الكاتب القدير / عبد الله زقيل
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ ...
تناقلت بعض المنتديات فتوى لفضيلة الدكتور العلامة الشيخ صالح الفوزان عن حكم الأكل
فيما يسمى بـ" البوفيه المفتوح " ، واستغرب البعض رأي فضيلته في المسألة إلى
درجة أن البعض لم يصدق أن هذه الفتوى صادرة من العلامة الفوزان ، والحقيقة أن
المسألة محتلفٌ فيها بين أهل العلم ، ولكل فريق منهم دليله ، وإليكم التفصيل :
القول الأول : أن الأكل عن طريق البوفيه المفتوح جائز لأن الغرر فيه يسير جدا ؛ والغرر اليسير ذكره العلماء عند الكلام عن حديث : " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر " . رواه مسلم .
قال الإمام النووي في " شرح مسلم " : " وَأَمَّا النَّهْي عَنْ بَيْع الْغَرَر فَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول كِتَاب الْبُيُوع , وَيَدْخُل فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة غَيْر مُنْحَصِرَة ، كبَيْعِ الْمَعْدُوم وَالْمَجْهُول وَبَيْع الْحَمْل فِي الْبَطْن , وَكُلّ هَذَا بَيْعه بَاطِل لأَنَّهُ غَرَر مِنْ غَيْر حَاجَة .
وَقَدْ يَحْتَمِل بَعْض الْغَرَر بَيْعًا إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَة كَالْجَهْلِ بِأَسَاسِ الدَّار وَكَمَا إِذَا بَاعَ الشَّاة الْحَامِل وَاَلَّتِي فِي ضَرْعهَا لَبَن فَإِنَّهُ يَصِحّ اِلْبَيْعِ . وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَاز أَشْيَاء فِيهَا غَرَر حَقِير , مِنْهَا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّة بَيْع الْجُبَّة الْمَحْشُوَّة وَإِنْ لَمْ يُرَ حَشْوهَا , وَلَوْ بِيعَ حَشْوهَا بِانْفِرَادِهِ لَمْ يَجُزْ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز إِجَارَة الدَّار وَالدَّابَّة وَالثَّوْب وَنَحْو ذَلِكَ شَهْرًا مَعَ أَنَّ الشَّهْر قَدْ يَكُون ثَلاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُون تِسْعَة وَعِشْرِينَ . وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز دُخُول الْحَمَّام بِالأُجْرَةِ مَعَ اِخْتِلاف النَّاس فِي اِسْتِعْمَالهمْ الْمَاء وَفِي قَدْر مُكْثهمْ . وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز الشُّرْب مِنْ السِّقَاء بِالْعِوَضِ مَعَ جَهَالَة قَدْر الْمَشْرُوب وَاخْتِلَاف عَادَة الشَّارِبِينَ " ا.هـ.
وقال الإمامُ ابنُ القيم : " ومثل ذلك دخول الحمام ، فإن من يريد دخول الحمام يدفع الأجرة ثم يدخل ، وغير معروف كمية الماء الذي سيستهلكه ، ولا كمية الصابون الذي سيستخدمه ، ولا المدة التي سيمكثها ، وهذا كله غرر يسير مغتفر.
وكذا من يسقي الناس من فم السقاء بأجر معلوم مثلا ، والسقاء لا يظهر ما بداخله ، فيه غرر ، حيث لا يعرف صاحب السقاء مقدار الماء الذي سيشرب ، ومعروف أن الناس يختلفون في هذا .
وكذلك بيع البيض والبطيخ والجوز واللوز والفستق ، وأمثال ذلك مما لا يخلو من الغرر فليس كل غرر سببا للتحريم ، والغرر إذا كان يسيرا أو لا يمكن الاحتراز منه لم يكن مانعا من العقد ، فإن الغرر الحاصل في أساسات الجدران ، أو آخر الثمار التي بدا صلاح بعضها دون بعض لا يمكن الإحتراز منه .
والغرر في دخول الحمام والشرب من السقاء ونحوه غرر يسير فهذان النوعان لا يمنعان ، بخلاف الغرر الكثير الذي يمكن الاحتراز منه ، وهو المذكور في الأنواع التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .وما كان مساويا لها لا فرق بينها وبينه فهذا هو المانع من صحة العقد " .ا.هـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية" (31/151) : " يشترط في الغرر حتى يكون مؤثراً أن يكون كثيرا , أما إذا كان الغرر يسيرا فإنه لا تأثير له على العقد . قال القرافي : الغرر والجهالة - أي في البيع - ثلاثة أقسام : كثير ممتنع إجماعا , كالطير في الهواء , وقليل جائز إجماعا , كأساس الدار وقطن الجبة , ومتوسط اختلف فيه , هل يلحق بالأول أم بالثاني ؟ وقال ابن رشد الحفيد : الفقهاء متفقون على أن الغرر الكثير في المبيعات لا يجوز ، وأن القليل يجوز " .ا.هـ.
وقال الشبخ ابنُ عثيمين في " الشرح الممتع " (4/322) : " مسألة : هناك محلات تبيع الأطعمة تقول : ادفع عشرين ريالا والأكل حتى الشبع ؟
الجواب : الظاهر أن هذا يتسامح فيه ؛ لأن الوجبة معروفة ، وهذا مما تتسامح فيه العادة ، ولكن لو عرف الإنسان من نفسه أنه أكول فيجب أن يشترط على صاحب المطعم ؛ لأن الناس يختلفون " .ا.هـ.
وقد ذهب إلى هذالقول الدكتور محمد سعيد البوطي فقال : " هذا مما درج عليه العرف، فهو كالذي يدخل الحمام دون أسبقية عقد أو اشتراط، وكالذي يحلق شعر رأسه عند الحلاق دون أسبقية اشتراط، وكل ذلك نص الفقهاء على أن العرف قد حلّ فيه محلّ التعاقد. كذلك شأن ((البوفيه المفتوح)) .
القول الثاني : المنع من الأكل في البوفيه المفتوح لأن فيه جهالة ، فالناس يحتلفون من جهة الأكل فمنهم من هو كثير الأكل فقد يأكل أضعاف ما يدفع ، ومنهم من يأكل أقل مما دفع .
وهذا ما ذهب إليه الشيخ الدكتور العلامة صالح الفوزان ، والشيخ محمد المختار الشنقيطي في جواب له في درس " شرح عمدة الفقه " .
ما حكم بيع الأكل المسمى الغـذاء حتى الإشباع أو البوفيه المفتوح ؟
الجواب :
الغذاء حتى الاشباع بيعٌ مجهول ، لأن الذي يشبع ليس له ضابط في الناس محدد ، وهذا البيع الذي تدل عليه نصوص الكتاب والسُّنة أنه محرم ، لايجوز لأنه لايصح أن تشتري شيئاً إلا إذا كان معلوماً ، معلوم الصفة ، معلوم القدر ، وعلى كل حال هذا البيع ليس من بيوعات المسلمين ، ولم تعرف مطاعم المسلمين ، ولم يعرف المسلمون من قبل هذه العصور التي انفتحوا فيها على كل من هب ودب هذا النوع من المعاملات .
فينبغي التناصح في ذلك ، ولايجوز للمسلم أن يأكل في مثل هذا لأنه يعينه على أكل أموال الناس بالباطل .
الواجب : تحديد الـمَـبيع وتحديد الصفقة ، وأما إذا كانت مجهولة القدر ، أو مجهولة الصفة فإنه لايجوز .
هذا هو تفصيل الخلاف في المسألة فالقول الأول استند على أن الغرر يسير فيه ، واستشهدوا ببعض الأمثلة التي ذكرها النووي وغيره ، والقول الثاني يرى أن الجهالة واضحة في هذا العقد .
تعليقي :
لتوضيح وتفصيل المسألة لأن فتوى الشيخ حفظه الله سيتلقفها العلمانيين والكتاب
السطحيين أمثال التافة ابن بخيت وشلته شل الله ايديهم واخرس السنتهم لتطاولهم
على فضيلة السيخ بالسخرية والاستهزاء .. حسبنا الله عليهم ونعم الوكيل