الخوف
الخوف والتوجس من أهم أسباب القلق
ولكن لماذا يخاف المؤمن؟
ومم يخاف؟
وهو يعرف عن يقين أن كل شيء بيد الله
..
على المؤمن أن يتخذ من الأسباب ما يقيه غوائل الجوع والفقر والمرض
عليه أن يعطي الأسباب حقها
ثم يترك الأمر بيد الله ولا يعيش خائفا يترقب
فالرزق أولا وقبل كل شيء بيد الله..
(وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم)
فلان من الناس قد يختلس أو يرتشي أو يسرق
وإذا سألته: لماذا وأنت عندك ما يكفيك لتعيش حياة كريمة؟
لا تجده يحير جوابا ولكنه في قرارة نفسه يخشى الفقر ويريد أن يوفر لأبنائه حياة مترفة..
والنتيجة أنه قد يعيش في دوامة من القلق
قلق على المستقبل مبعثه الخوف من المجهول
وقلق مبعثه الخوف من الفضيحة..
وربما أيضا قلق تثيره في داخله النفس اللوامة
هذا إذا كان ذا ضمير حي يعذبه ارتكاب الإثم
"وفي السماء رزقكم وما توعدون"
"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياكم"
"إن الله هو الرزاق ذو القوة المبين"
"فليعبدوا رب هذا البيت*الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"
هل يخشى الإنسان مصائب الحياة؟
فليتق إذن أسبابها ما استطاعه ثم ليترك الباقي على الله وليطرح عنه أثقال الخوف
"ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير"
"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم"
"هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون"
"هو الذي يحي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون"
هل يخشى الإنسان من المرض؟
فليتذكر الإنسان أنه خلق من عدم
وأنه من تراب سيعود
وأن خسارته المادية في الحياة لا تساوي شيئا مقارنة بخسارته لطمأنينة النفس وهدوئها واستقرارها.
"وإذا مرضت فهو يشفين*والذي يميتني ثم يحيين"
على إذن أن يأخذ بأسباب الوقاية والعلاج في حدود استطاعته كبشر
والباقي على الله.
عرفت شابا صحيح الجسم كل مشكلته ارتفاع بسيط في نسبة الكولسترول في الدم نصحه الأطباء بأن يحمي نفسه من بعض أنواع الغذاء وطمأنوه إلى أن مشكلته بسيطة وقابلة للشفاء بإذن الله ولكنه لم يطمئن ولم يهدأ وراح يضرب أخماسا في أسداس. ماذا لو تضاعفت حالتي واستفحلت؟ ماذا لو انتهى بي الأمر إلى تصلب الشرايين وبالتالي انسدادها؟ وراح يتوهم أنه مصاب بلغط في القلب .. لا بل بالذبحة الصدرية.. ثم بدأ يشعر بأعراض ارتفاع ضغط الدم (فقد قرأ عنها في بعض المجلات المتخصصة في إثارة هواجس وأوهام القراء" والجسم عادة يستجيب لهذه المخاوف فتظهر على الإنسان أعراض المرض, ألم تسمعوا بالحمل الكاذب؟ ومنه تعيش المرأة حالة وهم بأنها حامل وتظهر عليها فعلا كل أعراض الحمل..
ويذهب صاحبنا إلى طبيب بعد طبيب يشكو من أعراض مرض القلب وتصلب الشرايين ولا يكفيه ذلك بل يصبح زبونا دائما للصيدليات ومخازن الدواء وتجتمع له حصيلة من الأدوية تكفي لسكان عمارة.. وكل ما لديه أوهام نتيجة للخوف المبالغ فيه ودائرة القلق التي أحاطته..
كان بإمكانه أن يقف عند حدوده والمنطق ويستمع إلى مشورة الأطباء في اتباع الحِمية.. ويعفي نفسه من دوامة القلق.. ذلك لو آمن بأن حياته ومماته بيد الله .. لوعقلها وتوكل .. لو فعل ما يجب عليه أن يفعل تبعا لمشورة الأطباء.. وترك مقاليد الأمور لصاحب الأمر..
"وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون*وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون"
"قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون*سيقولون لله أفلا تذكرون"
مرة أخرى ..
هذه ليست دعوة للتواكل وإنما هي دعوة إلى أن يعقل المؤمن ناقته (أي يفعل ما يجب عليه أن يفعل) ثم يتوكل على الله ..
"ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وماربك بغافل عما تعلمون"
"ومن يتوكل على الله فهو حسبه "
"لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا"
القرآن وعلاج القلق
من أهم بواعث القلق ...
شعور الإنسان بالوحدة والضياع والفراغ الروحي وعدم الإنتماء إلى الله
والمدارس الحديثة في الطب وعلم النفس تعالج هذه الأسباب بالتأمل لشغل الذهن بأمور أخرى خارجة عن نطاق النفس.. وبالعمل حتى ينشغل الإنسان عن نفسه..
وبالعلاج الجماعي وفيه يحكي المريض مشكلته لمرضى آخرين مثله فيتخفف من معاناة الكبت وبالإسترخاء الجسدي الذي يساعد على الإسترخاء النفسي..
ترى .. ماذا يوفر الدين الإسلامي
يوفر الدين الإسلامي كل مقومات العلاج الروحي
وذلك بتلاوة القرآن عن وعي وإدراك
وبالصلاة التي تستغرق العقل والوجدان
وبذكر الله الذي يتجه فيه الإنسان بقلبه وجوارحه إلى مولاه
هنا تنتفي الوحدة فالفرد متصل بالله اتصالا مباشرا يفضي إليه بذات نفسه ويسأله أن يتولاه برحمته وينتفي الضياع .. وينتفي الفراغ الروحي.. ويتحقق الإنتماء للقوي الأعلى .........