الإخوة الفضلاء
هذا بحث حول حديث موضوع شاع وذاع خلال هذه الأيام رواجه بين بعض الناس ،وقد قام بالإجابة عنه وبيان درجته فضيلة الشيخ خالد بن قاسم الردادي المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وفقه الله ،وإليكم البحث:
الحمد لله وحده،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد:
فقد سئلت مرات عدة عن حديث يكثر تداوله ورواجه بين الناس ،حتى قام بعضهم بطبعه ونشره طلباً للأجر ورغبة في الثواب،وكنت أجيبهم إجابة مجملة عنه بأنه حديث ضعيف باطل لنكارة متنه ،وعدم وجوده في كتب السنة المشهورة !
ثم رأيت أن هذا غير كاف وواف في التحذير ،فقمت بكتابة هذه الورقات نصحاً للمسلمين ودفاعاً وذباً عن سنة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم- فبيّنت بجلاء -ولله الحمد-بطلان الحديث وعدم ثبوته ،سائلاً الله التوفيق والسداد وهوحسبنا ونعم الوكيل.
وكتب :
راجي عفو ربه العـليّ
خالد بن قاسم الردادي
أبو ياسر
المدينة النبوية
18/4/1426هـ
متن الحديث:
عن علي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أنه أتاه جبريل عليه السلام ،فبينما هو عنده إذ أقبل أبو ذر فنظر إليه جبريل فقال: هو أبو ذر ،قلت: يا أمين الله وتعرفون أنتم أبا ذر ،فقال: نعم ،والذي بعثك بالحق إن أبا ذر أعرف في أهل السماء منه في أهل الأرض، وإنما ذلك لدعاء يدعو به كل يوم مرتين ،وقد تعجبت الملائكة منه فادع به فسل عن دعائه فقال عليه السلام: يا أبا ذر دعاء تدعو به كل يوم مرتين ، قال: نعم فداك أبي وأمي ،ما سمعته من بشر، وإنما هو عشرة أَحْرُفٍ ألهمني ربي إلهاماً، وأنا أدعو به كل يوم مرتين، أستقبلُ القبلةَ فأسبحُ اللهَ ملياً وأهلله ملياً وأحمده ملياً وأكبره ملياً ،ثم أدعو بتلك العشر الكلمات: اللهم إني أسألك إيمانا دائما ،وأسألك قلباً خاشعاً ،وأسألك علماً نافعاً ،وأسألك يقيناً صادقاً ،وأسألك ديناً قيماً ،وأسألك العافية من كل بلية، وأسألك تمام العافية ،وأسألك دوام العافية ،وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس .
قال جبريل: يا محمد والذي بعثكَ بالحقِ نبياً ،لا يدعو أحد من أمتك بهذا الدعاء إلا غفرت له ذنوبه ،وإن كانت أكثر من زبد البحر وعدد تراب الأرض ،ولا يلقاك أحدٌ من أمتك وفي قلبه هذا الدعاء إلا اشتاقت إليه الجنان، واستغفر له المكان ،وفتحت له أبواب الجنة ،ونادت الملائكة: يا ولي الله أدخل من أيّ بَابٍ شئت)).
تخريجـه:
أخرجه الترمذي الحكيم في"نوادر الأصول"( 3 /40-41/النسخة غير المسندة)في الأصل السابع عشر والمائتان في سر دعوات أبي ذر -رضي الله عنه- ،وأ البرهان فوري في"كنز العمال"(2/678رقم:5055) وذكر إسناد الترمذي الحكيم فقال:
قال الترمذي الحكيم في"نوادر الأصول": حدثنا عمرو بن أبي عمرو،قال حدثنا أبو همّام الدّلال،عن إبراهيم بن طهمان،عن عاصم بن أبي النّجود،عن زِرِ بن حُبيش، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- به مرفوعاً.
دراسة رجال الإسناد:
1- الترمذي الحكيم :هو أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن بشر الحكيم الترمذي ،قال الإمام الذهبي -رحمه الله-في"سير أعلام النبلاء"( 13/439):
((الإمام الحافظ العارف الزاهد... وكان ذا رحلة ومعرفة وله مصنفات وفضائل
..وله حكم ومواعظ وجلالة لولا هفوة بدت منه..
قال أبو عبد الرحمن السُّلَمِي :أخرجوا الحكيم من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر وذلك بسبب تصنيفه كتاب ختم الولاية وكتاب علل الشريعة ،وقالوا :إنه يقول إن للأولياء خاتما كالأنبياء لهم خاتم وإنه يفضل الولاية على النبوة...
وقال السُّلَمِي :هجر لتصنيفه كتاب ختم الولاية وعلل الشريعة وليس فيه ما يوجب ذلك ولكن لبعد فهمهم عنه.
قلت-الذهبي-: كذا تُكُلِّمَ في السُّلَمِي من أجل تأليفه كتاب حقائق التفسير، فياليته لم يؤلفه ،فنعوذ بالله من الإشارات الحلاّجيّة و الشَّطحَاتِ البِسْطَامِِيَّة وتَصوف الاتحاديَّة فواحزناه على غربة الإسلام والسنة قال الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: 153])) .
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-في"لسان الميزان" (5/309):
((وذكره القاضي كمال الدين بن العديم صاحب "تاريخ حلب" في جزء له سماه "الملحة في الرد على أبي طلحة" قال فيه :
وهذا الحكيم الترمذي لم يكن من أهل الحديث ولا رواية له ،ولا [علم له بطرقه وصناعته] ،وإنما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق ودعوى الكشف عن الأمور الغامضة والحقائق حتى خرج في ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والإزراء وطعن على أئمة الفقهاء والصوفية وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية، وقالوا إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة، وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة، وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة، وعلل فيها جميع الأمور الشرعية التي لا يعقل معناها بعلل ما أضعفها وما أوهاها .
قلت-ابن حجر-: ولعمري لقد بالغ بن العديم في ذلك، ولولا أن كلامه يتضمن النقل عن الأئمة انهم طعنوا فيه لما ذكرته، ولم أقف لهذا الرجل مع جلالته على ترجمة شافية، والله المستعان )).
قلت :والذي يبدو لي أنّ ابن العديم -رحمه الله-لم يبالغ فيما قاله البتة؛ فمن نظر في كتابه"نوادر الأصول"رأى صدق كلام ابن العديم وبان له زيغ الترمذي الحكيم عن السنة،وبيان هذا يحتاج لبسط ليس هاهنا مكانه ،والله المستعان!( )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- كما في"مجموع الفتاوى"(2/222):
((منها أن دعوى المدعي وجود خاتم الأولياء على ما ادعوه باطل لا أصل له . ولم يذكر هذا أحد من المعروفين قبل هؤلاء إلا أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي الحكيم في كتاب "ختم الولاية" وقد ذكر في هذا الكتاب ما هو خطأ وغلط مخالف للكتاب والسنة والإجماع .
وهو - رحمه الله تعالى- وإن كان فيه فضل ومعرفة وله من الكلام الحسن المقبول والحقائق النافعة أشياء محمودة - ففي كلامه من الخطأ : ما يجب رده ومن أشنعها ما ذكره في كتاب " ختم الولاية "مثل دعواه فيه أنه يكون في المتأخرين من درجته عند الله أعظم من درجة أبي بكر وعمر وغيرهما . ثم إنه تناقض في موضع آخر ; لما حكى عن بعض الناس أن الولي يكون منفردا عن الناس فأبطل ذلك واحتج بأبي بكر وعمر وقال : يلزم هذا أن يكون أفضل من أبي بكر وعمر وأبطل ذلك)) .
2- عمرو بن أبي عمرو:لم أعرفه ولم يتبيّن لي من هو !
وأخشى أن يكون أحد الوضَّاعين المتروكين ؛كـ"عمرو بن شمر" انظر:"لسان الميزان"لابن حجر(4/366و372) .
3- أبو همّام الدّلال : هو محمد بن محبب بن إسحاق القرشي، البصري ( صاحب الرقيق ) ، ثقة ،توفي سنة 221هـ كما في"التقريب" لابن حجر(ص839)،والتهذيب"(9/427).
4- إبراهيم بن طهمان:هو إبراهيم بن طهمان بن شعبة الخراساني أبو سعيد الهروي ( ولد بهراة و سكن نيسابور و قدم بغداد و حدث بها ثم سكن مكة فمات بها ).
قال الذهبي: ((من أئمة الإسلام و فيه إرجاء ، وثقه أحمد و أبو حاتم)).
و قال ابن حجر: ((ثقة يغرب و تكلم فيه للإرجاء و يقال : رجع عنه)).
توفي سنة 168 هـ بـ مكة.
انظر: "الكاشف"(1/214)،و "تقريب التهذيب"(ص109)،و"تهذيب التهذيب"(1/129).
5- عاصم بن أبي النّجود:هو عاصم بن بهدلة و هو ابن أبى النجود ، الأسدي مولاهم ، الكوفي ، أبو بكر المقريء.
قال الذهبي: ((وُثِقَ ، و قال الدارقطني : فى حفظه شيء)).
وقال ابن حجر: ((صدوق له أوهام ، حجة فى القراءة)).توفي سنة 128هـ.
انظر: "الكاشف"(1/518)،و "تقريب التهذيب"(ص471)،و"تهذيب التهذيب"(5/35).
6- زِرِ بن حُبيش:هو زِر بن حُبيش بن حباشة بن أوس بن بلال ، و قيل : هلال بن سعد بن نصر بن غاضرة ، الأسدي الكوفي ، أبو مريم ، و يقال: أبو مطرف.
قال ابن حجر: (( ثقة جليل،مخضرم))،توفي سنة82هـ وقيل غير ذلك.
انظر:"تقريب التهذيب"(ص336)،و"تهذيب التهذيب"(3/277).
الحكم على الحديث:
حديث باطل منكر !
فالإسناد مداره على الترمذي الحكيم وهو متهم بالزندقة-كما تقدم- وكتابه من مظان الأحاديث الواهية والموضوعة؛كيف وقد تفرّد بهذا الحديث!!
ولاريب أن الحديث الذي يتفرّد به الترمذي الحكيم في"نوادر الأصول":ضعيف ،يستغنى بالعزو إليه عن بيان ضعفه .
قال السيوطي -رحمه الله-في مقدمة "جمع الجوامع"و"كنز العمال"(1/10):
((..وللعقيلي في الضعفاء (عق)، ولابن عدي في الكامل (عد)، وللخطيب (خط) فإن كان في تاريخه أطلقت وإلا بينته، ولابن عساكر (كر) ،وكل ماعُزِيَ لهؤلاء الأربعة، وللحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، أو للحاكم في "تاريخه"، أو لابن الجارود في "تاريخه"، أو للديلمي في "مسند الفردوس" فهو ضعيف فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه)).
وقال ابن القيم-رحمه الله-في"تحفة الودود"(ص203):
((وقد قال أبو القاسم عمر بن أبي الحسن بن هبة الله بن أبي جرادة في كتاب صنفه في ختان الرسول -صلى الله عليه وسلم - يرد به على محمد بن طلحة في تصنيف صنفه وقرر فيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولد مختوناً:
وهذا محمد الترمذي الحكيم :لم يكن من أهل الحديث ،ولا علم له بطرقه وصناعته ،وإنما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق ودعوى الكشف على الأمور الغامضة والحقائق ،حتى خرج في الكلام على ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والإزراء ،وطعن عليه أئمة الفقهاء والصوفية ،وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية ،وقالوا: إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة ،فاستوجب بذلك القدح والشناعة، وملأ كتبه بالأحاديث الموضوعة ،وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة ،وعلل فيها خفي الأمور الشرعية ،التي لا يعقل معناها بعلل ما أضعفها وما أوهاها )).
وقال الشيخ محمد الحوت-رحمه الله- في"أسنى المطالب"(ص370):
((وكذلك كتب الترمذي الحكيم فيها جملة من الموضوع فلا يعتمد على ما انفرد به ،قال ابن أبي جمرة وابن القيم: إن الترمذي الحكيم شحن كتبه في الموضوع..)).
وفي الإسناد -أيضاً- عمرو بن أبي عمرو لم أعرفه ولم يتبيّن لي من هو!
ومتن الحديث فيه نكارة بيّنة .
والله أعلم وهو الموفق والمعين.
-----------------------------------------------------------------------------------------
وهذا هو الموضوع الذي انتشر بالنص..
دعاء أبى ذر الغفارى
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
خاتمة الفرج
هذا الدعاء هو خاتمة الفرج الذى رواه جعفر الصادق رضى الله عنه و عن سلفه الكرام.
قال فى نوادر الأصول بسنده عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه أتى جبريل عليه السلام, فبينما هو عنده اذ أقبل أبو ذر الغفارى رضى الله عنه, فنظر اليه جبريل عليه السلام, فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :يا أمين الله أتعرفون اسم أبى ذر؟ فقال: نعم,والذى بعثك بالحق ان ابا ذر أعرف فى السماء منه فى الأرض,وان ذلك بدعاء يدعو به,فى كل يوم مرتين وتعجبت الملائكة منه,فادع به واسأله عن دعائه! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :يا ابا ذر دعاء تدعو به كل يوم مرتين!؟ قال :نعم فداك أبى و أمى ما سمعته من بشر وانما هى عشرة أحرف ألهمنى ربى اياها الهاما و أنا أدعو به كل يوم مرتين: أستقبل القبلة,فأسبح لله مليا وأحمده ملياوأكبره مليا ثم أدعو بتلك العشر كلمات:
"اللهم انى أسألك ايمانا دائما, وأسألك قلبا خاشعا, وأسألك علما نافعا, وأسألك يقينا صادقا,وأسألك دينا قيما, وأسألك العافية من كل بلية, وأسألك تمام العافية, وأسالك دوام العافية, وأسألك الشكر على العافية وأسألك الغنى عن الناس"
قال جبريل عليه السلام: يا محمد والذى بعثك بالحق لايدعو أحد من أمتك بهذا الدعاء الا غفرت ذنوبه, وان كانت أكثر من زبد البحر أو عدد تراب الأرض, ولا يلقى الله أحد من أمتك وفى قلبه هذا الدعاء الا اشتاقت اليه الجنة,واستغفر له المكان, و فتحت له ابواب الجنة فنادته الملائكة: يا ولى الله أدخل من اى باب شئت!!.