لماذا الاستقامة ؟
نسمع كثير من الناس يعيش في ضيق ونكـد وهـم وغـم ، ويشتكي أناس كثير أيضا من الأمراض النفسية التي تفشت في مجتمعنا ومحيطنا ، ونجد هؤلاء يبحثون عن الحل ، وكثير منهم يخطيء في الوصول الى الحل السليم،
والحل هم في الاستقامة على هذا الدين ن وسلوك طريقه القويم .
ولكن لماذا الحديث عن الاستقامة ؟ ولماذا كانت الاستقامة هي الحل الوحيد لامراضنا ؟
الجواب يتلخص في عـدة أمور هي :
1- أن الاستقامة استجابة لأمر الله عز وجل ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا انه بما تملون بصير ) ، وأمر عز وجل بها فقال : ( فاستقيموا اليه وأستغفروه وويل للمشركين ) ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام : ( سددوا وقاربوا ) والسداد هو حقيقة الاستقامة وهو الاصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد . وقال عليه الصلاة والسلام : ( استقيموا ولن تحصوا ) . رواه أحمد .
فاستقامتك أخي الحبيب هي استجابة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام وهي من أعظم أسباب الفوز والفلاح قال تعالى : ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) قال القرطبي رحمه الله تعالى : من يطع الله ورسوله فقد ظفر بالكرامة العظمى من الله .
2 – أن الاستقامة موافقة للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها قال تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
قال السعدي رحمه الله : الفطرة هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها ، وجعلهم مفطورين على محبة الخير وايثاره ، وكراهة الشر ودفعه ، وفطرهم حنفاء مستعدين لقبول الخير والاخلاص لله والتقرب اليه ) .
قال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ... الحديث ) ، وفي الحديث القدسي : ( واني خلقت عبادي حنفاء كلهم وانهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ) رواه مسلم .
3 – أن الاستقامة موافقة للعقل السليم الذي وهبك الله اياه فالعاقل لو خير بين طريقين أحدهما مستقيم معبد والآخر عوج وعـر ، فانه يختار الطريق المستقيم المعبد ، فما بالك بطريقين أحدهما يوصل الى رضوان الله والجنة ، والآخر يوصل الى سخط الله والنار ، فماذا يختار العاقل اللبيب قال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) وقال سبحانه : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) .
4 – أن الاستقامة موافقة للكون من حولك ، فالكون كله مستقيم على أمر الله أرضه وسماءه ، جباله وبحاره ، ووديانه وأنهاره ، دوابه وأشجاره ، كواكبه ونجومه ، الكون كله بأسره عابد لله عز وجل مطيع لسيده :
( ألم ترأن الله يسجد له من في السماوات ومن الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فماله من مكرم ان الله يفعل ما يشاء ) وغيرها من الآيات التي تدل على أن جميع ما في الكون عابد لله طائع له .
5 – أن الاستقامة تحقيق للحكمة والهدف من خلق الانسان ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون )
6 – أنها سبب للفوز بولاية الله عز وجل قال تعالى : ( ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، الذين أمنوا وكانوا يتقون ، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك الفوز العظيم )
7 - أنها سبب لولاية الملائكة للعبد ومحبتها له كما قال تعالى : ( ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )
8 – أن الاستقامة لحاق بركب الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )
9 – أنها سبب لحسن الخاتمة : فقد أخبر الله بذلك بقوله تعالى : ( يثبت الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة )
10 – أن الصبر على الاستقامة في هذه الأزمان سبب للحصول على أجر خمسين من الصحابة رضي الله عنهم فعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ان من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن كقبض على الجمر ، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم ) قالوا يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم ؟ قال : ( بل أجر خمسين منكم ) رواه الترمذي وصححه الألباني .
11 – أنك أخي الحبيب تحقق باستقامتك الفوز بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالحياة الطيبة الهنية ، فاستمع لى نبيك صلى الله عليه وسلم وهو يدعو لك ( طوبى للغرباء ) فقيل من الغرباء يا رسول الله ؟ قال ( أناس صالحون في أناس سؤ كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) رواه أحمد وابن المبارك وصححه الالباني .
12 – أنها سبب للأمن في الدنيا والآخرة قال تعالى : ( ان الذين قالوا ربنا ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . فالاستقامة تحقق لصاحبها – جعلنا الله من أهلها – الامن في الحياة ، وتحقق لهم الأمن عند الموت ، وفي القبر عند سؤال الملكين ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) .
ونحقق لهم الأمن في عرصات القيامة : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عـدو الا المتقين ، يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون )
وتحقق لهم الأمن عند عبور الصراط ( وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )
13 – انها سبب للفوز بالجنة والرضوان ، ورؤية الله عز وجل وزيارته ( وجوه يومئذ ناضرة ، الى ربها
ناضرة ) هناك حيث الفرحة والسرور : ( وجوه يومئذ مسفرة ، ضاحكة مستبشرة ) .
وكثير من الأسباب التي تجعل الانسان يقبل على الاستقامة .
جعلنا الله من المستقيمين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .