نفوس صافيــــه
لعلك فكرت يوما ً :
أن تعتزل هذا المجتمع , الذي بات أهله يحسدون كل صاحب نعمة
ويضيقون بكل إنسان آتاه الله من فضله وباتت علاقات الناس فيه
قائمه على المصلحه وحدها , فلا أثر لموده صادقه ولا مكان لصداقه مخلصه ولا وجود لقيم ساميه ...!
وربما فا جأك صديق بما يضمر لك في نفسه من ضغينه وآلمك قريب بما بدر
منه ما يدل على ما في نفسه من حسد لك , فزادك هذا عزما على اعتـــــزال
المجتمع , وهجرة الناس , والانزواء في بيتك بعيدا عنهم .
هذا أحد وجوه النقص في متع الحياة الدنيا , فإنك لا تكاد تجد صديقين
استمرا في صداقتهما مدى الحياة أو قريبين لم يختلفا قط , أو شريكين لم يتنازعا ويفضّا شراكتهما .
إن النفس الإنسانيه تحتاج إلى تزكية طويله مستمره لتتحرر من كل ما فيها من حسد وغل .
حسد وغل ينغصان صفو الحياة ويفسدان كثيرا ً من الصداقات ويخربان كثيرا ً
من العلاقات ويثيران النزاع بين كثير من القرابات .
أما في جنة الخلد :
فالإمر مختلف تماما ً :
كما يبشرنا سبحانه في هذه الآيه الكريمه التي يصف فيها أهل الجنة بأنهم إخوان متحابون .. بعد أن نزع الله ما في نفوسهم من غل :
( وَنَزَعنَا مَافِي صُدُورِهِم مِن غِل ٍ إِخوَناً عَلَى سُرُر ٍ مُّتقبِلِينَ )
وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( إذا خلص المؤمنون من النار : حُبسوا على قنطرة بين الجنة والنار : فاقتص
لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا : حتى إذا هذّبوا ونقّوا : أُذن لهم في دخول
الجنة . فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة ... أدل ّ منه بمسكنه
في الدنـــــــــــــــــيا )).
وفي الظلال :
إن هذا الدين لا يحاول تغيير طبيعة البشر في هذه الأرض
ولا تحويلهم خلقا ً آخر , ومن ثم يعترف لهم بأنه كان في صدورهم غل
في الدنيا : وبأن هذا من طبيعة بشريتهم التي لا يذهب به الإيمان والإسلام
من جذورها , ولكنه يعالجها فقط لتخف حدتها ويتسامى بها لتنصرف إلى الحب في الله والكره في الله _ وهل الإيمان إلا الحب والبغض ؟
ولكنه في الجنة وقد وصلت بشريتهم إلى منتهى رقيها وأدت كذلك دورها في الحياة الدنيا :
يُنزع أصل الإحساس بالغل من صدورهم ولا تكون إلا الأُخوة الصافـــــــــــــية الودوده ...
إنها درجة أهل الجنة .. فمن وجدها في نفسه غالبة في الأرض فليستبشر
أنه من أهلها ما دام ذلك وهو مؤمن , فهذا هو الشرط الذي لا تقوم بغيـــره الأعــــــــــــــمال ....
منقول
[url=http://www.gulfup.com/][/url