَالِ الرِّصَائِعِ قَدْ بَلَيْنَا
وَرِثْنَاهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ=وَنُوْرِثُهَا إِذَا مُتْنَا بَنِيْنَا
عَلَى آثَارِنَا بِيْضٌ حِسَانٌ=نُحَاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهُوْنَا
أَخَذْنَ عَلَى بُعُوْلَتِهِنَّ عَهْداً=إِذَا لاَقَوْا كَتَائِبَ مُعْلِمِيْنَا
لَيَسْتَلِبُنَّ أَفْرَاساً وَبِيْضاً=وَأَسْرَى فِي الحَدِيْدِ مُقَرَّنِيْنَا
تَرَانَا بَارِزِيْنَ وَكُلُّ حَيٍّ=قَدْ اتَّخَذُوا مَخَافَتَنَا قَرِيْناً
إِذَا مَا رُحْنَ يَمْشِيْنَ الهُوَيْنَا=كَمَا اضْطَرَبَتْ مُتُوْنُ الشَّارِبِيْنَا
يَقُتْنَ جِيَادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ=بُعُوْلَتَنَا إِذَا لَمْ تَمْنَعُوْنَا
ظَعَائِنَ مِنْ بَنِي جُشَمِ بِنْ بِكْرٍ=خَلَطْنَ بِمِيْسَمٍ حَسَباً وَدِيْنَا
وَمَا مَنَعَ الظَّعَائِنَ مِثْلُ ضَرْبٍ=تَرَى مِنْهُ السَّوَاعِدَ كَالقُلِيْنَا
كَأَنَّا وَالسُّيُوْفُ مُسَلَّلاَتٌ=وَلَدْنَا النَّاسَ طُرّاً أَجْمَعِيْنَا
يُدَهْدِهنَ الرُّؤُوسِ كَمَا تُدَهْدَي=حَزَاوِرَةٌ بِأَبطَحِهَا الكُرِيْنَا
وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ مِنْ مَعَدٍّ=إِذَا قُبَبٌ بِأَبطَحِهَا بُنِيْنَا
بِأَنَّا المُطْعِمُوْنَ إِذَا قَدَرْنَا=وَأَنَّا المُهْلِكُوْنَ إِذَا ابْتُلِيْنَا
وَأَنَّا المَانِعُوْنَ لِمَا أَرَدْنَا=وَأَنَّا النَّازِلُوْنَ بِحَيْثُ شِيْنَا
وَأَنَّا التَارِكُوْنَ إِذَا سَخِطْنَا=وَأَنَّا الآخِذُوْنَ إِذَا رَضِيْنَا
وَأَنَّا العَاصِمُوْنَ إِذَا أُطِعْنَا=وَأَنَّا العَازِمُوْنَ إِذَا عُصِيْنَا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْواً=وَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَا
أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي الطَّمَّاحِ عَنَّا=وَدُعْمِيَّا فَكَيْفَ وَجَدْتُمُوْنَا
إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفاً=أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِيْنَا
مَلأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا=وَظَهرَ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سَفِيْنَا
إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ=تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِديْنَا




6 - معلقة عنترة بن شداد العبسي



هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَرَدَّمِ=أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّمِ
يَا دَارَ عَبْلةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِي=وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي
فَوَقَّفْتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَا=فَدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَا=بالحَزنِ فَالصَّمَانِ فَالمُتَثَلَّمِ
حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْدُهُ=أَقْوى وأَقْفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَمِ
حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ=عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْرَمِ
عُلِّقْتُهَا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَا=زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَمِ
ولقد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْرهُ=مِنّي بِمَنْزِلَةِ المُحِبِّ المُكْرَمِ
كَيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَا=بِعُنَيْزَتَيْنِ وأَهْلُنَا بِالغَيْلَمِ
إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَا=زَمَّت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِمِ
مَا رَاعَني إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَا=وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ
فِيهَا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَةً=سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَمِ
إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ=عذْبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذُ المَطْعَمِ
وكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَةٍ=سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ
أوْ روْضةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَا=غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَمِ
جَادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ=فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَمِ
سَحّاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّةٍ=يَجْرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَرَّمِ
وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَارِحٍ=غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّمِ
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بذِراعِهِ=قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْذَمِ
تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ=وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَمِ
وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى=نَهْدٍ مَرَاكِلُهُ نَبِيلِ المَحْزِمِ
هَل تُبْلِغَنِّي دَارَهَا شَدَنِيَّةَ=لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَرَّمِ
خَطَّارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَةٌ=تَطِسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ
وكَأَنَّمَا تَطِسُ الإِكَامَ عَشِيَّةً=بِقَريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّمِ
تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ=حِزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ
يَتْبَعْنَ قُلَّةَ رأْسِهِ وكأَنَّهُ=حَرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ
صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَةُ=كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ
شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ=زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَمِ
وكَأَنَّما يَنْأَى بِجانبِ دَفَّها ال=وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ
هِرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لهُ=غَضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَمِ
بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّما=بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ
وكَأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَداً=حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُمِ
يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ=زَيَّافَةٍ مِثلَ الفَنيقِ المُكْدَمِ
إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِي=طَبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِمِ
أَثْنِي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِي=سَمْحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَمِ
وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِلٌ=مُرٌّ مَذَاقَتُهُ كَطَعمِ العَلْقَمِ
ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَما=رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَمِ
بِزُجاجَةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ=قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَدَّمِ
فإِذَا شَرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِكٌ=مَالي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ
وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً=وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمي
وحَلِيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجدَّلاً=تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَمِ
سَبَقَتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَةٍ=ورِشاشِ نافِذَةٍ كَلَوْنِ العَنْدَمِ
هَلاَّ سأَلْتِ الخَيلَ يا ابنةَ مالِكٍ=إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِمَا لَم تَعْلَمِي
إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالةِ سَابِحٍ=نَهْدٍ تعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ
طَوْراً يُجَرَّدُ للطَّعانِ وتَارَةً=يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْرِمِ
يُخْبِركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِي=أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَمِ
ومُدَّجِجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزَالَهُ=لامُمْعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسْلِمِ
جَادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنةٍ=بمُثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّمِ
فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابه=ليسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَرَّمِ
فتَركْتُهُ جَزَرَ السِّبَاعِ يَنَشْنَهُ=يَقْضِمْنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَمِ
ومِشَكِّ سابِغةٍ هَتَكْتُ فُروجَها=بِالسَّيف عنْ حَامِي الحَقيقَة مُعْلِمِ
رَبِذٍ يَدَاهُ بالقِدَاح إِذَا شَتَا=هَتَّاكِ غَاياتِ التَّجارِ مُلَوَّمِ
لمَّا رَآنِي قَدْ نَزَلتُ أُريدُهُ=أَبْدَى نَواجِذَهُ لِغَيرِ تَبَسُّمِ
عَهدِي بِهِ مَدَّ النَّهارِ كَأَنَّما=خُضِبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَمِ
فَطعنْتُهُ بِالرُّمْحِ ثُمَّ عَلَوْتُهُ=بِمُهَنَّدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْذَمِ
بَطلٌ كأَنَّ ثِيابَهُ في سَرْجةٍ=يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَوْأَمِ
ياشَاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لهُ=حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْرُمِ
فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لها اذْهَبي=فَتَجَسَّسِي أَخْبارَها لِيَ واعْلَمِي
قَالتْ : رَأيتُ مِنَ الأَعادِي غِرَّةً=والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمي
وكأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايةٍ=رَشَاءٍ مِنَ الغِزْلانِ حُرٍ أَرْثَمِ
نُبّئتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِي=والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنَفْسِ المُنْعِمِ
ولقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى=إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ
في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِي=غَمَرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ
إِذْ يَتَّقُونَ بيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِمْ=عَنْها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمي
لمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُمْ=يَتَذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّمِ
يَدْعُونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّها=أشْطَانُ بِئْرٍ في لَبانِ الأَدْهَمِ
مازِلْتُ أَرْمِيهُمْ بِثُغْرَةِ نَحْرِهِ=ولِبانِهِ حَتَّى تَسَرْبَلَ بِالدَّمِ
فَازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ القَنا بِلِبانِهِ=وشَكَا إِلَىَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ
لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى=وَلَكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِي
ولقَدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَا=قِيْلُ الفَوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِ
والخَيلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِساً=مِن بَيْنَ شَيْظَمَةٍ وَآخَرَ شَيْظَمِ
ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي=لُبِّي وأَحْفِزُهُ بِأَمْرٍ مُبْرَمِ
ولقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ ولَم تَدُرْ=للحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَا=والنَّاذِرَيْنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِي
إِنْ يَفْعَلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَا=جَزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَمِ



7 - معلقة لبد بن أبي ربيعة





عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا=بِمِنىً تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَا
فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا=خَلِقاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِىَّ سِلامُهَا
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَا=حِجَجٌ خَلَونَ حَلالُهَا وَحَرامُهَا
رُزِقَتْ مَرَابِيْعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا=وَدَقُّ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُهَا
مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ=وَعَشِيَّةٍ مُتَجَاوِبٍ إِرْزَامُهَا
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَتْ=بِالجَهْلَتَيْنِ ظِبَاؤُهَا وَنَعَامُهَا
وَالعِيْنُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلائِهَا=عُوذاً تَأَجَّلُ بِالفَضَاءِ بِهَامُهَا
وَجَلا السُّيُولُ عَنْ الطُّلُولِ كَأَنَّهَا=زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَا أَقْلامُهَا
أَوْ رَجْعُ واشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤورُهَا=كَفِفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا وَكَيفَ سُؤَالُنَا=صُمًّا خَوَالِدَ مَا يَبِيْنُ كَلامُهَا
عَرِيتْ وَكَانَ بِهَا الجَمِيْعُ فَأَبْكَرُوا=مِنْهَا وغُودِرَ نُؤيُهَا وَثُمَامُهَا
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حِيْنَ تَحَمَّلُوا=فَتَكَنَّسُوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُهَا
مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عَصِيَّهُ=زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وَقِرَامُهَا
زُجَلاً كَأَنَّ نِعَاجَ تُوْضِحَ فَوْقَهَا=وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفاً آرَامُهَا
حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا=أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا وَرِضَامُهَا
بَلْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارِ وقَدْ نَأَتْ=وتَقَطَّعَتْ أَسْبَابُهَا ورِمَامُهَا
مُرِّيَةٌ حَلَّتْ بِفَيْد وجَاوَرَتْ=أَهْلَ الحِجَازِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا
بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّرٍ=فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَةٌ فَرُخَامُهَا
فَصُوائِقٌ إِنْ أَيْمَنَتْ فَمِظَنَّةٌ=فِيْهَا رِخَافُ القَهْرِ أَوْ طِلْخَامُهَا
فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ=وَلَشَرُّ وَاصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُهَا
وَاحْبُ المُجَامِلَ بِالجَزِيلِ وَصَرْمُهُ=بَاقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوَامُهَا
بِطَلِيحِ أَسْفَارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّةً=مِنْهَا فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وسَنَامُهَا
وَإِذَا تَعَالَى لَحْمُهَا وتَحَسَّرَتْ=وتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَا
فَلَهَا هِبَابٌ فِي الزِّمَامِ كَأَنَّهَا=صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الجَنُوبِ جَهَامُهَا
أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاحَهُ=طَرْدُ الفُحُولِ وضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا
يَعْلُو بِهَا حُدْبَ الإِكَامِ مُسَحَّجٌ=قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُهَا
بِأَحِزَّةِ الثَّلْبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا=قَفْرُ المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَا
حَتَّى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً=جَزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا
رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلىَ ذِي مِرَّةٍ=حَصِدٍ ونُجْعُ صَرِيْمَةٍ إِبْرَامُهَا
ورَمَى دَوَابِرَهَا السَّفَا وتَهَيَّجَتْ=رِيْحُ المَصَايِفِ سَوْمُهَا وسِهَامُهَا
فَتَنَازَعَا سَبِطاً يَطِيْرُ ظِلالُهُ=كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا
مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابتِ عَرْفَجٍ=كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَا
فَمَضَى وقَدَّمَهَا وكَانَتْ عَادَةً=مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُهَا
فَتَوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وصَدَّعَا=مَسْجُورَةً مُتَجَاوِراً قُلاَّمُهَا
مَحْفُوفَةً وَسْطَ اليَرَاعِ يُظِلُّهَا=مِنْهُ مُصَرَّعُ غَابَةٍ وقِيَامُهَا
أَفَتِلْكَ أَمْ وَحْشِيَّةٌ مَسْبُوعَةٌ=خَذَلَتْ وهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوَامُهَا
خَنْسَاءُ ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ فَلَمْ يَرِمْ=عُرْضَ الشَّقَائِقِ طَوْفُهَا وبُغَامُهَا
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ=غُبْسٌ كَوَاسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُهَا
صَادَفْنَ مِنْهَا غِرَّةً فَأَصَبْنَهَا=إِنَّ المَنَايَا لا تَطِيْشُ سِهَامُهَا
بَاتَتْ وأَسْبَلَ واكِفٌ مِنْ دِيْمَةٍ=يُرْوَى الخَمَائِلَ دَائِماً تَسْجَامُهَا
يَعْلُو طَرِيْقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِرٌ=فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمامُهَا
تَجْتَافُ أَصْلاً قَالِصاً مُتَنَبِّذَا=بِعُجُوبِ أَنْقَاءٍ يَمِيْلُ هُيَامُهَا
وتُضِيءُ فِي وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيْرَةً=كَجُمَانَةِ البَحْرِيِّ سُلَّ نِظَامُهَا
حَتَّى إِذَا حَسَرَ الظَّلامُ وأَسْفَرَتْ=بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلامُهَا
عَلِهَتْ تَرَدَّدُ فِي نِهَاءِ صُعَائِدٍ=سَبْعاً تُؤَاماً كَامِلاً أَيَّامُهَا
حَتَّى إِذَا يَئِسَتْ وَأَسْحَقَ حَالِقٌ=لَمْ يُبْلِهِ إِرْضَاعُهَا وفِطَامُهَا
فَتَوَجَّسَتْ رِزَّ الأَنِيْسِ فَرَاعَهَا=عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيْسُ سَقَامُهَا
فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّهُ=مَوْلَى المَخَافَةِ خَلْفُهَا وأَمَامُهَا
حَتَّى إِذَا يِئِسَ الرُّمَاةُ وأَرْسَلُوا=غُضْفاً دَوَاجِنَ قَافِلاً أَعْصَامُهَا
فَلَحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لَهَا مَدْرِيَّةٌ=كَالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّهَا وتَمَامُهَا
لِتَذُودَهُنَّ وأَيْقَنَتْ إِنْ لَمْ تَذُدْ=أَنْ قَدْ أَحَمَّ مَعَ الحُتُوفِ حِمَامُهَا
فَتَقَصَّدَتْ مِنْهَا كَسَابِ فَضُرِّجَتْ=بِدَمٍ وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُخَامُهَا
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بِالضُّحَى=واجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ إِكَامُهَا
أَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَرِّطُ رِيْبَةً=أَوْ أنْ يَلُومَ بِحَاجَةٍ لَوَّامُهَا
أَوَلَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارِ بِأَنَّنِي=وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَا
تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا=أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
بَلْ أَنْتِ لا تَدْرِينَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ=طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُهَا
قَدْ بِتُّ سَامِرَهَا وغَايَةَ تَاجِرٍ=وافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدَامُهَا
أُغْلِى السِّبَاءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عَاتِقِ=أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتَامُهَا
بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وجَذْبِ كَرِينَةٍ=بِمُوَتَّرٍ تَأْتَالُهُ إِبْهَامُهَا
بَاكَرْتُ حَاجَتَهَا الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ=لأَعَلَّ مِنْهَا حِيْنَ هَبَّ نِيَامُهَا
وَغدَاةَ رِيْحٍ قَدْ وَزَعْتُ وَقِرَّةٍ=قَد أَصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمَالِ زِمَامُهَا
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِي=فُرْطٌ وِشَاحِي إِذْ غَدَوْتُ لِجَامُهَا
فَعَلَوْتُ مُرْتَقِباً عَلَى ذِي هَبْوَةٍ=حَرِجٍ إِلَى أَعْلامِهِنَّ قَتَامُهَا
حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَداً فِي كَافِرٍ=وأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا
أَسْهَلْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْعِ مُنِيْفَةٍ=جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دُونَهَا جُرَّامُهَا
رَفَّعْتُهَا طَرْدَ النَّعَامِ وَشَلَّهُ=حَتَّى إِذَا سَخِنَتْ وخَفَّ عِظَامُهَا
قَلِقَتْ رِحَالَتُهَا وأَسْبَلَ نَحْرُهَا=وابْتَلَّ مِنْ زَبَدِ الحَمِيْمِ حِزَامُهَا
تَرْقَى وتَطْعَنُ فِي العِنَانِ وتَنْتَحِي=وِرْدَ الحَمَامَةِ إِذْ أَجَدَّ حَمَامُهَا
وكَثِيْرَةٍ غُرَبَاؤُهَا مَجْهُولَةٍ=تُرْجَى نَوَافِلُهَا ويُخْشَى ذَامُهَا
غُلْبٍ تَشَذَّرُ بِالذَّحُولِ كَأَنَّهَا=جِنُّ البَدِيِّ رَوَاسِياً أَقْدَامُهَا
أَنْكَرْتُ بَاطِلَهَا وبُؤْتُ بِحَقِّهَا=عِنْدِي وَلَمْ يَفْخَرْ عَلَّي كِرَامُهَا
وجَزُورِ أَيْسَارٍ دَعَوْتُ لِحَتْفِهَا=بِمَغَالِقٍ مُتَشَابِهٍ أَجْسَامُهَا
أَدْعُو بِهِنَّ لِعَاقِرٍ أَوْ مُطْفِلٍ=بُذِلَتْ لِجِيْرَانِ الجَمِيْعِ لِحَامُهَا
فَالضَّيْفُ والجَارُ الجَنِيْبُ كَأَنَّمَا=هَبَطَا تَبَالَةَ مُخْصِباً أَهْضَامُهَا
تَأْوِي إِلَى الأطْنَابِ كُلُّ رَذِيَّةٍ=مِثْلِ البَلِيَّةِ قَالِصٍ أَهْدَامُهَا
ويُكَلِّلُونَ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَتْ=خُلُجاً تُمَدُّ شَوَارِعاً أَيْتَامُهَا
إِنَّا إِذَا الْتَقَتِ المَجَامِعُ لَمْ يَزَلْ=مِنَّا لِزَازُ عَظِيْمَةٍ جَشَّامُهَا
ومُقَسِّمٌ يُعْطِي العَشِيرَةَ حَقَّهَا=ومُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِهَا هَضَّامُهَا
فَضْلاً وَذُو كَرَمٍ يُعِيْنُ عَلَى النَّدَى=سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَائِبٍ غَنَّامُهَا
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ=ولِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمَامُهَا
لا يَطْبَعُونَ وَلا يَبُورُ فَعَالُهُمْ=إِذْ لا يَمِيْلُ مَعَ الهَوَى أَحْلامُهَا
فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيْكُ فَإِنَّمَا=قَسَمَ الخَلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَا
وإِذَا الأَمَانَةُ قُسِّمَتْ فِي مَعْشَرٍ=أَوْفَى بِأَوْفَرِ حَظِّنَا قَسَّامُهَا
فَبَنَى لَنَا بَيْتاً رَفِيْعاً سَمْكُهُ=فَسَمَا إِليْهِ كَهْلُهَا وغُلامُهَا
وَهُمُ السُّعَاةُ إِذَا العَشِيرَةُ أُفْظِعَتْ=وَهُمُ فَوَارِسُهَا وَهُمْ حُكَّامُهَا
وَهُمُ رَبيْعٌ لِلْمُجَاوِرِ فِيهُمُ=والمُرْمِلاتِ إِذَا تَطَاوَلَ عَامُهَا
وَهُمُ العَشِيْرَةُ أَنْ يُبَطِّئَ حَاسِدٌ=أَوْ أَنْ يَمِيْلَ مَعَ العَدُوِّ لِئَامُهَا

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 17-07-2009, 10:35 PM   #6
 
إحصائية العضو







ابومبخوت الدوسري غير متصل

وسام الدواسر الذهبي: للأعضاء المميزين والنشيطين - السبب: لنشاطه الكبير وجهوده الطيبه في خدمة الموقع
: 1

ابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura about


افتراضي رد: المعلقات السبع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن سالم بن فهيد مشاهدة المشاركة
ابو مبخوت لاهنت شاكر ومقدر



ماقمت به جزاك لله خير وبارك فيك


لك تحياتي
ابوسالم
أشكر مرورك الكريـــم لاهنت

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 17-07-2009, 10:38 PM   #7
 
إحصائية العضو







ابومبخوت الدوسري غير متصل

وسام الدواسر الذهبي: للأعضاء المميزين والنشيطين - السبب: لنشاطه الكبير وجهوده الطيبه في خدمة الموقع
: 1

ابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura about


افتراضي رد: المعلقات السبع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خميس مطر الغييثي مشاهدة المشاركة
بيض الله وجهك يالشكري
ولاهنت على الطرح الرائع
ووجهك أبيض يا الغييثي ولاهنت على المرور الطيـــــــــــب

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 17-07-2009, 10:41 PM   #8
 
إحصائية العضو







ابومبخوت الدوسري غير متصل

وسام الدواسر الذهبي: للأعضاء المميزين والنشيطين - السبب: لنشاطه الكبير وجهوده الطيبه في خدمة الموقع
: 1

ابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura about


افتراضي رد: المعلقات السبع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيال الخيل مشاهدة المشاركة
ابيض وجه يالشكري
ومشاركه فعاله وتزيد الزوار متعه
ماعليك زود ياسنافي
أشكر مرورك الكريــــــــــم لاهنت

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 17-07-2009, 10:43 PM   #9
 
إحصائية العضو







ابومبخوت الدوسري غير متصل

وسام الدواسر الذهبي: للأعضاء المميزين والنشيطين - السبب: لنشاطه الكبير وجهوده الطيبه في خدمة الموقع
: 1

ابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura aboutابومبخوت الدوسري has a spectacular aura about


افتراضي رد: المعلقات السبع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيالية مشاهدة المشاركة
بـــارك الله فيك ،، ذكرتني بالاختبارات المعلقات السبع ...............
خياليــــــــــــة
أشكــــــــر مــــرورك الكريــــــــــــــــــم

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 08:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---